عبدالله المعمري - للأرقام وقع عند البشر، هي للبعض المحرك الأساسي في التعامل معك، أو مع ما أنت عليه في هذه الحياة، يدركون منك فقط ذلك الرقم الذي يرتقي بك لديهم عند مستوياتهم التي يريدونها فيك أو منك، هم يتعاملون معك بتلك اللغة العالمية، التي يشار لها ببضع حركات حتى وإن كانوا صامتين، لا يتحدثون، فلديهم من القدرة على تمييزك برقم واحد، يطلقون عليه (الصفر). ومن هنا يحددون مكانتك عبر موقع هذا الصفر الذي أنت عليه، يمينا كنت أو شمالا، وعلى ذلك يحددون مواقفهم منك، أو تعاملهم معك، بل ويصل الأمر ببعضهم أن يمنحك ابتسامة أو كلمة طيبة بموقع ذلك الصفر منك، إنها لغة ماكرة، خالية من الضمير الإنساني، معلقة بحبل هش، سرعان ما ينقطع بهم، ولكنهم مع ذلك لا يتعلمون، ولا يدركون حقيقة تلك المواقف والمعاملة، سوى عبر هذا الرقم. فإن كانت قيمتك هي (صفر الشمال) فلا تتعجب حينها من عبوسهم في وجهك، أو بعدم الترحيب بك والوقوف عند رؤيتك، بل ولا تتعجب من ذلك الجفاف الكلامي من الذوق العام أو المعاملة الحسنة التي تصادفها في مكان يحكم عليك فيه عبر هذا الصفر الذي يقع على الشمال من أي رقم آخر، ولكأنك هنا مجرد شحات جئت إليهم أو مشرّد تطلب صدقة منهم، وإن كنت تملك كل صفات النبل والأخلاق والإنسانية، التي بلا شك هم لا يمتلكونها بنظرتهم تلك لك. إن المتعاملين معك بلغة (الصفر) عليك أن تراهم كالسراب، ليس لهم وجود في الواقع، فهم ثلة هامشية وإن كثر عددهم، اجعل بينك وبينهم سدا، تقي فيه جمالية روحك من التأثر بما يفعلون معك أو مع غيرك، ليس فقط لكونك صفر الشمال، بل حتى وإن كنت صفر اليمين، فلا خير في قيمة لذلك الصفر وموقعه، إن لم يكن نابعا من قلب محب، وأخ وفيّ، وصديق مخلص، وروح تواقة للذود عنك في حضورك أو غيابك. اجعل من المتحدثين معك بلغة الصفر أشد كرها له، بسمو ذاتك عنهم، وليكن نهر الإنسانية هو من يجري منك نحوهم، فيضيف إنسانية لعدم إنسانيتهم، وعلمهم لغتك الأصيلة، الرصينة، لغة النبلاء والسادة النجباء، لغة الحياة التي جعلت منك في الرقي وعلو الشأن عند خالقك، لا عند عشاق الصفر. [email protected]