1- أجزم أنك لن تجد أي تفسير منطقي واحد يُعتدُ به يبرر قيام شخص ما "لا تعرفه" بزيادة سرعة سيارته في الشارع العام حينما تُضطر إلى تجاوزه ضمن السرعة القانونية المسموح بها وهي 120 كم.

حتما سيذهب الجميع إلى افتراضات متفرقة لن تخرج عن كون دافع تصرف السائق هو الطيش وعدم مسؤولية أو تفريغ لطاقة زائدة لكن من المؤكد أنك لن تفسر رعونته تلك إلا برغبته في قتلك أو إحداث فوضى قد تُسبب كارثة مرورية لا يمكن توقع نتائجها.

ورغم ذلك سنعد أن تصرف "السائق المجهول" مقبولا إذا تعلق الأمر بسيارة شخصية لكنه سيكون غير مقبولٍ البتة إذا كان خصمك يقود سيارة "نقل غاز" أو "صهريج لنقل مياه الشرب " أو "حافلة نقل أطفال أو طلاب مدارس".

مدفوع هو بمتعة إقلاقك ومحاولة إرباكك واستفزازك لارتكاب خطأ قاتل "دون مبرر" ومجبور أنت على استنهاض كافة حواسك حتى تتفادى حادث قد يقع عليك أو على غيرك من مستخدمي الطريق بهكذا " نرفزة " تبدأ يومك الجديد.

2 - إذا كنت مهتمًا بما ينشر من محتويات مختلفة على منصات التواصل الاجتماعي سيتعذر عليك تبرير كمية ردود الفعل السلبية وحجم التهكم الذي يُقابل به أي محتوى رصين وجاد يصنعه شاب مجتهد ويقدمه على هذه المنصات من قِبل مواطنيه.

وكي أكون أكثر دقة وقدرة على إصدار حكم متوازن تابعت بنفسي محتوى لعدد من صانعي المحتوى من الشباب العمانيين ووجدت أنهم يمتلكون قدرات مثيرة للإعجاب في تقديم محتويات غنية بالمعلومات تتفوق في جودتها على محتويات يقدمها آخرين من خارج الوطن.

يبدو أن البعض ما يزال مفتون بكل ما يرد ويُصنع في الخارج وإن كان يفتقد إلى القيمة والنوعية.. يبدو أننا بحاجة إلى تذكيره أن هذا البلد قدم للحضارة الإنسانية عظماء كُثر بين عالم لغة ونحوي وشاعر وفقيه.. أيُظنُ أنه سيعجز عن تقديم صانعي محتوى فائقي الجودة ؟.

3 - أي مبررات يمكن أن ندافع بها عن المسؤول الذي طاف معظم بلدان العالم سائحًا ومُترفِهًا ومُشاركًا في مهام عمل من عدم نقله لأفكار المشاريع السياحية التي يشاهدها في تطوافه بهدف تطوير قطاع السياحة الحيوي وتطبيقها في بلادنا.

يزور هذا المسؤول دولًا في شرق آسيا ويشاهد مشاريع سياحية متنوعة وحيوية منها ما يقام في المتنزهات وعلى الشواطئ والجزر ومنها ما يكون ما تحتضنه القُرى الأثرية والأسواق الشعبية. يتجول في متاحف أوروبا وقلاعها وأنهارها وأريافها ولا نرى أثرًا لما رأى وشاهد.

سيقول لك السُذج من الناس ما منعهم من استقدام الأفكار هو ارتفاع التكلفة المالية للمشاريع السياحية وهذا التبرير مردود عليه لأن الكثير من هذه المشاريع منخفض الكُلفة.

على سبيل المثال هل بناء دورات مياه ومظلات شمسية ومقاهِ وأكشاك لبيع الضروريات في مناطق ذات جذب سياحي كثيف كالجبل الشرقي وجبل شمس والجبل الأخضر وعين الثوارة مُكلفة بحيث يتعذر تنفيذها ؟ هل إقامة المسابقات والألعاب الشاطئية والمغامرات الجبلية والتي تناسبها الصحراء بحاجة إلى معجزات مالية ؟ لا أظن ذلك.. نحتاج فقط إلى إرادة التنفيذ كما هو حاصل هذا العام في موسم خريف ظفار.

آخر نقطة..

لا تحرموا الإنسان من تخيلاته، لا تدمروا خرافاته، لا تخبروه الحقيقة، لأنه لن يتمكن من العيش من خلال الحقيقة.

فريدريك نيتشه