في ظل الانفتاح والتطور السريع الذي يشهده العالم من تبادل الثقافات بين الشعوب والمجتمعات ظهرت سلوكيات غير أخلاقية أثّرت بشكل سلبي على المجتمعات العربية بصفة عامة والمجتمع العماني بصفة خاصة، حيث برزت في الأعوام الأخيرة بعض السلوكيات والأفعال الخطيرة والدخيلة على تقاليدنا الاجتماعية والمتعارضة مع قيمنا الدينية.
ونرى أنه من أهم تلك النتائج ازدياد معدلات جريمة «هتك العرض» على مستوى العالم تلك الجريمة القبيحة الشنيعة، وهي ظاهرة تستحق الدراسة، وتوجب تضافر كافة أطياف المجتمع في التصدي لها؛ كون مواجهتها لم تتوقف عند حد سن التشريعات الجزائية بالتوسع في الجريمة أو التشديد في العقاب أو غيرها من الإجراءات التي لم يتوانَ المشرع العماني عن اتخاذها بما تهدف إليه من حماية المجني عليه، وردع المجرمين الحاليين والمحتملين.
ولما كانت جريمة «هتك العِرض» قضية حساسة معقده تمس أمن وسلامة المجتمع العماني، وتجتمع فيها كل جوانب الحياة من الجانب القانوني والديني والاجتماعي والثقافي؛ فقد أخذت العهد، وشددتُ الهمة والعزم على محاربة تلك الجريمة بكل ما آتاني الله من علم، ومن قوة، ومن ثم كانت جريمة «هتك العِرض» هي معرض مناقشتي لرسالة الماجستير بكلية البريمي الجامعية؛ وذلك بسبب قلة البيانات المنشورة عن جرائم هتك العِرض، وبسبب الحساسية المجتمعية والدينية من تناول مثل هذه المواضيع علنًا، وبالتالي تكون المعدلات والإحصائيات المنشورة عن جريمة هتك العِرض غير عادلة وغير حقيقة؛ وذلك بسبب اعتقاد الكثير من ضحايا تلك الجريمة أن عدم الإبلاغ عن الجريمة سينجيهم من الفضيحة، أو سينجيهم من العقاب المجتمعي جراء النظرة الدونية، وعدم الثقة التي يلقاها الضحية من المجتمع بسبب الإبلاغ عن الجريمة. وبالتالي ونظرًا لصعوبة وتشعب البحث في موضوع جريمة «هتك العرض» من كافة جوانبها؛ فقد سعيتُ من خلال هذه المقالات إلى تبسيط منهجية البحث، والتصدي لهذه الجريمة من خلال الأجزاء الآتية:
-الجــزء الأول: ماهية جريمة هتك العرض، والظروف المشددة للجريمة.
-الجـــزء الثاني: دور المجني عليه في إثبات الجريمة ودور المتهم في نفي الجريمة.
الجـــزء الثالث: التشابه، والحدود الفاصلة بين جريمة هتك العرض، والجرائم المشابهة لها.
وفي هذا المقال سوف نتعرض إلى الجزء الأول: «ماهية جريمة هتك العرض، والظروف المشددة للجريمة ماهية جريمة هتك العرض»:
لم يضع المشرع العماني تعريفًا محددًا لجريمة «هتك العرض»، ولكن أخذت بالتعريف الفقهي للجريمة بأنها «الإخلال العمدي الجسيم بحياء المجني عليه بفعل يرتكب على جسمه دون رضاه، ويمس في الغالب عورة فيه». وأورد لها المشرع العماني المادة (258) من قانون الجزاء العماني التي تنص على: (يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على (3) ثلاث سنوات كل من هتك عرض ذكر أو أنثى بغير رضا، ولا تقل العقوبة عن (5) سنوات ولا تزيد على (7) سبع سنوات إذا كان المجني عليه مصابًا بعاهة بدنية أو عقلية تجعله عاجزًا عن المقاومة أو كان الجاني من المتولين تربيته أو ملاحظته أو رعايته، أو ممن لهم سلطة عليه، أو كان عاملًا لديه بأجر، أو لدى أحد ممن تقدم ذكرهم، ولا تقل العقوبة عن (7) سبع سنوات، ولا تزيد على (10) سنوات إذا كان الجاني من محارم المجني عليه).
وبالتالي فإن جريمة هتك العرض تتحقق في أضيق صورة لها بمجرد أن يقدم الجاني على كشف جزء من جسم المجني عليه يعد من العورات التي يحرص على صونها وحجبها عن الأنظار، ولو لم يقترن ذلك بفعل مادي آخر من أفعال الفحش، وبغض النظر عن القصد من الفعل سواء كان ذلك إرضاءً للشهوة، أو حبًا للانتقام، أو لغيرها من الأسباب.
ولما كانت جريمة هتك العِرض لا تقع إلا على عورة المجني عليه؛ فيمكن تعريف عورة الإنسان بأنها الحياء العرضي الذي يتعلق بذات جسم المرء والذي تدعو الفطرة لأن يحميه من كل الأفعال الفاحشة مهما كانت جسامتها سواء كانت إيجابية أو سلبية ما دامت هذه الأفعال موجهة لهذا الجسم الذي لا يدخر المرء وسعًا في صونه عما قل أو جل من الأفعال التي تمس ما فيه. ومن ثم يكون الفعل المخل بالحياء الذي يقع على جسم المجني عليه، ولا يستطيل إلى عوراته لا يعد هتكًا للعِرض، وهو ما يوجب النظر للجريمة من كافة جوانبها المحيطة، وبجميع الاعتبارات التي تساهم في تحديد نصيب الفعل من الجسامة من (تقاليد وأعراف مجتمعية، والظروف المحيطة بالجريمة، وغيرها) خاصة وأنهُ ما يعتبر فعلًا جسيمًا في بعض المجتمعات قد يكون غير جسيم في المجتمعات الأخرى، بل قد يختل المعيار في ذات المجتمع نفسه؛ تبعًا لاختلاف للأعراف القبيلة أو العرقية في نفس المجتمع.
الظروف المشددة للجريمة: قد ترجع الظروف المشددة إلى صفة الجاني أو صفة المجني عليه. ومثال الظروف التي ترجع إلى الجاني إذا كان الجاني من المتولين تربيته أو ملاحظته، أو رعاية المجني عليه، أو ممن لهم سلطة عليه، أو كان عاملا لديه بأجر، أو إذا كان الجاني من محارم المجني عليه بما يعني أن للجاني على المجني عليه سلطة فيسئ استعمالها. وقد يرجع التشديد إلى تعدد أفعال الجاني أن يكون الجاني ارتكب عدة جرائم بأن يأتي الجاني أفعالًا متعددة يعد كل منها جريمة قائمة بذاتها سواء أكانت كلها من نوع واحد أم كانت أنواع مختلفة. وتعدد السلوك المرتكب من الجاني يترتب عليه تعدد في الوقائع الإجرامية المتحققة؛ فتعدد النتائج المترتبة قد يكون علة التشديد في صفة المجني عليه التي ترجع إلى صغر سنه، ويأخذ المجني عليه بالعمر الميلادي المثبت في شهادة الميلاد، أو ما يعادلها من وسائل إثبات السن.
كما تندرج ضمن الظروف المشددة للجريمة التي ترجع إلى المجني عليه إذا كان المجني عليه مصابًا بآفة عقلية (إعاقة ذهنية أو مرض عقلي) أو إذا أدى الفعل إلى مرض تناسلي مزمن بالمجني عليه، أو أدى ذلك الفعل إلى موت المجني عليه، فتصبح العقوبة السجنية بأقصاها، وتكون العقوبة السجن المطلق.
وحيث إن هذا المقال لا يكفي وحده لبحث جريمة «هتك العِرض» بكافة جوانبها؛ فإنني أكتفي في هذا المقال بالجزء الأول على أن نكون على موعد مع الجـــزء الثاني في دور المجني عليه في إثبات الجريمة، ودور المتهم في نفيه.
ونرى أنه من أهم تلك النتائج ازدياد معدلات جريمة «هتك العرض» على مستوى العالم تلك الجريمة القبيحة الشنيعة، وهي ظاهرة تستحق الدراسة، وتوجب تضافر كافة أطياف المجتمع في التصدي لها؛ كون مواجهتها لم تتوقف عند حد سن التشريعات الجزائية بالتوسع في الجريمة أو التشديد في العقاب أو غيرها من الإجراءات التي لم يتوانَ المشرع العماني عن اتخاذها بما تهدف إليه من حماية المجني عليه، وردع المجرمين الحاليين والمحتملين.
ولما كانت جريمة «هتك العِرض» قضية حساسة معقده تمس أمن وسلامة المجتمع العماني، وتجتمع فيها كل جوانب الحياة من الجانب القانوني والديني والاجتماعي والثقافي؛ فقد أخذت العهد، وشددتُ الهمة والعزم على محاربة تلك الجريمة بكل ما آتاني الله من علم، ومن قوة، ومن ثم كانت جريمة «هتك العِرض» هي معرض مناقشتي لرسالة الماجستير بكلية البريمي الجامعية؛ وذلك بسبب قلة البيانات المنشورة عن جرائم هتك العِرض، وبسبب الحساسية المجتمعية والدينية من تناول مثل هذه المواضيع علنًا، وبالتالي تكون المعدلات والإحصائيات المنشورة عن جريمة هتك العِرض غير عادلة وغير حقيقة؛ وذلك بسبب اعتقاد الكثير من ضحايا تلك الجريمة أن عدم الإبلاغ عن الجريمة سينجيهم من الفضيحة، أو سينجيهم من العقاب المجتمعي جراء النظرة الدونية، وعدم الثقة التي يلقاها الضحية من المجتمع بسبب الإبلاغ عن الجريمة. وبالتالي ونظرًا لصعوبة وتشعب البحث في موضوع جريمة «هتك العرض» من كافة جوانبها؛ فقد سعيتُ من خلال هذه المقالات إلى تبسيط منهجية البحث، والتصدي لهذه الجريمة من خلال الأجزاء الآتية:
-الجــزء الأول: ماهية جريمة هتك العرض، والظروف المشددة للجريمة.
-الجـــزء الثاني: دور المجني عليه في إثبات الجريمة ودور المتهم في نفي الجريمة.
الجـــزء الثالث: التشابه، والحدود الفاصلة بين جريمة هتك العرض، والجرائم المشابهة لها.
وفي هذا المقال سوف نتعرض إلى الجزء الأول: «ماهية جريمة هتك العرض، والظروف المشددة للجريمة ماهية جريمة هتك العرض»:
لم يضع المشرع العماني تعريفًا محددًا لجريمة «هتك العرض»، ولكن أخذت بالتعريف الفقهي للجريمة بأنها «الإخلال العمدي الجسيم بحياء المجني عليه بفعل يرتكب على جسمه دون رضاه، ويمس في الغالب عورة فيه». وأورد لها المشرع العماني المادة (258) من قانون الجزاء العماني التي تنص على: (يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على (3) ثلاث سنوات كل من هتك عرض ذكر أو أنثى بغير رضا، ولا تقل العقوبة عن (5) سنوات ولا تزيد على (7) سبع سنوات إذا كان المجني عليه مصابًا بعاهة بدنية أو عقلية تجعله عاجزًا عن المقاومة أو كان الجاني من المتولين تربيته أو ملاحظته أو رعايته، أو ممن لهم سلطة عليه، أو كان عاملًا لديه بأجر، أو لدى أحد ممن تقدم ذكرهم، ولا تقل العقوبة عن (7) سبع سنوات، ولا تزيد على (10) سنوات إذا كان الجاني من محارم المجني عليه).
وبالتالي فإن جريمة هتك العرض تتحقق في أضيق صورة لها بمجرد أن يقدم الجاني على كشف جزء من جسم المجني عليه يعد من العورات التي يحرص على صونها وحجبها عن الأنظار، ولو لم يقترن ذلك بفعل مادي آخر من أفعال الفحش، وبغض النظر عن القصد من الفعل سواء كان ذلك إرضاءً للشهوة، أو حبًا للانتقام، أو لغيرها من الأسباب.
ولما كانت جريمة هتك العِرض لا تقع إلا على عورة المجني عليه؛ فيمكن تعريف عورة الإنسان بأنها الحياء العرضي الذي يتعلق بذات جسم المرء والذي تدعو الفطرة لأن يحميه من كل الأفعال الفاحشة مهما كانت جسامتها سواء كانت إيجابية أو سلبية ما دامت هذه الأفعال موجهة لهذا الجسم الذي لا يدخر المرء وسعًا في صونه عما قل أو جل من الأفعال التي تمس ما فيه. ومن ثم يكون الفعل المخل بالحياء الذي يقع على جسم المجني عليه، ولا يستطيل إلى عوراته لا يعد هتكًا للعِرض، وهو ما يوجب النظر للجريمة من كافة جوانبها المحيطة، وبجميع الاعتبارات التي تساهم في تحديد نصيب الفعل من الجسامة من (تقاليد وأعراف مجتمعية، والظروف المحيطة بالجريمة، وغيرها) خاصة وأنهُ ما يعتبر فعلًا جسيمًا في بعض المجتمعات قد يكون غير جسيم في المجتمعات الأخرى، بل قد يختل المعيار في ذات المجتمع نفسه؛ تبعًا لاختلاف للأعراف القبيلة أو العرقية في نفس المجتمع.
الظروف المشددة للجريمة: قد ترجع الظروف المشددة إلى صفة الجاني أو صفة المجني عليه. ومثال الظروف التي ترجع إلى الجاني إذا كان الجاني من المتولين تربيته أو ملاحظته، أو رعاية المجني عليه، أو ممن لهم سلطة عليه، أو كان عاملا لديه بأجر، أو إذا كان الجاني من محارم المجني عليه بما يعني أن للجاني على المجني عليه سلطة فيسئ استعمالها. وقد يرجع التشديد إلى تعدد أفعال الجاني أن يكون الجاني ارتكب عدة جرائم بأن يأتي الجاني أفعالًا متعددة يعد كل منها جريمة قائمة بذاتها سواء أكانت كلها من نوع واحد أم كانت أنواع مختلفة. وتعدد السلوك المرتكب من الجاني يترتب عليه تعدد في الوقائع الإجرامية المتحققة؛ فتعدد النتائج المترتبة قد يكون علة التشديد في صفة المجني عليه التي ترجع إلى صغر سنه، ويأخذ المجني عليه بالعمر الميلادي المثبت في شهادة الميلاد، أو ما يعادلها من وسائل إثبات السن.
كما تندرج ضمن الظروف المشددة للجريمة التي ترجع إلى المجني عليه إذا كان المجني عليه مصابًا بآفة عقلية (إعاقة ذهنية أو مرض عقلي) أو إذا أدى الفعل إلى مرض تناسلي مزمن بالمجني عليه، أو أدى ذلك الفعل إلى موت المجني عليه، فتصبح العقوبة السجنية بأقصاها، وتكون العقوبة السجن المطلق.
وحيث إن هذا المقال لا يكفي وحده لبحث جريمة «هتك العِرض» بكافة جوانبها؛ فإنني أكتفي في هذا المقال بالجزء الأول على أن نكون على موعد مع الجـــزء الثاني في دور المجني عليه في إثبات الجريمة، ودور المتهم في نفيه.