رام الله ـ العُمانية: يتناول الباحث الفلسطيني د. مؤيد عودة كتابا قيما من كتب التراث العربي القديم، هو «العقد الفريد» لابن عبد ربه الذي يعد من أمهات كتب الأدب ذات الطابع الموسوعي الشامل. واتخذ الباحث من الخطب الواردة في «العقد الفريد» أنموذجا لدراسة نصية تداولية، إذ عمد إلى تحليل هذه الخطب وفق مناهج الدراسات اللسانية الحديثة التي تعتمد على النصية والتداولية، واستعان في دراسته بالمنهجين الوصفي والتحليلي. وأشار الباحث في مقدمة كتابه «تحليل الخطاب في كتاب (العقد الفريد): الخُطب أنموذجا»، إلى السمة التي يتميز بها الفكر اللساني الحديث، وهي الانتقال من النظرة الجزئية للخطاب إلى النظرة الشمولية للنص والخطاب المُنجز، ومن نحو الجملة (الجزئي) إلى نحو النص أو علم لغة النص (الكلي). وأوضح أن «العقد الفريد» اشتمل على مائة وعشرين خُطبة موزعة على عصور مختلفة وموضوعات متباينة، وقع اختياره على خمس عشرة خُطبة منها ليبني عليها دراسته التطبيقية، مع مراعاة الاختلاف الزمني وتنوع الموضوعات. وحمل الفصل الأول طابعا تنظيريا، فاشتمل على المادة النظرية للدراسة، من حيث ماهية المصطلحات الواردة، ونشأتها وقواعدها، وتكون هذا الفصل من خمسة مباحث تأسيسية: الخطاب وتحليل الخطاب، النص والنصية، نحو النص، التداولية، الحجاج.

بينما حوت بقية الفصول المادة التطبيقية التحليلية التي ارتكزت على نحو النص في جزء منها، وعلى الأفعال الكلامية والاستلزام الحواري ونظرية الحجاج في الأجزاء الأخرى. فتناول الباحث في الفصل الثاني وسائل الاتساق ووسائل الانسجام في خُطب «العقد الفريد» من خلال نماذج تطبيقية مختارة، وناقش الفصل الثالث الأفعال الكلامية والاستلزام الحواري في الخطب وتضمن تحليلا نصيا لنماذج منها، واختص الفصل الرابع بـدراسة الحجاج في الخُطب من خلال أربعة نماذج مختارة.

وعرض الباحث في خاتمة الكتاب أبرز النتائج التي توصل إليها في دراسته التي وصفها بأنها «درس لساني حديث يهتم بالخطاب، ويعالج عناصر تسهم في توضيح بعض المقاصد التي تخفيها البنية السطحية وراءها.. لأن الآليات التداولية تسمح بالتعمق في مضامين النصوص التراثية من خلال ما صرح به، وما سُكت عنه، لاستكناه خباياها، ومعرفة أسرارها».