خلال الأسابيع الأخيرة تراكمت الأدلة على أن الولايات المتحدة لن تسمح باكتمال الاتجاه الحالي الذي سعى لإنهاء الاستقطاب الإقليمي بين العرب وبعضهم البعض وبين العرب وجيرانهم الإيرانيين والأتراك وهو الاتجاه الذي يحظى بدعم صيني ويسمح لبكين عدو واشنطن الاستراتيجي بتهديد هيمنة أمريكا المطلقة على المنطقة المستمرة منذ خمسة عقود متصلة. وانهالت على المنطقة شواهد ونذر تكشف تصميم واشنطن على استمرار خريطة المنطقة التي أعادت صياغاتها، بحيث بات قانونها العام هو سريان التوتر والاستقطاب الحاد في جنباتها وعلى تحويل الصراعات الثانوية إلى صراعات رئيسية جعلت المنطقة لا تكاد تخرج من حرب إلا لتدخل في أخرى وشهدت تفكك الدولة الوطنية في سوريا والعراق وليبيا واليمن والسودان.
عندما نجحت الصين في بناء أول لبنة كبيرة في نفوذها السياسي المباشر في المنطقة على حساب أمريكا بتوسطها في تطبيع العلاقات السعودية الإيرانية كانت بكين توجه أقوى ضربة. أكبر إنجاز صنعته السياسة الأمريكية منذ كيسنجر ألا وهو تحويل الصراع العربي الإسرائيلي إلي صراع هامشي وتحويل الخلافات بين العرب وجيرانهم التاريخيين وشركائهم في الحضارة العربية الإسلامية وهما تركيا وإيران خاصة إيران لتصبح الصراع الرئيسي. في ظل هذه الخدعة الاستراتيجية الكبرى المعادية لحقائق التاريخ والجغرافيا تمت عملية تطبيع أدمجت إسرائيل مع أكثر من نصف المنطقة العربية وحولت الصراع إلى صراع عربي فارسي وسني شيعي وضعت فيه إسرائيل في تحالف مع العرب في مواجهة إيران. هذه المعادلة كانت وراء النزاعات الأهلية وحروب الوكالة المخيفة التي غرقت المنطقة فيها في سوريا والعراق ولبنان واليمن وليبيا.. إلخ.
- لم ترتح واشنطن للتوجه العربي لتبريد وحل النزاعات البينية فتم حل المشكلة بين قطر وعدد من أشقائها العرب وتمت إعادة سوريا إلى الجامعة العربية وتجري محاولات جادة لإنهاء الحرب في اليمن وتراجع التوتر بين ليبيا وجيرانها بسبب النزاع الداخلي وتشكيلات عسكرية أجنبية. ولم ترتح أيضا للتوجه العربي الحذر ولكن الواضح للخروج من عباءتها في السنتين الأخيرتين وتوسيع هامش حرية دولها في اتخاذ قرارات السياسة الخارجية والتعاون الاقتصادي والعسكري والتكنولوجي على أساس مصالحها الوطنية وليس على خطوط واشنطون الحمراء التي رسمتها للمنطقة. فتوسعت في العلاقات مع الصين وروسيا بشروط أفضل من شروط الغرب و بندية واحترام لقادتها كان شاحبا في علاقة الغرب الفوقية مع الشرق الأوسط.
صفقة جديدة في صورة مبادرة استراتيجية كبرى لقطع الطريق على سيناريو التهدئة الإقليمية والسعي لحلها سلميا أو على الأقل الالتزام بعدم حلها بالقوة بين العرب وجيرانهم يمكن القول إن مخطط السياسة الأمريكية المعروف بأنه يتسم بالجرأة والخيال السياسي وعدم الخوف من القيام بقفزات كبرى وتحولات مفاجئة ولا يعبأ بأي خسائر يتكبدها الآخرون للحفاظ على هيمنة بلاده على العالم قدم في الفترة الماضية ما يمكن وصفه بـأخطر هجمة مرتدة استراتيجية تشمل صفقات جديدة وتحريك ملفات قديمة تحتوي على مصادر نزاع بين الدول المتجاورة يمكن إشعالها.
١- جائزة التطبيع الكبري مع السعودية: من تصريحاته المتواترة في الأيام العشرة الأخيرة مع توماس فريدمان وفي مؤتمر للمانحين أعطى الرئيس بايدن الضوء الأخضر لما تسميه الدوائر الأمريكية مبادرة استراتيجية كبرى للتطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية أقوى دولة عربية اقتصاديا ونفوذا دوليا خاصة بعد أزمة الطاقة التي بلورتها الحرب الأوكرانية وصاحبة التأثير الروحي الكبير على العالم الإسلامي بوجود الحرمين الشريفين. هذه المبادرة تشمل تعهدات أمريكية أمنية حازمة بحماية السعودية من أي تهديد وكأن الرياض عضو في الناتو ومساعدتها في بناء برنامج نووي سلمي وإمدادها بصادرات متقدمة ونظم دفاع ضد الصواريخ إيرانية!! التي قد تهددها. في مقابل ذلك توقع السعودية اتفاق سلام وعلاقات دبلوماسية كاملة مع دولة الاحتلال والفصل العنصري في مقابل تعهد إسرائيلي بتجميد الاستيطان والامتناع عن إعلان ضم الضفة الغربية مؤقتا حتى عام ٢٠٢٨.
هذه المبادرة الكبرى تضمن مكاسب خرافية للأمريكيين منها استعادة كاملة لأحد أهم حلفائها في العالم خاصة في مجال الطاقة بما في ذلك إعادة نفوذها على صناعة النفط في اتجاه تقليص أسعاره التي ارتفعت بعد حرب أوكرانيا وإنهاء تعاونها مع موسكو عبر صيغة أوبك - بلس التي تقود السوق العالمي للنفط حاليا في اتجاه عكس ما تشتهي الريح الأمريكية وتطيل قدرة روسيا على مواصلة الحرب في أوكرانيا لسنوات قادمة. ستحاصر واشنطن أيضا بها النفوذ الصيني المتنامي في العالم العربي وتطلب من الرياض والدول الخليجية والعربية تراجعا منظما عن التعاون الهائل مع الصين في مجالات الاقتصاد ومجالات الاتصالات المتقدمة والمجالات العسكرية. ستكفل هذه الصفقة التي تحيط بها شكوك كثيرة خاصة أنه لا يلبي الشرط السعودي المعلن للموافقة على التطبيع مع إسرائيل وهو حل للقضية الفلسطينية على أساس دولة فلسطينية مستقلة إذا تمت!! ستضمن إكمال دمج إسرائيل في المنطقة بشكل كامل وسيكون تأثيرها باعتراف الأمريكيين والإسرائيليين أكبر حتى من تأثير توقيع مصر أكبر دولة عربية على معاهدة كامب ديفيد ٧٨. وهذا الدمج للدولة الوظيفية للغرب في المنطقة ليس مصلحة لتل أبيب فحسب بل هو مصلحة أمريكية أكبر إذ سيتوج جهدها في السنوات السابقة لإقامة تحالف إقليمي عربي إسرائيلي ضد إيران تحت القيادة الاستراتيجية لواشنطن.
مرة واحدة فوجئ المتابعون بفتح ملفات نزاعات قديمة بين الدول العربية وإيران والدول العربية وتركيا من شأنها تقويض أو وتعطيل التطبيع الإيجابي الذي حدث في الفترة الماضية. إذ لاحظ الجميع أن ما يسمي بالنزاع على حقل الدرة بين إيران من جهة وكل من السعودية والكويت من جهة أخرى قد انفجر في الإعلام والتصريحات السياسية. وأعاد حضور الخطاب السلبي بين ضفتي الخليج.
على صعيد العلاقات مع تركيا - الذي لاحظ كثيرون ما يشبه عودة أنقرة للتوافق مع استراتيجية الناتو بعد القمة الأخيرة لدول الحلف - انفجر أيضًا الحديثين مطالبات تركية في أراضي سورية - وعراقية تم الزعم أن معاهدة لوزان قد فصلتها عن تركيا وبما أن المعاهدة لمدة ١٠٠ عام تنتهي قريبا إن مكن حق تركيا العودة للمطالبة بهذه المناطق وما يجعل الأمر قابلا للتصعيد الخطير أن تركيا موجودة عسكريا في أراضي سوريا وقد يغريها البعض بتحويل وجودها المؤقت بسبب الحرب الأهلية السورية إلي وجود دائم. لقد صاحب ذلك تعثر غير مفهوم لمحاولة عقد قمة سورية تركية وبدأت تركيا في إعادة أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين إلي بلادهم كما حولت واشنطن رئاستها الحالية لمجلس الأمن إلى محاولة لإعادة عزل سوريا ومنع التطبيع الإقليمي معها عبر الإصرار على تقديم المساعدات الأممية الإنسانية عن غير طريق حكومة دمشق وهو ما أوقفه من قبل الفيتو الروسي. كما جمدت واشنطن فعليا الانفتاح العربي وخطط التعاون الخليجي مع سوريا بتلويحها بقانون قيصر للعقوبات.
هما خطوتان أخريان يحركهما اللاعب الأمريكي الماهر في سياق استعادة الاستقطاب أولها إحياء صيغة النقب حلفا موجه ضد إيران يشمل إسرائيل والعرب بعد أن كان قد دخل في موت سريري بعد قيام الحكومة اليمينية الأكثر تطرفا في إسرائيل بالاعتداء المستمر علي المسجد الأقصى وتصاعد عمليات القتل الوحشية للفلسطينيين هذا العام. فالمغرب الذي كان قد أجل الاجتماع المقرر لتحالف النقب قدم له الإسرائيليون إغراءا بإعلان اعتراف إسرائيل بسيادة المغرب على الصحراء الغربية.
والسلطة الفلسطينية التي وضعتها الاعتداءات الإسرائيلية في موقف حرج أمام شعبها. وأضعفها تجاهل الحكومات الإسرائيلية لها في السنوات الأخيرة تمت مغازلتها مجددا بوعود بإعادة ضخ الأموال المستحقة لها. شهدنا عودة رام الله من جديد إلى التصلب في مواقفها بشأن شروط المصالحة الوطنية ورفضت الاتفاق على مطلب جماعي بحق الشعب الفلسطيني في المقاومة مكتفية فقط بما اسمته المقاومة السلمية
كل هذه التطورات الرامية لإعادة النفوذ الأمريكي على المنطقة عبر إعادة الاستقطاب وخلط الأوراق بعد أن كانت بدأت عملية ترتيبها ليست قدرا إلهيا بل هي خيارات يمكن أهل المنطقة أن يساعدوها على أن تتحقق بوسعهم الاستمرار في سياسة التهدئة وحل النزاعات سلميا في منطقتهم بأنفسهم دون الانخراط في مخططات الخارج.
عندما نجحت الصين في بناء أول لبنة كبيرة في نفوذها السياسي المباشر في المنطقة على حساب أمريكا بتوسطها في تطبيع العلاقات السعودية الإيرانية كانت بكين توجه أقوى ضربة. أكبر إنجاز صنعته السياسة الأمريكية منذ كيسنجر ألا وهو تحويل الصراع العربي الإسرائيلي إلي صراع هامشي وتحويل الخلافات بين العرب وجيرانهم التاريخيين وشركائهم في الحضارة العربية الإسلامية وهما تركيا وإيران خاصة إيران لتصبح الصراع الرئيسي. في ظل هذه الخدعة الاستراتيجية الكبرى المعادية لحقائق التاريخ والجغرافيا تمت عملية تطبيع أدمجت إسرائيل مع أكثر من نصف المنطقة العربية وحولت الصراع إلى صراع عربي فارسي وسني شيعي وضعت فيه إسرائيل في تحالف مع العرب في مواجهة إيران. هذه المعادلة كانت وراء النزاعات الأهلية وحروب الوكالة المخيفة التي غرقت المنطقة فيها في سوريا والعراق ولبنان واليمن وليبيا.. إلخ.
- لم ترتح واشنطن للتوجه العربي لتبريد وحل النزاعات البينية فتم حل المشكلة بين قطر وعدد من أشقائها العرب وتمت إعادة سوريا إلى الجامعة العربية وتجري محاولات جادة لإنهاء الحرب في اليمن وتراجع التوتر بين ليبيا وجيرانها بسبب النزاع الداخلي وتشكيلات عسكرية أجنبية. ولم ترتح أيضا للتوجه العربي الحذر ولكن الواضح للخروج من عباءتها في السنتين الأخيرتين وتوسيع هامش حرية دولها في اتخاذ قرارات السياسة الخارجية والتعاون الاقتصادي والعسكري والتكنولوجي على أساس مصالحها الوطنية وليس على خطوط واشنطون الحمراء التي رسمتها للمنطقة. فتوسعت في العلاقات مع الصين وروسيا بشروط أفضل من شروط الغرب و بندية واحترام لقادتها كان شاحبا في علاقة الغرب الفوقية مع الشرق الأوسط.
صفقة جديدة في صورة مبادرة استراتيجية كبرى لقطع الطريق على سيناريو التهدئة الإقليمية والسعي لحلها سلميا أو على الأقل الالتزام بعدم حلها بالقوة بين العرب وجيرانهم يمكن القول إن مخطط السياسة الأمريكية المعروف بأنه يتسم بالجرأة والخيال السياسي وعدم الخوف من القيام بقفزات كبرى وتحولات مفاجئة ولا يعبأ بأي خسائر يتكبدها الآخرون للحفاظ على هيمنة بلاده على العالم قدم في الفترة الماضية ما يمكن وصفه بـأخطر هجمة مرتدة استراتيجية تشمل صفقات جديدة وتحريك ملفات قديمة تحتوي على مصادر نزاع بين الدول المتجاورة يمكن إشعالها.
١- جائزة التطبيع الكبري مع السعودية: من تصريحاته المتواترة في الأيام العشرة الأخيرة مع توماس فريدمان وفي مؤتمر للمانحين أعطى الرئيس بايدن الضوء الأخضر لما تسميه الدوائر الأمريكية مبادرة استراتيجية كبرى للتطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية أقوى دولة عربية اقتصاديا ونفوذا دوليا خاصة بعد أزمة الطاقة التي بلورتها الحرب الأوكرانية وصاحبة التأثير الروحي الكبير على العالم الإسلامي بوجود الحرمين الشريفين. هذه المبادرة تشمل تعهدات أمريكية أمنية حازمة بحماية السعودية من أي تهديد وكأن الرياض عضو في الناتو ومساعدتها في بناء برنامج نووي سلمي وإمدادها بصادرات متقدمة ونظم دفاع ضد الصواريخ إيرانية!! التي قد تهددها. في مقابل ذلك توقع السعودية اتفاق سلام وعلاقات دبلوماسية كاملة مع دولة الاحتلال والفصل العنصري في مقابل تعهد إسرائيلي بتجميد الاستيطان والامتناع عن إعلان ضم الضفة الغربية مؤقتا حتى عام ٢٠٢٨.
هذه المبادرة الكبرى تضمن مكاسب خرافية للأمريكيين منها استعادة كاملة لأحد أهم حلفائها في العالم خاصة في مجال الطاقة بما في ذلك إعادة نفوذها على صناعة النفط في اتجاه تقليص أسعاره التي ارتفعت بعد حرب أوكرانيا وإنهاء تعاونها مع موسكو عبر صيغة أوبك - بلس التي تقود السوق العالمي للنفط حاليا في اتجاه عكس ما تشتهي الريح الأمريكية وتطيل قدرة روسيا على مواصلة الحرب في أوكرانيا لسنوات قادمة. ستحاصر واشنطن أيضا بها النفوذ الصيني المتنامي في العالم العربي وتطلب من الرياض والدول الخليجية والعربية تراجعا منظما عن التعاون الهائل مع الصين في مجالات الاقتصاد ومجالات الاتصالات المتقدمة والمجالات العسكرية. ستكفل هذه الصفقة التي تحيط بها شكوك كثيرة خاصة أنه لا يلبي الشرط السعودي المعلن للموافقة على التطبيع مع إسرائيل وهو حل للقضية الفلسطينية على أساس دولة فلسطينية مستقلة إذا تمت!! ستضمن إكمال دمج إسرائيل في المنطقة بشكل كامل وسيكون تأثيرها باعتراف الأمريكيين والإسرائيليين أكبر حتى من تأثير توقيع مصر أكبر دولة عربية على معاهدة كامب ديفيد ٧٨. وهذا الدمج للدولة الوظيفية للغرب في المنطقة ليس مصلحة لتل أبيب فحسب بل هو مصلحة أمريكية أكبر إذ سيتوج جهدها في السنوات السابقة لإقامة تحالف إقليمي عربي إسرائيلي ضد إيران تحت القيادة الاستراتيجية لواشنطن.
مرة واحدة فوجئ المتابعون بفتح ملفات نزاعات قديمة بين الدول العربية وإيران والدول العربية وتركيا من شأنها تقويض أو وتعطيل التطبيع الإيجابي الذي حدث في الفترة الماضية. إذ لاحظ الجميع أن ما يسمي بالنزاع على حقل الدرة بين إيران من جهة وكل من السعودية والكويت من جهة أخرى قد انفجر في الإعلام والتصريحات السياسية. وأعاد حضور الخطاب السلبي بين ضفتي الخليج.
على صعيد العلاقات مع تركيا - الذي لاحظ كثيرون ما يشبه عودة أنقرة للتوافق مع استراتيجية الناتو بعد القمة الأخيرة لدول الحلف - انفجر أيضًا الحديثين مطالبات تركية في أراضي سورية - وعراقية تم الزعم أن معاهدة لوزان قد فصلتها عن تركيا وبما أن المعاهدة لمدة ١٠٠ عام تنتهي قريبا إن مكن حق تركيا العودة للمطالبة بهذه المناطق وما يجعل الأمر قابلا للتصعيد الخطير أن تركيا موجودة عسكريا في أراضي سوريا وقد يغريها البعض بتحويل وجودها المؤقت بسبب الحرب الأهلية السورية إلي وجود دائم. لقد صاحب ذلك تعثر غير مفهوم لمحاولة عقد قمة سورية تركية وبدأت تركيا في إعادة أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين إلي بلادهم كما حولت واشنطن رئاستها الحالية لمجلس الأمن إلى محاولة لإعادة عزل سوريا ومنع التطبيع الإقليمي معها عبر الإصرار على تقديم المساعدات الأممية الإنسانية عن غير طريق حكومة دمشق وهو ما أوقفه من قبل الفيتو الروسي. كما جمدت واشنطن فعليا الانفتاح العربي وخطط التعاون الخليجي مع سوريا بتلويحها بقانون قيصر للعقوبات.
هما خطوتان أخريان يحركهما اللاعب الأمريكي الماهر في سياق استعادة الاستقطاب أولها إحياء صيغة النقب حلفا موجه ضد إيران يشمل إسرائيل والعرب بعد أن كان قد دخل في موت سريري بعد قيام الحكومة اليمينية الأكثر تطرفا في إسرائيل بالاعتداء المستمر علي المسجد الأقصى وتصاعد عمليات القتل الوحشية للفلسطينيين هذا العام. فالمغرب الذي كان قد أجل الاجتماع المقرر لتحالف النقب قدم له الإسرائيليون إغراءا بإعلان اعتراف إسرائيل بسيادة المغرب على الصحراء الغربية.
والسلطة الفلسطينية التي وضعتها الاعتداءات الإسرائيلية في موقف حرج أمام شعبها. وأضعفها تجاهل الحكومات الإسرائيلية لها في السنوات الأخيرة تمت مغازلتها مجددا بوعود بإعادة ضخ الأموال المستحقة لها. شهدنا عودة رام الله من جديد إلى التصلب في مواقفها بشأن شروط المصالحة الوطنية ورفضت الاتفاق على مطلب جماعي بحق الشعب الفلسطيني في المقاومة مكتفية فقط بما اسمته المقاومة السلمية
كل هذه التطورات الرامية لإعادة النفوذ الأمريكي على المنطقة عبر إعادة الاستقطاب وخلط الأوراق بعد أن كانت بدأت عملية ترتيبها ليست قدرا إلهيا بل هي خيارات يمكن أهل المنطقة أن يساعدوها على أن تتحقق بوسعهم الاستمرار في سياسة التهدئة وحل النزاعات سلميا في منطقتهم بأنفسهم دون الانخراط في مخططات الخارج.