يبدو أنه لا بُد من الحديث عن أهمية إعادة النظر في آلية عمل بعض مؤسسات المجتمع المدني وضرورة مراجعة قوانينها المنظِمة وتجديد صياغة الأهداف التي أنشئت من أجلها لِما لها من دور مهم في تعميق فكرة التعاون المجتمعي والعمل التطوعي وإيجاد متنفس لأصحاب المواهب أو المِهن ممن أنهوا خدمتهم في مختلف الأجهزة الحكومية ولتكون أكثر تأثيرًا وفاعلية .

الفكرة الرئيسية التي نعرفها جميعًا عن هذه المؤسسات أنها أُوجدت لتقدم للمنتمين لها خدمات ترتبط بمجالهم المهني وهي لا تخضع للتدخل الحكومي الرسمي وذات طابع اجتماعي صِرف، مصدر تمويلها المجتمع بأفراده وكياناته ومؤسساته .

ولأنها تقوم على أُسس غير ربحية وتعتمد على التبرعات، فإن هذه المؤسسات تتلقى بالفعل دعمًا سخيًا يُفترض أن يُستفاد منه في تطوير أدائها وتمكين المنضوين تحت لوائها والتوسع في نشاطاتها ذات الصلة .

لقد أمسى حصول معظم المؤسسات على الدعم المباشر من قِبل جهات «غير حكومية» واقعًا يعلمه الجميع في ظِل إدراك المجتمع أهمية وجود هذه الكيانات الاجتماعية، لكن غياب آلية توظيف ذلك الدعم أدى لوضعه في غير محله ولأغراض لا تمت لأهداف الدعم السامية بصلة .

لعل من بين هذه الأهداف توفير بيئة صحية حاضنة للعضو المنتمي والعمل على تنظيم فعاليات وبرامج حقيقية تدعم توجهاته وتنهض بموهبته وتخدم مهنته بصورة مباشرة لا افتعال أعمال غير واضحة المعالم والهدف أن تخرج في ثوب مشاركات ومؤتمرات دعائية لمجالس الإدارة أو تصميم دورات مُكلِفة ولقاءات بغير مردود إيجابي خارج البلاد بهدف السفر والسياحة والترفيه يمكن عقدها في الداخل بتكاليف أقل أو من خلال الاتصال المرئي بمشاركة أكبر عدد ممكن من الأعضاء .

إن ما يمكن استنتاجه بعد سنوات عديدة من إقرار إنشاء مؤسسات المجتمع المدني أن «بعض» مجالس إداراتها أصبح يشكل عبئا حقيقيًا على هذه المؤسسات بل وصداعًا مزمنًا «أعيا الطبيب المداويا» فبدلًا من قيام هذه المجالس بمهمة خدمة وتطوير المؤسسات والأعضاء المنتمين لها تستفيد هي من الإمكانات المُتاحة بشكل أو بآخر لتحقيق «مآرب أُخرى» بصور متعددة .

ما يبعث على الأسف أن يستغل «البعض» وليس الجميع بالطبع وجوده في مجالس إدارة هذه المؤسسات للبحث عن أمجاد خاصة وتحقيق مصالح ضيقة فلا تتعدى رؤيته تكوين العلاقات النفعية مع الأشخاص والمؤسسات الداعمة واعتبار الجمعيات مصدرًا مشروعًا لتحقيق غاياته، الأمر الذي يدفع بالتساؤل عن جدوى إنشاء هذه المؤسسات وماذا حققت؟

لعل أخطر نتيجة لرؤى ضبابية كهذه تتعدى تعطيل المؤسسات عن القيام بواجباتها وأدوارها وحرمان المجتمع من وجودها إلى نفور ذوي الاختصاص من الاشتراك في عضويتها ليحل محلهم آخرون لا علاقة لهم بالمهن التي يُفترض أن ترعاها وإيجاد جو من التوتر لا يهدأ بين المؤسسة والمهني الحقيقي الذي يبحث عن مكان له في بيت هو مالكه .

لا شك أن ما يحدث داخل أروقة بعض مؤسسات المجتمع المدني والذي يعلمه القريبون منها وممن ينتمون لها يستدعي ضرورة مراجعة القوانين المنظِمة لإنشائها بل وتعيين لجان مستقلة تقوم بالإشراف عليها وتقييم عملها تقييمًا موضوعيًا لضمان جودة أدائها وتوظيف أي دعم يقدم لها بما يخدم أعضاءها ويعمق ثقافة العمل التطوعي الذي سيشكل مع الجهود الحكومية عملاً متكاملًا غايته خدمة المجتمع والارتقاء بمؤسساته الاجتماعية .

آخر نقطة

تكمن السعادة أحيانًا في تفاصيل صغيرة لا يراها البعض ولا يستشعرها .. مصدر هذه السعادة اتصال هاتفي مُبهج غير متوقع أو رسالة طال انتظارها .. حديث نابع من القلب مع صديق أو تناول فنجان قهوة بمعية حبيب .. جلسة حب عائلية بعد عناء أسبوع من العمل . السعادة نحن من يصنعها ويصممها بكثير من القناعة وقليل من الإمكانات .