رغم أن ظروف الجائحة الصحية المتمثلة في فيروس كورونا «كوفيد-19» قد ألقت بظلالها على كل مسارات الحياة تقريبا، وأبرزها القطاع الصحي الذي تأثر بشكل كبير من حيث الضغط على العاملين فيه والخدمات والمنصرفات الموجهة لأمراض بعينها، إلا أن السلطنة استطاعت تكييف الظروف لتجعل الوضع يسير بشكل جيد بحمد الله وبفضل الجهود المبذولة من الأطراف المعنية، كما أن الرعاية السامية التي يلقاها القطاع الصحي والاهتمام الكبير بكوادره من الأطباء والممرضين والممرضات وسواهم من العاملين في القطاع، كل ذلك له دوره في أن يقوم العاملون في المجال الصحي بواجبهم وأكثر من ذلك، وهم يقدمون الغالي والنفيس لأجل راحة الآخرين وإنقاذ حياتهم، مخاطرين بأنفسهم وبراحتهم ومضحين بالروتين الذي يجب أن تمضي عليه حياتهم مع أسرهم وأقاربهم وجميع تفاصيل حياتهم الشخصية الخ... أيضًا تجب الإشارة إلى الجانب الآخر من الصورة وهي مسألة الميزانيات المفروضة على القطاع الصحي بفعل الجائحة من حيث المبالغ المطلوبة سواء للفحص أو العلاج أو غيرها، ويأتي ذلك في ظل ظروف اقتصادية معلومة على مستوى العالم، يضاف لذلك أسعار النفط المتذبذبة منذ عدة سنوات، كل ذلك يجعل القدرة على الاستمرار في نشاط القطاع وتطويره من التحديات التي استطاعت الحكومة أن تواجهها وتهزمها، بالعمل والإرادة والتخطيط والإيمان بالقدرات. ويأتي العمل الاستراتيجي والتخطيط السليم في سلم الأولويات التي تساعد في هذا الجانب وتصل بالأهداف إلى التنفيذ. نشير هنا إلى الاحتفال الذي أقامته وزارة الصحة بوضع حجر الأساس لمشروع مستشفى السلطان قابوس الجديد بصلالة الذي تبلغ تكلفته الإجمالية 129 مليون ريال عماني، ويعد أحد أبرز المشروعات الحيوية للقطاع الصحي في السلطنة. لا شك أن الشروع في هذا المشروع الكبير في مجمل هذه الظروف يعتبر من الإنجازات التي يجب التوقف عندها، ويتوقع أن يتم التنفيذ خلال أربع سنوات وعمليًا فإن الأعمال الإنشائية كانت قد بدأت منذ مطلع العام الجاري. إن الحاجة إلى تطوير الخدمات الصحية هي أمر مستمر لا يحد بجائحة ولا ظروف استثنائية، فصحة الإنسان وسلامته من الأولويات التي تضعها الدولة في الاعتبار، حيث يشكل التعليم والصحة عنصرين مهمين من عناصر البناء المستدام والاستفادة من الطاقات البشرية بما يعزز دور المواطن في المجتمع وفي أنساق الحياة المختلفة ويعود بالنفع على الجميع، في إطار المضي إلى صناعة المستقبل المشرق. إذا كانت ظروف كورونا الحالية قد وضعت الجميع بشكل مباشر أمام التحديات المستجدة في عالم الطب وأهمية هذه المهنة الإنسانية الجليلة، فإن الظرف أصبح مناسبًا كذلك على مستوى العالم لإعادة التفكير في مناظير المجتمعات والدول للقطاع الصحي عمومًا ومهنة الطب خاصة وهي تدخل معتركات غير مسبوقة، وأمام كل ذلك يجب أن ننظر إلى كل منجز في المجالات الصحية والطبية على أنه عمل عظيم يستحق الإشادة والتقدير، وأن صحة الإنسان هي مقدمة الطريق إلى الأداء الفاعل والحيوية نحو العطاء والفاعلية.