1 - ليس شرطا أن يكون الشخص مُصابًا بانفصام الشخصية إذا ما تبين أنه يعيش بشخصيتين متناقضتين الأولى داخل المنزل والثانية خارجه.. ولا يعني ذلك بالطبع أنه بحاجة إلى زيارة اختصاصي نفسي لأنه يعي تمامًا ما هو فاعل ومستوعب لمبررات تلك الازدواجية.

في البيت بين زوجته وأبنائه يلبس الرجل شخصيته الأولى شخصية المأزوم المتوتر متقلب المزاج الذي لا يقبل الحوار.. ما إن يضع خطوته الأولى داخل البيت حتى يبدأ الجو في التكهرب فتنفجر عصبيته وتطفو هموم عمله التي يرفض إغلاق أدراج المكتب عليها.. تطفو بصورة تلقائية.. يبحث بدأب عن أي سبب لإحداث مشكلة.

يُعرف عن صديقنا أنه «جِنتل» كما يقولون في التعامل مع الآخرين- من غير أهل بيته- خاصة الأصدقاء إذ يخلع أثناء السفر معهم وفي المقاهي والمطاعم والمناسبات الرسمية شخصية المتجهم الصلفُ ويستبدلها بشخصية المُهذب فيظهر مفتوح الشهية على المِزاح و«التنكيت» وسرد القصص والمغامرات ما صدق منها وما كذب.. ليس هو ذلك الذي ينقل توترات بيئة عمله إلى غرفة نومه إذ يشترط على الحضور ترك ما للعمل لوقت العمل بمقولته الشهيرة: «من البداية أقولكم لا تجيبوا لنا هموم العمل ومشاكله، سادنا منها».

الشخص راقي التعامل هذا يؤمن أنه في البيت يجب أن يكون صارمًا حازمًا «مُحَمّرا عينيه» صوته وهديره آمرًا ناهيًا هو فقط ما يجب أن يُسمع.. لا وقت لديه للجلوس مع زوجته لتداول أي حوار حول إدارة شؤون حياتهما أو تربية الأبناء فمهمة التربية ليست مهمته.. يكرر على الدوام أنه نسي الكثير من المعلومات التي تخص المواد التعليمية و«ما فيه بارض يذاكر حال حد».. لا متسع لديه للمشاوير الأُسرية.. إنه على مدى 24 ساعة مشغول مشغول مشغول.

2 - جاء قرار وزارة التربية والتعليم الذي وجه إدارات المدارس بعدم إقامة «حفلات التخرج» الدراسي للطلاب في مختلف المراحل الدراسية ليمنع التوسع الذي بات خارج السيطرة في هذا الجانب.

وقد نص القرار على عدم السماح بتجميع أي مبالغ مالية من الطلبة أو أولياء أمورهم لتنفيذ تلك الحفلات لما تشكله هذه المناسبات من عبء مالي ونفسي على أولياء الأمور وكذلك المعلمات على وجه الخصوص.

ربما لا يعلم البعض أن إقامة هذه الحفلات لها نتائج سلبية ليس أقلها من الضغط على ميزانية ولي الأمر والمعلمات فليس كل ولي أمر قادر على شراء الملابس التي تخص المناسبة أو المساهمة في المبالغ المستحقة لتكلفة استئجار القاعات في الأندية أو المزارع وتلك التي تُوجهُ لشراء الهدايا مما يُضطر كثير من المعلمات لتغطية النفقات ونقص تلك المبالغ من رواتبهن.

مما يتوجب ذكره أن الوزارة استثنت احتفالات تكريم الطلبة المجيدين في الدراسة والأنشطة المدرسية وسمحت بإقامتها لما لها من مردود إيجابي على الطلاب المجيدين وممن يطمحون أن يكونوا يومًا ما من بين هؤلاء المجيدين.

3 - بات من الضروري جدًا إعادة النظر في أداء «بعض» مؤسسات المجتمع المدني وتقييم أعمالها المُحددة لها وبرامجها التي يُفترض أن تستهدف شريحة المنضوين تحت لوائها تقييما موضوعيا.

كما أصبح من الأهمية بمكان أن تُمحِص الجهة المختصة بتأسيسها في طرق وأساليب انتخاب مجالس إدارات هذه المؤسسات ومراقبتها لأن انحرافها عن الأهداف التي أُسست من أجلها إلى اللهاث خلف مصالح شخصية ضيقة واعتبار مناصبها دائمة وأبدية لا يجب المساس به يُفقد هذه المؤسسة مصداقيتها ويُحيلها إلى شركة استثمار خاصة بأشخاص معينين وهو أمر لا يجب السكوت عنه.

آخر نقطة يأبى الإنسان الكريم النفس إلا أن يعيش كريمًا مرفوع الهامَة وإن عِيل صبره بسبب متاعب الحياة أو تبعثرت أحلامه نتيجة لسوء الطالع. إن كرامة النفس البشرية وسموها ترتبط بالترفع عن الدنايا وعدم ارتضاء الذل الذي يورِثُ المذلة والهوان.

يقول شاعر الأزارقة وفارسهم قطري بن الفجاءة: وَما لِلمَرءِ خَيرٌ في حَياةٍ إِذا ما عُدَّ مِن سَقَطِ المَتاعِ

عمر العبري كاتب عماني