القاهرة "د.ب.أ": يَرَى مؤرخون وعلماء مصريات، بأنه على الرغم من أن محافظة القليوبية المصرية، لا تحظى بالكثير من الشهرة في مجال حقل الآثار، إلا أنها من المحافظات الغنية بالمواقع الأثرية التي تضرب بجذورها في أعماق التاريخ المصري، إضافة إلى أن أحد مناطقها الأثرية المعروفة بـ "تل اليهودية" كانت بوابة مصر الشرقية في عصر الهكسوس، وهي منطقة غنية بآثار تعود لعصور أخرى مثل العصر اليوناني والروماني، كما عُثر في منطقة قها بالمحافظة على آثار تعود لعصر رمسيس الثالث.
ومن بين المناطق الأثرية في محافظة القليوبية، مدينة تل أتريب التي يعود تاريخها إلى الأسرة الرابعة في مصر القديمة، والتي أسسها الملك سنفرو قبل قرابة 4500 عام، وتحديدا سنة 2613 قبل الميلاد.
وكانت "أتريب" قديما عاصمة للمقاطعة العاشرة من مقاطعات الدلتا التي قسمها قدماء المصريين إلى 20 مقاطعة، وكان رمزها الثّور الأَسْوَدْ، باعتباره أحد أشكال حورس معبود أتريب المفضل.
وقد اشتق اسم "أتريب" من الاسم المصري القديم "حت – حري – ايب" الذي يعني: قصر الإقليم الأوسط، وفي أواخر العصور الفرعونية سُميّت باسم "هاتريب"، أما في عصر البطالمة والرومان فقد أطلق عليها إسم أتريبس Atribis. وفي العصر القبطى سميت اتريبي. ومن الواضح أيضاً أن الاسم الذي أطلق على مدينة أتريب "حت حرى – ايب" جاء من اسم معبد أتريب.
معبود محلي
وقد عبد المصريون القدماء عددا كبيرا من الآلهة وكان لكل مدينة أو مقاطعة معبودها المفضل وكان معبود مدينة أتريب يتجسد في أحد صور الإله حورس واسمه "حورس – حنت - خنتى"، وكان يعبد في صور شتى، تارة على شكل طفل له خصلة شعر وإصبعه في فمه دلالة على أنه في مرحلة الطفولة والشباب.
وحتى يكون الإله حورس الذي يُعبد فى أتريب له طابع محلى وحتى يتم التفريق بينه وبين حورس الذي يُعبد في مدن أخرى، فقد أضيف إلى اسمه كلمة محلية للدلالة على محلية العبادة فى أتريب ليصبح معبود أتريب "حورس حنت خنتى".
ويشير كتاب "الآثار الفرعونية في محافظة القليوبية" الصادر عن محافظة القليوبية، والمطبوع بمطابع المجلس الأعلى للآثار المصرية عام 2007، إلى أن قلب الإله أوزيريس كان مدفونا في اتريب، وأنه تم العثور في معبد دندرة بقنا على قطعة أثرية عليها نقش يصور بعض أشكال الإله أوزيريس في صوره المختلفة ... وصور الأشخاص يحمل كل منهم صندوقاً خشبياً مكتوب تحت كل منها عبارة "لقد حملت قلب الإله من أتريب إلى دندرة".
وتقع آثار ومعالم مدينة أتريب في القرية التي تحمل نفس الإسم بمحافظة القليوبية، وفي مناطق أخرى، حيث تم العثور مئات القطع الأثرية خلال أعمال بناء وحفر جرت بإشراف المجلس الأعلى للآثار المصرية، ومن بين تلك القطع الأثرية التي عُثر عليها: تمثال للملك نيكاو، وتمثال ملكي يعود لعصر الدولة الوسطى.
بسماتيك يحكم أتريب
وقد نُصّب الأمير "بسماتيك" حاكماً لمدينة أتريب عام 663 قبل الميلاد، وأصبحت المدينة إقطاعية له، وأسند إليه حكم مدينتي "سايس" و"منف"، ثم سنحت له فرصة إنشغال الأشوريين بالحرب مع بابل ليُنصب نفسه فرعونا على مصر شمالها وجنوبها، وبذلك اعتبره المؤرخون مؤسساً للأسرة 26 في مصر القديمة.
وبعد بسماتيك جاء ابنه "نخاو" الذي حكم البلاد لمدة خمسة عشر عاماً، ثم جاء من بعده بسماتيك الثاني، الذي ارتبط بعلاقة وثيقة مع مدينة أتريب، وهو ارتباط أكدته الإكتشافات الأثرية التي شهدتها المدينة، مثل ما حدث بالمصادفة عام 1949 - أي قبل 74 عاما – حين عثر مجموعة من الفلاحين في قرية أتريب على تابوت من الجرانيت تبين للآثاريين أنه يحمل اسم الملكة "تاخوت" زوجة بسماتيك الثاني، وكانت مومياء الملكة مسجّاة كاملة التحنيط داخل التابوت، ويعلو جسدها مجموعة من الحلى الجنائزية التقليدىة أهمها: قناع للملكة من الذهب الخالص، وعصابة للرأس، وصندل للقدمين من الذهب، ومجموعة من التمائم والجعارين، وعشرة أغلفة من الذهب لأصابع اليدين، ومثلهما لأصابع القدمين، ومجموعة من الخواتم والمشغولات الذهبية الدقيقة الصنع.
كما عُثر بداخل التابوت على الجعران الكبير الذي كان يوضع على القلب، وعليه نص لتأكيد شهادته مع المتوفاة في الآخرة، كما عُثر أيضا على لوحة مستطيلة كبيرة من الذهب وهي التى كانت توضع على الفتحة التي كان يفتحها المحنطون بالجسد، كما تم العثور على خاتم لكاهن منقوش عليه اسم الملك بسماتيك الثاني زوج الملكة تاخوت.
بردية هاريس
كما كان للملك رمسيس الثالث علاقة وطيدة أيضا بمدينة أتريب، وتذكر بردية هاريس الشهيرة، مجموعة الهبات التي كان يقدمها الملك رمسيس الثالث لمعبد الإله حورس في مدينة أتريب، وبحسب البردية يقول رمسيس الثالث: "لقد منحت إنعامات عديدة من الماشية المقدسة إلى الإله "حورس – حنت – خنتي" إله مدينة أتريب، وأصلحت جدران معبده وجددته، وضاعفت القرابين الإلهية وأحضرت له جزية من الذهب والفضة والكتان وزيوت وبخور وعسل وثيران وعجول وجعلت له حظيرة للماشية، وأمرت بتنظيم بيت الإله الفخم بمراسيم، وارسلت مندوبين ومفتشين لهذا البيت المقدس ليتأكدوا من سلامة إدارته".
ويشير النص الوارد في بردية هاريس، إلى أن الملك رمسيس الثالث تدخل لعزل الوزير الذي تسبب هو وأتباعه في إفساد معبد الإله "حورس – حنت – خنتي" إله مدينة أتريب، وأعاد الأهالي الذين طردهم الوزير المخلوع من الخدمة، وأنه بذلك أصبح المعبد كالمعابد العظيمة محميا من السوء محفوظاً إلى الأبد".
بقي أن نشير إلى أن مدينة أتريب كانت مسقط رأس المهندس امنحتب بن حابو الذي يعتبر معجزة عصره في فن العمارة، كما برع أيضاً في حل المشكلات الفنية في الميكانيكا والرياضة والحساب والتي كانت تواجه الفرعون في طيبة عاصمة مصر القديمة، وكان امنحتب ابن حابو مقدسا لدي قدماء المصريين، وبالرغم من مسئولياته الكبيرة في طيبة (الأقصر حاليا) إلا أنه عُرف بولائه الشديد لمسقط رأسه في مدينة أتريب.
ومن بين المناطق الأثرية في محافظة القليوبية، مدينة تل أتريب التي يعود تاريخها إلى الأسرة الرابعة في مصر القديمة، والتي أسسها الملك سنفرو قبل قرابة 4500 عام، وتحديدا سنة 2613 قبل الميلاد.
وكانت "أتريب" قديما عاصمة للمقاطعة العاشرة من مقاطعات الدلتا التي قسمها قدماء المصريين إلى 20 مقاطعة، وكان رمزها الثّور الأَسْوَدْ، باعتباره أحد أشكال حورس معبود أتريب المفضل.
وقد اشتق اسم "أتريب" من الاسم المصري القديم "حت – حري – ايب" الذي يعني: قصر الإقليم الأوسط، وفي أواخر العصور الفرعونية سُميّت باسم "هاتريب"، أما في عصر البطالمة والرومان فقد أطلق عليها إسم أتريبس Atribis. وفي العصر القبطى سميت اتريبي. ومن الواضح أيضاً أن الاسم الذي أطلق على مدينة أتريب "حت حرى – ايب" جاء من اسم معبد أتريب.
معبود محلي
وقد عبد المصريون القدماء عددا كبيرا من الآلهة وكان لكل مدينة أو مقاطعة معبودها المفضل وكان معبود مدينة أتريب يتجسد في أحد صور الإله حورس واسمه "حورس – حنت - خنتى"، وكان يعبد في صور شتى، تارة على شكل طفل له خصلة شعر وإصبعه في فمه دلالة على أنه في مرحلة الطفولة والشباب.
وحتى يكون الإله حورس الذي يُعبد فى أتريب له طابع محلى وحتى يتم التفريق بينه وبين حورس الذي يُعبد في مدن أخرى، فقد أضيف إلى اسمه كلمة محلية للدلالة على محلية العبادة فى أتريب ليصبح معبود أتريب "حورس حنت خنتى".
ويشير كتاب "الآثار الفرعونية في محافظة القليوبية" الصادر عن محافظة القليوبية، والمطبوع بمطابع المجلس الأعلى للآثار المصرية عام 2007، إلى أن قلب الإله أوزيريس كان مدفونا في اتريب، وأنه تم العثور في معبد دندرة بقنا على قطعة أثرية عليها نقش يصور بعض أشكال الإله أوزيريس في صوره المختلفة ... وصور الأشخاص يحمل كل منهم صندوقاً خشبياً مكتوب تحت كل منها عبارة "لقد حملت قلب الإله من أتريب إلى دندرة".
وتقع آثار ومعالم مدينة أتريب في القرية التي تحمل نفس الإسم بمحافظة القليوبية، وفي مناطق أخرى، حيث تم العثور مئات القطع الأثرية خلال أعمال بناء وحفر جرت بإشراف المجلس الأعلى للآثار المصرية، ومن بين تلك القطع الأثرية التي عُثر عليها: تمثال للملك نيكاو، وتمثال ملكي يعود لعصر الدولة الوسطى.
بسماتيك يحكم أتريب
وقد نُصّب الأمير "بسماتيك" حاكماً لمدينة أتريب عام 663 قبل الميلاد، وأصبحت المدينة إقطاعية له، وأسند إليه حكم مدينتي "سايس" و"منف"، ثم سنحت له فرصة إنشغال الأشوريين بالحرب مع بابل ليُنصب نفسه فرعونا على مصر شمالها وجنوبها، وبذلك اعتبره المؤرخون مؤسساً للأسرة 26 في مصر القديمة.
وبعد بسماتيك جاء ابنه "نخاو" الذي حكم البلاد لمدة خمسة عشر عاماً، ثم جاء من بعده بسماتيك الثاني، الذي ارتبط بعلاقة وثيقة مع مدينة أتريب، وهو ارتباط أكدته الإكتشافات الأثرية التي شهدتها المدينة، مثل ما حدث بالمصادفة عام 1949 - أي قبل 74 عاما – حين عثر مجموعة من الفلاحين في قرية أتريب على تابوت من الجرانيت تبين للآثاريين أنه يحمل اسم الملكة "تاخوت" زوجة بسماتيك الثاني، وكانت مومياء الملكة مسجّاة كاملة التحنيط داخل التابوت، ويعلو جسدها مجموعة من الحلى الجنائزية التقليدىة أهمها: قناع للملكة من الذهب الخالص، وعصابة للرأس، وصندل للقدمين من الذهب، ومجموعة من التمائم والجعارين، وعشرة أغلفة من الذهب لأصابع اليدين، ومثلهما لأصابع القدمين، ومجموعة من الخواتم والمشغولات الذهبية الدقيقة الصنع.
كما عُثر بداخل التابوت على الجعران الكبير الذي كان يوضع على القلب، وعليه نص لتأكيد شهادته مع المتوفاة في الآخرة، كما عُثر أيضا على لوحة مستطيلة كبيرة من الذهب وهي التى كانت توضع على الفتحة التي كان يفتحها المحنطون بالجسد، كما تم العثور على خاتم لكاهن منقوش عليه اسم الملك بسماتيك الثاني زوج الملكة تاخوت.
بردية هاريس
كما كان للملك رمسيس الثالث علاقة وطيدة أيضا بمدينة أتريب، وتذكر بردية هاريس الشهيرة، مجموعة الهبات التي كان يقدمها الملك رمسيس الثالث لمعبد الإله حورس في مدينة أتريب، وبحسب البردية يقول رمسيس الثالث: "لقد منحت إنعامات عديدة من الماشية المقدسة إلى الإله "حورس – حنت – خنتي" إله مدينة أتريب، وأصلحت جدران معبده وجددته، وضاعفت القرابين الإلهية وأحضرت له جزية من الذهب والفضة والكتان وزيوت وبخور وعسل وثيران وعجول وجعلت له حظيرة للماشية، وأمرت بتنظيم بيت الإله الفخم بمراسيم، وارسلت مندوبين ومفتشين لهذا البيت المقدس ليتأكدوا من سلامة إدارته".
ويشير النص الوارد في بردية هاريس، إلى أن الملك رمسيس الثالث تدخل لعزل الوزير الذي تسبب هو وأتباعه في إفساد معبد الإله "حورس – حنت – خنتي" إله مدينة أتريب، وأعاد الأهالي الذين طردهم الوزير المخلوع من الخدمة، وأنه بذلك أصبح المعبد كالمعابد العظيمة محميا من السوء محفوظاً إلى الأبد".
بقي أن نشير إلى أن مدينة أتريب كانت مسقط رأس المهندس امنحتب بن حابو الذي يعتبر معجزة عصره في فن العمارة، كما برع أيضاً في حل المشكلات الفنية في الميكانيكا والرياضة والحساب والتي كانت تواجه الفرعون في طيبة عاصمة مصر القديمة، وكان امنحتب ابن حابو مقدسا لدي قدماء المصريين، وبالرغم من مسئولياته الكبيرة في طيبة (الأقصر حاليا) إلا أنه عُرف بولائه الشديد لمسقط رأسه في مدينة أتريب.