بخجل يطل العيد على السوريين، وبخجل يستقبلونه كما لايليق به من مظاهر كانت ملتصقة بهم دائما، ولكن سنوات الحرب الـ 12 حرمتهم منها، كما حرمتهم من الفرح به كما يجب.
ذاكرة السوريين لم تزل نشطة وهم يحاولون النهوض من جديد، ويسترجعون الذكريات الجميلة على إيقاع الغلاء الذي حل بهم وحرمهم من حلوى العيد وثياب العيد وبهجة العيد.
قبل يومين على قدوم عيد الفطر السعيد تعج أسواق دمشق بالمارة ويعتبر سوق الحميدية "وسط دمشق" وما حوله من أسواق مثل "الحريقة، والجابية، والعصرونية والخياطين والمسكية وسوق العرائس ومدحت باشا" هم الأكثر ازدحاما لأنها الأكثر تنوعا في السلع ومن كل الأصناف ولكل الأعمار والأرخص بالنسبة للمواطنين، كما أن زيارة هذه الأسواق بمثابة زيارات ترفيهية جميلة لكل الأسر وبالأخص قبل الأعياد، حيث يشترون منها غالبية الألبسة لما تتميز به من تنوع.
كما لا تتوقف الحركة والازدحام في أسواق ثلاث رئيسية بدمشق هي: الصالحية والحمراء والشعلان وهنا تشعر بقدوم العيد تماما، ولكن تلفت انتباهك الحسرة في عيون الناس حيث لا يستطيعون شراء إلا ما ندر من هنا بسبب غلاء الألبسة.
سألت أم مع أطفالها ماذا اشتريت لهم من اجل العيد..؟ ردت بحسرة "أشياء بسيطة جدا، بنطال وقميص أو كنزة لكل منهم، وجئت بهم إلى هنا من أجل أن يشعروا بفرحة قدوم العيد ليس إلا.."
وفي وسط دمشق أيضا "عين الكرش" تم تنصيب بعض الألعاب البسيطة للأطفال "مراجيح" حيث يعتبر مكان تجمع للأطفال كي يلعبوا قليلا، وعلى مقربة منها توجد حديقة المالية وفيها عدد لابأس به من العاب الأطفال وتصبح الحديقة مقصدا للأهالي للجلوس فيها مع بعض مايحضرون معهم من الطعام كونها مجانية.
جولة فرح
خلال جولة على عدد من الأحياء والتواصل مع الأصدقاء في المدن القريبة بدمشق، لأجل الوقوف على مايتم الإعداد له من أجل العيد، تحدث الغالبية أن استقبال العيد أكثر ضجيجا هذه المرة من خلال مشاهدة التحضير له في الأماكن التي أعدت لاستقبال الأهالي وأطفالهم كما في ساحة ركن الدين وحي جرمانا وفي مدينة دوما والمعضمية وجديدة عرطوز بريف دمشق وعنها يقول أبو أنور: "مبادرات جميلة لاستقبال العيد في الأحياء والمدن، ولكن القدرة الشرائية ضعيفة، ومن أين لعائلة مؤلفة من عدة أطفال أن تؤمن لهم كل مستلزمات العيد من البسة وحلويات ومصاريف، لذلك أحيانا نذهب الى الحدائق المجانية لتسليتهم وتعويضهم بعض الشيء، أما مدن الملاهي فهي ليست لنا أبدا".
حلويات العيد
تغيب غالبية مظاهر العيد المتعلقة بتحضير أصناف الحلوى الخاصة به من البيوت بسبب الغلاء الفاحش لمكوناته من فستق وجوز ولوز وصنوبر وطحين وسكر، ناهيك عن انقطاع الكهرباء حيث تعتبر الأهم من اجل صنع الحلوى في الأفران.
كانت العائلات السورية قبل كل عيد تعمل ما يحلو لها من الحلوى وأشهرها المعمول والعجوة والبرازق، ولكل محافظة من المحافظات السورية حلوى خاصة فيها تتميز بها عن غيرها بالمذاق والإسم.
تروي السيدة ندى أم كميل عما تقوم بتحضيره للعيد من حلوى بكثير من الحسرة فتقول: "راتب موظف لشهر كامل لايمكن أن تشتري به كيلو معمول أو غريبة من السوق، كنا قبل كل عيد وبمثل هذه الأيام نحضر كل هذه الحلويات في بيوتنا، معمول وكليجة وغريبة وبسكويت وعجوة بتمر وغيرها ولكننا اليوم نادرا ما نعملها بسبب غلاء المواد الأولية، كما أن الكهرباء لا تأتي سوى ساعة في النهار أو الليل وهي لا تكفي من اجل عمل الحلويات".
سوق الميدان
يعتبر سوق الميدان من أشهر أسواق دمشق الغذائية حيث يعج بكل أصناف المأكولات والحلويات السورية، ومنه تشعر أن الحياة هنا لا تتوقف أبدا، لكثرة الازدحام به ليلا ونهار، وفي الليل يكون أكثر ازدحاما وجمالا بسبب الأنوار المتلألئة والزينة التي تميزه ويجعله مقصد الجميع، هنا تشعر بأن للعيد مكان في حياة السوريين، وهنا تشعر أيضا بما تجود به الأيادي المحترفة من غذاء، أبو جمال الميداني صاحب محل حلويات تحدث قائلا: "هذا السوق من اعرق الأسواق الدمشقية، العيد يبدأ هنا ويستمر هنا، أنظروا الى هذا الجمال والفرحة في عيون الناس بعودة الحياة، حتى لو كان كل هذا الازدحام "على الفاضي" ولا أحد يشتري بسبب الغلاء ولكنه ازدحام يرد الروح فعلا، نعاني من ضعف القوة الشرائية، في الأعياد السابقة وقبل الغلاء كان البيع أكثر وأكثر، استطعنا تصنيع أصناف خاصة بذوي الدخل المحدود وهي تناسب البعض، لأن الحلوى التي فيها حشوة فستق وجوز وغيرها غالية جدا، نتمنى الفرج والفرح، وكل عام وانتم بخير".
فرحة الحوالات
كيف يتدبر السوريين أمورهم قبل العيد في ظل الغلاء الفاحش، يرد أبو علي الغليوم: " نحمد الله ونشكره أنه لدينا أحبة في الخارج يقومون بتحويل بعض المال لسداد هذه المتطلبات، ويساعدنا الفرق في سعر الصرف في الشراء، لاتزال الدنيا بخير، ونأمل أن يكون العيد القادم أجمل وأفضل".
ويعيش غالبية السوريين على الحوالات التي تأتيهم من ذويهم في الخارج، حيث يحاولون أن يتدبروا أمورهم المعيشية، ففي العيد تكون التكاليف أكثر، وشراء بنطال وقميص وحذاء يحتاج الى حوالي350 ألف ليرة "50 دولار تقريبا"،
ومن مدينة دوما، تأتي الصور والفيديوهات من الأصدقاء هناك حيث تعج الأسواق في المساء بالناس وهم يتسوقون للعيد، وتزدحم الشوارع بالناس وتكثر البسطات على الأرصفة فيما تم تجهيز الساحات بالألعاب من أجل الأطفال وتبدو هذه المدينة تعود إليها الحياة بشكل رائع ومتميز، وغالبية أهالي المدينة ممن يعملون في المهن الحرة، يحاولون التكيف مع الأوضاع الجديدة واستقبال العيد بفرح رغم كل الدمار الذي حل بها، من أجل بث الفرح في وجوه الأطفال وتأمين أدنى المستلزمات المطلوبة للعيد.
محاولات للحياة
يحاول السوريون الفرح بالعيد ما استطاعوا لذلك سبيلا من خلال التعامل مع الواقع رغم ما يحمل من مرارة العيش والتغلب عليه قدر ما يستطيعون، وأن يغسلوا عن كواهلهم أدران الحرب بمظاهر الفرح مهما كانت صعبة المنال.
كل الاسواق والساحات في المدن السورية تعج بالحركة، والبهجة لقدوم العيد مع ان الزيارات بين الأحبة باتت قليلة ولكنها لم تتوقف في ابرز مظهر من مظاهر العيد وهو زيارة القبور عقب صلاة العيد مباشرة حيث لاينسى الأحياء موتاهم ويضعون على قبورهم أكاليل الآس الأخضر والورود.
انه العيد الرابع والعشرين منذ بداية الحرب، الحياة لم تتوقف، ولاتزال الأعياد تأتي في مواعيدها، وينتظره الأطفال بعيون بريئة ليكسروا رتابة الحزن في عيون أهاليهم، الحزن المنقوع بالمرارة والانتظار والفقد والغلاء الذي سرق منهم بهجة العيد.
ذاكرة السوريين لم تزل نشطة وهم يحاولون النهوض من جديد، ويسترجعون الذكريات الجميلة على إيقاع الغلاء الذي حل بهم وحرمهم من حلوى العيد وثياب العيد وبهجة العيد.
قبل يومين على قدوم عيد الفطر السعيد تعج أسواق دمشق بالمارة ويعتبر سوق الحميدية "وسط دمشق" وما حوله من أسواق مثل "الحريقة، والجابية، والعصرونية والخياطين والمسكية وسوق العرائس ومدحت باشا" هم الأكثر ازدحاما لأنها الأكثر تنوعا في السلع ومن كل الأصناف ولكل الأعمار والأرخص بالنسبة للمواطنين، كما أن زيارة هذه الأسواق بمثابة زيارات ترفيهية جميلة لكل الأسر وبالأخص قبل الأعياد، حيث يشترون منها غالبية الألبسة لما تتميز به من تنوع.
كما لا تتوقف الحركة والازدحام في أسواق ثلاث رئيسية بدمشق هي: الصالحية والحمراء والشعلان وهنا تشعر بقدوم العيد تماما، ولكن تلفت انتباهك الحسرة في عيون الناس حيث لا يستطيعون شراء إلا ما ندر من هنا بسبب غلاء الألبسة.
سألت أم مع أطفالها ماذا اشتريت لهم من اجل العيد..؟ ردت بحسرة "أشياء بسيطة جدا، بنطال وقميص أو كنزة لكل منهم، وجئت بهم إلى هنا من أجل أن يشعروا بفرحة قدوم العيد ليس إلا.."
وفي وسط دمشق أيضا "عين الكرش" تم تنصيب بعض الألعاب البسيطة للأطفال "مراجيح" حيث يعتبر مكان تجمع للأطفال كي يلعبوا قليلا، وعلى مقربة منها توجد حديقة المالية وفيها عدد لابأس به من العاب الأطفال وتصبح الحديقة مقصدا للأهالي للجلوس فيها مع بعض مايحضرون معهم من الطعام كونها مجانية.
جولة فرح
خلال جولة على عدد من الأحياء والتواصل مع الأصدقاء في المدن القريبة بدمشق، لأجل الوقوف على مايتم الإعداد له من أجل العيد، تحدث الغالبية أن استقبال العيد أكثر ضجيجا هذه المرة من خلال مشاهدة التحضير له في الأماكن التي أعدت لاستقبال الأهالي وأطفالهم كما في ساحة ركن الدين وحي جرمانا وفي مدينة دوما والمعضمية وجديدة عرطوز بريف دمشق وعنها يقول أبو أنور: "مبادرات جميلة لاستقبال العيد في الأحياء والمدن، ولكن القدرة الشرائية ضعيفة، ومن أين لعائلة مؤلفة من عدة أطفال أن تؤمن لهم كل مستلزمات العيد من البسة وحلويات ومصاريف، لذلك أحيانا نذهب الى الحدائق المجانية لتسليتهم وتعويضهم بعض الشيء، أما مدن الملاهي فهي ليست لنا أبدا".
حلويات العيد
تغيب غالبية مظاهر العيد المتعلقة بتحضير أصناف الحلوى الخاصة به من البيوت بسبب الغلاء الفاحش لمكوناته من فستق وجوز ولوز وصنوبر وطحين وسكر، ناهيك عن انقطاع الكهرباء حيث تعتبر الأهم من اجل صنع الحلوى في الأفران.
كانت العائلات السورية قبل كل عيد تعمل ما يحلو لها من الحلوى وأشهرها المعمول والعجوة والبرازق، ولكل محافظة من المحافظات السورية حلوى خاصة فيها تتميز بها عن غيرها بالمذاق والإسم.
تروي السيدة ندى أم كميل عما تقوم بتحضيره للعيد من حلوى بكثير من الحسرة فتقول: "راتب موظف لشهر كامل لايمكن أن تشتري به كيلو معمول أو غريبة من السوق، كنا قبل كل عيد وبمثل هذه الأيام نحضر كل هذه الحلويات في بيوتنا، معمول وكليجة وغريبة وبسكويت وعجوة بتمر وغيرها ولكننا اليوم نادرا ما نعملها بسبب غلاء المواد الأولية، كما أن الكهرباء لا تأتي سوى ساعة في النهار أو الليل وهي لا تكفي من اجل عمل الحلويات".
سوق الميدان
يعتبر سوق الميدان من أشهر أسواق دمشق الغذائية حيث يعج بكل أصناف المأكولات والحلويات السورية، ومنه تشعر أن الحياة هنا لا تتوقف أبدا، لكثرة الازدحام به ليلا ونهار، وفي الليل يكون أكثر ازدحاما وجمالا بسبب الأنوار المتلألئة والزينة التي تميزه ويجعله مقصد الجميع، هنا تشعر بأن للعيد مكان في حياة السوريين، وهنا تشعر أيضا بما تجود به الأيادي المحترفة من غذاء، أبو جمال الميداني صاحب محل حلويات تحدث قائلا: "هذا السوق من اعرق الأسواق الدمشقية، العيد يبدأ هنا ويستمر هنا، أنظروا الى هذا الجمال والفرحة في عيون الناس بعودة الحياة، حتى لو كان كل هذا الازدحام "على الفاضي" ولا أحد يشتري بسبب الغلاء ولكنه ازدحام يرد الروح فعلا، نعاني من ضعف القوة الشرائية، في الأعياد السابقة وقبل الغلاء كان البيع أكثر وأكثر، استطعنا تصنيع أصناف خاصة بذوي الدخل المحدود وهي تناسب البعض، لأن الحلوى التي فيها حشوة فستق وجوز وغيرها غالية جدا، نتمنى الفرج والفرح، وكل عام وانتم بخير".
فرحة الحوالات
كيف يتدبر السوريين أمورهم قبل العيد في ظل الغلاء الفاحش، يرد أبو علي الغليوم: " نحمد الله ونشكره أنه لدينا أحبة في الخارج يقومون بتحويل بعض المال لسداد هذه المتطلبات، ويساعدنا الفرق في سعر الصرف في الشراء، لاتزال الدنيا بخير، ونأمل أن يكون العيد القادم أجمل وأفضل".
ويعيش غالبية السوريين على الحوالات التي تأتيهم من ذويهم في الخارج، حيث يحاولون أن يتدبروا أمورهم المعيشية، ففي العيد تكون التكاليف أكثر، وشراء بنطال وقميص وحذاء يحتاج الى حوالي350 ألف ليرة "50 دولار تقريبا"،
ومن مدينة دوما، تأتي الصور والفيديوهات من الأصدقاء هناك حيث تعج الأسواق في المساء بالناس وهم يتسوقون للعيد، وتزدحم الشوارع بالناس وتكثر البسطات على الأرصفة فيما تم تجهيز الساحات بالألعاب من أجل الأطفال وتبدو هذه المدينة تعود إليها الحياة بشكل رائع ومتميز، وغالبية أهالي المدينة ممن يعملون في المهن الحرة، يحاولون التكيف مع الأوضاع الجديدة واستقبال العيد بفرح رغم كل الدمار الذي حل بها، من أجل بث الفرح في وجوه الأطفال وتأمين أدنى المستلزمات المطلوبة للعيد.
محاولات للحياة
يحاول السوريون الفرح بالعيد ما استطاعوا لذلك سبيلا من خلال التعامل مع الواقع رغم ما يحمل من مرارة العيش والتغلب عليه قدر ما يستطيعون، وأن يغسلوا عن كواهلهم أدران الحرب بمظاهر الفرح مهما كانت صعبة المنال.
كل الاسواق والساحات في المدن السورية تعج بالحركة، والبهجة لقدوم العيد مع ان الزيارات بين الأحبة باتت قليلة ولكنها لم تتوقف في ابرز مظهر من مظاهر العيد وهو زيارة القبور عقب صلاة العيد مباشرة حيث لاينسى الأحياء موتاهم ويضعون على قبورهم أكاليل الآس الأخضر والورود.
انه العيد الرابع والعشرين منذ بداية الحرب، الحياة لم تتوقف، ولاتزال الأعياد تأتي في مواعيدها، وينتظره الأطفال بعيون بريئة ليكسروا رتابة الحزن في عيون أهاليهم، الحزن المنقوع بالمرارة والانتظار والفقد والغلاء الذي سرق منهم بهجة العيد.