الندم لا ينشأ في فراغ، ولكنه يتشكّل وفق منظومات القيم والعرف والعقيدة والتنشئة والسياق الثقافي للمجتمع. الذي قد يكون مقرونا بردّة فعل الجماعة، والعار، والصورة أمام الآخرين. وتشير بعض الدراسات إلى ارتباط التربية الاجتماعية والأدوار الجندرية وبين نوعية الخطأ الذي يُندم عليه (Bauer et al., 2008). لذا نجد أن النساء غالبا ما يشعرن بالندم بصورة أكثر عن الرجال. ولكن، بانغماسنا في قعر الندم، نسبغ البؤس على ذواتنا من حيث لم نحتسب. فنتصور أن الحياة كانت ستتخذ نهجا أفضل مما هي عليه اليوم. وهكذا نسير مع البؤس ما سار بنا العمر. حتى نجد أننا نعلق في شراك الماضي ولا نغادره إلا بعطب. ومن هنا ينبت الندم فينا ليتجذر ويصبح عادة متمركزة بثبات في هوياتنا. فنتسوّر بألف ألف جدار حتى تفقد بصائرنا ألوان الحياة البهيجة.
يرى بروفيسور علم النفس الأمريكي توماس داشيف جيلوفيتش(Gilovitch) أن الناس يندمون على عدم الفعل أكثر من ندمهم على الفعل ذاته. بمعنى آخر أن الندم على الإحجام أكبر من الندم على الإقدام. ويبرر جيلوفيتش ذلك بأنه من الأسهل على المرء عقلنة الأفعال وتبريرها. فنحن نحسن اختلاق المبررات لسلوكياتنا في حال الإقدام على الفعل. ولكننا لا نجد ما يبرر عدم تحقيق أهدافنا في حال الإحجام عن الفعل الذي عادة ما يرتبط بشكل وثيق بالغايات المنشودة. ومن هنا يتنامى الشعور بالندم. «مدونة سام بينيت وماثيو ويليام بريك The Guilt of Being Someone».
ويقول عالم النفس إدوارد هيجينز «إن إحساس الشخص بذاته ينبع من ثلاثة مكونات: الذات الفعلية (الحقيقية الحالية)، والذات المثالية (ما نرغب أن نكونه وفقا لطموحاتنا)، والذات الواجبة (ما يجب أن نكونه بناءً على توقعات الآخرين)». وهي نسخ ثلاث تتمحور ذواتنا حولها. تشعر الغالبية العظمى من الناس بالندم أمام الفجوة بين الذات الفعلية والذات المثالية أكثر من ندمهم حيال الفجوة بين الذات الفعلية والذات الواجبة، وهو ندم عظيم وأشد وطأة من غيره.
ولكن، هل الشعور بالندم هو شعور سلبي بالمطلق أم أن له فائدة وإن تفاوت حجمها؟
جاء في مقال «حكمة الندم ومغالطة تخفيف حدّته لجون دناهير، ترجمة نورة آل طالب، أنه قال: «الندم ذاته يُعد مصدرا للمعرفة. ولو أنفقنا حياتنا في تخطيه فلن نتعلم ولن ننضج بصفتنا أفرادا» ثم يستدل في ذات المقال بما قاله جاستن وايت أن الندم غالبا ما يكون كشفا للذات. ومن هنا فالندم الكاشف يمهد الطريق لنوع معين من التغيير الموجّه للذات».
وختاما، ليس كل الندم سيئا حسبما أشارت إليه بعض الدراسات التي أكدت أن الأشخاص الذين يستخدمون الندم كأداة لمراجعة المواقف الشخصية ومصدر للتعلم واليقظة يتمتعون بصحة نفسية أفضل ومساحات أوسع للحكمة والاستبصار مقارنة بمن يقمعون الندم أو يغرقون فيه كإثم وجب التطهّر منه. ومن هنا تنطلق فلسفة المتصوّفة الذين يركنون إلى أن الندم هو التوبة والإقرار -فيما بينك وبين خالقك- بالذنب والمسؤولية الكاملة تجاه تبعاته. وكما ذكر الدكتور مصطفى عبده في كتاب فلسفة الأخلاق: «وهكذا كان الإسلام مع حرية الإنسان وما ينتج عنها من مسؤولية فردية، وهذه المكانة السامية التي جعلت للإنسان بين المخلوقات قد استتبعت أن يكون قادرا على الاختيار ومسؤولا عن أفعاله ففيه إقرار بحريته».
يرى بروفيسور علم النفس الأمريكي توماس داشيف جيلوفيتش(Gilovitch) أن الناس يندمون على عدم الفعل أكثر من ندمهم على الفعل ذاته. بمعنى آخر أن الندم على الإحجام أكبر من الندم على الإقدام. ويبرر جيلوفيتش ذلك بأنه من الأسهل على المرء عقلنة الأفعال وتبريرها. فنحن نحسن اختلاق المبررات لسلوكياتنا في حال الإقدام على الفعل. ولكننا لا نجد ما يبرر عدم تحقيق أهدافنا في حال الإحجام عن الفعل الذي عادة ما يرتبط بشكل وثيق بالغايات المنشودة. ومن هنا يتنامى الشعور بالندم. «مدونة سام بينيت وماثيو ويليام بريك The Guilt of Being Someone».
ويقول عالم النفس إدوارد هيجينز «إن إحساس الشخص بذاته ينبع من ثلاثة مكونات: الذات الفعلية (الحقيقية الحالية)، والذات المثالية (ما نرغب أن نكونه وفقا لطموحاتنا)، والذات الواجبة (ما يجب أن نكونه بناءً على توقعات الآخرين)». وهي نسخ ثلاث تتمحور ذواتنا حولها. تشعر الغالبية العظمى من الناس بالندم أمام الفجوة بين الذات الفعلية والذات المثالية أكثر من ندمهم حيال الفجوة بين الذات الفعلية والذات الواجبة، وهو ندم عظيم وأشد وطأة من غيره.
ولكن، هل الشعور بالندم هو شعور سلبي بالمطلق أم أن له فائدة وإن تفاوت حجمها؟
جاء في مقال «حكمة الندم ومغالطة تخفيف حدّته لجون دناهير، ترجمة نورة آل طالب، أنه قال: «الندم ذاته يُعد مصدرا للمعرفة. ولو أنفقنا حياتنا في تخطيه فلن نتعلم ولن ننضج بصفتنا أفرادا» ثم يستدل في ذات المقال بما قاله جاستن وايت أن الندم غالبا ما يكون كشفا للذات. ومن هنا فالندم الكاشف يمهد الطريق لنوع معين من التغيير الموجّه للذات».
وختاما، ليس كل الندم سيئا حسبما أشارت إليه بعض الدراسات التي أكدت أن الأشخاص الذين يستخدمون الندم كأداة لمراجعة المواقف الشخصية ومصدر للتعلم واليقظة يتمتعون بصحة نفسية أفضل ومساحات أوسع للحكمة والاستبصار مقارنة بمن يقمعون الندم أو يغرقون فيه كإثم وجب التطهّر منه. ومن هنا تنطلق فلسفة المتصوّفة الذين يركنون إلى أن الندم هو التوبة والإقرار -فيما بينك وبين خالقك- بالذنب والمسؤولية الكاملة تجاه تبعاته. وكما ذكر الدكتور مصطفى عبده في كتاب فلسفة الأخلاق: «وهكذا كان الإسلام مع حرية الإنسان وما ينتج عنها من مسؤولية فردية، وهذه المكانة السامية التي جعلت للإنسان بين المخلوقات قد استتبعت أن يكون قادرا على الاختيار ومسؤولا عن أفعاله ففيه إقرار بحريته».