يكتسب الأطفال في سن مبكرة مهارات الانتماء الأسري، ويشدد المختصون على ضرورة ترسيخ مفاهيم الترابط والتفاهم والحوار بين أفراد الأسرة؛ لأهميتها في تكوين شخصيات الأبناء المستقلة.

تقول الأخصائية الأسرية زكية بنت سيف البسامية: إن البيئة النفسية السليمة الخالية من الخلافات تسهم في التمسك بالمعايير والقيم الأسرية، وتعتبر الحاجة إلى الانتماء ضرورية للنمو العقلي والعاطفي للطفل، لما لها من نتيجة مباشرة في إكسابه الانتماء الأسري وهو النواة التي تبنى عليها الانتماءات الأخرى له، لافتة إلى ضرورة إشراك الطفل في اتخاذ القرارات التي تساعد في تعميق انتمائه للأسرة من خلال إحساسه بالقيمة، والفاعلية، والإشراك التدريجي في مسؤوليات الأسرة يشعره بأن نجاح وفشل الأسرة مرتبط بحسن أدائه لدوره.

ويشير المنذر بن أحمد الفارسي إلى أن السلوك الانتمائي يظهر لدى الطفل من خلال تمسكه بالمعايير والقيم الأسرية، وعدم إظهار السلوك العدواني تجاه الأسرة وأفرادها، إلى جانب انخفاض مستوى التوتر والقلق، والرغبة في التواصل المستمر مع باقي أفراد الأسرة، والمشاركة في المناقشات والحوارات الأسرية، والمساهمة في مشاريع وأنشطة الأسرة، موضحا أنه ينمي لديه الكثير من السلوكيات الصحيحة ويحفزهم على الاستمرار في هذا النهج وعدم الانصياع للمؤثرات السلبية الخارجية، وينتج عن سهولة التواصل بشكل فعال مع الأطفال، وتحديد التوقعات والمسؤوليات المنتظرة منهم بشكل واضح، واستغلال دفء العلاقات في نقل هذه التوقعات لهم وتكوين شخصيتهم المتفردة.

الالتزام والانضباط

يرى شهاب بن حمد الناصري أن الانتماء الأسري لدى الأطفال يتجسد عندما يشعرون أنهم ينتمون إلى أسرة ناجحة، حيث يتكون بداخلهم شعور بأهمية الالتزام والانضباط، وينعكس ذلك في مساعدتهم في البيئات المهمة الأخرى كالبيئة المدرسية التي تظهر سمات الأطفال الصحيحة، ويتمثل ذلك في التعاون والاحترام والالتزام بالقوانين وعدم الحياد عنها، مشيرا أن هذا الترابط البنّاء يتطلب التوجيه الهادف من جانب الوالدين في مرحلة مبكرة من حياة الأطفال.

بينما تؤكد ميساء البلوشية أنه يمكن تعليم الأطفال بعض المهارات الاجتماعية التي تحفز لديهم الشعور بالانتماء الأسري والتمسك به والالتزام طوال مراحلهم المختلفة، ومن الأمثلة على بعض المهارات: التفكير في اتخاذ القرارات التي تخصهم والمساومة والمشاركة، لجعلهم يدركون مسؤوليتهم الشخصية عن سلوكياتهم والتوقعات الأسرية الخاصة بكيفية تأثير سلوكياتهم في الآخرين خاصة في البيئة المدرسية، مما ينتج عنه الكثير من الإيجابيات كمساعدة الأطفال في التفكير على نحو مستقل في غياب الوالدين، كما تقدم هذه الاستراتيجيات الفعالة أنموذجا للأطفال عن الصبر والاهتمام والتشجيع، موضحة أن الاشتراك مع الأطفال في التفكير في توقعات الأسرة وتوضيح عواقب تصرفاتهم والقرارات التأديبية سيساعدهم في السيطرة على سلوكياتهم لاحقا، وتتطور لديهم مهارات الحوار والتفاهم.

تقدير الذات

وقالت سلمى بنت مسلم العمرية أخصائية إرشاد وتوجيه أسري: ينجح الآباء في تعزيز الانتماء الأسري لدى الأبناء عند التواصل الفعال معهم واتباعهم أساليب التريبة القائمة على الاحترام والحب وتقدير الذات، إضافة إلى إشعار الأبناء بالحماية والأمان والعدل والمساواة في المعاملة، هذه الأسباب كفيلة بتعزيز مفهوم الترابط والانتماء الأسري لدى الأبناء؛ فيتمسكون بالقيم والمعايير الأسرية ويتكون لديهم حس المسؤولية الأسرية التي بدورها تكون الدرع الحصين لهم من اتخاذ بعض القرارات السيئة والممارسات السلبية في مراحل نموهم.

وتضيف: تعد بعض الأعمال التي يقوم بها الأبناء مؤشرات على نمو حس المسؤولية لديهم، ويجب أن ينغرس حس المسؤولية في نفوس الأبناء منذ مراحل الطفولة الأولى، من خلال تخصيص بعض المهام البسيطة في المنزل التي تناسب أعمارهم وتعزز من ثقتهم وبالتالي تساعد على تحقيق الاستقلالية لديهم مستقبلا وتعزيز الانتماء الأسري بالمحيطين بهم.

توزيع المهام

توضح العمرية أن هناك بعض الخطوات التي تساعد الأبناء على استشعار أهمية الأسرة منها الحوار الفعال بين أفراد الأسرة والإنصات الجيد للأبناء والأخذ بآرائهم في قرارات المنزل وتوزيع المهام، وتوفير الأمان والبيئة النفسية الخالية من الخلافات الزوجية وغرس القيم الأسرية لدى الأبناء، إلى جانب الحرص على تبادل الحب والاحترام وغرس تقدير الذات في نفوس الأبناء مع ضرورة مشاركة الأبناء في وضع الأنشطة اليومية للأسرة، كما أن السماح لهم بمناقشة الأمور الخاصة بالأسرة كفيل بأن يجعل الأبناء يحسون بأن لديهم قيمة ويمكن الاعتماد عليهم وسوف يساهم في رفع ثقتهم بأنفسهم وقدرتهم على اتخاذ القرارات.