عرف دائما وآلة العود لا تفارقه، يعزف على الأوتار بمهارة وإحساس، يعبر بين الألحان ليصنع منها ما تلذ الأسماع له، يجيد الترنم بصوته الشجي على أنغام متعددة، الملحن والمغني والعازف زياد الحربي، الذي صار اسمه مؤخرا مرتبطا بـ«بن عبادي» وهي الأغنية الوطنية التي عبرت بكل بيت عماني، وترددت عبر ألسن الكثيرين، وصارت صوتا يتبادر لأذهان الشعب العماني عند إنشاء أي فيديو وطني عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتخطى صدى هذا الأغنية ونجاحها الوطن العربي، لتكون مهد إنشاء مشروع وطني، تتالت على إثره مجموعة من الأعمال الغنائية، ولا تزال مستمرة.

زياد الحربي يتحدث بصوت الموسيقى في حوار لـ«جريدة عمان» حول شغفه بالموسيقى ومستقبله في مجال الأغنية العمانية.

نبدأ منذ بداية الشغف بالموسيقى.. وحديث عن بدايات «زياد» في المجال الموسيقي.

بدايتي في الموسيقى كانت من المدرسة والمنزل لأني تربيت في أسرة موسيقية وفنية حيث كان إخواني كثيرا ما يعزفون وكنت أحضر بروفاتهم.

بدأت أعزف وأنا في عمر السادسة، وهو الذي ساعدني من ناحية التأسيس السليم وتقوية الحس الموسيقي والسمعي، والحفظ أيضا وكانت بدايتي على الأورج.

أما آلة العود فقد بدأت تقريبا في عام 2001 وكانت انطلاقتي الاحترافية بالعزف مع فرقة موسيقى وكورال الشباب التابعة للهيئة العامة للأنشطة الثقافية والشبابية -آنذاك- وخلال تلك المرحلة تعلمت المقامات الشرقية والعزف على مستوى فرق متكاملة.

في أي جانب يجد زياد نفسه أكثر .. الغناء أو العزف أو التلحين؟!

أرى نفسي في جانب التلحين والعزف أكثر من الغناء. طبعا يبقى الغناء متاحا بين فترة وفترة حسب طبيعة الأعمال، ولكني أرى أن مجال التلحين والتأليف الموسيقي والعزف هما الأقرب، وفي هذين المجالين أجد التحدي لقلة العاملين فيهما وأيضا يتيح الفرصة لنا بأن نساهم بصورة أكبر في إثراء الساحة الفنية العمانية بأعمال جديدة تضاف لرصيد الإنتاج العماني الفني والإبداعي.

دعنا نتحدث عن علاقتك بالأغنية الوطنية وما تمثله في مسيرتك الفنية؟

الأغنية الوطنية لها معزة خاصة لدي، وخصوصا أن أول لحن ألفته وعرفني على الجمهور كملحن هو لحن لعمل وطني بعنوان «لمقامك السامي»، من كلمات وإشراف الدكتور صالح الفهدي وتوزيع الفنان رائد الفارسي. تلاها عدد من الأعمال والتي لاقت نجاحا وانتشارا كبيرا مثل يا بن عبادي وشطفة فوادي وراعية الليسو، وهي أعمال مثلت مرحلة مهمة في مسيرتي الفنية ومن الأعمال التي أفتخر وأعتز بها. ألم يكن الخوض في مجال الأغنية الوطنية تحديا كبيرا في ظل قوة ما يحويه أرشيف الفن العماني من أغنيات لها جمهورها؟

بالطبع، وفي فترة من الفترات ابتعدت عن تقديم الأعمال الوطنية لأن كمية الانتشار والإنتاج كانت كبيرة، وكنت حريصا ألا أقدم أي عمل إلا إذا كان مميزا ومبتكرا، وهذا مبدأ عام أؤمن به بقوة.

وفيما يخص أرشيف الفن العماني الوطني، حاولت أن أسلط الضوء عليه في عمل «ميدلي الوطن» الذي جمع عددا كبيرا من الأغاني الوطنية من مراحل وحقب مختلفة في عمل واحد وشعرت بالفخر أثناء تنفيذ هذا العمل، لأننا شعرنا بالقيمة الموسيقية والفنية للأغاني الوطنية العمانية والتي قدمها نخبة من الفنانين والملحنين العمانيين سواء من الجيل السابق كشادي عمان، وابن الساحل، وسالم علي سعيد، وعبدالله الصفراوي، أو من فناني وملحني الجيل الحالي كالسيد خالد بن حمد والسيد شبيب بن المرادس وفتحي محسن وصلاح الزدجالي.

ماذا عن الجمهور الذي يملك ذائقة ومعايير عالية للفنون الموسيقية وبالأخص أغاني المناسبات.. ألم يشكل ذلك تحديا لك؟

إرضاء ذائقة الجمهور يعد دائما التحدي الأكبر لأي فنان خصوصا في ظل اختلاف شرائح المجتمع وذائقتهم. الجمهور العماني جمهور عالي الذوق ووصل إلى مرحلة متقدمة من الوعي الموسيقي ويصعب إرضاءه إلا بالأعمال المميزة.

في بعض الأعمال نستهدف شريحة معينة من الجمهور وهذا من باب التخصصية أو التنويع في الفنون وإبراز الثراء الثقافي، إلا أن الجمهور -في بعض الأحيان- لا يستوعب توجه عمل معين والجمهور لا يلام لأنه متعطش ومتلهف لسماع أي جديد وهذا حق مشروع. ونسعى في بن عبادي جروب أن ننوع في أعمالنا بحيث نرضي أكبر شريحة من الجمهور.

بالحديث عن «بن عبادي».. هل كنت تتوقع لها كل ذاك النجاح؟

لم أتوقع الانتشار العربي والخليجي للأغنية، ولكن كنت متوقعا نجاحها محليا ولمسنا هذا الشيء من بدايات تأسيس الفكرة وخلال مراحل تنفيذ العمل.

وهل هي المهد لإنشاء «بن عبادي جروب»؟

نعم. نجاح عمل بن عبادي أعطانا دافعا كبيرا كفريق أن نواصل البحث في الموروث، وعزز ثقتنا بالفنون العمانية الشعبية بإمكانية أن تكون لها هوية خاصة وقابلة للانتشار خليجيا وعربيا وعالميا وعليه تم إنشاء بن عبادي جروب، طبعا وجود أهداف ومبادئ رئيسية مشتركة بيني أنا وزملائي الأعزاء الشاعر والإعلامي حميد البلوشي والصديق الفنان نبراس الملاهي ساهم في تشكيل الجروب، وهذا أمر مهم جدا رغم أن علاقتنا الفنية علاقة قديمة وجمعتنا أعمال سابقة قبل تدشين الجروب ولكن ارتأينا أيضا تأطير مبادئنا وخلق هوية تعكس توجهنا في المرحلة القادمة وهو تطوير ودعم انتشار الفنون العمانية الشعبية.

ماذا عن الأغنية الوطنية الحديثة.. هل استطاعت تحقيق رسالتها وفرضت وجودها، لا سيما في ظل وسائل التواصل الاجتماعي؟

أعتقد أن الأغنية الوطنية العمانية الحديثة تطورت بشكل كبير في السنوات الماضية، وأصبح التنافس وسقف التوقعات عاليا ليس فقط على مستوى الإنتاج الصوتي ولكن البصري أيضا، كما لمسنا تشكل هوية موسيقية عمانية خاصة للأعمال الوطنية، وهذا ما كنا نفتقده في السابق وأصبح هناك ترقب من قبل الجمهور الخليجي والعربي أيضا وهذا شيء نفتخر به. ولا شك أن وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في هذا الانتشار.

ما هو المسار الذي تسلكه في قادم الوقت بما يتعلق بالجانب الفني؟

مواصلة تطوير الفنون العمانية الشعبية وتقديمها بقالب حديث بالإضافة إلى تلحين الأعمال العاطفية.