shialoom@gmail.com

هل نحتاج إلى موقف؛ لحظة زمنية؛ صدمة؛ معلومة جديدة، التقاء بشخص؛ زيارة لبلد ما؛ حتى تحدث فينا، أو نتبنى نقطة تحول في أمر ما من أمور حياتنا اليومية؟ لليقين الموجود، أن: «السماء؛ لا تمطر ذهبا ولا فضة» يقول بن كارسن « أشهر جراح للدماغ في العالم » حسب المصدر: «إن نقطة التحول في حياتي كانت يوم أن أغلقت أمي التلفاز، وأجبرتني على القراءة» ومثل كارسن، هناك الكثيرون ممن نلتقي بهم، يقولون وبكل وضوح، أن شخصا ما، أو موقفا ما، أو معلومة ما، مثلت في حياتهم نقطة تحول، فنقلتهم من حالة العسر؛ إلى حالة اليسر، أو العكس؛ أحيانا. والسؤال هنا: لماذا يكون هناك مساحة لفراغ ما قبل زمن التحول؛ حتى يحول بين نقطة التحول هذه التي تحدث؛ وغالبا ما تحدث متأخرة، هل هي الأقدار، ونحن؛ غالبا؛ ما نكون مقيدين بالأقدار، فـ «أقدارنا مكتوبة على الجبين» كما هو القول، أم أن لخبرة الحياة دورا، أم لا بد أن ننصهر في قضية ما؛ حتى نتبين من خلال ذلك شيئا من الحلول لتقودنا إلى نقطة التحول التي تكون، لأن الصدفة قد تقودنا إلى نقطة تحول ما، ولكن الحقائق لا تبنى على الصدف، بل من تأسيس مناهج عملية لها القدرة على إحداث نقاط تحول في حيواتنا، وبالتالي فالمساحة الزمنية التي مرت بنا دون أن ننتبه فيها على أن شيئا ما يمكن أن يحدث في حياتنا ليحولنا من حالة إلى أخرى، تظل مساحة زمنية مهدرة؛ حيث إنها تخلو من معززات نقاط التحول، وهذه حالة شائعة عند أغلبنا، فحلول قضايانا لا تأتي هكذا جملة واحدة، وإلا لما كانت في الكون قضايا لدى الإنسانية من الأصل، فلحكمة الخالق عز وجل، أن نكتوي بواقع ما نعاني، حتى يحفزنا على البحث عن الحلول، وعن الأسباب، وعن المسببات، وإلا لغدت الحياة مملة، والإنسان بطبيعته الفطرية إن لم يشغله شيء ما؛ يشعر أن حياته بلا قيمة.

عرفنا، العدد غير القليل من الذين حدثت عندهم «نقطة تحول» فحولت حياتهم إلى نعيم، أو إلى جحيم، فمن كان في الأولى، فذلك قدر وفضل من الله، وإن في الثانية؛ فذلك؛ أيضا؛ قدر وامتحان من الله، والإنسان إن لم يعش مثل هذه التحولات في مسيرة حياته، فسوف يهاجمه اليأس والقنوط، وقد يقوده ذلك إلى إنهاء حياته بيده، كما نسمع عن حالات الانتحار التي يقدم عليها الأشخاص الذين يئسوا من حياتهم، وإن كان هذا الأمر لا يخرج عن القدرية المكتوبة على البشر، إلا أن للإنسان دورا فيها، حيث فسح له المجال لأن يختار بين طريقي الخير والشر (وهديناه النجدين) ولأجل ذلك يحاسب على أي شر يفعله، ويكافأ على أي خير يفعله.

لعل أعظم التحولات التي تحدث هي تلك التي يتبناها القادة لمصالح شعوبهم، حيث تعد المكتسب الضخم للأمة كلها، وهي ما تنقل الشعوب من حالة الكفاف والظلم إلى حالة الغنى والعدل، والأمة التي تفتقد مثل ذلك تعيش حالة من اليأس والتململ، وفقدان الثقة، وهذا ما ينأى عنه العقلاء من قادة الأمم، الذين يسعون، وبكامل قدراتهم ومعارفهم، وقراءاتهم، واستشرافاتهم للمستقبل، بكل جهد وإخلاص إلى الحرص على أن تعيش شعوبهم تحولات إيجابية دائمة.. تحولات تفيض إلى الخير والأمان.. تحولات لا تقوم فقط على الصدفة، في اكتشافها، وإنما تقوم على الابتكار والتخطيط السليم، وهذه الصورة إن تتحقق؛ فإن لها مردودا كبيرا على مساحة التصالح بين القادة والشعوب.