مجدل شمس «وكالات»: توعّدت إسرائيل اليوم «بالرد» بعد أن أدّى سقوط صاروخ اتّهمت حزب الله بإطلاقه إلى مقتل 12 فتى وفتاة في هضبة الجولان المحتلة وأثار مخاوف من اتّساع نطاق الحرب الدائرة في قطاع غزة.

وفي حين نفى حزب الله مسؤوليته عن الضربة الصاروخية على بلدة مجدل شمس، حذّرت طهران على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني إسرائيل من أن أي «مغامرات» عسكرية جديدة في لبنان قد تسبب «تداعيات غير متوقعة».

ووفق الجيش الإسرائيلي سقط صاروخ في ملعب كرة قدم في بلدة مجدل شمس التي تقطنها غالبية درزية، ما أدى إلى مقتل 12 شخصا تراوح أعمارهم بين 10 و16 عاما، بينما أصيب نحو 30 بجروح.

وأشارت الشرطة اليوم إلى فقدان أثر فتى يبلغ 11 عاما.

وقالت الخارجية الإسرائيلية إن الهجوم نُفّذ بواسطة صاروخ «فلق» البالغة زنة رأسه الحربية 53 كلج. وحزب الله الذي قال إن «لا علاقة» له بالواقعة، هو الجهة الوحيدة التي بحوزتها هذا النوع من الصواريخ.

ووصف الجيش الإسرائيلي الواقعة بأنها «الهجوم الأكثر دموية على مدنيين إسرائيليين» منذ هجوم حماس في السابع من أكتوبر الذي أطلق شرارة الحرب في غزة وأثار تبادلا منتظما للقصف عبر الحدود اللبنانية.

وأتت الضربة في الجولان بعد ساعات من إعلان مسؤولين في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة المقاومة (حماس) أن غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي آلاف النازحين الفلسطينيين أسفرت عن استشهاد 30 شخصا على الأقل. وقالت إسرائيل إنها استهدفت «فلسطينيين» يعملون انطلاقا من المدرسة.

نتانياهو يقطع زيارته

إلى ذلك، شارك الآلاف اليوم في مراسم تشييع قتلى الضربة في مجدل شمس، حيث بدت عليهم علامات الحزن والتأثر. وتجمعت نسوة تدثرن بالعباءة السوداء ووشاح الرأس الأبيض التقليدي لدى الدروز، حول نعوش مغطاة بالأبيض.

ودفعت واقعة مجدل شمس رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو إلى العودة مبكرا من الولايات المتحدة، وقال مكتبه إنه فور وصوله توجه إلى اجتماع لمجلس الوزراء الأمني.

وقال نتانياهو في بيان أصدره مكتبه «إسرائيل لن تدع هذا الهجوم يمر دون رد، ومتوعدا حزب الله».

واعتبرت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن حزب الله «تجاوز كل الخطوط الحمر».

من جانبها، أطلقت طائرة إسرائيلية مسيّرة صاروخين على بلدة طاريا في شرق لبنان، ما أدى إلى تدمير مستودع ومنزل من دون وقوع إصابات، وفق ما أفاد مصدر أمني لبناني وكالة فرانس برس.

ويؤكد حزب الله أن القصف الذي ينفذه عبر الحدود يأتي «إسنادا» لحركة حماس التي تقاتل الجيش الإسرائيلي في غزة منذ السابع من أكتوبر.

لبنان يدعو إلى تحقيق دولي

من جهته، دعا لبنان الأحد إلى إجراء «تحقيق دولي» في القصف الذي قتل فيه 12 فتى وفتاة ببلدة في الجولان السوري المحتل، محذرا من أن أي هجوم كبير على لبنان قد يُشعل حربا إقليمية.

ودعا وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب اليوم إلى «إجراء تحقيق دولي أو عقد اجتماع للجنة الثلاثية عبر اليونيفيل لمعرفة حقيقة الأمر» في تصريح نقلته الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية.

وتضم اللجنة الثلاثية مسؤولين من الجيشين اللبناني والإسرائيلي، إلى جانب قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.

ودعا بو حبيب إلى «التطبيق الكامل والشامل للقرار 1701» الصادر عن مجلس الأمن الدولي من الجهتين.

وأنهى هذا القرار حرب العام 2006 بين حزب الله وإسرائيل وينصّ على حصر الانتشار المسلّح في جنوب لبنان بالجيش اللبناني وقوة اليونيفيل الأممية.

وأشار بو حبيب إلى أن أي «هجوم كبير من قبل إسرائيل على لبنان سيؤدي إلى تدهور الوضع في المنطقة واشتعال حرب إقليمية».

وتوعّد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت الأحد «بضرب العدو بقوة» في أعقاب ضربة مجدل شمس، بينما حذرت إيران إسرائيل من أن أي «مغامرات» عسكرية جديدة في لبنان قد تؤدي إلى «عواقب غير متوقعة».

واستبعد بو حبيب «فرضية أن يكون حزب الله قد نفذ الهجوم على قرية مجدل شمس»، مشيرا إلى أنه «منذ بدء النزاع في الجنوب، لم يستهدف (الحزب) مواقع مدنية بل عسكرية فقط». ورجح أن تكون الضربة من تنفيذ «منظمات أخرى أو خطأ إسرائيليا أو خطأ من حزب الله».

واحتلّت إسرائيل مرتفعات الجولان في عام 1967 وضمتها في عام 1981 في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.

وأعلن حزب الله في بيان الأحد في أول عملية له بعد حادثة مجدل شمس، أنه استهدف «تموضعا لجنود العدو الإسرائيلي قرب الحدود»، ردا على «اعتداءات العدو على القرى الجنوبية».

وأسفر التصعيد على جانبي الحدود منذ أكتوبر الفائت عن مقتل 527 شخصا على الأقلّ في لبنان، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس. ومعظم القتلى من المقاتلين، لكن بينهم 104 مدنيين على الأقل.

وفي الجانب الإسرائيلي، قُتل 22 عسكريا و24 مدنيا، بحسب السلطات الإسرائيلية.

رود أفعال دولية متباينة

وشدّدت الولايات المتحدة على أنها «تدعم جهود إسرائيل» الرامية إلى «وضع حد لهذه الهجمات». وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن «كل المؤشرات» تدل على أن حزب الله أطلق الصاروخ.

أما بريطانيا فأعربت عن خشيتها من «تصعيد» حيث ندد وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي بالهجوم الصاروخي على هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل، معبرا عن قلقه من أن يؤدي ذلك إلى إشعال المزيد من العنف.

وأضاف «نحن قلقون للغاية إزاء خطر المزيد من التصعيد وزعزعة الاستقرار. لقد أوضحنا أن حزب الله يجب أن يوقف هجماته».

من جانبها، أرسلت إيران إشارات متضاربة بشأن الهجوم الصاروخي الدامي على بلدة درزية والذي حملت إسرائيل جماعة حزب الله في لبنان مسؤولية وقوعه.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، حسب بيان على موقع الوزارة، إنه «بعد المجازر الجماعية في قطاع غزة بحق النساء والأطفال الفلسطينيين، المتواصلة منذ 10 أشهر، يحاول نظام الفصل العنصري الإسرائيلي، تضليل الرأي العام بسيناريو مفبرك لصرف انتباه العالم عن الجرائم التي يرتكبها على نطاق واسع في فلسطين».

ونقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية عن كنعاني قوله إن «هذه المجازر هي حرب ضد الإنسانية وتنتهك كل القوانين والأنظمة المعترف بها دوليا».

لكن السفير الإيراني في لبنان عبّر عن نبرة مختلفة، حيث قلل من أهمية الهجوم.

وقال السفير مجتبى أماني، في منشور على تطبيق إكس، إن فرص اندلاع صراع أكبر «ضئيلة للغاية» لأن هناك «توازنا قويا مفروضا» في المنطقة.

وتابع أماني أن إيران لا تريد تصعيدا مع إسرائيل ولا تخشى منه، وأضاف دون التطرق إلى التفاصيل: «على أعدائنا أن يتخيلوا ما يمكننا أن نفعله بقوتنا وقدراتنا ودفاعنا عن المقاومة».

إلى ذلك ودعت الأمم المتحدة الأحد إلى «أقصى درجات ضبط النفس»، وذلك في بيان مشترك للمنسقة الخاصة للبنان جينين هينيس بلاسخارت وقائد قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) أرولدو لازارو.

وجاء في البيان أن «التبادل المكثف والمستمر لإطلاق النار قد يشعل صراعا أوسع نطاقا من شأنه أن يغرق المنطقة بأكملها في كارثة لا يمكن تصورها».

ودان مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل «حمام الدم» في مجدل شمس، مطالبا بإجراء تحقيق دولي مستقلّ.

أما وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك فدانت اليوم الهجوم «المروع»، داعية إلى «التصرف بهدوء».

إلى ذلك، دانت وزارة الخارجية الفرنسية الهجوم على بلدة درزية في مرتفعات الجولان ودعت إلى «تفادي تصعيد عسكري جديد».

وأضافت الوزارة «تدين فرنسا بأشد العبارات الممكنة الهجوم، الذي ضرب بلدة مجدل شمس الدرزية، في الجولان السوري المحتمل، الذي أسفر عن سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى»، حسب صحيفة «لوريان لو جور» الفرنسية اليوم.

وتابعت الوزارة «تدعو فرنسا إلى بذل كل ما هو ممكن لتفادي تصعيد عسكري آخر وستواصل تقديم مذكرات للأطراف لتحقيق هذا الهدف».

وقال رياض قهوجي، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري، إن القاعدة التي قال حزب الله إنه استهدفها تقع على بعد نحو 2,4 كيلومتر من البلدة، مما يجعلها «ضمن هامش خطأ» الصواريخ غير الدقيقة.

لكنه أوضح أنه لا يمكن استبعاد «احتمال إطلاق خاطئ» لصاروخ دفاع جوي إسرائيلي، ويجب إجراء تحقيق مستقل في ما حدث.

وجاء سقوط الصاروخ على مجدل شمس بعد أن أدت غارة إسرائيلية إلى مقتل أربعة من مقاتلي حزب الله في جنوب لبنان. وردّ الحزب بإعلان سلسلة من الهجمات الصاروخية الانتقامية على الجولان وشمال إسرائيل.

ومجدل شمس هي بلدة درزية لم يقبل العديد من سكانها الجنسية الإسرائيلية منذ احتلال إسرائيل مرتفعات الجولان السورية عام 1967.