مع انخفاض سعر النفط.. أدت أسعار النفط التي حققت هذا الأسبوع أدنى مستوياتها منذ أغسطس الماضي ـ على الرغم من نوايا أوبك الطيبة - إلى إنشاء نظام عالمي جديد لإنتاج النفط الخام من قبل أكبر الدول المنتجة مثل روسيا التي تتأقلم مع الوضع عن طريق ثني عضلاتها الجيوسياسية بطريقة تبعدها بنجاح عن المخاوف الاقتصادية في الداخل. وكشف استطلاع للرأي أجرته منظمة بيو للأبحاث عن عدد من النقاط في سياسة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في القضايا الداخلية. وقالت منظمة بيو إنه بالرغم من أن بوتين يحظى بتأييد أغلبية ساحقة، فإن تقييمه لسياسة الطاقة والاقتصاد انخفض بمقدار الضعفين خلال العامين الماضيين. وفي ظل ثبات أسعار النفط بمعدل أقل من 50 دولارًا للبرميل، قال وين ثين، الرئيس العالمي لاستراتيجية العملة الناشئة في الأسواق الناشئة مع Brown Brothers Harriman، لسي إن بي سي مؤخرًا: «على الرغم من الوعود بالتنويع في مصادر الدخل القومي لسنوات ـ إن لم يكن عقودًا ـ لا تزال روسيا تعتمد اعتمادًا كبيرًا على صادرات النفط والغاز الطبيعي. وكل هذا لا يزال يمثل ثلثي إجمالي الصادرات». وكانت بيانات بيو أخرى تذكر بأن اقتصاد روسيا، بينما يتعافى من الركود العميق الذي ضخمته العقوبات الدولية، لا يزال بطيئًا في أحسن الأحوال. وقد نما بنسبة 0.5 في المائة في الربع السنوي الأول - حتى مع ثبات روسيا على عضلاتها الجيوسياسية في سوريا ومشاركتها مع منظمة أوبك للحد من الانحدار الحاد في النفط - بتأثير ضئيل. وقال بوتين في جلسة: « سؤال وجواب »: إن مشاكل الاقتصاد الروسي انتهت. وبالرغم من العقوبات الدولية التي ضيقت على الاقتصاد العام الماضي، فإن «روسيا انتقلت إلى فترة نمو» كما أصر بوتين. ومع ذلك، يلاحظ الاقتصاديون أن قابلية روسيا للتأرجح في أسعار النفط العالمية يمكنها أن تؤثر على اقتصادها. وفي مايو الماضي، ذكر تقرير للبنك الدولي أن «توقعات النمو في روسيا لا تزال حساسة حسب أسعار النفط» ولا يزال الإصلاح بعيد المنال. وقال البنك : إنه «على الرغم من الجهود السياسية الرامية إلى تقليل الحساسية، فإن تقلب أسعار النفط سيظل يؤثر على مشاعر المستهلكين والمنتجين. ونحن نتوقع استجابة أعلى قليلًا من الاقتصاد تجاه تباين أسعار النفط العليا بسبب تحسن مشاعر المستثمرين». ومما لا شك فيه أن روسيا - وهي واحدة من أكبر منتجي النفط في العالم - بذلت جهودًا للتنويع في مصادر الدخل بعيدًا عن النفط، إلا أن تركيبة الاقتصاد تجعل التغيير آفاقًا شاقة. وتتقلب جهود التنويع إلى قيود هيكلية تشكل رياحًا عكسية للنمو، كما يقول الاقتصاديون. ومن بين أهم 10 صادرات روسية، هناك ثمانية منها ذات صلة بالسلع، وفقًا لتحليل من شركة التأمين العالمية كوفيس، التي تتوقع أن النمو الروسي لن يتجاوز 1 في المائة هذا العام. وعلى عكس الأسواق الناشئة الأخرى التي يمكن أن تخفض قيمة عملاتها عندما يتضرر اقتصادها من هبوط الأسعار، فإن الروبل الروسي لم يثبت أنه من الجيد له الهروب. وقد حافظت أسعار الفائدة المرتفعة نسبيًا على صفقات محفوفة بالمخاطر جذابة للمستثمرين، وحدت من الجانب السلبي للعملة البترولية. وتقول راشيل زيمبا، المديرة التنفيذية للأسواق الناشئة لدى شركة 4CAST-RGE، إن القوة النسبية للروبل «تشير إلى أن البنك المركزي الروسي قد يخفض أسعار الفائدة أكثر من المتوقع خلال العام المقبل». وتضيف: «إن ضعف النفط وارتفاع تسديد الديون الخارجية وزيادة تدخلات وزارة المالية في سوق الصرف الأجنبي هي ما يجب مشاهدته»، مشيرة إلى أن قيمة الروبل - الذي وصل إلى أدنى مستوياته منذ نوفمبر الماضي - سيضعف أكثر هذا العام. ويقول المحللون: إن أولويات الإصلاح في روسيا ما زالت في نطاق الحكومة وسياسات سوق العمل والابتكار والبنى الأساسية. وقد تكون موسكو قادرة على تحسين الاقتصاد المحلي من خلال الاستثمار في أفكار جديدة والابتكار الذي يمكن أن يحفز النمو، فضلًا عن توفير احتياطيات خلال تقلب أسعار النفط. ومع ذلك، تساور مراقبي روسيا شكوك عميقة حول ما إذا كانت موسكو ستكون قادرة على القفز في النمو بشكل ملحوظ قبل الانتخابات الرئاسية لعام 2018. وقال أندريه موفشان مدير برنامج السياسة الاقتصادية في مركز كارنيجي موسكو فى تحليل صدر مؤخرًا : إن روسيا تواجه آفاقًا «قاتمة» على الرغم من الانتعاش المؤقت. وقال موفشان: «إن الحكومة الروسية ركزت على الحفاظ على عجز الميزانية على مستواها الحالي في المدى القصير، على حساب التنمية طويلة الأجل. فالاستراتيجية الرئيسية للحكومة هي زيادة الإيرادات الضريبية وخفض الإنفاق العام». وصرح موفشان: «استنادًا إلى الحالة الراهنة للرأي العام في روسيا أنه من المرجح أن تشمل التغييرات المستقبلية سيطرة سياسية أكثر صرامة، وتعميق الملكية الخاصة، وإغلاق المجال الاقتصادي، والعمليات الجديدة التي تجعل المعاملات الاقتصادية في البلاد أقل تطورًا وأكثر كفاءة ». بتصرف عن (سي إن بي سي)