هل الأنبياء والرسل معصومون من الخطأ، آدم عليه السلام أخطأ في الأكل من الشجرة وموسى عليه السلام أخطأ في قتل القبطي، ويونس عليه السلام أخطأ بخروجه من القرية دون إذن من الله، فكيف نوفق بين ما نسمعه من أن الأنبياء معصومون وبين هذه الأخطاء؟
لا بد من بيان بعض الأمور هنا، ما يجده عند أهل العلم من مسألة عصمة الأنبياء وأنهم معصومون من الخطأ، فإن مقصودهم بهذه المسألة هو ما يتعلق بالمعاصي والذنوب لا بعموم الأخطاء، وإنما قد يعبر بعضهم بالخطأ ولكنهم يريدون المعاصي والذنوب، فالحديث فيما يتعلق بقضية عصمة الأنبياء يتعلق بمقارفة الذنوب والمعاصي هذا الأمر الأول.
الأمر الثاني أن هناك ما هو متفق عليه عند عامة علماء المسلمين في مسألة عصمة الأنبياء من الذنوب والمعاصي أن كل ما يتعلق بأمر الوحي والتبليغ فهم معصومون من الزلل أو الخطأ فيه، وأن كل ما يمكن أن يكون من وجوه الشرك الظاهر أو الخفي فإنهم معصومون منه، وهم كذلك معصومون من كبائر الذنوب باتفاق، إذن هذه الأمور هي محل اتفاق عند أهل العلم جميعا عند عامة أهل العلم وما وجد من أقوال على خلاف هذا فهو شاذ لا يعبأ به.
بقي البحث في ما يعرف بالصغائر، ولأهل العلم فيها كلام، فمنهم من يرى جواز صدور الصغائر منهم، ومنهم من يقول بجواز الصغائر قبل النبوة لا بعدها، ومنهم من يمنع صدور الصغائر عنهم، صلوات الله وسلامه عليهم جميعا، إذن هذه جملة أقوال والذي عند علمائنا أنهم منزهون عن الصغائر قبل النبوة وبعدها، ولكن القول بإمكان وقوعهم في الصغائر ودون إصرارهم عليها ودون إقرارهم عليها قول موجود أيضا مشتهر، بل حكى البعض أنه قول جماهير أهل العلم في الصغائر، دون إصرار ودون إقرار فهم لا يصرون عليها ولا يقرون ولا يقرون عليها، وهي لا يترتب عليها ذنب ولا عقاب.
كيف يوجه القائلون بمنع صدور الصغائر عنهم وقبل النبوة وبعدها ما حُكي في كتاب الله عز وجل أو ما ورد صحيحا في سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مما يظهر أن فيه معصية، يوجهون ذلك أنه على خلاف الأولى أي أنه على خلاف مقام النبوة فهذا المقام هو أكمل المقامات وأعلاها ولذلك فإنه يمكن أن يصدر عنهم ما هو خلاف الأولى المتناسب مع مقام النبوة وهذا توجيه حسن؛ لأن فيه تأدبا مع أنبياء الله تبارك وتعالى صلوات الله وسلامه عليهم جميعا وفيه حمل لما صدر منهم على وجه حسن مقبول.
ونأتي إلى بعض الأمثلة التي ذكرها أهل العلم، ما صدر من آدم عليه السلام ما وقع من موسى في هذه الحادثة «فوكزه موسى فقضى عليه»، وما وقع من ذي النون «إذ أبق إلى الفلك المشحون»، وبعض الأمثلة قلت بأن لكل واحدة منها توجيها.
فالصحيح في ما يتعلق بأكل آدم وزوجه من الشجرة أن تلك المرحلة لم تكن مرحلة تكليف وهذا حكاه غير واحد من المفسرين وعول عليه كثيرا الإمام الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير وحكاه قبله غيره، وذكروا أنه قوله جماهير أن تلك المرحلة في إعداد آدم عليه السلام وتأهيله وتربيته ولم تكن مرحلة تكليف وإنما كانت مرحلة تربية ولذلك فما صدر منه فيها مما يظهر أنه غواية وعصيان إنما كان على سبيل مخالفة لوازم التربية والإعداد وضرب ابن عاشور مثالا لذلك كتربية رب الأسرة لأولاده، فحينما يخالفون أمره ولو لم يكن في ذاته معصية أو يمكن أن يوصف بأنه معصية، إلا أنه عصيان أمر رب الأسرة، غواية عن مسلك رب الأسرة لأنه لم يكن في مرحلة تكليف، وهذا توجيه حسن يجمع المتفرق مما قيل في قصة آدم عليه السلام وأكله من الشجرة. والقرآن الكريم صريح في وصف آدم عليه السلام بأنه نسي « فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا» فكان ذلك على سبيل السهو والنسيان منه عليه السلام، ولم يكن عازما على مخالفة أمر الله تبارك و تعالى.
وأما ما كان من موسى عليه السلام، فإن ذلك لم يكن بمعصية من موسى عليه السلام وإنما كان على سبيل الخطأ، فهو أراد رد القبطي عن الإسرائيلي لأن القبطي كان معتديا، فأراد دفعه عنه، ولكن قدر الله تبارك وتعالى أنه قضى عليه بتلك الوكزة التي وكزه إياها، فهذا من القتل الخطأ، ولذلك فإنه لا يصف بأنه معصية، فإن موسى عليه السلام استغفر ربه وقال: «اللَّهمَّ إنِّي ظلَمتُ نَفسي ظلمًا كثيرًا»، فاستغفر ربه تبارك وتعالى لأنه ما كان يقصد ذلك وكان قصده النهي عن المنكر، وهكذا يوجه ما ورد في كتاب الله عز و جل أو في سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مما يتعلق بهذه المسألة.
فمن المهم أن يُلتفت إلى أن ما يتعلق بالتبليغ أو بالشرك ظاهرا أو خفاء ظاهرا أو باطنا أو شركا ظاهرا أو شركا خفيا أو ما يتعلق بالكبائر فإن الأنبياء معصومون عليهم السلام، وأما ما يتعلق بالصغائر ففي المسألة خلاف وتقدم ذكر الأقوال وأما ما كان على سبيل الخطأ فشأنهم في ذلك شأن عموم البشر مما يمكن أن يخطأ في أمر من الأمور مما هو ليس معصية ومما هو غير داخل في باب التكاليف الشرعية. والله تعالى أعلم.
لا بد من بيان بعض الأمور هنا، ما يجده عند أهل العلم من مسألة عصمة الأنبياء وأنهم معصومون من الخطأ، فإن مقصودهم بهذه المسألة هو ما يتعلق بالمعاصي والذنوب لا بعموم الأخطاء، وإنما قد يعبر بعضهم بالخطأ ولكنهم يريدون المعاصي والذنوب، فالحديث فيما يتعلق بقضية عصمة الأنبياء يتعلق بمقارفة الذنوب والمعاصي هذا الأمر الأول.
الأمر الثاني أن هناك ما هو متفق عليه عند عامة علماء المسلمين في مسألة عصمة الأنبياء من الذنوب والمعاصي أن كل ما يتعلق بأمر الوحي والتبليغ فهم معصومون من الزلل أو الخطأ فيه، وأن كل ما يمكن أن يكون من وجوه الشرك الظاهر أو الخفي فإنهم معصومون منه، وهم كذلك معصومون من كبائر الذنوب باتفاق، إذن هذه الأمور هي محل اتفاق عند أهل العلم جميعا عند عامة أهل العلم وما وجد من أقوال على خلاف هذا فهو شاذ لا يعبأ به.
بقي البحث في ما يعرف بالصغائر، ولأهل العلم فيها كلام، فمنهم من يرى جواز صدور الصغائر منهم، ومنهم من يقول بجواز الصغائر قبل النبوة لا بعدها، ومنهم من يمنع صدور الصغائر عنهم، صلوات الله وسلامه عليهم جميعا، إذن هذه جملة أقوال والذي عند علمائنا أنهم منزهون عن الصغائر قبل النبوة وبعدها، ولكن القول بإمكان وقوعهم في الصغائر ودون إصرارهم عليها ودون إقرارهم عليها قول موجود أيضا مشتهر، بل حكى البعض أنه قول جماهير أهل العلم في الصغائر، دون إصرار ودون إقرار فهم لا يصرون عليها ولا يقرون ولا يقرون عليها، وهي لا يترتب عليها ذنب ولا عقاب.
كيف يوجه القائلون بمنع صدور الصغائر عنهم وقبل النبوة وبعدها ما حُكي في كتاب الله عز وجل أو ما ورد صحيحا في سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مما يظهر أن فيه معصية، يوجهون ذلك أنه على خلاف الأولى أي أنه على خلاف مقام النبوة فهذا المقام هو أكمل المقامات وأعلاها ولذلك فإنه يمكن أن يصدر عنهم ما هو خلاف الأولى المتناسب مع مقام النبوة وهذا توجيه حسن؛ لأن فيه تأدبا مع أنبياء الله تبارك وتعالى صلوات الله وسلامه عليهم جميعا وفيه حمل لما صدر منهم على وجه حسن مقبول.
ونأتي إلى بعض الأمثلة التي ذكرها أهل العلم، ما صدر من آدم عليه السلام ما وقع من موسى في هذه الحادثة «فوكزه موسى فقضى عليه»، وما وقع من ذي النون «إذ أبق إلى الفلك المشحون»، وبعض الأمثلة قلت بأن لكل واحدة منها توجيها.
فالصحيح في ما يتعلق بأكل آدم وزوجه من الشجرة أن تلك المرحلة لم تكن مرحلة تكليف وهذا حكاه غير واحد من المفسرين وعول عليه كثيرا الإمام الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير وحكاه قبله غيره، وذكروا أنه قوله جماهير أن تلك المرحلة في إعداد آدم عليه السلام وتأهيله وتربيته ولم تكن مرحلة تكليف وإنما كانت مرحلة تربية ولذلك فما صدر منه فيها مما يظهر أنه غواية وعصيان إنما كان على سبيل مخالفة لوازم التربية والإعداد وضرب ابن عاشور مثالا لذلك كتربية رب الأسرة لأولاده، فحينما يخالفون أمره ولو لم يكن في ذاته معصية أو يمكن أن يوصف بأنه معصية، إلا أنه عصيان أمر رب الأسرة، غواية عن مسلك رب الأسرة لأنه لم يكن في مرحلة تكليف، وهذا توجيه حسن يجمع المتفرق مما قيل في قصة آدم عليه السلام وأكله من الشجرة. والقرآن الكريم صريح في وصف آدم عليه السلام بأنه نسي « فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا» فكان ذلك على سبيل السهو والنسيان منه عليه السلام، ولم يكن عازما على مخالفة أمر الله تبارك و تعالى.
وأما ما كان من موسى عليه السلام، فإن ذلك لم يكن بمعصية من موسى عليه السلام وإنما كان على سبيل الخطأ، فهو أراد رد القبطي عن الإسرائيلي لأن القبطي كان معتديا، فأراد دفعه عنه، ولكن قدر الله تبارك وتعالى أنه قضى عليه بتلك الوكزة التي وكزه إياها، فهذا من القتل الخطأ، ولذلك فإنه لا يصف بأنه معصية، فإن موسى عليه السلام استغفر ربه وقال: «اللَّهمَّ إنِّي ظلَمتُ نَفسي ظلمًا كثيرًا»، فاستغفر ربه تبارك وتعالى لأنه ما كان يقصد ذلك وكان قصده النهي عن المنكر، وهكذا يوجه ما ورد في كتاب الله عز و جل أو في سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مما يتعلق بهذه المسألة.
فمن المهم أن يُلتفت إلى أن ما يتعلق بالتبليغ أو بالشرك ظاهرا أو خفاء ظاهرا أو باطنا أو شركا ظاهرا أو شركا خفيا أو ما يتعلق بالكبائر فإن الأنبياء معصومون عليهم السلام، وأما ما يتعلق بالصغائر ففي المسألة خلاف وتقدم ذكر الأقوال وأما ما كان على سبيل الخطأ فشأنهم في ذلك شأن عموم البشر مما يمكن أن يخطأ في أمر من الأمور مما هو ليس معصية ومما هو غير داخل في باب التكاليف الشرعية. والله تعالى أعلم.