للعيد نكهة خاصة، حيث تجتمع العائلات في أجواء جميلة مفعمة بمشاعر الفرح الدفء الأسري، وفي المقابل يعيش الطلبة المبتعثون للدراسة في الخارج لحظات العيد وأفراحه بعيدا عن ذويهم وأقربائهم، ولا يملكون سوى قنوات التواصل الاجتماعي والاتصالات الهاتفية لتهنئة أهاليهم، ثم يجتمعون في بلاد الغربة لإحياء طقوس العيد وفق التقاليد العمانية.

يقول خالد بن وليد السعدي، (مبتعث بمملكة نيذرلاندز): قضاء العيد بعيدا عن عائلاتنا تجربة صعبة، ومع ذلك، كطلاب، أنشأنا عائلتنا الخاصة هنا، ونحتفل بهذه المناسبة معا بطريقة لا تنسى، حيث ندعو بعضنا البعض لقضاء أيام العيد في إحدى المدن، وكانت مدينة ڤينلو وجهتنا المفضلة على مدار العامين الماضيين. وأوضح «تبدأ أنشطتنا من خلال ارتداء الملابس العمانية التقليدية (الدشداشة والمصر) والذهاب إلى صلاة العيد في أحد مساجد المدينة، ثم نجتمع معا لإعداد وجبة العرسية، في هدف جعل تجربة العيد في الأراضي المنخفضة مشابه لذلك العيد في بلادنا سلطنة عمان، وعلى الرغم من كوننا بعيدا عن عائلاتنا فإننا نحرص على البقاء على اتصال معهم ونقدم تهاني العيد بهذه المناسبة الميمونة، وتمتلئ احتفالاتنا بالحب والدفء والشعور بالعمل الجماعي، مما يجعلنا نشعر وكأننا في المنزل حتى عندما نكون على بعد أميال من أحبائنا.

حنين الأهل

وقالت الطالبة ميس بنت علي الحارثية (مبتعثة في نيوزلندا): مشاعر العيد لها طابع خاص، ومن أقرب المشاعر للقلب، ولا تكمل فرحة العيد إلا بوجود الأهل والأطفال والأحبة من الأقارب، وهذه المرة احتفلت بالعيد بعيدا عن أهلي ووطني، ولكن مهما تغير الزمان تظل فرحة العيد فرحة صادقة نابعة من القلب، واحتفلنا في العيد مع زملائنا الطلبة في الجمعية العمانية في دنيدن، وبعدها انطلقنا لجولة لاحد الأماكن السياحية في نيوزلندا وتناولنا فطور العيد مع الأصدقاء، ولا أخفي لكم شوقي لأقضي العيد في عُمان ولكن لكل تضحية هنالك نتيجة مفرحة بإذن الله».

تشاركها الفرحة أختها ميرا بنت علي الحارثية (طالبة بجامعة دبلن التكنولوجية في إيرلندا)، حيث قالت: هذا أول عيد بالنسبة لي بعيدا عن بلدي الحبيبة، وأهلي ورغم البعد إلا أن التواصل موجود لذا حرصت على الاستيقاظ مبكرا لأجري مكالماتي الهاتفية، وإرسال التهاني لعائلتي وأقاربي، وبعدها ذهبت مع صديقاتي إلى المسجد بدبلن حيث يتجمع المسلمين في أيرلندا للصلاة العيد، وبعدها تجمعنا في سكن إحدى الزميلات وقمنا بتجهيز وتحضير الحلويات وإعداد العرسية باللحم واستضفنا زميلاتنا من دول الخليج لمشاركتنا فرحة العيد وتجربة أكلتنا الشهيرة العرسية التي نالت على أعجابهم، ورغم أن أجواء العيد هنا تختلف عن بلدنا إلا أننا لم نشعر إلى أنه يوم عابر فقد لبسنا ملابس العيد وعشنا اليوم بكل تفاصيله الجميلة.

مراسم العيد

وقالت مريم الغمارية (مبتعثة في سكوتلندا): كنت أسمع دائما بأن العيد هو العائلة والوطن وأن وجودنا في ظل العائلة هو عيدٌ كل يوم، وقد آمنت وصدقت هذه المقولة أكثر عندما غادرنا أوطاننا، ولم تغادرنا هي. يأتي العيد حاملا الفرحة ليأخذنا بغتة من ضغط الدراسة في كلية الطب، وهو يضفي على أيامنا البهجة ويجدد طاقاتنا ويؤنسنا، وما زال في داخلي تشوق الطفل الصغير للعيد مهما اختلفت الأمكنة والأزمنة والذي لم يرضه إلا أن اشتري فستان العيدِ وأجهز العيدية، وأعلن بفرح أن العيد عاد! نجتمع مع صديقاتنا في كل عيد لنشعل مظاهر الاحتفال في أماكننا الصغيرة. وأضافت: «مراسم عيدنا أصبحت لقاء الرفقة في الصباح الباكر، وقضاء اليوم بين الأحاديث والقهوة، وتناول الحلويات والتباهي باللباس الجديد، فنجلس وتجلس الفرحة معنا، وتبادلنا أطراف الحديث، هكذا أقضي عيدي بعيدا عن الوطن بشيء من الشوق إليه، وشيء من الرضا لما أنا فيه اليوم.

الطالبة دارين بنت يحيى الحبسية (مبتعثة في أمريكا) تقول: المحزن في الأمر أنني للعام الثاني على التوالي يصادف قدوم العيد، وأكون خارج الوطن بسبب ارتباطاتي الدراسية، ولكن ماذا بوسعي أن أفعل سوى الاتصال بأهلي، وتهنئتهم بالعيد السعيد، وبفضل الله زاد عدد الطلبة من دول الخليج، وبالتنسيق مع الجمعيات الخليجية نحتفل مع بعضنا البعض في جو تشوبه اللحمة والأخوة، وقمنا بإعداد الفعاليات والمسابقات ولبس الملابس التقليدية.

مظاهر الاحتفالات

ومن مملكة نيذرلاندز أيضا يقول المبتعث سامي بن سالم النظيري: «إنَّ الاحتفال بعيد الفطر السعيد لدى الطلاب العمانيين في نيذرلاندز ينطوي على مظاهر رائعة ومتنوعة تجسد روح المحبة والتآخي، وقد شهدت أعياد الفطر الماضية زخات من الفرح والبهجة، وتعالت أصوات التكبير والتهليل لتنير سماء المدينة وتعكس روح هذه المناسبة العظيمة والمباركة لدى المسلمين».

وأضاف: «رغم مساحة مملكة نيذرلاندز الصغيرة نسبيا، إلا أنَّها لعبت دورا فعالا في تقارب وتواصل مجتمعات الطلاب العمانيين في نيذرلاندز، حيث تزدهر العلاقات الإنسانية والاجتماعية بينهم، وتبادل التهاني والأماني في ظل جو من السعادة والفرح، ومن مظاهر احتفالات العمانيين في مملكة نيذرلاندز بعيد الفطر السعيد الذهاب لصلاة العيد، حيث يرتدون أجمل ملابسهم، فالمجتمع الهولندي مجتمع منفتح ومتقبل ومتسامح مع الناس بكل أطيافهم ومعتقداتهم، وبعد صلاة العيد نتبادل التهاني والأماني في أجواء من الفرح والسعادة، ويتجه الطلاب العمانيون إلى منازلهم لطبخ المأكولات التقليدية مثل: (العرسية) والحلويات المختلفة، وتمثل هذه المناسبات المباركة فرصة لإبراز الهوية والتقاليد العمانية والموروثات الثقافية، وفي هذا الاحتفال المبارك تتجسد دائما روح المحبة والتضامن بين أبناء الوطن الواحد.