shialoom@gmail.com
لن يكون الأمر يسيرا لأن يلتزم أحدنا الصمت في كثير من شؤون حياتنا اليومية، وإن حدث شيء من اقتناص لحظة زمنية هاربة مارسنا فيها الصمت، فإن ذلك يعتبر إنجازا مهما له بالغ الأثر، ألم يقل: «الصمت حكمة، وقليل فاعله»؟ فالنفس مجبولة على الكلام، أكثر من الصمت، ولأن الكلام هو المتسيد على امتداد حيواتنا اليومية أو المستمرة بنهاراتها ولياليها، لذلك يكثر الهرج والمرج، والقيل والقال، وجل هذه الفضفضة ذاهبة بصاحبها إلى مهاوي الردى، ومما يروى عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله: «إن العبد ليتكلم بالكلمة لا يرى فيها بأسا يهوي بها في النار سبعين خريفا» أو كما جاء في الرواية، ومع ذلك فاستحضار هذه النتيجة لم يكن بذلك الاهتمام.
ومع شدة التفاعلات التي تحدث اليوم عبر منصات التواصل الاجتماعي، فإن المسألة مرشحة للزيادة وليست للنقصان، ولأن الفطرة البشرية مجبولة على الثرثرة أكثر من الصمت، فإن ما تنقله هذه المنصات لشيء يجعل العاقل في حيرة، فما هو اليوم صحيح، يكون غدا كذبا، وما هو اليوم حقيقة، يكون غدا ليس له أساس في الواقع، والناس يهرولون بالأحاديث وكأنهم ليسوا مسؤولين عن أحاديثهم.
والمناقشة هنا لا تتموضع حول الأحاديث الخاصة أو العامة، أو الإشارة إلى السلوك البشري على أنه ممارسة فطرية، أو على أن الأحاديث تمثل علاجات معنوية للمتحدثين، وإنما تذهب فكرة المناقشة إلى تقدم العمر وأثره في استجلاب الصمت، ويعود ذلك إلى الرؤية العميقة التي ينظر من خلالها المتقدم بالسن، حيث يرى الكثير من الأشياء التي حوله لا تمثل له تلك الأهمية البالغة حتى ينثر عليها كلماته فيرهق نفسه، أو أن الأمر لم يعد كونه تافها لا يستحق تلك أو هذه الثرثرة المملة، فكل شيء واضح، ولا يحتاج إلى مزيد من التعليل والتعبير، فـ«التجاهل هو أبسط شيء تفعله عندما تتزاحم التفاهات من حولك» -كما يقول ويل سميث- والتجاهل هو نوع من الصمت المادي، فمقارفة الثرثرة غير النافعة هو نوع من الاستهبال في نظر الكثيرين ممن خبروا الحياة وعرفوها أكثر.
يذهب البعض من المنظرين إلى أهمية أن تكون هناك مسافة بيننا وبين الآخرين من حولنا، ففي هذه المسافة يمكن أن نعيش شيئا من الحرية، حيث ترتاح الضمائر من كثير من كلف المشقات اللفظية التي صدرناها للآخرين بحق أو بغير حق «كن صامتا تكن آمنا، فالصمت أبدا لا يخون» -وفق جون بويل- وهذه المسافة لن يوجدها إلا الصمت، فالصمت ليس له علاقات تشابكية مع الآخر، حيث يعيش حياديته التامة بامتياز، ربما قد يعاب على الصامت، وقد يتهم، وقد تثار حوله الشكوك، ولكن على الرغم من كل هذه الإشكاليات يبقى في مأمن أكثر من غيره.
يفترض أن «يحتوينا الصمت أكثر» لنحقق بذلك مكاسبه الكثيرة، فالمعلومة تحتاج إلى كثير من التخمر، والتيقن، حتى تظهر على الملأ، سليمة الولادة، بكل تفاصيل هياكلها، وما ضر الآخرين إلا ذلك «الإسهال» المبتذل من الأحاديث التي تخرج عن عقالها المحكم، فتجرح، وتشرح، وتقتل الضمائر، وتميت الأنفس، ولأن الكبار يدركون -أكثر من غيرهم- هذه الإشكالية، فإنهم يلوذون بالصمت أكثر من غيرهم أيضا.
لن يكون الأمر يسيرا لأن يلتزم أحدنا الصمت في كثير من شؤون حياتنا اليومية، وإن حدث شيء من اقتناص لحظة زمنية هاربة مارسنا فيها الصمت، فإن ذلك يعتبر إنجازا مهما له بالغ الأثر، ألم يقل: «الصمت حكمة، وقليل فاعله»؟ فالنفس مجبولة على الكلام، أكثر من الصمت، ولأن الكلام هو المتسيد على امتداد حيواتنا اليومية أو المستمرة بنهاراتها ولياليها، لذلك يكثر الهرج والمرج، والقيل والقال، وجل هذه الفضفضة ذاهبة بصاحبها إلى مهاوي الردى، ومما يروى عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله: «إن العبد ليتكلم بالكلمة لا يرى فيها بأسا يهوي بها في النار سبعين خريفا» أو كما جاء في الرواية، ومع ذلك فاستحضار هذه النتيجة لم يكن بذلك الاهتمام.
ومع شدة التفاعلات التي تحدث اليوم عبر منصات التواصل الاجتماعي، فإن المسألة مرشحة للزيادة وليست للنقصان، ولأن الفطرة البشرية مجبولة على الثرثرة أكثر من الصمت، فإن ما تنقله هذه المنصات لشيء يجعل العاقل في حيرة، فما هو اليوم صحيح، يكون غدا كذبا، وما هو اليوم حقيقة، يكون غدا ليس له أساس في الواقع، والناس يهرولون بالأحاديث وكأنهم ليسوا مسؤولين عن أحاديثهم.
والمناقشة هنا لا تتموضع حول الأحاديث الخاصة أو العامة، أو الإشارة إلى السلوك البشري على أنه ممارسة فطرية، أو على أن الأحاديث تمثل علاجات معنوية للمتحدثين، وإنما تذهب فكرة المناقشة إلى تقدم العمر وأثره في استجلاب الصمت، ويعود ذلك إلى الرؤية العميقة التي ينظر من خلالها المتقدم بالسن، حيث يرى الكثير من الأشياء التي حوله لا تمثل له تلك الأهمية البالغة حتى ينثر عليها كلماته فيرهق نفسه، أو أن الأمر لم يعد كونه تافها لا يستحق تلك أو هذه الثرثرة المملة، فكل شيء واضح، ولا يحتاج إلى مزيد من التعليل والتعبير، فـ«التجاهل هو أبسط شيء تفعله عندما تتزاحم التفاهات من حولك» -كما يقول ويل سميث- والتجاهل هو نوع من الصمت المادي، فمقارفة الثرثرة غير النافعة هو نوع من الاستهبال في نظر الكثيرين ممن خبروا الحياة وعرفوها أكثر.
يذهب البعض من المنظرين إلى أهمية أن تكون هناك مسافة بيننا وبين الآخرين من حولنا، ففي هذه المسافة يمكن أن نعيش شيئا من الحرية، حيث ترتاح الضمائر من كثير من كلف المشقات اللفظية التي صدرناها للآخرين بحق أو بغير حق «كن صامتا تكن آمنا، فالصمت أبدا لا يخون» -وفق جون بويل- وهذه المسافة لن يوجدها إلا الصمت، فالصمت ليس له علاقات تشابكية مع الآخر، حيث يعيش حياديته التامة بامتياز، ربما قد يعاب على الصامت، وقد يتهم، وقد تثار حوله الشكوك، ولكن على الرغم من كل هذه الإشكاليات يبقى في مأمن أكثر من غيره.
يفترض أن «يحتوينا الصمت أكثر» لنحقق بذلك مكاسبه الكثيرة، فالمعلومة تحتاج إلى كثير من التخمر، والتيقن، حتى تظهر على الملأ، سليمة الولادة، بكل تفاصيل هياكلها، وما ضر الآخرين إلا ذلك «الإسهال» المبتذل من الأحاديث التي تخرج عن عقالها المحكم، فتجرح، وتشرح، وتقتل الضمائر، وتميت الأنفس، ولأن الكبار يدركون -أكثر من غيرهم- هذه الإشكالية، فإنهم يلوذون بالصمت أكثر من غيرهم أيضا.