إحلال السلام في عدد من الملفات التي يقود جهودها الرئيس الأمريكي بين الرئيسين الروسي والأوكراني، والعرب وإسرائيل، وإيران وأمريكا وإسرائيل، واليمن، لن تكون قابلة للتحقيق ما لم تخلص نوايا الأطراف فيها أكثر من تحقيق المصالح.
قبل كل شيء فإن الجهود الأمريكية المنصبّة على تحقيق نتائج ملموسة في كل هذه الملفات، نابعة من المصلحة الأمريكية أولًا التي ترى في هذه الأزمات أسواقًا تجارية واستثمارية مهدرة، وأن النزاعات الدائرة فيها لا تحقق تلك المصالح التجارية التي تأتي قبل السياسية والأمنية وإحلال السلام، ويرى ترامب أن استمرارها يمثل هدرًا لكثير من المصالح التي تخدم الاقتصاد الأمريكي المتشابك مع دول العالم الأخرى خاصة تلك التي تمتلك ثروات النفط والغاز والمعادن.
ولعلنا لا نذهب بعيدًا عن الملف الروسي الأوكراني الذي بدأت مراحله منذ فترة، وتوقفت عند لقاء الرئيسين الأمريكي والروسي في آلاسكا يوم الخميس الماضي، ويوم أمس مع الرئيس الأوكراني وحضور عدد من رؤساء بعض الدول الأوروبية.
السؤال الذي يطرح نفسه، هل بالإمكان مع كل تعقيدات المصالح بين الطرفين أن يتحقق السلام بين الجارتين؟
بالتأكيد السلام في أي بقعة في العالم مطلب مهم للغاية لضمان استمرار الاستقرار والأمن، فهناك من الضحايا الذين يقعون يوميا من الجانبين، وهذا يضاعف التوتر ويزيد من صلابة المواقف.
لكن العقبة الكبرى هي أن بعض المقترحات المقدمة على الطاولة سيكون من الصعب على أوكرانيا تقبلها وأبرزها موضوع تبادل الأراضي والتي كلها أوكرانية في الأقاليم الخمسة التي دخلتها القوات الروسية، وهذا يعني عدم وجود أراض روسية يتم تبادلها مع أراض أوكرانية.
وقد تكون هذه أكبر المعضلات في الجهود الأمريكية وهو الموقف الذي لا تنسجم معه دول الاتحاد الأوروبي التي وجدت نفسها في الموقف نفسه مع أوكرانيا.
بالتأكيد حقق الرئيس بوتين خطوات متقدمة بلقاء الرئيس الأمريكي أولًا، وموقفه الذي أوضحه عن رغبته في إنهاء الحرب، واستعداده للقاء الرئيس الأوكراني، مما يعطيه أفضلية في أوراق التفاوض، فيما موقف الأخير أكثر صعوبة؛ نظرا لمقترح التسوية في قبول التنازل عن أراضٍ سيادية من أوكرانيا وهذا يعتبر مستحيلا بالنسبة له دون استفتاء شعبي.
أما غزة التي تتصدر العالم بآلامها اليومية وشهدائها، فإن الرئيس الأمريكي مع وقف الحرب والمجاعة وإدخال المعونات الغذائية والطبية والمياه ومستلزمات العيش لسكان غزة، لكن ليس قبل استسلام حماس، خاصة وأن بعض الدول في المنطقة تساند موقفه، لكنه يعطي فرصة لحكومة الاحتلال في الإبادة للضغط على حماس بقبول كل الشروط الموضوعة والخروج من القطاع وتنصيب إدارة مدنية من فلسطينيين مستقلين لا سلاح لديهم لتطمئن إسرائيل بزوال التهديد.
كل هذه المعطيات المتشابكة في الملفين الأبرز في العالم تضعف كثيرًا جهود التوصل إلى سلام منشود فيهما، وهذا يطيل من أزماتها ومعاناة المدنيين فيها، لذلك تحتاج إلى حلول غير تقليدية.
سالم الجهوري كاتب صحفـي عُماني