حوار - شمسة الريامية
أوضح خالد الكايد، الرئيس التنفيذي لبنك نزوى أن مستقبل قطاع الصيرفة الإسلامية واعد نتيجة الإقبال على المنتجات والخدمات من الأفراد والمؤسسات على حد سواء. كما أن القطاع يحظى بمزايا تنافسية الأمر الذي يجعله أكثر مقاومًا للتقلبات الاقتصادية مؤكدا على نمو هذا القطاع في العالم بأكمله، حيث تشير التوقعات إلى أن حجم المصارف الإسلامية ستصل إلى 3.2 تريليون دولار بنهاية العام.
وقال الكايد في حوار مع «عمان الاقتصادي»: إن قطاع الصيرفة الإسلامية في السلطنة دخل مرحلة جديدة من النمو والتطور، وأصبحت التحديات التي تواجه البنوك والنوافذ الإسلامية تتمثل في البيئة التشغيلية والقيود المفروضة عليها في إدارة السيولة، فضلًا عن وجود تحديات أخرى تتعلق بعدم الاستقرار في الاقتصاد العالمي. وحقق بنك نزوى بنهاية النصف الأول من العام أداءً ماليًا جيدًا بتسجيله أعلى نسبة نمو في الأرباح في قطاع الصيرفة بالسلطنة، بالرغم من الأوضاع الصعبة التي عانت منها مختلف القطاعات الاقتصادية نتيجة انتشار فيروس كورونا.
وأوضح الكايد أن هذا الأداء الاستثنائي جاء نتيجة لقدرة البنك على التكيف مع الأوضاع الاقتصادية، والميزانية العمومية المرنة، فضلًَا عن اتباع استراتيجية واضحة تعتمد على تحسين الأداء المالي، وتطبيق التقنيّات المتطوّرة، وزيادة الحصة السوقيّة. وقال: إن البنك حقق نموًا سريعًا وملحوظًا منذ انطلاقته في 2013 حيث بلغ إجمالي أصول الصيرفة الإسلامية بنهاية يونيو الماضي 4.9 مليار ريال عُماني أي ما نسبته 14% من إجمالي أصول القطاع المصرفي في السلطنة، مشيرا إلى أن البنك قام بتمويل العديد من المشروعات الحيوية التي تسهم بدورها في دعم الاقتصاد الوطني.
وإلى تفاصيل الحوار..
• ما هي أسباب تحقيق البنك نتائج مالية جيدة في النصف الأول من العام؟ - لقد واجه قطاع الخدمات المالية تحديات وظروفا صعبة خلال العام الجاري والتي تمثلت في تفشي وباء «كوفيد-19» والذي كان له أثر سلبي على مختلف الأصعدة بما فيها الاقتصادية، إضافة إلى الآثار الاقتصادية الناجمة من انخفاض أسعار النفط الخام وضعف النمو في القطاعات الاقتصادية الرئيسة، بالرغم من ذلك تمكن البنك من تحقيق أداء مالي استثنائي وذلك بتسجيل أعلى نسبة نمو في صافي الأرباح في القطاع المصرفي، إضافة إلى تحقيقه ولأول مرة في تاريخه أرباحا محتجزة وإطفائه للخسائر التراكمية، وهذا الإنجاز جاء نتيجة لقدرتنا على التكيف مع الواقع الاقتصادي بما في ذلك البيئة التنافسية التي نعمل فيها والميزانية العمومية المرنة. وقد تحقق هذا الإنجاز مع التركيز على التزامنا بتقديم تجربة الزبائن غير مسبوقة والالتزام بالقيم الأساسية التي شكلت مؤسستنا.
وبالإضافة إلى ذلك، فقد واصل البنك استثماراته التي تصب في قالب توفير قيمة حقيقية للزبائن والمساهمين، فقد سجلنا نموا بنسبة 9٪ في حقوق المساهمين، و15٪ في الإيرادات مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، كما حققنا نموا في إجمالي أصول البنك بنسبة بلغت 14% لتصل إلى 1,061 مليون ريال عماني وذلك مقارنة بالفترة نفسها في يونيو 2019 والتي بلغ خلالها إجمالي الأصول 933 مليون ريال عماني، في حين ارتفع إجمالي محفظة التمويل بنسبة 14% لتصل إلى 898 مليون ريال عماني، وعلاوة على ذلك فقد بلغ نمو ودائع الزبائن 839 مليون ريال عماني بنسبة بلغت 14% وذلك مقارنة بالفترة نفسها في يونيو 2019.
وقد جاء هذا النمو مدفوعا بمستوى صحي عبر كل من الأعمال المصرفية للشركات والأفراد علاوة على التحكم في التكاليف التشغيلية. كما جاء هذا النمو نتيجة للتنفيذ الدقيق لاستراتيجيتنا 2020، الأمر الذي تطلب التركيز المستمر على تطوير الميزانية العمومية بطريقة خاضعة للرقابة، وتنويع مصادر الإيرادات، والتحكم في التكاليف، وتحسين الهوامش الربحية، وتعزيز قدراتنا الرقمية، وتوسيع المنتجات وقاعدة الزبائن.
• ما هي السياسة الذي يتبعها البنك لتحقيق النمو؟
- في الحقيقة نحن في بنك نزوى، أول بنك إسلامي في السلطنة، كان هدفنا منذ التأسيس هو أن نكون البنك الإسلامي الرائد في السلطنة وأن نسهم بشكل ريادي في كتابة تاريخ الصيرفة الإسلامية في السلطنة، لذلك تمحورت استراتيجيتنا حول هذا الهدف بأن نكون بنكا رياديا يقود دفة قطاع الصيرفة الإسلامية في السلطنة، وتُركِّز استراتيجيتنا ذات المعالم الواضحة على خمسة محاور تشتمل على تحسين الأداء المالي، وتطبيق التقنيّات المتطوّرة، وزيادة الحصة السوقيّة، إضافة إلى تنمية فريق العمل وغرس مبدأ العمل الجماعي وإيجاد بيئة عمل حاضنة تمكن البنك من مواصلة إنجازاته عامًا بعد عام، كما تهدف استراتيجيتنا نحو تقديم تجربة مصرفيّة إسلاميّة عالميّة مثرية للزبائن والمستثمرين والمساهمين على حدّ سواء.
• كيف تقيّم تجربة بنك نزوى في قطاع الصيرفة الإسلامية؟
- تعد تجربة الصيرفة الإسلامية في السلطنة تجربة فريدة حيث إنها تعد من أسرع التجارب التي حظيت بنمو ملحوظ وسريع على مستوى العالم وهذا الأمر يدل بشكل واضح على مدى نجاح هذه التجربة، حيث بلغ إجمالي أصول الصيرفة الإسلامية بنهاية يونيو الماضي 4.9 مليار ريال عُماني أي ما نسبته 14% من إجمالي أصول القطاع المصرفي في السلطنة، حيث يعتبر هذا إنجازا غير مسبوق مقارنة مع عمر الصيرفة الإسلامية في السلطنة، ولذلك فقد تم تصنيف وتيرة نمو الصناعة المصرفية الإسلامية في عمان من بين الأسرع نموا على مستوى العالم، والتي تم تسليط الضوء عليها أيضًا من قبل صندوق النقد الدولي (IMF) في ورقة السياسات التي أصدرت بعنوان «المبادئ الأساسية للوائح التمويل الإسلامي ومنهجية التقييم»، الصادرة في مايو 2018، حيث حددت عُمان كدولة ذات أعلى نمو في الأصول المصرفية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.
كما أن الدور الذي لعبه البنك المركزي العُماني في سبيل إيجاد بيئة تشريعية ورقابية منظمة للأعمال المصرفية الإسلامية أثر بالغ في دفع مسيرة تنمية القطاع المصرفي المتوافق مع الشريعة الإسلامية بشكل استثنائي. وقد كان من بين هذه الجهود هو تشكيل هيئة رقابة شرعية مركزية بحيث تكون مسؤولة عن تنظيم نشاط البنوك الإسلامية والنوافذ الإسلامية الموجودة في البنوك التجارية والتي تعد مرجعا شرعيا بشأن القضايا المتعلقة بالمنتجات المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية.
بالإضافة إلى ذلك، حصلت البنوك الإسلامية في عمان على تقدير وإشادة من مختلف الوكالات الدولية لمنتجاتها وخدماتها وأدائها، ونتيجة لذلك تم تكريم بنك نزوى في العديد من المحافل الدولية والإقليمية والمحلية، حيث تم تصنيفه مؤخرا ضمن أفضل المؤسسات المالية عالميا من قبل مجلة جلوبال فايننز، كما تم تصنيفه ضمن أبرز 25 شركة في عُمان من مجلة فوربس الشرق الأوسط. ولذلك، يمكنني القول بفضل الله أن المصرفية الإسلامية في عمان تشكل تجربة ناجحة بكل المقاييس وأن الصناعة اليوم تعمل على مستويات يمكن أن تتنافس مع المؤسسات الإقليمية.
•ما هي فلسفة البنك في توفير منتجات مصرفية مبتكرة ومتوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية؟
- يسعى بنك نزوى دائمًا لتوفير حلول مبتكرة والتي تم تصميمها لتتوافق مع احتياجات زبائننا سواء كانوا أفرادًا أو مؤسسات، ولذلك فقد قام البنك بإنشاء قسم لدراسة السوق وتطوير منتجات وحلول مبتكرة تتواءم مع تطلعات الزبائن، كما قدم مجموعة من المنتجات المبتكرة خلال السنوات الماضية منها على سبيل المثال خدمة تقديم الراتب، والتي تمكن الزبون من تقديم 50% من راتبه الشهري بدون أي أرباح، كما أن البنك لا يقتصر اهتمامه في الابتكار في تلبية احتياج زبائنه من فئة الأفراد بل وكذلك من فئة الشركات، فالبنك اليوم أصبح بفضل باقة الخدمات والمنتجات المصرفية المخصصة للشركات رافدًا للعديد من المشروعات الحيوية والمهمة على صعيد القطاعين الخاص والعام، والتي تسهم بشكل أساسي في دعم الاقتصاد الوطني، فعلى سبيل المثال فقد ساهم البنك في تمويل العديد من المشروعات المهمة في قطاع البيئة «إدارة النفايات»، والغذاء، والصحة إضافة إلى تمويل العديد من المشروعات المهمة في القطاعات اللوجستية والإنشائية في المناطق الصناعية بالدقم وصحار وصلالة.
• هل تواجهون منافسة من البنوك التقليدية في الحصول على الاستثمارات التي من الممكن أن تستثمر فيها البنوك؟ - لا شك أن قطاع الصيرفة الإسلامية يواجه منافسة من البنوك التقليدية وهو أمر صحي للاقتصاد لأنها تظهر أن هناك ازدهارًا اقتصاديًا وأن هناك ثقة من قبل المستثمرين في النظام المصرفي، ويأتي هذا التنافس نتيجة النمو الكبير الذي شهده قطاع الصيرفة الإسلامية خلال الأعوام الماضية من حيث الودائع، والتمويلات، والإيرادات إلى جانب الزيادة الكبيرة في المنتجات المصرفية الإسلامية. كما أن البنوك الإسلامية تُواصل تحقيق نتائج جيدة في المؤشرات الرئيسة مقارنة بالبنوك التقليدية، ومن هذا المنطلق، فإن الصيرفة الإسلامية باتت أكثر من مجرد اتجاه في الصناعة ويتضح لنا حجم الثقة فيها وإمكانية الاعتماد على خدماتها ومقدار الزيادة الكبيرة في حجم الطلب عليها الأمر الذي يُبرهن على قدرتها التنافسية.
وجاء هذا النمو مدفوعًا بمتطلبات زبائننا المتنامية للخدمات المصرفية الشخصية والشركات الذين يرغبون في الاستثمار أو التمويل بواسطة المصارف الإسلامية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية. ومن أجل تحقيق هذه الغاية، فإننا نقوم باستمرار بتطوير باقة منتجاتنا وخدماتنا المصرفية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية في الوقت الذي نعمل على نشر المعرفة وزيادة الوعي حولها والمنافع التي تتحقق منها، وهنا يجب أن نضع في الاعتبار أن التطور الذي تشهده الصيرفة الإسلامية في السلطنة ليس بمعزل عن أداء القطاع المالي بشكل عام ومن المتوقع أن يواصل القطاع اتجاهه التصاعدي ويحقق المزيد من الإنجازات في المستقبل. وعلاوة على ذلك هناك العديد من الفرص للقطاع المصرفي المتوافق مع الشريعة الإسلامية، ونظرًا للمزايا التي يقدمها القطاع فإنه سيسهم بشكل فاعل في دعم النمو الاقتصادي، مدفوعا بجهود الحكومة في إطلاق سلسلة من المبادرات الجديدة لضمان تصحيح وضبط الوضع المالي بشكل تدريجي.
هدفنا هو أن نأخذ بنك نزوى وقطاع الصيرفة الإسلامية بأكمله إلى مستويات أعلى، وللقيام بذلك، فإننا نعمل بشكل مستمر على تنمية صافي أرباحنا وحصتنا السوقية، وتحديد أولوياتنا بشكل استراتيجي فيما يتعلق بجودة الأصول والسيولة والربحية والكفاءة.
• بعد مرور ما يقارب ثماني سنوات منذ انطلاق الصيرفة الإسلامية في السلطنة؟ هل ما زال القطاع يواجه تحديات؟ - لقد استطاع قطاع الصيرفة الإسلامية أن يحقق نموًا ملحوظًا منذ تأسيسه في السلطنة، واليوم نستطيع أن نقول إن القطاع نتيجة للتوسع الذي شهده خلال الأعوام الماضية قد دخل مرحلة جديدة من النمو والتطور ولذلك فإن التحديات أصبحت مختلفة وهي نابعة بشكل أساسي من البيئة التشغيلية. ومن التحديات التي يواجهها القطاع نتيجة طبيعته المتوافقة مع الشريعة الإسلامية هي القيود المفروضة على البنوك الإسلامية بشأن إدارة السيولة، ولذلك فإنه من المتوقع أن يعلن البنك المركزي العماني عن أدوات جديدة لإدارة السيولة التي ستوفر حلًا للمصارف الإسلامية لوضع سيولة فائضة في البنك المركزي أو مصدر التمويل عند الحاجة. وعلاوة على ذلك، هناك تحديات أخرى ناجمة عن التقلبات وعدم الاستقرار الذي يشهده الاقتصاد العالمي، وكلما زاد الاستقرار، زادت احتمالات النمو لقطاع الصيرفة الإسلامية، وفيما يتعلق بسلطنة عمان، فقد كان للحكومة جهود بارزة وواضحة لتعزيز الوضع المالي وتشجيع تنفيذ الإصلاحات الهيكلية لتعزيز النمو الذي يقوده القطاع الخاص، وزيادة التنويع الاقتصادي، وإيجاد فرص العمل وتعزيز النمو الشامل، وستؤدي المبادرات المالية الإيجابية التي أطلقتها الحكومة مؤخرا والهادفة إلى تقديم الدعم اللازم للقطاع الاقتصادي على توفير فرص جيدة للقطاع. وفي بنك نزوى نحن على ثقة بأن الركائز الاستراتيجية الثابتة والميزانية العمومية المرنة التي يتحلى بها البنك ستسهمان في تعزيز وضعه لإدارة أي أوضاع اقتصادية غير متوقعة، في الوقت الذي ستساهم في دفعنا للاستمرار في قيادة دفة القطاع وتعزيز مكانتنا كبنك إسلامي رائد في السلطنة.
• كيف تقرؤون مستقبل القطاع في السنوات القادمة؟
- أرى أن مستقبل الصيرفة الإسلامية في السلطنة واعد وذلك نتيجة للإقبال المتزايد الذي يحظى به هذا القطاع من قبل المتعاملين معه سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات، وهذا التوقع لا ينحصر على مستوى القطاع بل حتى على صعيد الاقتصاد الإسلامي خاصة بعد أن سجل قطاع الصيرفة الإسلامية طلبًا متزايدًا على كافة المستويات والخدمات التي يقدمها، إضافة إلى المزايا التنافسية التي يحظى بها هذا القطاع والذي يجعله نظامًا مصرفيًا أكثر ثباتًا ومقاومة للتقلبات الاقتصادية مقارنة بالنظام المصرفي التقليدي، وهذا الأمر معترف به بالفعل على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم. وعلاوة على ذلك، فإن القيم التي تقوم عليها المصارف الإسلامية تجعل أثرها يتعدى الجانب الاقتصادي ليشمل الجانب الاجتماعي، فالبنوك الإسلامية تقوم في تعاملاتها على التشاركية، والتي تضع مفهومًا حقيقيًا للشراكة التي تقوم بين البنك والزبون بحيث يقف البنك جنبًا إلى جنب مع الزبون في حالة الربح والخسارة، وهذا الأمر يعطي البنوك الإسلامية ميزة تنافسية. ولو نظرنا إلى حجم نمو الصيرفة الإسلامية العالمية لوجدنا أنها حققت معدلات نمو قوية والسلطنة ليست مستثناة من هذا النمو، حيث إنه من المتوقع أن يصل حجم المصارف الإسلامية عالميا 3.2 تريليون دولار بنهاية 2020، ولذلك فقد اتجهت دول كثيرة إلى هذا القطاع لتنويع خدماتها المالية، وتعزيز علاقاتها مع شركائها لزيادة تدفق رؤوس الأموال والتقليل من المخاطر من خلال التوسع في النظم المصرفية الأقل تقلبا.