باريس - العُمانية: منذ العنوان، تؤكد الشاعرة السورية ريم السيد في مجموعتها «سورياليزم» على ثيمة الأرض الأولى؛ إذ تحمل قصائدها حنينًا للوطن وتكشف عن مرارة الغربة. وجاءت القصائد التي كتبتها الشاعرة المقيمة في باريس في ثلاثة أبواب، حمل الأول عنوان «دندنات حب.. ودموع»، نسجت السيد حروف قصائدها فيه معبّرة عن الشوق والحنين لمنابع طفولتها، وذكرياتها التي تشكلت بتأثير من المكان، وذائقتها التي توهجت بتأثير من قصائد نزار قباني. فتكتب قصيدة في الذكرى الخامسة عشرة لرحيله نقرأ في مطلعها: «آآآهٍ.. يا نزار أَوَصَلَتْكَ حُمّى التُراب وما يغلي في نفوسِنا من نار كيفَ أُخبِركَ ماذا أقولُ لكَ في ذِكرى رحيلك يا نزارْ؟ لَيْتها تَنطِقُ الحِجارةُ وتَكتبُ على دَوائر عُيونِها الأشجار». وتتجلى الصور الفنية الجديدة في قصائد الباب الثاني الذي جاء بعنوان «مسكونة بدمشق»، لتعبّر عن حالة الحب والاشتياق وألم البعد والفقد، ويتجلى الوطن في غالبية القصائد كأنثى أسطورية مفعمة بالهدوء والسلام والجمال. تميل قصائدُ هذا الباب نحو الغنائية، ويغلب عليها الإيقاع السريع للجمل والمفردات، وتتسم القوافي فيها باللين. وفيها الكثير من الوجد والصور التي تعبّر عن حياة المدينة وسكانها، تلك التي تتنفس وجودهم كما يتنفسون هواءها، وتحتضنهم بكل ما فيها من ورد وسماء ونجوم: «يُنير همسُ الياسمين خطى العاشقين في دمشقَ يُشعّ القمرُ والنجومُ كل ليلةٍ من عيونِ المحبين». لذا، فإنّ من يرتحل عن المدينة/ الوطن يحملها معه ويبقيها حاضرة في قلبه، لتظل نافذته التي يرى من خلالها الجمال والنور، ومخزنَ الذكريات الذي يعود إليه كلما استوحشَ وداهمته الوحدة.. وتصف الشاعرة المغترِب بالعاشق الذي يخبئ الوطن في داخله، ويضع: «صورَ أحبته.. رنينَ ضحكاتهم عبقَ عطورهم.. رائحةَ دموعهم ضياءَ عيونهم.. ارتعاشةَ نبضهم.. ونكهةَ أحزانهم في حقيبةٍ واحدة جمعَ فيها كلَّ النبضِ وكلَّ الذكريات ورحل». وجاء الباب الثالث بعنوان «سورياليزم»، متضمّنًا قصائد تنطوي على الكثير من الوجع والألم: «تلك الطباشيرُ الملونة التي كنّا نُخربشُ بها على الحيطان ما عادتْ كتبتْ إلا باللون الأحمر». تنهل الشاعرة قصائدها في مجموعتها الصادرة عن «الآن ناشرون» (2023) من بيئتها وتجاربها، وتعبّر فيها عن الإحباطات التي تصيب الإنسان بسبب الحروب، محافظةً على لغة عذبة ومتدفقة، وصور حيوية تنأى عن التكرار أو التكلف، وإيقاعات سريعة ومتدفقة تخدم الحالة النفسية والموضوعية التي تتناولها.