القادم لأجيالنا من الأطفال والناشئة «صادم» وما ترونه حاليا وتسمعونه مقدمة لتلك المتغيرات في تنشئة سلوك الأجيال التي يراد لها أن تكون بما يتوافق مع ما تفرزه الحضارة الغربية المنبهرين بها، ولم يكتف الأمر عند أبناء الحضارة الغربية لأنهم سيكونون فئة غير مقبولة في المجتمعات الأخرى على هذه البسيطة، فهم يريدونه تحولا شاملا لكل أطفال وناشئة الكوكب. لذلك لن يدّخروا أي جهد في تحطيم الحضارة الحالية القائمة على المبادئ والقيم والأخلاق، ولن يتوقفوا عن تحقيق أهداف هذا المشروع الضخم الذي يراد له أن ينحرف إلى مسارات أخرى، ولن يتوقفوا عن غاياتهم التي ستكون تحت شعارات براقة في مقدمتها الإنسانية والمساواة والمرأة وغيرها من التبريرات التي ستوجد واقعا مختلفا لا يقبل العقل ولا الفطرة بهما. وأبرز تلك الأهداف الحضارة الإسلامية التي يرونها ألد أعدائهم وحجر العثرة أمام مشروعهم والتي ستكون أحد أكبر التحديات أمامهم، وقد يفشل مشروعهم في هذه المنطقة لاعتبارات كثيرة، منها عدم إمكانية اختراق هذه الأجيال بتلك السهولة التي يرونها، إذا ما استوعبنا خطورة القادم.

ستكون وسائل استهداف أجيالنا عبر وسائل متنوعة سيأتون إلينا عبر الغذاء المعدل والمسمم، وزرع المبادئ المنافية للقيم، ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي وبث الرسائل المحرّضة في الإعلام والصحافة، وتشويه الأديان ونشر الأفلام الخيالية والإغراءات المادية والتحكم في التقنية الحديثة التي يتواصل من خلالها العالم. لكن علينا أمام كل تلك المحاولات أن نواجه هذا الطوفان الجارف من خلال مسارين، الأول البيت الذي يعد الحصن الحصين لتنشئة الأجيال القادمة، وهنا يأتي دور الأب والأم وأفراد العائلة في التوجيه والإرشاد والوعظ والحرص والمتابعة، وهذا أمر ليس سهلا فهي مسؤولية كبيرة جدا أمام ما تتعرّض له الأسرة من ضغوط في تاريخ البشرية، والثاني المدرسة التي تعد الحصن الأكبر في الحفاظ على هذه الفئة من الأجيال وعمود الأوطان، فإذا لم نتمكن من وضع خطط مستقبلية من الآن في كيفية مواجهة هذه الحرب الأخلاقية الكونية فإن أجيالنا ستكون في مهب الريح، لذلك علينا ألا ننتظر، لنتحرك وقت انتشارها مدافعين عن قيمنا، بل أن ننتقل إلى مهاجمين لها عبر برامج ورؤى بنّاءة وتعليم لا يخترق، وجهود نضعها من الآن إلى عشرات السنوات المقبلة، وهذا ليس مشروع دولة بل هو مشروع دول العالم الإسلامي الذي تتجاوز كثافة سكانه أكثر من ملياري نسمة. رؤى نستطيع أن نطبقها وتستوعبها أجيالنا وتكون قادرة على التفاعل معها، نحافظ فيها على قيمنا ومبادئنا ونحصنهم من القادم الأسوأ في تاريخ هذا الكون ونساعدهم على فهم الكثير من الأمور، وهذا سيحتاج إلى تدخل في المناهج وتوجيه التعليم إلى مسارات أكثر قدرة على استيعاب الطالب، الذي ينتظر أن نأخذ بيده إلى مساحات الأمان من خلال غرس مفاهيم واقعية وبناء معرفي وقدرة على الإقناع.