قبل البدء في الحديث عن معنى الأسرة الثالثة وخُلُقها؛ فليكن حديثي عن الطريق ذاته في بلادنا؛ سلطنة عمان، لقد نشأنا والطرق الحديثة تتمدد، وأدركت شق كثير منها، وهي على مستوى العالم شبكة مكينة ومتميزة، بذلت الحكومة الجهد والمال في تصميمها وشقها ورصفها على أعلى المواصفات العالمية، حتى أصبحت نموذجا للاحتذاء. إن كلفة هذه الشبكة تظهر عندما نعلم أن كثيرا منها شُق في الجبال الصلاد وعبر الأودية العراض. ولا زالت الحكومة تواصل جهودها في شق طرق حديثة، وتحسين الشبكة القديمة، بتصميم ورصف على أفضل المواصفات. هذا أمر ينبغي أخذه في الحسبان عند قراءة المقال، فهو بحد ذاته قيمة أخلاقية عليا. ثم تأتي أنظمة المرور، والإدارة الفائقة لها، ولأن الدولة لمّا كانت في بدايتها؛ فإن الإدارة أيضا بدأت بخبرات محدودة، ومع عدم التزام كثير من الناس بالأنظمة المرورية؛ فقد وقعت حوادث مروعة، ذهبت فيها نفوس تتوق للحياة، بيد أن شرطة عمان السلطانية قد تلافت الكثير من هذه الحوادث بإدارتها الناجحة للطرقات، وهذه قيمة أخلاقية ثانية يجب الإشادة بها.
الإنسان.. يعيش معظم وقته مع عائلته؛ فهي أسرته الأولى، ثم يقضي وقتا طويلا في مقر عمله، بحيث يشكّل أسرته الثانية، ثم يمضي وقتا ليس بالقصير في الطرقات؛ ذهابا وإيابا، سواء إلى عمله، أو لقضاء مآربه، ولذا؛ يأتي الطريق ليكوّن أسرة ثالثة في حياة الإنسان. ولولا أن الناس في الطرق تلزم غرف سياراتها فلا تتداخل فيما بينها؛ لقلت: إن أسرة الطريق مقدمة على أسرة العمل، بل هناك من يجمع بينهما في مسار واحد كمن يعمل سائقا. وإذا كانت للعائلة والعمل أخلاقهما؛ فإن للطريق كذلك أخلاقه، ومن هذه الأخلاق:
- الشجاعة.. وهي تمس الجانب النفسي من الإنسان، وأعلى ذروة الشجاعة في الطريق إغاثة الملهوف وإنقاذ المصابين، فالطريق.. بطبيعته عرضةً للحوادث، وكم من حادث خلّف أمواتا، من الواجب الإسراع بهم إلى المستشفى لأخذ الإجراءات اللازمة في حقهم. أو قد ينتج عن الحادث مصابون؛ يمكن إنقاذ كثير منهم، فعلى الإنسان ألا يتوانى في القيام بذلك. يقول الله: (أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً) «المائدة:32»، فمن قصّر في إنقاذ إنسان أصيب بحادث فقد وقع في المحظور، مما قد يدان أخلاقيا بإسهامه في إزهاق نفس، وكذلك هو الحال؛ مَن ينقذ إنسانا يحمد؛ أخلاقا وشرعا. وشجاعة إنقاذ النفس لا تقل عن شجاعة المحارب، ولعل الأولى تكمن أهميتها بأنها تأتي مفاجئة، ومن غير محرّض عليها، أما المحارب فيقدم إلى ساحات الوغى وقد ألهب حماسةً؛ نفسيا واجتماعيا، ودخل للتأهل لها دورات عديدة.
- الصدق والأمانة.. وهما صفتان قد تغيب عن بال الكثيرين من سالكي الطريق. فأما الصدق فيتمثل في الاعتراف بالخطأ الذي قد يرتكبه السائق، فنحن بشر كلنا معرضون للخطأ، فلربما دهس أحدنا إنسانا أو حيوانا، أو صدم شاخصا، فالصدق.. يحتم عليه أن يقر بخطئه إن كان قد أخطأ، وأن يصف الحادث كما وقع له، ولا يتنصل من مسؤوليته. وكذلك؛ فيما لو أصاب مركبة في موقف -أو أي شيء آخر- مع غياب صاحبها، فالأمانة تقتضي أن يتحمل مسؤوليته ويخبر صاحبها. فإن من كمال الإنسان أن يكون ذا مروءة لا تتركه حتى يتحمل تبعة عمده وخطئه. والصدق والأمانة.. لا يقتصران على ما يحصل له هو بنفسه، بل عليه أن يشهد بصدق فيما يرى من حادث، ولو كان مَن فعله أقرب الناس إليه.
- تهذيب النفس.. إن على سائق المركبة أن يكون واسع البال هادئ النفس، وهذا الخُلُق من أفضل الفضائل التي ينبغي له أن يتحلى بها، فهو ما يجب أن يلازمه منذ أن يركب مركبته حتى ينزل منها. وكل إنسان سائقا كان أم غير سائق، يشاهد مواقف تتطلب منه نفسا مهذبة، وهذا بيانه بضرب بعض الأمثلة:
كثير منا يخرج للعمل صباحا، ويؤوب منه مساءً، فيدخل في طابور مزدحم من السيارات، التي يكون أحيانا سيرها أبطأ من سير الراجل، فمثلا؛ عند خروجي للعمل صباحا، تواجهني الزحمة منذ قرب منزلي، فالمسافة.. التي لا تستغرق عادة أكثر من خمس دقائق أقطعها أحيانا في نصف ساعة، وهي حركة -ما لم يروّض الإنسان نفسه على تحملها- مثيرة للأعصاب، ومن هنا تأتي أهمية التحلي بهذا الخُلُق، ليس للتعامل مع الآخرين فحسب، وإنما -قبل ذلك- ليحافظ الإنسان على اتزانه النفسي، فبدون الهدوء النفسي قد يصاب مع مرور الزمن بأمراض مزمنة.
من المشاهد المتكررة.. اختراق السائق طابور السيارات المزدحم في المسار المفرد؛ بالسير في السكة المعاكسة، ضاربا بالتزام الناس عرض الحائط، وهو بالإضافة إلى تعديه على حقوق مَن تقدموه، وهم مثله ذاهبون لأعمالهم، يُحدِث زحمة، حيث يربك السير، فتتوقف السيارة التي يدخل أمامها ليتوقف الخط من خلفه كله. وإني أزعم لو أن هؤلاء العجلى التزموا الطابور لخففوا من منسوب بطء السير، ولربما وصلوا إلى هدفهم قبل أن يصلوا إليه بعجلتهم. فما يفعله هو مخترقا النظام؛ يفعله غيره كذلك، من باب التقليد في عدم الالتزام بالنظام، أو «الثأر من المتعدي». والعجيب؛ أنه عندما تحضر الشرطة لضبط السير، والحد من هذه المخالفات، يلتزم هؤلاء بالسير الصحيح، أفلا يفكرون أن ما يؤتونه خطأ، وأن من الأخلاق احترام مَن يشاركونه السير في الطريق. والأعجب؛ أني رأيت من يمشي خارج الطريق المرصوف يتجشم بسيارته الحفر ويثير نقع الغبار، ولو صبر قليلا لما كان هناك فارق إلا دقائق قد لا تعدو عدد أصابع اليد.
لا يمكن نكران الأخطاء في تصميم بعض الطرق، خاصةً.. مداخلها ومخارجها، فبعضها لم تراعَ فيه زيادة أعداد المركبات بالاتساع العمراني في المخططات السكنية. وكذلك؛ في الطرق الداخلية التي تستهلك وقت الإنسان، لم يأخذ مصمم المدينة بحسبانه التوسع السكاني بمرور الأيام، فلم تُقَم طرق واسعة، ولم تُبنَ جسور علوية أو سفلية، بالأعداد اللازمة، لتستوعب حركة المركبات. فضلا؛ عن عدم إيجاد البدائل للتقليل من استعمال السيارات، كالقطارات الكهربائية الداخلية، أو باصات النقل، التي تخصص لها طرق تتحرك فيها بحال أسرع، ونحو ذلك من حلول يمكن بها التخفيف من الزحمة الخانقة التي يعاني منها الناس، فتلجئ بعضهم إلى التحايل على سرب المركبات المتقاطر.
ثم ماذا عساك أن تقول فيمن ينتهك خُلُق السير؛ منصرفَ الناس من صلاتهم يوم الجمعة، فيتجاوزهم ليدخل قبلهم بعد عدة سيارات، أهكذا يكون امتثال قول الله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) «الجمعة:9»؟ ألم يتدبر قوله: (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) «العنكبوت:45»؟
والأسوأ ما يحصل عقب صلاة العيد، حيث يبتدع بعض الناس لسياراتهم طرقا في الأرض المتربة، فيضطرب المكان وكأن ريحا عاتيةً عصفت به، ويتطاير الغبار في أنوف المصلين ووجوههم، فيذهب ببهاء العيد وجمال الملابس وراحة الناس. وكأن هؤلاء لم يستمعوا للموعظة بعد صلاتهم، ولم يمدوا أيديهم بالسلام مصافحين إخوانهم؛ وفي ذلك معاهدة بعدم الإساءة إليهم.
وكنت دائما أقول.. إن العمانيين يحرصون على «العزام» في حياتهم، إلا في الطرقات التي يسابق بعضهم سالكيها، وهذه ظاهرة تحتاج إلى دراسة وتأمل في اجتماعنا العماني؛ لأنها متكررة مزعجة.
وختاما.. أزجي عاطر الثناء على مَن يلتزم بأخلاق الطريق، وهم الأكثر ولله الحمد.
خميس بن راشد العدوي كاتب عماني مهتم بقضايا الفكر والتاريخ ومؤلف كتاب «السياسة بالدين»
الإنسان.. يعيش معظم وقته مع عائلته؛ فهي أسرته الأولى، ثم يقضي وقتا طويلا في مقر عمله، بحيث يشكّل أسرته الثانية، ثم يمضي وقتا ليس بالقصير في الطرقات؛ ذهابا وإيابا، سواء إلى عمله، أو لقضاء مآربه، ولذا؛ يأتي الطريق ليكوّن أسرة ثالثة في حياة الإنسان. ولولا أن الناس في الطرق تلزم غرف سياراتها فلا تتداخل فيما بينها؛ لقلت: إن أسرة الطريق مقدمة على أسرة العمل، بل هناك من يجمع بينهما في مسار واحد كمن يعمل سائقا. وإذا كانت للعائلة والعمل أخلاقهما؛ فإن للطريق كذلك أخلاقه، ومن هذه الأخلاق:
- الشجاعة.. وهي تمس الجانب النفسي من الإنسان، وأعلى ذروة الشجاعة في الطريق إغاثة الملهوف وإنقاذ المصابين، فالطريق.. بطبيعته عرضةً للحوادث، وكم من حادث خلّف أمواتا، من الواجب الإسراع بهم إلى المستشفى لأخذ الإجراءات اللازمة في حقهم. أو قد ينتج عن الحادث مصابون؛ يمكن إنقاذ كثير منهم، فعلى الإنسان ألا يتوانى في القيام بذلك. يقول الله: (أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً) «المائدة:32»، فمن قصّر في إنقاذ إنسان أصيب بحادث فقد وقع في المحظور، مما قد يدان أخلاقيا بإسهامه في إزهاق نفس، وكذلك هو الحال؛ مَن ينقذ إنسانا يحمد؛ أخلاقا وشرعا. وشجاعة إنقاذ النفس لا تقل عن شجاعة المحارب، ولعل الأولى تكمن أهميتها بأنها تأتي مفاجئة، ومن غير محرّض عليها، أما المحارب فيقدم إلى ساحات الوغى وقد ألهب حماسةً؛ نفسيا واجتماعيا، ودخل للتأهل لها دورات عديدة.
- الصدق والأمانة.. وهما صفتان قد تغيب عن بال الكثيرين من سالكي الطريق. فأما الصدق فيتمثل في الاعتراف بالخطأ الذي قد يرتكبه السائق، فنحن بشر كلنا معرضون للخطأ، فلربما دهس أحدنا إنسانا أو حيوانا، أو صدم شاخصا، فالصدق.. يحتم عليه أن يقر بخطئه إن كان قد أخطأ، وأن يصف الحادث كما وقع له، ولا يتنصل من مسؤوليته. وكذلك؛ فيما لو أصاب مركبة في موقف -أو أي شيء آخر- مع غياب صاحبها، فالأمانة تقتضي أن يتحمل مسؤوليته ويخبر صاحبها. فإن من كمال الإنسان أن يكون ذا مروءة لا تتركه حتى يتحمل تبعة عمده وخطئه. والصدق والأمانة.. لا يقتصران على ما يحصل له هو بنفسه، بل عليه أن يشهد بصدق فيما يرى من حادث، ولو كان مَن فعله أقرب الناس إليه.
- تهذيب النفس.. إن على سائق المركبة أن يكون واسع البال هادئ النفس، وهذا الخُلُق من أفضل الفضائل التي ينبغي له أن يتحلى بها، فهو ما يجب أن يلازمه منذ أن يركب مركبته حتى ينزل منها. وكل إنسان سائقا كان أم غير سائق، يشاهد مواقف تتطلب منه نفسا مهذبة، وهذا بيانه بضرب بعض الأمثلة:
كثير منا يخرج للعمل صباحا، ويؤوب منه مساءً، فيدخل في طابور مزدحم من السيارات، التي يكون أحيانا سيرها أبطأ من سير الراجل، فمثلا؛ عند خروجي للعمل صباحا، تواجهني الزحمة منذ قرب منزلي، فالمسافة.. التي لا تستغرق عادة أكثر من خمس دقائق أقطعها أحيانا في نصف ساعة، وهي حركة -ما لم يروّض الإنسان نفسه على تحملها- مثيرة للأعصاب، ومن هنا تأتي أهمية التحلي بهذا الخُلُق، ليس للتعامل مع الآخرين فحسب، وإنما -قبل ذلك- ليحافظ الإنسان على اتزانه النفسي، فبدون الهدوء النفسي قد يصاب مع مرور الزمن بأمراض مزمنة.
من المشاهد المتكررة.. اختراق السائق طابور السيارات المزدحم في المسار المفرد؛ بالسير في السكة المعاكسة، ضاربا بالتزام الناس عرض الحائط، وهو بالإضافة إلى تعديه على حقوق مَن تقدموه، وهم مثله ذاهبون لأعمالهم، يُحدِث زحمة، حيث يربك السير، فتتوقف السيارة التي يدخل أمامها ليتوقف الخط من خلفه كله. وإني أزعم لو أن هؤلاء العجلى التزموا الطابور لخففوا من منسوب بطء السير، ولربما وصلوا إلى هدفهم قبل أن يصلوا إليه بعجلتهم. فما يفعله هو مخترقا النظام؛ يفعله غيره كذلك، من باب التقليد في عدم الالتزام بالنظام، أو «الثأر من المتعدي». والعجيب؛ أنه عندما تحضر الشرطة لضبط السير، والحد من هذه المخالفات، يلتزم هؤلاء بالسير الصحيح، أفلا يفكرون أن ما يؤتونه خطأ، وأن من الأخلاق احترام مَن يشاركونه السير في الطريق. والأعجب؛ أني رأيت من يمشي خارج الطريق المرصوف يتجشم بسيارته الحفر ويثير نقع الغبار، ولو صبر قليلا لما كان هناك فارق إلا دقائق قد لا تعدو عدد أصابع اليد.
لا يمكن نكران الأخطاء في تصميم بعض الطرق، خاصةً.. مداخلها ومخارجها، فبعضها لم تراعَ فيه زيادة أعداد المركبات بالاتساع العمراني في المخططات السكنية. وكذلك؛ في الطرق الداخلية التي تستهلك وقت الإنسان، لم يأخذ مصمم المدينة بحسبانه التوسع السكاني بمرور الأيام، فلم تُقَم طرق واسعة، ولم تُبنَ جسور علوية أو سفلية، بالأعداد اللازمة، لتستوعب حركة المركبات. فضلا؛ عن عدم إيجاد البدائل للتقليل من استعمال السيارات، كالقطارات الكهربائية الداخلية، أو باصات النقل، التي تخصص لها طرق تتحرك فيها بحال أسرع، ونحو ذلك من حلول يمكن بها التخفيف من الزحمة الخانقة التي يعاني منها الناس، فتلجئ بعضهم إلى التحايل على سرب المركبات المتقاطر.
ثم ماذا عساك أن تقول فيمن ينتهك خُلُق السير؛ منصرفَ الناس من صلاتهم يوم الجمعة، فيتجاوزهم ليدخل قبلهم بعد عدة سيارات، أهكذا يكون امتثال قول الله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) «الجمعة:9»؟ ألم يتدبر قوله: (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) «العنكبوت:45»؟
والأسوأ ما يحصل عقب صلاة العيد، حيث يبتدع بعض الناس لسياراتهم طرقا في الأرض المتربة، فيضطرب المكان وكأن ريحا عاتيةً عصفت به، ويتطاير الغبار في أنوف المصلين ووجوههم، فيذهب ببهاء العيد وجمال الملابس وراحة الناس. وكأن هؤلاء لم يستمعوا للموعظة بعد صلاتهم، ولم يمدوا أيديهم بالسلام مصافحين إخوانهم؛ وفي ذلك معاهدة بعدم الإساءة إليهم.
وكنت دائما أقول.. إن العمانيين يحرصون على «العزام» في حياتهم، إلا في الطرقات التي يسابق بعضهم سالكيها، وهذه ظاهرة تحتاج إلى دراسة وتأمل في اجتماعنا العماني؛ لأنها متكررة مزعجة.
وختاما.. أزجي عاطر الثناء على مَن يلتزم بأخلاق الطريق، وهم الأكثر ولله الحمد.
خميس بن راشد العدوي كاتب عماني مهتم بقضايا الفكر والتاريخ ومؤلف كتاب «السياسة بالدين»