دراسة الظواهر الإسلامية مهمة لفَهْمِ الوجود الإسلامي، ولفَهْمِ دور المسلمين في الوجود الإنساني، فَهُم ذوو ثقل عالمي في مختلف الأصعدة، في الاقتصاد.. أغلب بلدانهم تمتلك ثروات داخلة في سلسلة الإنتاج وعمليات الاقتصاد عالميًا، وفي مقدمتها النفط والغاز والمعادن الثمينة. وفي الجغرافيا.. تقع المنطقة الإسلامية في قلب العالم، حيث ممراتها المائية شرايين الحركة الدولية. كما أن الفكر الإسلامي مسهم في البناء الحضاري، ورافد في نشأة الحضارة الغربية، وهو حتى الآن يفرز إنزيمات مقاوِمة لأكسدة هذه الحضارة، ولا يزال المسلمون يواجهون مخططات الغرب، وبينهما اشتباك بالنار في عدة بقاع من العالم. والحضارة الإسلامية.. أخرجت الكثير من المفكرين في مختلف المجالات، وما يهمنا هنا هو علاقة المفكر المسلم بالسياسة، وبالأحرى؛ كيف جنت عليه، في ظاهرة تراجيدية راح ضحيتها الكثير من الفكرين، من أبرزهم: المصري سيد قطب والسوداني محمود محمد طه، اللذان تركا أثرًا عميقًا على المسلمين.
المقال.. يتطرق لهذين المفكرَين بوصفهما مثالًا لمآل اشتغال المفكر المسلم بالسياسة، ويرى أنهما لو اشتغلا ببلورة فكرهما بعيدًا عن صراعها؛ لكان أفضل لفكرهما وأسلم لهما وأنفع للمسلمين. كان القرن العشرون الميلادي فورة الفكر الإسلامي المعاصر سياسيًا، الذي بدأ التنظير له مع نهاية القرن التاسع عشر، وإذا اعتبرنا شبه القارة الهندية منبعًا لتجديد الفكر الإسلامي؛ فإن مصر هي الأرض التي انساح إليها أولًا، وفيها كانت حواضنه العلمية وحركاته العملية، وأهم مبلور له هو محمد عبده (ت:1905م)، كما أن من أهم محركاته حركة الإخوان المسلمين التي أسسها حسن البنّا (ت:1949م) عام 1928م، وفهم هذين المسارين ضروري لتحليل الظاهرة الإسلامية.
سيد قطب ومحمود طه.. من أهم المفكرين الذي اشتغلوا بالإسلام السياسي؛ أخرجهما وادي النيل، وكلاهما كانت السياسة ملعبه، وقد هيمن عليهما الفكر الإسلامي السائد حينها. ولأن الاستعمار جثم على مصر والسودان فإنهما كانا في مواجهة مباشرة مع هيمنته الفكرية والسياسية. فقطب.. الذي بدأ حياته مهادنًا للفكر الليبرالي الغربي، انقلب عليه بعنف في مرحلته الأخيرة. أما طه.. فقد كان معارضًا لهيمنة الفكر الغربي منذ بداية أمره، إلا أنه لم يكن عنيفًا في مواجهته، وإنما عمل على فهمه ونقده والاستفادة منه؛ مع اتخاذ القرآن -وفقَا لفهمه- مرجعََا له في التعامل مع هذا الفكر، فهو أقرب أن يكون ناقدًا له، بخلاف قطب الذي ختم حياته ناقمًا عليه.
سيد قطب.. ولد 1906م بعد عام من وفاة محمد عبده، قضى حوالي ربع قرن من عمره؛ أديبًا ناقدًا، ومنتميًا سياسيًا لحزب الوفد، إلا أنه لم يؤثر له عمل سياسي فاعل، ولم يكتب في السياسة إلا بمقدار العمل الصحفي المعتاد. وفي العشرين سنة الأخيرة من عمره تحوّل باتجاه تيار الإسلام السياسي، ناشطًا في حركة الإخوان المسلمين، وفي بداية مرحلته هذه كان على علاقة جيدة بمجموعة الضباط الأحرار؛ خاصةً مع زعيمها جمال عبدالناصر (ت:1970م)، الذي كان محتاجًا في مشروعه الثوري لمنظِّر بحجم فكر قطب وتأثير قلمه، فوجد فيه بغيته، لاسيما أن قطب أصبح منتميًا لجماعة الإخوان المسلمين، ذات الثقل الكبير بمصر، وكانت تتمدد سراعًا في العالم الإسلامي، مما يمهد الطريق أمام مشروع عبدالناصر التحرري، الذي لم يحسم توجهه السياسي بدايةَ ثورة 1952م، فكان طامحًا أن يقودهم ويقود بهم الجموع الغفيرة المتحمسة للتحرر من الاستعمار، والإخوان أيضًا طامعون فيه لتبني دعوتهم. وربما كان هذا سيتأتى لعبدالناصر بعد رحيل مؤسس الحركة حسن البنّا؛ الذي أبدى آخر عمره مراجعة لتوجهه السياسي، إلا أن التنافس بين الأحزاب السياسية -التي دعا قطب نفسه إلى حلها لتقوم الدولة بفرض رؤيتها، والذي أسفر بعد ذلك عن صراع دامٍ بين نظام عبدالناصر والإخوان- دفع بقطب إلى التنظير الراديكالي للإسلام السياسي، عبر كتابه الموسوعي «في ظلال القرآن» وكتابه المكثف «معالم في الطريق». وقد عرّضه نشاطه السياسي للاعتقال والسجن.
أما محمود طه.. المولود عام 1909م؛ فقد تربى تربية صوفية، أثّرت على أطروحاته الفكرية والسياسية، وبعكس قطب؛ اشتغل في السياسة منذ شبابه، وفي منتصف الأربعينات الميلادية -مرحلة تحوّل قطب- أنشأ طه الحزب الجمهوري، وكالإخوان المسلمين أطلق على أتباعه «الإخوان الجمهوريين»، وظل يناضل وفق رؤيته الإسلامية لأجل وصول حزبه للحكم، وقد تعرّض كذلك للسجن، حتى اعتقل منتصفَ الثمانينات وقدم للمحاكمة، في عهد الحكم العسكري لجعفر النميري، وأدين بالردة عن الإسلام، بخلاف قطب الذي أدين بالإرهاب الديني، وهذا من مفارقات الحياة وأحابيل السياسة.
سيد قطب.. الذي بدأ حياته مهادنًا للفكر الغربي، أصبح رافضًا كل معطيات الحضارة الغربية، ومتبنيًا الفكر الإسلامي بظاهرية نصوصه، يرى فيه خلاص الأمة الإسلامية من أزماتها، وفيه سر نهضتها، كان مشبوب العاطفة في طرحه مما ألهب نفوس المسلمين؛ لاسيما الشباب منهم، فأوقد في تيار الإسلام السياسي جذوة الحماس كتلك التي قرأناها عن رعيل الإسلام الأول، وأمد حركة الإخوان المسلمين بفاعلية منقطعة النظير، بعد أن كادت تموت بموت مؤسسها البنّا. وتحوّل فكره إلى تيار إسلامي شمل المذاهب الإسلامية. ولم أجد مسلمًا سُلِّم له بالطرح الفكري كقطب، ولذلك؛ تحوّل تنظيره إلى فكر شعبي، خاصةً؛ أن أسلوبه ينتمي إلى «الكتابة الشعبية» انظر: «الكتابة الشعبية.. وأثرها السياسي»، جريدة «عمان»، 2/ 8/ 2022م]. لكن طرحه هذا لم يُقبَل في الحقول المنهجية لمعالجة الظاهرة الإسلامية، فقد كان وعظيًا، ولم يعمل على فهم النص الديني نشأةً وتطورًا. فقطب.. كان يكتب بقلبه لا بعقله، ولذلك؛ فإن كثيرًا من المتأثرين بفكره اصطبغوا بالشدة ومارسوا العنف.
محمود طه.. استشعر هيمنة الفكر الغربي على المسلمين؛ فانطلق لمواجهته من النص الديني، لكن طريقته اختلفت عن طريقة قطب، فقد حاول أن يفهم أصل تنزّل القرآن. وإذا كان قطب يرى أن القرآن المكي جاء لتأسيس «الجماعة المؤمنة»، والقرآن المدني هو الصيغة النهاية لبناء هذه الجماعة، عبر إنشاء المجتمع الفاضل والأمة القوية، فإن طه اعتبر القرآن المكي أصل رسالة الوحي، وهو ما ينبغي أن تصير إليه البشرية، في حين أن القرآن المدني هو التطبيق الأول للرسالة الأصل، بما يناسب المجتمع حينذاك، وأن أحكامه ليست ملزِمة لكل الأزمان. فدعا إلى العودة لأصل الدعوة المحمدية، واعتبرها هي السنة النبوية، وأما الأحكام المدنية نسبة للمدينة المنورة فلم تعد قادرة على حل المشكلات المعاصرة.
وإذا كان فكر قطب سرى بين الناس بكونه طرحًا شعبيًا قريبًا إلى نفوسهم، فإن فكر طه أثر على المشتغلين بالمنهج؛ مثل: العراقي عالم سبيط النيلي (ت:2000م) والسوداني أبو القاسم حاج حمد (ت:2004م) والعراقي طه جابر علواني (ت:2016م) والسوري محمد شحرور (ت:2019م) والسعودي عبدالحميد أبو سليمان (ت:2021م). وإذا كان فكر قطب بدأ يضعف مع انحسار الإسلام السياسي؛ فإن فكر طه بدأ يخرج من قوقعة المنهج إلى الساحة الشعبية؛ مع ظهور نوافذ التواصل الاجتماعي.
قطب وطه.. صاحبا مبدأ صادقان، ناضلا لأجل مبادئهما، لكن السياسة دربها وعر وعاقبتها وخيمة، فقد أوصلتهما إلى حبل المشنقة، حيث أعدم الأول على يد النظام العسكري بمصر عام 1966م، وأعدم الثاني على يد النظام العسكري بالسودان عام 1985م.
ختامًا؛ على المفكر أن يضع بينه وبين السياسة سدًا منيعًا، ولا أقصد أن عليه ألا يفكر فيها، بل عليه أن يدرسها، فهي من أهم العوامل المؤثرة في حياة الناس، وإنما أقصد بأن عليه ألا يشتغل بالعمل السياسي، لا من موقع السلطة، ولا من خندق المعارضة، فما أن يدخل المفكر معترك السياسة حتى تُفسِد فكره وفكره يُفسِدها.
المقال.. يتطرق لهذين المفكرَين بوصفهما مثالًا لمآل اشتغال المفكر المسلم بالسياسة، ويرى أنهما لو اشتغلا ببلورة فكرهما بعيدًا عن صراعها؛ لكان أفضل لفكرهما وأسلم لهما وأنفع للمسلمين. كان القرن العشرون الميلادي فورة الفكر الإسلامي المعاصر سياسيًا، الذي بدأ التنظير له مع نهاية القرن التاسع عشر، وإذا اعتبرنا شبه القارة الهندية منبعًا لتجديد الفكر الإسلامي؛ فإن مصر هي الأرض التي انساح إليها أولًا، وفيها كانت حواضنه العلمية وحركاته العملية، وأهم مبلور له هو محمد عبده (ت:1905م)، كما أن من أهم محركاته حركة الإخوان المسلمين التي أسسها حسن البنّا (ت:1949م) عام 1928م، وفهم هذين المسارين ضروري لتحليل الظاهرة الإسلامية.
سيد قطب ومحمود طه.. من أهم المفكرين الذي اشتغلوا بالإسلام السياسي؛ أخرجهما وادي النيل، وكلاهما كانت السياسة ملعبه، وقد هيمن عليهما الفكر الإسلامي السائد حينها. ولأن الاستعمار جثم على مصر والسودان فإنهما كانا في مواجهة مباشرة مع هيمنته الفكرية والسياسية. فقطب.. الذي بدأ حياته مهادنًا للفكر الليبرالي الغربي، انقلب عليه بعنف في مرحلته الأخيرة. أما طه.. فقد كان معارضًا لهيمنة الفكر الغربي منذ بداية أمره، إلا أنه لم يكن عنيفًا في مواجهته، وإنما عمل على فهمه ونقده والاستفادة منه؛ مع اتخاذ القرآن -وفقَا لفهمه- مرجعََا له في التعامل مع هذا الفكر، فهو أقرب أن يكون ناقدًا له، بخلاف قطب الذي ختم حياته ناقمًا عليه.
سيد قطب.. ولد 1906م بعد عام من وفاة محمد عبده، قضى حوالي ربع قرن من عمره؛ أديبًا ناقدًا، ومنتميًا سياسيًا لحزب الوفد، إلا أنه لم يؤثر له عمل سياسي فاعل، ولم يكتب في السياسة إلا بمقدار العمل الصحفي المعتاد. وفي العشرين سنة الأخيرة من عمره تحوّل باتجاه تيار الإسلام السياسي، ناشطًا في حركة الإخوان المسلمين، وفي بداية مرحلته هذه كان على علاقة جيدة بمجموعة الضباط الأحرار؛ خاصةً مع زعيمها جمال عبدالناصر (ت:1970م)، الذي كان محتاجًا في مشروعه الثوري لمنظِّر بحجم فكر قطب وتأثير قلمه، فوجد فيه بغيته، لاسيما أن قطب أصبح منتميًا لجماعة الإخوان المسلمين، ذات الثقل الكبير بمصر، وكانت تتمدد سراعًا في العالم الإسلامي، مما يمهد الطريق أمام مشروع عبدالناصر التحرري، الذي لم يحسم توجهه السياسي بدايةَ ثورة 1952م، فكان طامحًا أن يقودهم ويقود بهم الجموع الغفيرة المتحمسة للتحرر من الاستعمار، والإخوان أيضًا طامعون فيه لتبني دعوتهم. وربما كان هذا سيتأتى لعبدالناصر بعد رحيل مؤسس الحركة حسن البنّا؛ الذي أبدى آخر عمره مراجعة لتوجهه السياسي، إلا أن التنافس بين الأحزاب السياسية -التي دعا قطب نفسه إلى حلها لتقوم الدولة بفرض رؤيتها، والذي أسفر بعد ذلك عن صراع دامٍ بين نظام عبدالناصر والإخوان- دفع بقطب إلى التنظير الراديكالي للإسلام السياسي، عبر كتابه الموسوعي «في ظلال القرآن» وكتابه المكثف «معالم في الطريق». وقد عرّضه نشاطه السياسي للاعتقال والسجن.
أما محمود طه.. المولود عام 1909م؛ فقد تربى تربية صوفية، أثّرت على أطروحاته الفكرية والسياسية، وبعكس قطب؛ اشتغل في السياسة منذ شبابه، وفي منتصف الأربعينات الميلادية -مرحلة تحوّل قطب- أنشأ طه الحزب الجمهوري، وكالإخوان المسلمين أطلق على أتباعه «الإخوان الجمهوريين»، وظل يناضل وفق رؤيته الإسلامية لأجل وصول حزبه للحكم، وقد تعرّض كذلك للسجن، حتى اعتقل منتصفَ الثمانينات وقدم للمحاكمة، في عهد الحكم العسكري لجعفر النميري، وأدين بالردة عن الإسلام، بخلاف قطب الذي أدين بالإرهاب الديني، وهذا من مفارقات الحياة وأحابيل السياسة.
سيد قطب.. الذي بدأ حياته مهادنًا للفكر الغربي، أصبح رافضًا كل معطيات الحضارة الغربية، ومتبنيًا الفكر الإسلامي بظاهرية نصوصه، يرى فيه خلاص الأمة الإسلامية من أزماتها، وفيه سر نهضتها، كان مشبوب العاطفة في طرحه مما ألهب نفوس المسلمين؛ لاسيما الشباب منهم، فأوقد في تيار الإسلام السياسي جذوة الحماس كتلك التي قرأناها عن رعيل الإسلام الأول، وأمد حركة الإخوان المسلمين بفاعلية منقطعة النظير، بعد أن كادت تموت بموت مؤسسها البنّا. وتحوّل فكره إلى تيار إسلامي شمل المذاهب الإسلامية. ولم أجد مسلمًا سُلِّم له بالطرح الفكري كقطب، ولذلك؛ تحوّل تنظيره إلى فكر شعبي، خاصةً؛ أن أسلوبه ينتمي إلى «الكتابة الشعبية» انظر: «الكتابة الشعبية.. وأثرها السياسي»، جريدة «عمان»، 2/ 8/ 2022م]. لكن طرحه هذا لم يُقبَل في الحقول المنهجية لمعالجة الظاهرة الإسلامية، فقد كان وعظيًا، ولم يعمل على فهم النص الديني نشأةً وتطورًا. فقطب.. كان يكتب بقلبه لا بعقله، ولذلك؛ فإن كثيرًا من المتأثرين بفكره اصطبغوا بالشدة ومارسوا العنف.
محمود طه.. استشعر هيمنة الفكر الغربي على المسلمين؛ فانطلق لمواجهته من النص الديني، لكن طريقته اختلفت عن طريقة قطب، فقد حاول أن يفهم أصل تنزّل القرآن. وإذا كان قطب يرى أن القرآن المكي جاء لتأسيس «الجماعة المؤمنة»، والقرآن المدني هو الصيغة النهاية لبناء هذه الجماعة، عبر إنشاء المجتمع الفاضل والأمة القوية، فإن طه اعتبر القرآن المكي أصل رسالة الوحي، وهو ما ينبغي أن تصير إليه البشرية، في حين أن القرآن المدني هو التطبيق الأول للرسالة الأصل، بما يناسب المجتمع حينذاك، وأن أحكامه ليست ملزِمة لكل الأزمان. فدعا إلى العودة لأصل الدعوة المحمدية، واعتبرها هي السنة النبوية، وأما الأحكام المدنية نسبة للمدينة المنورة فلم تعد قادرة على حل المشكلات المعاصرة.
وإذا كان فكر قطب سرى بين الناس بكونه طرحًا شعبيًا قريبًا إلى نفوسهم، فإن فكر طه أثر على المشتغلين بالمنهج؛ مثل: العراقي عالم سبيط النيلي (ت:2000م) والسوداني أبو القاسم حاج حمد (ت:2004م) والعراقي طه جابر علواني (ت:2016م) والسوري محمد شحرور (ت:2019م) والسعودي عبدالحميد أبو سليمان (ت:2021م). وإذا كان فكر قطب بدأ يضعف مع انحسار الإسلام السياسي؛ فإن فكر طه بدأ يخرج من قوقعة المنهج إلى الساحة الشعبية؛ مع ظهور نوافذ التواصل الاجتماعي.
قطب وطه.. صاحبا مبدأ صادقان، ناضلا لأجل مبادئهما، لكن السياسة دربها وعر وعاقبتها وخيمة، فقد أوصلتهما إلى حبل المشنقة، حيث أعدم الأول على يد النظام العسكري بمصر عام 1966م، وأعدم الثاني على يد النظام العسكري بالسودان عام 1985م.
ختامًا؛ على المفكر أن يضع بينه وبين السياسة سدًا منيعًا، ولا أقصد أن عليه ألا يفكر فيها، بل عليه أن يدرسها، فهي من أهم العوامل المؤثرة في حياة الناس، وإنما أقصد بأن عليه ألا يشتغل بالعمل السياسي، لا من موقع السلطة، ولا من خندق المعارضة، فما أن يدخل المفكر معترك السياسة حتى تُفسِد فكره وفكره يُفسِدها.