40 دقيقة وأنا كالمُخَدر تحت قبضة مقاطع الفيديو القصيرة المعروفة في الإنجليزية بـ«reels» على منصة الإنستجرام، مقاطع لا تجمعها وحدة عضوية، تهطل كالسيل، ما خلّصني منها سوى صداع رافقه حرقان في العينين، ومحصلة «صفر» من الفائدة.
نويت أن أضع حدًا لهذا الاستعباد الذي يكلفني الكثير من الوقت، وإقصاء لاهتمامات كثيرة أُحبها، لكن كل مرة أعقد فيها العزم على التحرر من عالمها تبوء محاولاتي بالفشل، فأعود إلى نقطة الصفر.
ما يُفشل محاولاتي كمية الاستحواذ التي تفرضها المقاطع، خاصة وأنها مدعومة بقوة المتطفل الجديد الذي يُدعى «الذكاء الاصطناعي»، الذي أخذ على عاتقه مهمة حِصاري بتلك الفيديوهات، ودفعي لمشاهدة المزيد منها رغمًا عني، بحجة أنه يقدم لي خدمة مجانية جليلة لا تقدر بثمن!.
يترصدني «الذكاء الاصطناعي» كما يترصد الملايين، يقتحم دماغي، يعرف ما أفكر فيه، يغريني بالمزيد من المواد التي تدفع للغرق في لعبة المشاهدة، وفي بعض الأحيان شراء سلع غير ضرورية لا أحتاجها.
ذات مرة توقفت لبُرهة عند إعلان لساعات «كاسيو»، الساعة رفيقة طفولة الكثيرين ممن هم في عمري، وما هي إلا ثوان حتى انفجرت موجة إعلانات لا حصر لها لماركات تعرض ساعات فاخرة بتصاميم جذابة، أتعرف على بعضها للمرة الأولى، من أمثال «رادو» و«رولكس» و«باتيك فيليب» و«كونكورد»، لا شك أنها صُنعت ليقتنيها «الهوامير» أو عِلية القوم.
يا لقدرة الـ reels العجيبة في منصات «الإنستجرام» و«فيس بوك» على التخدير، لأهداف تبدو لك بريئة لا تتجاوز تحقيق التفاعل والترويج للسلع والبضائع والتسويق وعرض المنتجات، ربما لأنها عُجنت بروح الجذب والإبهار، أو لأن نسبة المخدر الذي تحتوي عليه تتجاوز الحد المعقول.
كشخص يمتلك القدرة على التفريق بين ما هو مفيد وما هو ضار قد أكون بمأمن من تأثيرات سلبية تقع على المشاهد «المراهق» من بينها صعوبة التمييز بين المحتوى عالي الجودة من المحتوى الهابط أو اختيار ما أحتاجه من الذي لا حاجة لي به، سأكون بمأمن كذلك عن تأثير المقاطع الخاص بالتعرض لمحتويات خادشة أو عنيفة.
لكن من المؤكد أنني لن أنجو من تأثير المحتوى المتناقض، فائق القدرة على إضعاف التركيز الذي يتبدل بسرعة مذهلة من العلمي إلى الدرامي إلى الديني إلى الرياضي إلى الطافح بالابتذال، لن أنجو من الريلز الخاصة بالتغذية أو إدارة الحياة، أو التي صُممت للإفتاء في اللياقة البدنية والنفسية وما هب ودب.
النقطة الأخيرة..
من أخطر تأثيرات الفيديوهات القصيرة «reels» أن كثيرًا منها صممه أشخاص غير متخصصين فمن يقدم المحتوى العلمي يحمل دكتوراة «مضروبة» ومن ينصح بالتخطيط للحياة مراهق لم يدخل معترك الحياة ومن تشرح خطورة تناول السكر والخبز يطفح وجهها بالصحة وقد كسر وزنها حاجز الـ١٠٠ كيلوجرام.
عُمر العبري كاتب عُماني
نويت أن أضع حدًا لهذا الاستعباد الذي يكلفني الكثير من الوقت، وإقصاء لاهتمامات كثيرة أُحبها، لكن كل مرة أعقد فيها العزم على التحرر من عالمها تبوء محاولاتي بالفشل، فأعود إلى نقطة الصفر.
ما يُفشل محاولاتي كمية الاستحواذ التي تفرضها المقاطع، خاصة وأنها مدعومة بقوة المتطفل الجديد الذي يُدعى «الذكاء الاصطناعي»، الذي أخذ على عاتقه مهمة حِصاري بتلك الفيديوهات، ودفعي لمشاهدة المزيد منها رغمًا عني، بحجة أنه يقدم لي خدمة مجانية جليلة لا تقدر بثمن!.
يترصدني «الذكاء الاصطناعي» كما يترصد الملايين، يقتحم دماغي، يعرف ما أفكر فيه، يغريني بالمزيد من المواد التي تدفع للغرق في لعبة المشاهدة، وفي بعض الأحيان شراء سلع غير ضرورية لا أحتاجها.
ذات مرة توقفت لبُرهة عند إعلان لساعات «كاسيو»، الساعة رفيقة طفولة الكثيرين ممن هم في عمري، وما هي إلا ثوان حتى انفجرت موجة إعلانات لا حصر لها لماركات تعرض ساعات فاخرة بتصاميم جذابة، أتعرف على بعضها للمرة الأولى، من أمثال «رادو» و«رولكس» و«باتيك فيليب» و«كونكورد»، لا شك أنها صُنعت ليقتنيها «الهوامير» أو عِلية القوم.
يا لقدرة الـ reels العجيبة في منصات «الإنستجرام» و«فيس بوك» على التخدير، لأهداف تبدو لك بريئة لا تتجاوز تحقيق التفاعل والترويج للسلع والبضائع والتسويق وعرض المنتجات، ربما لأنها عُجنت بروح الجذب والإبهار، أو لأن نسبة المخدر الذي تحتوي عليه تتجاوز الحد المعقول.
كشخص يمتلك القدرة على التفريق بين ما هو مفيد وما هو ضار قد أكون بمأمن من تأثيرات سلبية تقع على المشاهد «المراهق» من بينها صعوبة التمييز بين المحتوى عالي الجودة من المحتوى الهابط أو اختيار ما أحتاجه من الذي لا حاجة لي به، سأكون بمأمن كذلك عن تأثير المقاطع الخاص بالتعرض لمحتويات خادشة أو عنيفة.
لكن من المؤكد أنني لن أنجو من تأثير المحتوى المتناقض، فائق القدرة على إضعاف التركيز الذي يتبدل بسرعة مذهلة من العلمي إلى الدرامي إلى الديني إلى الرياضي إلى الطافح بالابتذال، لن أنجو من الريلز الخاصة بالتغذية أو إدارة الحياة، أو التي صُممت للإفتاء في اللياقة البدنية والنفسية وما هب ودب.
النقطة الأخيرة..
من أخطر تأثيرات الفيديوهات القصيرة «reels» أن كثيرًا منها صممه أشخاص غير متخصصين فمن يقدم المحتوى العلمي يحمل دكتوراة «مضروبة» ومن ينصح بالتخطيط للحياة مراهق لم يدخل معترك الحياة ومن تشرح خطورة تناول السكر والخبز يطفح وجهها بالصحة وقد كسر وزنها حاجز الـ١٠٠ كيلوجرام.
عُمر العبري كاتب عُماني