في جلسة حوارية حضرتها بعض الأمهات منذ فترة نوقش موضوع الارتباط الرقمي لدى الأطفال بسلبياته الكثيرة، وتحديات إمكانية توجيهه أو تقييده سعيا لتجنب أضراره النفسية والسلوكية، وآثاره المعرفية والاجتماعية، بل حتى القيمية مما قد يصل إلى المساس بثوابت الدين والعقيدة والأخلاق، صادف الحديث تصورا لمقترحات تفكيك ظاهرة الارتباط الرقمي لدى الناشئة عبر توفير البدائل الممكنة على أن تكون مؤثرة فاعلة، ليست آنية عابرة، وكان أن أشارت إحدى الأمهات إلى النسخة الأولى من برنامج الانضباط العسكري العام الماضي، معجبة بالمتحقق من حصاد برنامج الانضباط تحولا فكريا سلوكيا متضمنا احترام الوقت وتقدير الآخر، الهدوء وحسن تقييم الذات، المشاركة وتقدير القليل المتاح، وإن لم تتوافر كلها فحسبنا منه الفائدة الأعظم في فك الارتباط الذهني بين أطفال-شباب اليوم والعالم الرقمي بالمتضمن فيه من برامج للتواصل الاجتماعي، والألعاب الرقمية المغذية كثيرا من القيم السلبية كالغش والتحايل، السرقة والتجسس وحتى القتل في بعض الأحيان، قد يرى البعض أن في البرنامج كسرا لروتين التعود لسنوات الدعة والكسل والتراخي، لكنها صدمة صحية مبتغاة، إذا ما أعدناها لسياق العسكرية ذاته الذي يجد أن «عرق التدريب توفير لدماء المعارك» وكذلك الأمر هنا بعيدا عن الحروب قريبا من معارك الحياة؛ ففي تهيئتك ما قد يقيك وأبناءك عبء الحاصل عن حالتي الدعة وعدم الانضباط.
حملت ذاكرة أمهات أخريات برامج شبيهة في مبادرات للتعاون بين وزارتي التربية والدفاع (لم تعد مطروحة اليوم) ومع الحديث عن إطلاق صاحب السمو السّيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب شارة البدء لتنفيذ النسخة الثانية من برنامج الانضباط العسكري بمحافظة ظفار - بتنظيم من وزارة الثقافة والرياضة والشباب وبدعم عدد من الجهات العسكرية والأمنية وعددٍ من المؤسسات الحكومية الأخرى، بمشاركة أكثر من 850 طالبا من مختلف المحافظات بزيادة ملحوظة عن النسخة الأولى - استعدتُ ذهنيا ذلك الحوار وتلك الرؤى، فما الذي يمكن لهذا البرنامج تقديمه للشباب في هذه المرحلة العمرية؟ لعل من نافلة القول هنا استعراض محتوى البرنامج لهذا العام، البرنامج الذي يستمر حتى السادس من أغسطس يتضمن محاضرات في الضبط والربط العسكري، والإسعافات الأولية، العمل الجماعي وأساليب القيادة، العلوم العسكرية إضافة إلى محاضرات توعوية حول موضوعات اجتماعية مختلفة، متضمنا مسابقات رياضية وكشفية مختلفة، كما يشمل البرنامج ورش عمل متخصصة في المواطنة، والانتماء، والذكاء الاصطناعي، وريادة الأعمال، تهدف كلها إلى تنمية الفكر القيادي الحديث، وصقل المهارات الشخصية والمجتمعية للمتدربين المشاركين.
حقق البرنامج نجاحا ملحوظا في نسخته الأولى العام الماضي، ويستمر البرنامج هذا العام برؤية أوسع من خلال أهداف متعددة تنصب جميعها لغاية رئيسية هي بناء جيل من الشباب العُماني متمتعا بالوعي، متسلحا بالانضباط، وروح القيادة، والانتماء الصادق للوطن والولاء للسلطان.
إذا ما توقفنا عند الفئة العمرية التي استهدفها برنامج الانضباط العسكري وجدناها بين 14-16 سنة، هذه الفئة التي تعاني من فرط استخدام الأجهزة الذكية، يعاني أغلبها من العزلة الاجتماعية، وربما نتج عن تلك العزلة ضعف في كل من التواصل الاجتماعي والعاطفي الواقعي، هذه الفئة التي تعيش شتات التحول بين الطفولة والشباب، كما تعاني شتات تحول الأجيال معرفيا لا تجد ضوءا في عتمة نفق أفكارها المتضاربة واصطخاب مشاعرها وانفعالاتها المتشابكة، فتأتي هذه الفرصة عبر هذا البرنامج الصيفي لتحررها فعليا من الارتباط الذهني بالأجهزة الذكية، ممهدة تدريجيا لفك الارتباط الدائم (وربما الإدمان) بالعالم الرقمي مستعيضة عنه بعالم واقعي مختلف، عالم من المشاركة بعد الركون للعزلة، ومن المسؤولية بعد اللامبالاة، من احترام الوقت وتقديره بعد إهداره دون تقنين أو تقدير، من استشعار قيمة الجهد بتقدير الأسباب والوسائل وصولا للخواتيم والنتائج.
هذا البرنامج فرصة للتعرف على الذات وإمكانياتها متمثلة في المواهب والمهارات وحتى سمات الشخصية العامة عبر العمل بروح الفريق، واحترام الآخر مختلفا رتبة ومسارا وشخصية، فرصة لتنمية الجسد عبر التمرين وتوزيع الوقت، وتغذية العقل عبر المعرفة والنقاش، وتغذية الروح عبر جرعات معرفية لتعزيز قيمة الوطن والمواطنة.
ختاما: نحن في أمس الحاجة اليوم لتعزيز قيم الانضباط واستشعار المسؤولية، احترام الوقت وتقدير الآخرين، الإيمان بالمواطنة وإنعاش روح الفريق بعيدا عن الأنانية واللامبالاة، في أمس الحاجة لطاقات من الحنان قد تتلبس لباس القسوة والحزم أحيانا إشفاقا على جيل اليوم من غد مليء بالتحديات، مسكون بالكمائن الواقعية والمضللات الفكرية، هذا التدريب الشاق اليوم - يقينا- يهيئنا لعبور غد أكثر مشقة مستحضرين مقولة عسكرية تتجلى ضمن هذا السياق» حين لا أرحمك في التدريب لا تظن بأني أكرهك، ستعلم في الميدان مقدار حبي لك» لا بد من مبادرات أخرى مشابهة تقرب الشباب من عالم العسكرية، المستقطب أغلبهم ذهنيا بكاريزما الحضور وهيبة الواقع، حتى ولو باستعادة النسخ السابقة من برامج النشاط العسكري التشاركي بين المدارس والجهات العسكرية المختلفة مع العناية بالمحتوى توافقا مع تحديات المرحلة وآفاق المستقبل.
حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية
حملت ذاكرة أمهات أخريات برامج شبيهة في مبادرات للتعاون بين وزارتي التربية والدفاع (لم تعد مطروحة اليوم) ومع الحديث عن إطلاق صاحب السمو السّيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب شارة البدء لتنفيذ النسخة الثانية من برنامج الانضباط العسكري بمحافظة ظفار - بتنظيم من وزارة الثقافة والرياضة والشباب وبدعم عدد من الجهات العسكرية والأمنية وعددٍ من المؤسسات الحكومية الأخرى، بمشاركة أكثر من 850 طالبا من مختلف المحافظات بزيادة ملحوظة عن النسخة الأولى - استعدتُ ذهنيا ذلك الحوار وتلك الرؤى، فما الذي يمكن لهذا البرنامج تقديمه للشباب في هذه المرحلة العمرية؟ لعل من نافلة القول هنا استعراض محتوى البرنامج لهذا العام، البرنامج الذي يستمر حتى السادس من أغسطس يتضمن محاضرات في الضبط والربط العسكري، والإسعافات الأولية، العمل الجماعي وأساليب القيادة، العلوم العسكرية إضافة إلى محاضرات توعوية حول موضوعات اجتماعية مختلفة، متضمنا مسابقات رياضية وكشفية مختلفة، كما يشمل البرنامج ورش عمل متخصصة في المواطنة، والانتماء، والذكاء الاصطناعي، وريادة الأعمال، تهدف كلها إلى تنمية الفكر القيادي الحديث، وصقل المهارات الشخصية والمجتمعية للمتدربين المشاركين.
حقق البرنامج نجاحا ملحوظا في نسخته الأولى العام الماضي، ويستمر البرنامج هذا العام برؤية أوسع من خلال أهداف متعددة تنصب جميعها لغاية رئيسية هي بناء جيل من الشباب العُماني متمتعا بالوعي، متسلحا بالانضباط، وروح القيادة، والانتماء الصادق للوطن والولاء للسلطان.
إذا ما توقفنا عند الفئة العمرية التي استهدفها برنامج الانضباط العسكري وجدناها بين 14-16 سنة، هذه الفئة التي تعاني من فرط استخدام الأجهزة الذكية، يعاني أغلبها من العزلة الاجتماعية، وربما نتج عن تلك العزلة ضعف في كل من التواصل الاجتماعي والعاطفي الواقعي، هذه الفئة التي تعيش شتات التحول بين الطفولة والشباب، كما تعاني شتات تحول الأجيال معرفيا لا تجد ضوءا في عتمة نفق أفكارها المتضاربة واصطخاب مشاعرها وانفعالاتها المتشابكة، فتأتي هذه الفرصة عبر هذا البرنامج الصيفي لتحررها فعليا من الارتباط الذهني بالأجهزة الذكية، ممهدة تدريجيا لفك الارتباط الدائم (وربما الإدمان) بالعالم الرقمي مستعيضة عنه بعالم واقعي مختلف، عالم من المشاركة بعد الركون للعزلة، ومن المسؤولية بعد اللامبالاة، من احترام الوقت وتقديره بعد إهداره دون تقنين أو تقدير، من استشعار قيمة الجهد بتقدير الأسباب والوسائل وصولا للخواتيم والنتائج.
هذا البرنامج فرصة للتعرف على الذات وإمكانياتها متمثلة في المواهب والمهارات وحتى سمات الشخصية العامة عبر العمل بروح الفريق، واحترام الآخر مختلفا رتبة ومسارا وشخصية، فرصة لتنمية الجسد عبر التمرين وتوزيع الوقت، وتغذية العقل عبر المعرفة والنقاش، وتغذية الروح عبر جرعات معرفية لتعزيز قيمة الوطن والمواطنة.
ختاما: نحن في أمس الحاجة اليوم لتعزيز قيم الانضباط واستشعار المسؤولية، احترام الوقت وتقدير الآخرين، الإيمان بالمواطنة وإنعاش روح الفريق بعيدا عن الأنانية واللامبالاة، في أمس الحاجة لطاقات من الحنان قد تتلبس لباس القسوة والحزم أحيانا إشفاقا على جيل اليوم من غد مليء بالتحديات، مسكون بالكمائن الواقعية والمضللات الفكرية، هذا التدريب الشاق اليوم - يقينا- يهيئنا لعبور غد أكثر مشقة مستحضرين مقولة عسكرية تتجلى ضمن هذا السياق» حين لا أرحمك في التدريب لا تظن بأني أكرهك، ستعلم في الميدان مقدار حبي لك» لا بد من مبادرات أخرى مشابهة تقرب الشباب من عالم العسكرية، المستقطب أغلبهم ذهنيا بكاريزما الحضور وهيبة الواقع، حتى ولو باستعادة النسخ السابقة من برامج النشاط العسكري التشاركي بين المدارس والجهات العسكرية المختلفة مع العناية بالمحتوى توافقا مع تحديات المرحلة وآفاق المستقبل.
حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية