رغم الخفوت الملحوظ في السينما البوليودية في الآونة الأخيرة، اكتسح الفيلم الجديد "سيارا" مشاهدات الجمهور في عدد من الدول، والذي يُعَدّ أحد الرهانات على قدرة الفيلم الرومانسي على تخطي الأعمال الضخمة في مجالات مختلفة، مثيرًا صخبًا جماهيريًا، مثبتًا أن الأعمال التي تلامس العاطفة البشرية لها رواجها مهما تطورت الإمكانيات السينمائية.
حيث يسلط الفيلم الجديد الضوء على قصة شاب موسيقي يُدعى "كريش كابور"، الذي يؤدي دوره "أهان باندي"، يشق طريق النجاح في عالم صناعة الموسيقى، بعد لقائه بالكاتبة "فاني" التي تؤدي دورها الممثلة "أنيت بادا"، حيث تنشأ بينهما علاقة عمل تتطور إلى علاقة عاطفية.
ولعلّ السينما البوليودية غالبًا ما كانت في وقت سابق تنجح بأعمالها الرومانسية، إلا أنها أخذت منحى آخر في الآونة الأخيرة، مما أدى إلى تعطش الجمهور لمتابعة الأعمال العاطفية.
كانت فكرة فيلم "سيارا" مبنية على أن يكون جزءًا جديدًا للفيلم الناجح "عاشقي"، لكنه لم يلقَ إقبال المنتجين بسبب البطولة التي أُسندت إلى أسماء جديدة في السينما، مما اضطر المخرج للعمل على شكل آخر، والاجتهاد في تقديم الفيلم، والذي لاقى في النهاية موافقة شركة "ياش راج" للإنتاج، المعروفة بأعمالها الرومانسية.
نجاح العمل
الرهان على نجاح العمل كان من خلال الممثلين الشباب، الذين يمتازون عادة بالذكاء العاطفي، وتقديم الصورة النمطية للجانب الرومانسي على خطى الممثلين الكبار. وربما كانت هذه الفكرة هي أسلوب الجذب الحقيقي للجمهور، بحيث لا يكون الدافع مجرد مشاهدة نجمهم المفضل، وإنما تشويقهم إلى قصة العمل نفسها، مع أداء وجوه جديدة تؤكد أن تكاملية العناصر هي السبيل الحقيقي لنجاح العمل السينمائي.
ولعلّ نجاح الأعمال غالبًا ما يكون مرتبطًا بلغة الأرقام والعائد المالي، وهو ما تحقق من خلال حصول الفيلم على ثاني أعلى إيرادات في عام 2025، كما حقق أحد أكبر عروض الافتتاح التي سُجلت لفيلم بإخراج جديد في تاريخ السينما الهندية. ويمثل كذلك أكبر مبيعات تذاكر لفيلم أول منذ فيلم "كاهو نا... بيار هاي" عام 2000، وأصبح أول قصة حب بعد جائحة كوفيد تتجاوز إيراداتها مليوني دولار في يوم واحد.
إلا أن النجاح الحقيقي جاء من خلال الإقبال الجماهيري على مشاهدة الفيلم في دور السينما، كما أن العرض القادم للعمل سيكون على منصة (نتفليكس) في سبتمبر المقبل، وهو ما يؤكد على المطالبة الجماهيرية الواسعة بمشاهدة فيلم لامس عواطف ومشاعر المشاهدين.
قصة الفيلم
الفيلم مبنيّ على قصة رومانسية عاطفية، حيث يقع الموسيقي "كريش" في حب الكاتبة "فاني"، وتنشأ بينهما علاقة متبادلة، يصنعان من خلالها ذكريات جميلة، ويعين أحدهما الآخر في تخطي صعاب وعقبات ظلت حبيسة دواخلهما، تحدّ من شعورهما بالفرح. إلا أن "فاني" تُشخَّص بمرض الزهايمر المبكر، ما يؤدي بها إلى وضع نفسي وصحي سيئ، تتكشف من خلاله تضحيات كل منهما تجاه الآخر. فـ"كريش" الذي يصرّ على أن يكون سندًا لـ"فاني" وذاكرتها المؤقتة، تقابله رغبة "فاني" في أن يشق "كريش" طريق نجاحه، ويحقق طموحه بأن يكون نجمًا على المسرح في المحافل الموسيقية كافة.
يستحق المشاهدة
قيم إنسانية ورمزية بسيطة يمكن أن تترجم لكل المشاهدين: الحب الذي لا يقوم إلا على الصدق والثقة، الذاكرة المتأرجحة بين الحاضر والماضي، الطموحات التي لا تحدها عراقيل الحياة، والصداقة الحقيقية التي تثبتها المواقف. يضاف إلى ذلك بساطة الحياة وشكلها النمطي في معظم الأحياء الهندية، والتصوير السينمائي الذي يليق بمستوى الأعمال البوليودية، فضلًا عن سير العمل في منحى تصاعدي متسارع. كل ذلك شكّل عوامل كافية لجذب فئة كبيرة من الجمهور المتذوق للتفاصيل السينمائية.
إلا أن بعض الهفوات التي قد تكون ملحوظة إخراجيًا وتمثيليًا، وربما في حبكة القصة، قد تُشكّل صورة غير محببة، وتحول دون حصول الفيلم على مستوى أعلى من النجاح المرجو. لكن هذا الرأي ربما يقتصر على فئة محددة من الجمهور المتمكن في إدراكه الفني السينمائي، وعلى رأي النقاد وصنّاع الفن. أما العبارات الترويجية والمشاعر المفرطة التي انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي من قبل مشاهدي العمل، فقد لا تحمل الدقة الكاملة تمامًا. فالفن السينمائي ليس قصة عاطفية فقط، بل هو مزيج من التفاصيل والعناصر التي يجب أن تتكامل لإثبات النجاح الحقيقي.