ضمن سلسلة «عُمان في الزمان والمكان»، صدرت عن المتحف الوطني بمسقط 6 قصص خاصة بالأطفال من سن 7 ـ 11 سنة، تحتفي بنماذج من الشخصيات العمانية، عاشت في أزمنة وأمكنة مختلفة، بين القرن الثاني الهجري والقرن العشرين، ولكل منهم بصمة ستبقى خالدة ومحفزة للأجيال، تحمل القصص عناوين تتناسب مع الشخصيات التي تتحدث عنها، وهي: «أذكى العرب»، و«أسد البحار»، و«الأستاذ المعظم»، و«الطبيب الماهر»، و«سعيد عمان وزنجبار»، و«ماما فاطمة»، ومما هو جدير ذكره أن كل قصة لا تتعدى 35 صفحة، من الحجم المتوسط، طُبعت في ورق مزيَّن برسومات تصوِّر حياة الشخصيات، ليدخل القارئ في تناغم مع النصوص والصور، والقصص الست سردها قلم: بيان الصَّفدي، ورسمتها تخييلًا ريشة: لجينة الأصيل، وتدقيق مجموعة من الباحثين والكُتَّاب، وتابعت تَشْكِيلها وتشكُّلِها طِباعيًا كوكبة من الطاقم الموظف في المتحف، بذلوا جهدهم في متابعة نشر وإخراج القصص، متفادين الأخطاء اللغوية، والتراتبية للصور في كل قصة.
أذكى العرب الفراهيدي
تتناول قصة «أذكى العرب» الخليل بن أحمد الفراهيدي، رائد علم العروض، عاش الحياة من عام 100هـ وحتى 170هجرية، وتبدأ القصة بوفد عماني يتألف من أشخاص يذهبون إلى لقاء الخليفة عمر بن عبدالعزيز، من بينهم أحمد الفراهيدي والد الخليل، جاؤوا إليه يشكون ظُلم عامله على عُمان، وانتهى اللقاء بعزل العامل، فعادوا إلى عمان سُعداء، وزادت فرحة أحمد الفراهيدي ببشارة ولادة ابنه الخليل، وبتصعيد أدبي نقرأ حديث الفرح بميلاد الخليل، ونرى مشاهد تشويقية يرسمها الكاتب في القصة، بما يضفي على المولود شيئًا مختلفًا يميِّزه عن غيره. وحين حبا الطفل سمع حكايات أمه وأبيه، وتلقى من أهله صفات النبل والفروسية والتواضع والنباهة، حتى صار أبوه يصحبه في المجالس، مفتخرًا بفصاحته. وتتتالى مشاهد القصة حتى نصل إلى سَفَر الخليل، وتوديعه لأهله في عمان، ليصل إلى البصرة، وينزل حي الأزد، وكانت دولة بني أمية في أزهى حالاتها من الاهتمام بالدواوين والتعريب والترجمة، الأمر الذي هيَّأ للخليل أن يعيش حياة ثقافية، يغترف من معينها. ولم يطل الوقت به حتى صار من أعلم الناس، وصار التلاميذ يقصدونه من كل مكان، وكان سيبويه أحب تلاميذه، كما كان يستقبل الأصمعي والجاحظ والنضر بن شميل والليث بن المظفر، وغيرهم من طلاب العلم، الذين أصبحوا بعد ذلك أعلام العربية الكبار. عاش الخليل بن أحمد حياته في البصرة، بين مجالس العلم، ونبغ في تأليف أول معجم للعربية: «معجم العين»، الذي لا تخلو مكتبة أديب منه، بعد طباعته مُحققًا في 8 أجزاء، كما نبغ في وضع بحور الشعر العربي، وكان يريد أن يضع عِلمًا في الحساب، وفي غمرة تفكيره ارتطم بإحدى أسطوانات المسجد، ووقع مغشيًا عليه، وكانت سببًا في وفاته.
أسد البحار السعدي
وبأسلوب شعري تتدافع لغته وكأنها أمواج بحر، تتناول قصة «أسد البحار» شخصية أحمد بن ماجد السعدي، المولود في جلفار والمتوفى عام 906هجرية، تصور شيئًا من حياة ابن ماجد الذي رسم أسطوريته في عرض البحر ومع السفن، ومع اصطخاب الموج، بدءًا برحلته مع والده إلى البصرة، وتصوير الشاعر قلق أمه عليه، حتى بلغوا شط العرب، واستدعاء والي البصرة لهم، ودخولهم قصره، وترحيب الوالي بـ«أسد البرَّين»، وهو لقب والد أحمد بن ماجد، وحديث الوالي عن نجابة الابن، ومشاهدتهم لعرض مبارزة بالسيف، وعرضًا للأسود والنمور والثعابين، وتقديم الوالي لهم ثوبًا وعِمامَة، وصرَّة فيها دُرَّة، قدمها لأمه بعد عودته إليها.
بعد سنين يُلبسه والده عمامة الرَّبابنة، ليصبح وريثه في البحر، فطاف بحار أفريقيا إلى بلاد الصين، ويسرد النص مشاهد ابن ماجد لغرائب البحار، كالحيتان التي تبدو في حجم سفينة، وتكسيرها للمجاديف، وتقطيعها للحبال، حتى لُقب بأسد البحار، ومبدع البوصلة، والمطور لأدوات الملاحة، ومكتشف البحار العميقة.
وثَّق ابن ماجد علومه التي استنتجها من خبرته في البحر، فظهرت له مؤلفات، بين أراجيز نظمية ونثرية، من كتبه: «حاوية الاختصار» و«بر العرب في الخليج» و«الفوائد»، وتظهر القصة شخصيته ربانًا ماهرًا، وعارفًا بالمسالك البحرية، مستعينًا بآلة الاسطرلاب.
الأستاذ المعظم ابن مشمل
وتتناول قصة «الأستاذ المعظم»، شخصية فنان الزخارف طالب بن مشمل المنحي، الذي نقش «محراب مسجد العوينة» خلال عام 970هجرية/ 1562م، تقع في ولاية وادي بني خالد، ومساجد أخرى ما زالت تعاريجها تخفي بصمات أنامله، واليوم كل من يزور المتحف الوطني بمسقط، تتجه أنظاره إلى التحفة الزخرفية التي أبدعها طالب بن مشمل لمسجد العوينة، فقد نُقل المحراب بكامله إلى المتحف، كأنموذج لفن الحفر والتنقيش الزخرفي العماني على ألواح الجص، خلال الثلث الأخير من القرن العاشر الهجري. تبدأ فكرة النص بعشرة من هواة كتابة الخط العربي، أعمارهم بين 12-17سنة، يدخلون دورة تدريبية في مركز التعلم بالمتحف الوطني، وسميت دورة: طالب بن مشمل المنحي، فأخذوا فكرة عن أنواع الخط: الكوفي والبصري، والمكي، والشامي، والمغربي، والمصري والفارسي والثلث والديواني والرقعة والنسخ، وعن أشهر الخطاطين كابن مقلة وآخرين. وتتطرق الدورة إلى بيت في منح، اشتهر أفراده بالكتابة والزخارف على ألواح الجص، وهم؛ الجد: مشمل بن عمر بن محمد المنحي، والابن: طالب بن مشمل بن عمر، والحفيد: علي بن طالب بن مشمل، ونتيجة لإبداع الابن طالب بن مشمل في النقش على الألواح الجصية لقِّب بالأستاذ المعظم، وتنتهي الدورة بتكريم المشاركين، وقيامهم برحلة إلى زيارة أهم المساجد ذات المحاريب المزخرفة، في نزوى ومنح ونخل وبهلا وسمائل وسناو وأدم ووادي بني خالد، والاطلاع على إبداعات طالب بن مشمل، والتعرُّف على مكونات المساجد.
الطبيب الماهر ابن عميرة
وتصور قصة «الطبيب الماهر» شخصية راشد بن عميرة العيني الرُّستاقي، المتوفى في أول القرن الحادي عشر الهجري (1019هـ/ 1610م)، الطبيب المشهور، صاحب كتاب «فاكهة ابن السبيل»، و«زاد المسافر»، الطبيب الذي كتب في مجالات دقيقة في علم الطب التشريحي، والجرَّاح المشهود له بالمهارة.
ذات يوم نُقل إليه امرأة حامل في شهرها التاسع، نطحها ثور وشق بطنها، فاستطاع راشد بن عميرة أن ينقذها وينقذ جنينها، حيث قام بجراحة بارعة صارت حديث الناس، وعالج امرأة انكسرت ساقها وهي تحتطب، فقام بتجبير عظمها المنقض، وتثبيت ساقها بخشبة.
وتسرد القصة أن الطبيب راشد لم يحصر معرفته بطب الإنسان وأدويته، بل اهتم بالطب البيطري، وأن امرأة أهدته مالًا، فبنى به مستوصفًا، مجهزًا بكل ما يحتاجه المرضى.
لقد بذل الطبيب راشد بن عميرة حياته في علم الطب، ممارسة وتأليفًا، وكان يؤكد على تجاربه بقوله: و(لقد شاهدتُ كثيرًا)، و(جيِّد مجرَّب)، و(مما عالجنا به)، و(مما رأينا في زماننا)، و(هذا من الأدوية التي لم نجد لها أثرًا في كتب الطب)، وغيره، مما أثبته في مؤلفاته وأراجيزه العلمية، كأرجوزة «محلات المتطببين ومنهج السالكين»، وله «قصيدة دالية» في تشريح جسد الإنسان، من الرأس إلى القدمين، و«قصيدة رائية» فيها حديث عن القلب والعقل والدماغ، و«قصيدة ميمية» حول تشريح العين والأمراض التي تصيبها، وطرق علاجها، مع رسم للعين، و«رسالة في الكيِّ بالنار»، و«زاد المُسافر»، في جبر الكسور والأدوية.
سعيد عمان وزنجبار
وتتناول قصة «سعيد عمان وزنجبار»، شخصية السلطان سعيد بن سلطان البوسعيدي، الذي حكم عمان وزنجبار أكثر من نصف قرن، خلال المدة من 1804 - 1856م، وشهدت مدة حكمه ازدهارًا اقتصاديًا، فقد أدخل زراعة القرنفل في زنجبار، لتصبح قرونها العطرية في صدارة التوابل التي تُنتجها زنجبار، كما شهدت فترة حكمه استقرارًا وتطورًا في الملاحة والأمن في سواحل الخليج والمحيط الهادي، وبنى أسطولًا تجاريًا وعسكريًا يقارب المائة من مختلف الأحجام والحمولات والتسليح، وأشهر سُفُنه «فتكوريا» و«ليفربول»، وفي فترة حكمه فتح العلاقات مع دول العالم البعيدة، حيث أَوفَد مبعوثه أحمد بن النعمان الكعبي إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1840م، على سفينة «سلطانة»، واستطاع أن يضم في فترة حكمه مدن: بمبا وكلوى ومقديشوا وغيرها.
وبأسلوب شيِّق تأخذنا رحلة أسرية إلى زنجبار، يعرفنا فيها رب الأسرة على قصور السلطان سعيد؛ «بيت متوني»، و«بيت الساحل»، و«بيت الراس»، بما تضمه تلك القصور من حدائق وحيوانات، لتنتهي القصة بوفاة السلطان سعيد في سفينته «فكتوريا»، في رحلة عودتها من مسقط إلى زنجبار، يوم الأحد 20 صفر 1275ه، 19 أكتوبر 1856م، ودفن في مقبرة الأسرة السعيدية بزنجبار.
ماما فاطمة المعمرية
ومن الشخصيات المعاصرة التي قدمتها قصص السلسلة، برزت الدكتورة فاطمة بنت سالم بن سيف المعمرية، في قصة بعنوان: «ماما فاطمة»، ولدت د. فاطمة المعمرية في زنجبار عام 1911م، درست في مصر، وحصلت على شهادة الكفاءة من مدرسة السنيَّة في القاهرة عام 1927م، وعلى الإجازة في الآداب عام 1933م، حتى ترقَّت إلى نيل درجة الدكتوراة عام 1955م، وكان للدكتور طه حسين تأثير كبير في حياتها الثقافية.
تسرد القصة بأسلوب تداعي الذكريات، تتحدث فيه الدكتورة بلسانها، عن حياتها الاجتماعية والثقافية، تتحدث عن نفسها بإلمام لكل ما يخصها، منذ طفولتها في زنجبار، وحتى مرحلة شبابها في القاهرة، وشيخوختها في مسقط. وتكشف القصة تأثير أسرة الدكتورة فاطمة على حياتها المعرفية والثقافية، منذ هجرة جدها ماجد بن سعيد المعمري، وسفرها إلى القاهرة مع جدتها ريا بنت حمد البروانية، وإقامتها في منزل بالقاهرة.
يبدأ السرد في تصاعد مع مسار حياة الدكتورة فاطمة في القاهرة، وينتهي بعودتها إلى عمان عام 1974م، وعملها معلِّمة لمادة اللغة الإنجليزية في مدرسة لوزارة الدفاع، وفي أواخر عمرها أصيبت بكسور وجلطات، أدت إلى صعوبة حركتها ثم شللها بعد ذلك، حتى توفيت في عام 2002م.
أذكى العرب الفراهيدي
تتناول قصة «أذكى العرب» الخليل بن أحمد الفراهيدي، رائد علم العروض، عاش الحياة من عام 100هـ وحتى 170هجرية، وتبدأ القصة بوفد عماني يتألف من أشخاص يذهبون إلى لقاء الخليفة عمر بن عبدالعزيز، من بينهم أحمد الفراهيدي والد الخليل، جاؤوا إليه يشكون ظُلم عامله على عُمان، وانتهى اللقاء بعزل العامل، فعادوا إلى عمان سُعداء، وزادت فرحة أحمد الفراهيدي ببشارة ولادة ابنه الخليل، وبتصعيد أدبي نقرأ حديث الفرح بميلاد الخليل، ونرى مشاهد تشويقية يرسمها الكاتب في القصة، بما يضفي على المولود شيئًا مختلفًا يميِّزه عن غيره. وحين حبا الطفل سمع حكايات أمه وأبيه، وتلقى من أهله صفات النبل والفروسية والتواضع والنباهة، حتى صار أبوه يصحبه في المجالس، مفتخرًا بفصاحته. وتتتالى مشاهد القصة حتى نصل إلى سَفَر الخليل، وتوديعه لأهله في عمان، ليصل إلى البصرة، وينزل حي الأزد، وكانت دولة بني أمية في أزهى حالاتها من الاهتمام بالدواوين والتعريب والترجمة، الأمر الذي هيَّأ للخليل أن يعيش حياة ثقافية، يغترف من معينها. ولم يطل الوقت به حتى صار من أعلم الناس، وصار التلاميذ يقصدونه من كل مكان، وكان سيبويه أحب تلاميذه، كما كان يستقبل الأصمعي والجاحظ والنضر بن شميل والليث بن المظفر، وغيرهم من طلاب العلم، الذين أصبحوا بعد ذلك أعلام العربية الكبار. عاش الخليل بن أحمد حياته في البصرة، بين مجالس العلم، ونبغ في تأليف أول معجم للعربية: «معجم العين»، الذي لا تخلو مكتبة أديب منه، بعد طباعته مُحققًا في 8 أجزاء، كما نبغ في وضع بحور الشعر العربي، وكان يريد أن يضع عِلمًا في الحساب، وفي غمرة تفكيره ارتطم بإحدى أسطوانات المسجد، ووقع مغشيًا عليه، وكانت سببًا في وفاته.
أسد البحار السعدي
وبأسلوب شعري تتدافع لغته وكأنها أمواج بحر، تتناول قصة «أسد البحار» شخصية أحمد بن ماجد السعدي، المولود في جلفار والمتوفى عام 906هجرية، تصور شيئًا من حياة ابن ماجد الذي رسم أسطوريته في عرض البحر ومع السفن، ومع اصطخاب الموج، بدءًا برحلته مع والده إلى البصرة، وتصوير الشاعر قلق أمه عليه، حتى بلغوا شط العرب، واستدعاء والي البصرة لهم، ودخولهم قصره، وترحيب الوالي بـ«أسد البرَّين»، وهو لقب والد أحمد بن ماجد، وحديث الوالي عن نجابة الابن، ومشاهدتهم لعرض مبارزة بالسيف، وعرضًا للأسود والنمور والثعابين، وتقديم الوالي لهم ثوبًا وعِمامَة، وصرَّة فيها دُرَّة، قدمها لأمه بعد عودته إليها.
بعد سنين يُلبسه والده عمامة الرَّبابنة، ليصبح وريثه في البحر، فطاف بحار أفريقيا إلى بلاد الصين، ويسرد النص مشاهد ابن ماجد لغرائب البحار، كالحيتان التي تبدو في حجم سفينة، وتكسيرها للمجاديف، وتقطيعها للحبال، حتى لُقب بأسد البحار، ومبدع البوصلة، والمطور لأدوات الملاحة، ومكتشف البحار العميقة.
وثَّق ابن ماجد علومه التي استنتجها من خبرته في البحر، فظهرت له مؤلفات، بين أراجيز نظمية ونثرية، من كتبه: «حاوية الاختصار» و«بر العرب في الخليج» و«الفوائد»، وتظهر القصة شخصيته ربانًا ماهرًا، وعارفًا بالمسالك البحرية، مستعينًا بآلة الاسطرلاب.
الأستاذ المعظم ابن مشمل
وتتناول قصة «الأستاذ المعظم»، شخصية فنان الزخارف طالب بن مشمل المنحي، الذي نقش «محراب مسجد العوينة» خلال عام 970هجرية/ 1562م، تقع في ولاية وادي بني خالد، ومساجد أخرى ما زالت تعاريجها تخفي بصمات أنامله، واليوم كل من يزور المتحف الوطني بمسقط، تتجه أنظاره إلى التحفة الزخرفية التي أبدعها طالب بن مشمل لمسجد العوينة، فقد نُقل المحراب بكامله إلى المتحف، كأنموذج لفن الحفر والتنقيش الزخرفي العماني على ألواح الجص، خلال الثلث الأخير من القرن العاشر الهجري. تبدأ فكرة النص بعشرة من هواة كتابة الخط العربي، أعمارهم بين 12-17سنة، يدخلون دورة تدريبية في مركز التعلم بالمتحف الوطني، وسميت دورة: طالب بن مشمل المنحي، فأخذوا فكرة عن أنواع الخط: الكوفي والبصري، والمكي، والشامي، والمغربي، والمصري والفارسي والثلث والديواني والرقعة والنسخ، وعن أشهر الخطاطين كابن مقلة وآخرين. وتتطرق الدورة إلى بيت في منح، اشتهر أفراده بالكتابة والزخارف على ألواح الجص، وهم؛ الجد: مشمل بن عمر بن محمد المنحي، والابن: طالب بن مشمل بن عمر، والحفيد: علي بن طالب بن مشمل، ونتيجة لإبداع الابن طالب بن مشمل في النقش على الألواح الجصية لقِّب بالأستاذ المعظم، وتنتهي الدورة بتكريم المشاركين، وقيامهم برحلة إلى زيارة أهم المساجد ذات المحاريب المزخرفة، في نزوى ومنح ونخل وبهلا وسمائل وسناو وأدم ووادي بني خالد، والاطلاع على إبداعات طالب بن مشمل، والتعرُّف على مكونات المساجد.
الطبيب الماهر ابن عميرة
وتصور قصة «الطبيب الماهر» شخصية راشد بن عميرة العيني الرُّستاقي، المتوفى في أول القرن الحادي عشر الهجري (1019هـ/ 1610م)، الطبيب المشهور، صاحب كتاب «فاكهة ابن السبيل»، و«زاد المسافر»، الطبيب الذي كتب في مجالات دقيقة في علم الطب التشريحي، والجرَّاح المشهود له بالمهارة.
ذات يوم نُقل إليه امرأة حامل في شهرها التاسع، نطحها ثور وشق بطنها، فاستطاع راشد بن عميرة أن ينقذها وينقذ جنينها، حيث قام بجراحة بارعة صارت حديث الناس، وعالج امرأة انكسرت ساقها وهي تحتطب، فقام بتجبير عظمها المنقض، وتثبيت ساقها بخشبة.
وتسرد القصة أن الطبيب راشد لم يحصر معرفته بطب الإنسان وأدويته، بل اهتم بالطب البيطري، وأن امرأة أهدته مالًا، فبنى به مستوصفًا، مجهزًا بكل ما يحتاجه المرضى.
لقد بذل الطبيب راشد بن عميرة حياته في علم الطب، ممارسة وتأليفًا، وكان يؤكد على تجاربه بقوله: و(لقد شاهدتُ كثيرًا)، و(جيِّد مجرَّب)، و(مما عالجنا به)، و(مما رأينا في زماننا)، و(هذا من الأدوية التي لم نجد لها أثرًا في كتب الطب)، وغيره، مما أثبته في مؤلفاته وأراجيزه العلمية، كأرجوزة «محلات المتطببين ومنهج السالكين»، وله «قصيدة دالية» في تشريح جسد الإنسان، من الرأس إلى القدمين، و«قصيدة رائية» فيها حديث عن القلب والعقل والدماغ، و«قصيدة ميمية» حول تشريح العين والأمراض التي تصيبها، وطرق علاجها، مع رسم للعين، و«رسالة في الكيِّ بالنار»، و«زاد المُسافر»، في جبر الكسور والأدوية.
سعيد عمان وزنجبار
وتتناول قصة «سعيد عمان وزنجبار»، شخصية السلطان سعيد بن سلطان البوسعيدي، الذي حكم عمان وزنجبار أكثر من نصف قرن، خلال المدة من 1804 - 1856م، وشهدت مدة حكمه ازدهارًا اقتصاديًا، فقد أدخل زراعة القرنفل في زنجبار، لتصبح قرونها العطرية في صدارة التوابل التي تُنتجها زنجبار، كما شهدت فترة حكمه استقرارًا وتطورًا في الملاحة والأمن في سواحل الخليج والمحيط الهادي، وبنى أسطولًا تجاريًا وعسكريًا يقارب المائة من مختلف الأحجام والحمولات والتسليح، وأشهر سُفُنه «فتكوريا» و«ليفربول»، وفي فترة حكمه فتح العلاقات مع دول العالم البعيدة، حيث أَوفَد مبعوثه أحمد بن النعمان الكعبي إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1840م، على سفينة «سلطانة»، واستطاع أن يضم في فترة حكمه مدن: بمبا وكلوى ومقديشوا وغيرها.
وبأسلوب شيِّق تأخذنا رحلة أسرية إلى زنجبار، يعرفنا فيها رب الأسرة على قصور السلطان سعيد؛ «بيت متوني»، و«بيت الساحل»، و«بيت الراس»، بما تضمه تلك القصور من حدائق وحيوانات، لتنتهي القصة بوفاة السلطان سعيد في سفينته «فكتوريا»، في رحلة عودتها من مسقط إلى زنجبار، يوم الأحد 20 صفر 1275ه، 19 أكتوبر 1856م، ودفن في مقبرة الأسرة السعيدية بزنجبار.
ماما فاطمة المعمرية
ومن الشخصيات المعاصرة التي قدمتها قصص السلسلة، برزت الدكتورة فاطمة بنت سالم بن سيف المعمرية، في قصة بعنوان: «ماما فاطمة»، ولدت د. فاطمة المعمرية في زنجبار عام 1911م، درست في مصر، وحصلت على شهادة الكفاءة من مدرسة السنيَّة في القاهرة عام 1927م، وعلى الإجازة في الآداب عام 1933م، حتى ترقَّت إلى نيل درجة الدكتوراة عام 1955م، وكان للدكتور طه حسين تأثير كبير في حياتها الثقافية.
تسرد القصة بأسلوب تداعي الذكريات، تتحدث فيه الدكتورة بلسانها، عن حياتها الاجتماعية والثقافية، تتحدث عن نفسها بإلمام لكل ما يخصها، منذ طفولتها في زنجبار، وحتى مرحلة شبابها في القاهرة، وشيخوختها في مسقط. وتكشف القصة تأثير أسرة الدكتورة فاطمة على حياتها المعرفية والثقافية، منذ هجرة جدها ماجد بن سعيد المعمري، وسفرها إلى القاهرة مع جدتها ريا بنت حمد البروانية، وإقامتها في منزل بالقاهرة.
يبدأ السرد في تصاعد مع مسار حياة الدكتورة فاطمة في القاهرة، وينتهي بعودتها إلى عمان عام 1974م، وعملها معلِّمة لمادة اللغة الإنجليزية في مدرسة لوزارة الدفاع، وفي أواخر عمرها أصيبت بكسور وجلطات، أدت إلى صعوبة حركتها ثم شللها بعد ذلك، حتى توفيت في عام 2002م.