يشكّل الازدحام المروري الذي تشهده بعض طرق محافظة مسقط تحديا يواجهه المواطنون والمقيمون على الرغم من توفر النقل العام وسعي شركة مواصلات إلى جذب الأفراد وتشجيعهم على استخدامه، إلا أن الأفراد ما زالوا يفضلون استخدام وسائل النقل الخاصة، مما يطرح تساؤلا: لماذا لا يستخدم المواطنون النقل العام لتفادي الاختناقات المرورية في مسقط؟ .. من خلال هذا الاستطلاع نحاول معرفة آراء المواطنين بشأن استخدام المواصلات العامة.

يقول المواطن محمد السيابي: المواطنون ما زالوا يعزفون عن فكرة النقل العام ولا يحبذونها كونها فكرة دخيلة على الثقافة العمانية ولم يعتدها المواطن الذي اعتاد الذهاب إلى عمله بسيارته الخاصة كل يوم، ومع أن وسائل النقل العامة مجهّزة ومتطورة بأحدث التقنيات التي تشجّع المواطنين وتجذبهم لاستخدامها، إلا أن العزوف ما زال الموقف السائد، ويرجح محمد أن تفضيل المواطنين لوسيلة النقل الخاصة يعود إلى خصوصية الفرد، فالبعض لا يفضل أن يتشارك الطريق، حيث يجد أنه من الأفضل والأكثر راحة أن يقود الشخص سيارته الخاصة والذهاب لمشاويره بمرونة وخصوصية قد لا تُتيحها المواصلات العامة.

أما أروى العبرية، فترى الأمر من ناحية اجتماعية، فالعادات والتقاليد العمانية تتحفظ على هذه الأمور خصوصًا عند الفتيات، فالمجتمع العماني ما زال متحفظًا جدًا حين يتعلق الأمر بسيارة الأجرة أو وسائل النقل العامة، مشيرة إلى أن فكرة النقل العام فكرة رائعة، وحين تراها مطبقة في دول العالم والمواطنون مستجيبون لها تشعر بالغبطة وتود لو أنها تنتشر في سلطنة عمان للتخفيف من الازدحام في العاصمة مسقط وباقي الولايات، فالاختناق الذي تشهده مسقط في أوقات الذروة وحتى في الأوقات الأخرى تشكل معاناة للبعض، وتطمح أروى في تغيّر هذه الفكرة مستقبلا، شأنها شأن الأفكار الأخرى التي لم تكن مقبولة في الماضي ولكن بسبب التطور والتقدم تصبح مألوفة شيئًا فشيئا، وهي تحبذ هذه الفكرة كذلك لفائدتها البيئية فاستخدام وسيلة نقل عامة يقلل من عدد السيارات المستخدمة في المدينة وبدوره يقلل التلوث والمشكلات البيئية التي تنتجها أبخرة وعوادم السيارات، ويقلل من مستوى الضوضاء الناجمة عن حركة المرور، فعندما يستخدم الناس النقل العام بدلا من استخدام سياراتهم الخاصة، يقللون من الضوضاء التي تنتج عن حركة السيارات، مما يؤثر إيجابًا على جودة الحياة والصحة العامة في المدينة.

ويرى ناصر العبري أن هنالك العديد من الأسباب، ولكن أغلبها من وجهة نظره تعود لارتفاع درجات الحرارة في سلطنة عمان كونها واقعة في إقليم حار، وبرأيه أن البيوت العمانية غالبًا بعيدة عن مواقف هذه المواصلات مما يشكل عائقًا في وصول المواطن لنقطة تجمع المواصلات من الأساس، فالأمر لا يعد مجديًا كفاية فلا يستطيع الفرد أن يمشي لكي يصل لمحطات المواصلات العامة. كما توجد الكثير من الأسباب ومنها انعدام الوعي باستخدام المواصلات العامة بغرض التقليل من الأدخنة التي تسببها السيارات والتي بدورها تساعد على زيادة مشكلة الاحتباس الحراري، إضافة إلى أن الالتزام بالأوقات المخصصة للنقل العام غالبًا قد لا تتناسب مع جدوله، وأنها قد تكون تجربة جيدة، ولكن الالتزام بها على المدى الطويل قد يكون صعبًا له.

وتقول بسمة الجهورية إنها بشكل عام تتجنب استخدام النقل العام لأسباب عديدة أهمها قلة استخدام الفتيات لها، حيث تجد بأنه من المخيف بالنسبة لها أن تكون الفتاة الوحيدة في حافلة نقل عامة، وتعتقد أن توفر مواصلات خاصة بالنساء (مثل أُو تاكسي الوردي) يخدم فئة كبيرة من المجتمع ويُسهم في حل هذه المشكلة، لكن بالطبع لا يزال وجود هذه الميزة محدودا ومقتصرا على أوقات معينة، وأن وسائل النقل العامة توفّر تجربة محدودة، حيث إن الحافلات مثلا تنقل الركاب لنقاط التقاء معينة، وسيترتب عليّ فور وصولي لهذه النقاط استخدام نوع آخر من المواصلات العامة، فتجد أنه من الأسرع والأسهل لها اقتناء سيارتها الخاصة واستخدامها للتنقل من مكان إلى آخر.