مخرج عماني استطاع أن يصل بالأعمال العمانية المسرحية إلى مهرجانات عالمية وعربية ليعود منها بالجوائز الرفيعة، عُرف بلقب «ملك السينوغرافيا» في الأوساط الفنية العربية، فهو الذي يترك بصمته الواضحة في أعماله، بصمة من روحة وإبداعه الذي يصنع الإبهار لدى المتلقي. المخرج يوسف البلوشي، قدم الكثير للحراك المسرحي العماني، هو صاحب فكرة أول مهرجان مسرحي مخصص للطفل حمل عنوان «مهرجان مزون لمسرح الطفل» نسبة إلى فرقة مزون التي أسسها وما زالت تقدم العديد من الأعمال، أسس شركة إنتاج «الكهف الأزرق» لينتج من خلالها العديد من الأعمال الدرامية من إخراجه كذلك، فهو المخرج الدرامي والمسرحي والسينمائي الذي سجل في رصيد أعماله إنتاجات متنوعة قاطفا من كل بستان زهرة، ويقدم في هذا الشهر المبارك مسلسل «حينما تعزف الريح»، يوسف البلوشي «أبو أنس» كان معنا في هذا الحوار، فإلى ما دار:
أنت اليوم صاحب مؤسسة إنتاج، مؤسسة الكهف الأزرق، ولديك عمل ربما حدث تأخير في عرضه، وهذا ما تعانيه الكثير من مؤسسات الإنتاج في الخليج العربي، من ضعف إقبال القنوات على شراء الأعمال الدرامية، بوجهة نظرك كيف ترى سوق الإنتاج الدرامي؟
أولا، لا بد أن أعبر عن سعادتي بنجاح مسلسل «حينما تعزف الريح» الذي يعرض اليوم على قناة سلطنة عمان وقناة البحرين، فما أتلقاه من ردود أفعال إيجابية من الجمهور يعطيني مؤشرا على نجاح العمل، كان لدي طموح أن ينتشر العمل خليجيا على مستوى القنوات، وذلك لأن العمل خليجي مشترك من إنتاج مؤسسة الكهف الأزرق بشكل خاص بمشاركة نجوم خليجيين، اعتقدت بداية أن المشوار سيكون سهلا، خاصة مع أسماء النجوم الخليجيين، ولكن لمست حقيقة مدى صعوبة تسويق الأعمال الدرامية الخليجية، هي تجربتي الأولى بدخول السوق، وهو سوق شديد المنافسة خاصة على الخارطة الرمضانية، وهناك شركات كبيرة ولها مكانتها التاريخية والفنية جميعها تدخل المنافسة، وكأول تجربة لي أستطيع القول إنها تجربة شبه ناجحة بأن يعرض عملنا على قناتين خليجيتين. هذه التجربة أعطتني درسا تعلمت من خلاله الكثير، فعرفت أن هناك سماسرة لتسويق الأعمال، وعرفت وجهة نظر القنوات في شراء الأعمال، مثلا وجود بطل العمل الفنان القدير جاسم النبهان في العمل كان سببا في عزوف بعض القنوات عنه، ليست المسألة شخصية، ولكن القنوات تقول إن لديها عملا من بطولة الفنان جاسم النبهان، لذلك لا يمكن شراء عمل آخر من بطولة الفنان ذاته، وهذه كلها دروس تعلمتها من التجربة الأولى.
هي تجربتك الأولى، ولمست فيها من الصعوبة الكثير، هل ستخوض تجربة الإنتاج الدرامي مرة أخرى؟
هذا السؤال طرحته على نفسي، وبعد تفكير طويل وتأنٍ أطول، أقول بأنني لا أستبعد خوض التجربة مرة أخرى، الخسارة بالنسبة لي كبيرة في إنتاج هذا المسلسل، صحيح أن العمل تم شراؤه، ولكن وفق العرض المتاح الذي لا يفي حقا بأجور الممثلين المشاركين، التجربة القادمة ربما ستكون مشتركة مع شركة أخرى، سأدرس موضوع التسويق جيدا بالمرة القادمة.
يوسف البلوشي، هو مخرج مسرحي بالمقام الأول، هل تتفق معي بذلك؟
بدايتي بالفن التشكيلي، والفن التشكيلي هو صورة، والصورة هي السينما والدراما والمسرح، ربما أجد نفسي بالمسرح لسبب، وهو أن العمل الدرامي والسينمائي ليس متاحا كما هو الحال بالنسبة للمسرح، وذلك نظرا للتكلفة المالية المرتفعة، العدوة دائما للمسرح، والعشق دائما للمسرح، ولكن إن سنحت لي الفرصة ووجدت الدعم المادي فأعتقد أنني سأضع المسرح جانبا وأتجه إلى الإنتاج الدرامي والسينمائي ذي المردود الأكبر إذا عرفنا مفاتحه، اليوم أنا ألجأ إلى المسرح حتى لا أتوقف فنيا، أريد أن أكون موجودا إن لم أكن في الدراما والسينما فسأكون في المسرح، وفي فرقة مزون المسرحية نحن موجودون دائما محليا وخارجيا، بالتالي ليس صحيحا أنني مخرج مسرحي بالمقام الأول، بل أنا مخرج بشكل عام وأجد نفسي بالدراما والسينما أكثر، ولكني لم أجد الفرص السانحة، هناك زمن طويل بين إنتاج درامي وآخر.
أنا دائما أقول، إن لي هدفا، وهو أن أصل بالأعمال العمانية إلى آفاق أرحب، وصلت بالمسرح العماني إلى العالمية، وإن كان لي بالعمر بقية فسآخذ الدراما العمانية إلى الخليجية وإلى العربية، لدينا من الإمكانيات الكثير، لا ينقصنا إلا الدعم، لدينا بيئة عمانية متنوعة التضاريس وهي هبة من الله لا نجدها في أي دولة خليجية، نستطيع توظيف البيئة بالأعمال التاريخية، والأعمال الحديثة، والأعمال الصحراوية، والأعمال البحرية، كل ذلك بشكل طبيعي، وهذه ميزة مهمة يجب استثمارها بالدراما، هذا بالإضافة إلى الموروث الشفهي المليء بالقصص والحكايات من مسندم إلى ظفار، إلى جانب القضايا الاجتماعية التي يمكن توظيفها بأعمال ونصوص درامية.
أعمال يوسف البلوشي، سواء أكانت مسرحا أو دراما أو سينما، تحمل دائما بصمات خاصة، منها أنها تميل إلى التراجيديا المطلقة، لماذا هذا الخط التراجيدي في أعمالك؟
يُقال من الصعب أن تُضحك الناس، ويقال من السهولة أن تبكيهم بعمل حزين، الكوميديا ليست سهلة، وألفت انتباهك إلى شيء، أن أول عمل مسرحي من إخراجي «ريالي وعيالي» كان عملا كوميديا من الدرجة الأولى، وقدمت مسرحيات كوميدية جميلة جدا، ولكن وجدت أن العمل الجاد والحكاية الدرامية تبقى راسخة في أذهان الجمهور أكثر من الكوميديا، أنا أحب النوعين بالمناسبة، ولكني أخاف من الكوميديا لسبب، الجمهور عندما تقدم له كوميديا ماذا تقدم له كذلك، يجب أن يكون العمل ذا قيمة ورسالة وهدف، وهذا ما أخشاه، أن تغيب الرسالة في الأعمال الكوميدية، مع أننا نملك أسماء فنية رائعة في المجال الكوميدي، مثل عبدالحكيم الصالحي، والصلت السيابي، ونجم الجرادي، وهناك مجموعة كبيرة من الفنانين أستطيع أن أقدم من خلالهم عملا كوميديا رائعا، ولكن الواقع يقول لا يوجد نص كوميدي حقيقي يُكتب لهؤلاء.
وفي عملي المسرحي الأخير «مدق الحناء» أعتمد على كسر الحدة السوداوية بمشاهد كوميدية، أريد دائما أن أقدم الكوميديا مع التراجيديا في نفس الوقت، ولكني شخصيا صاحب خيال واسع أسرح في تكوين الصورة من خلال الطبيعة، أحاول ترجمة ما يجول في خيالي كصورة للمشاهد من خلال مشهد سينمائي أو درامي أو مسرحي.
ولدي عمل تراثي شعبي، وهو عمل درامي، وفيه خط كوميدي، أطمح للاشتغال عليه، وسأكشف عنه لاحقا إذا سنحت الفرصة .
تقول إنه إذا فتحت أمامك الفرص للإنتاج الدرامي فستتوقف عن الأعمال المسرحية، وفي رصيدك إنجازات مسرحية على المستوى الدولي، هذه الإنجازات المشهود لها ألا تدفعك لمواصلة الاشتغال بالمسرح؟
بالنسبة للمسرح هناك إنجازات حققتها بفضل المولى وتوفيقه، ثم بفضل فريق العمل في مسرح مزون، ولكل من تعاون معنا، هذه الإنجازات أتت بعد اشتغال طويل حتى صنعنا مسارا وطريقا للإنتاج المسرحي، عرفنا ماذا نريد، وصلت إلى مرحلة متقدمة، لا أقول إنني اكتفيت، بالتأكيد سأستمر بالمسرح، ولكن يجب أن أقلل وأتجه إلى الدراما، هذه خطتي الشخصية وطموحي وتوجهي، اليوم حققت الكثير من الإنجازات في المجال المسرحي، أرى أنني بحاجة إلى تحقيق الإنجازات في المجال الدرامي والسينمائي، أرى أنني قادر على حمل هذه الراية، ولدي من الأفكار ما يرقى بالدراما العمانية إلى الأفضل، بالحديث عن مسلسل «حينما تعزف الريح» فقد اشتغلت على إنتاجه بأقل الإمكانيات، باشتغال شباب عمانيين، البعض منهم يدخل لأول مرة في مجال العمل الدرامي، بالمقابل نرى أن الإنتاجات الدرامية الخليجية الأخرى يقف خلفها فريق محترف ومتمرس وقوي يُدفع له بالملايين، بينما نحن نحاول النحت على الصخر حتى نخرج بعمل درامي مميز وبإمكانيات بسيطة، وأنا أقول إن توفرت الإمكانيات والمادة فأنا أجزم أنني سأقدم عملا دراميا ضخما.
المسرح لا يفي بتحقيق طموحاتي، طموحي أكبر وهو أن أصل بالدراما العمانية إلى مصاف الدول الخليجية العربية، ولدينا القدرة، اليوم نشاهد أعمالا خليجية وصلت إلى مشاهدات عالية ونجاحات كبيرة، وإذا سألنا عن الأسباب فهي بالمقام الأول الدعم المادي السخي.
في السلطنة حققنا إنجازات في مجال المسرح بشكل عام، الإخراج، والنص، وإذا جئنا للنصوص فلدينا كتاب نصوص مسرحية حققوا العديد من الإنجازات، منهم الكاتب الشاب أسامة الشقصي، الذي فاز للمرة الثانية على التوالي بجائزة الشارقة للتأليف المسرحي، والعديد من الكتاب، ولكن ليس لدينا حراك درامي، لذلك لا بد من تركيز الجهود للارتقاء بالدراما العمانية.
في اعتقادي أن موضوع الارتقاء بالدراما ليس معقدا، يجب الجلوس في طاولة واحدة ووضع خطة واستراتيجية، يجب توفير الدعم السخي، وأتمنى من كافة الجهات المعنية بما فيها وزارة الإعلام ووزارة الثقافة والرياضة والشباب، وكذلك وزارة التراث والسياحة، وكذلك الشركات الخاصة الكبيرة، بأن يولوا اهتماما بالحركة الدرامية وأن يخصصوا مبلغا يؤسس لصندوق خاص بدعم الحركة الفنية، مسرحية كانت أو درامية.
نعود للمسرح مرة أخرى، ولنتحدث عن تجربة فرقة مزون المسرحية السباقة في إقامة أول مهرجان على مستوى الخليج مخصص لمسرح الطفل، باسم «مهرجان مزون الدولي لمسرح الطفل»، ما مصير هذا المهرجان؟
هذا المهرجان بدأ محليا في نسخته الأولى في عام 2007، وبعد سنوات منه انطلقت النسخة الثانية على مستوى الوطن العربي في عام 2011، وآخر نسخة من المهرجان كانت في عام 2016 أقمنا «مهرجان مزون الدولي لمسرح الطفل» بمشاركة العديد من الدول العربية والغربية، ومنذ ذلك الحين لم يشهد المهرجان النسخة الرابعة منه، رغم المطالبات من الأصدقاء والفنانين باستمرارية هذا المهرجان، ولكن تبقى القضية الأبرز والتحدي الأكبر في الجانب المادي، وفي كل نسخة تزيد التكلفة أكثر، إذ يتطلب المهرجان تطورا من كافة النواحي، ومنها جانب الضيافة، يجب أن يسكن الضيوف في أفضل الأماكن وأرقاها، ومن ناحية التجهيزات الفنية، موضوع النسخة الرابعة من المهرجان ما زال في البال ومحل اهتمام وتفكير، وبحسب الخطة أطمح إلى استقطاب عروض من القارتين الأمريكيتين، والصين، وكوريا، الموضوع المادي هو الحائل بيننا وبين إقامته.
عند إقامة مهرجان مسرحي محلي واستضافة مشاركات دولية فيه، أو عند مشاركة الفرق العمانية في المهرجانات الخارجية، فإننا بذلك نبعث برسالة إلى العالم بأن الحركة المسرحية في عمان ناضجة وقوية، ومن خلال مشاركتنا الأخيرة في مهرجان فجر الدولي في إيران تحققت هذه الغاية، فقد وقف الجمهور الدولي منبهرا بالعرض العماني «مدق الحناء» وتلقينا العديد من العروض للمشاركة في مهرجانات دولية منها في روسيا وكوريا.
وقبل ذلك تلقيت شخصيا العديد من الدعوات للمشاركة في المهرجانات، منها مهرجان بغداد الدولي للمسرح، ومهرجان «مسرح بلا إنتاج الدولي» بالإسكندرية.
مدير مهرجان «مسرح بلا إنتاج» اتصل بي قائلا إن كان لدي أي عمل فهو مدعو للمشاركة مباشرة بصرف النظر عن العنوان أو النص، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على ثقة وتقدير وإيمان بقدراتي الفنية، فقد فزنا بجائزة أفضل عرض متكامل في نسخته السابقة، وفي مهرجان قرطاج الذي يعد واحدا من أكبر مهرجانات المسرح على المستوى الدولي حققنا جائزة أفضل سينوغرافيا، لست الوحيد من أخذ على عاتقه حمل راية سلطنة عمان دوليا، وهذا هو المهم، بل هناك أسماك كثيرة حققت ذلك منهم محمد النبهاني، عماد الشنفري، جاسم البطاشي، وغيرهم من الأسماء، فالحركة المسرحية العمانية بخير، وبقي أن نأخذ على عاتقنا تطوير الدراما والسينما.
عُرِفتَ بلقب «ملك السينوغرافيا» وفي العديد من اللقاءات التي أقوم بها مع فناني الخليج يشيدون بتجربتك المسرحية، مؤكدين هذا اللقب، ما هي السينوغرافيا بمفهوم يوسف البلوشي، في ظل التعريفات المتعددة للمصطلح؟
أكاديميا وباختصار، السينوغرافيا هو تأثيث للمسرح، مثلا نحن في هذا المكان هناك تأثيث، طاولة بزاوية معينة، وكرسي مقابل الآخر، مزهرية، هذا أكاديميا، أما بالنسبة لي أرى أن السينوغرافيا هي روح أي عرض مسرحي، هي الصورة المشهدية، الصورة البصرية، ومثال ذلك عندما أقف في مكان ما أنظر إلى غروب الشمس بتأمل مليء بالتسبيح والإعجاب، أنظر إلى القمر وانعكاسه على الماء، وهذا ما أريد تحقيقه على المسرح، أن يشاهد المتفرج هذه الدهشة على المسرح، أن أكون مشهدا ممزوجا بالموسيقى أو الصوت والديكور والممثل والأزياء والإضاءة لتصنع مشهدا باهرا، السينوغرافيا هي خلطة حركية سمعية بصرية، أريد أن أشبع عين المتلقي بالصورة المقترنة بالحركة والصوت حتى يعيش هذا المشهد، هذه كله بخلاف النص والحوار.
السينوغرافيا متمكنة مني، حتى في الدراما، فأنا أحاول أن أكون صورة للمشاهد بما أسميه بـ «الزاوية المنشقة»، وقد يختلف معي الكثير لأنه من التعارف في تصوير الدراما أن هناك الزاوية العمودية، والزاوية المنخفضة، والزاوية المرتفعة،، أما ما أسميه بـ «الزاوية المنشقة» فهي الزاوية التي لا يتوقعها المشاهد، ربما من زاوية بين كوب قهوة وزهرية، أو زاوية من فتحة صغيرة، أم من بين سياج، أنا أستعمل هذا النوع من التصوير ولكن ليس في كل موقف أو لحظة.
نلاحظ تعاونات مع كتاب من ظفار بشكل كبير، لماذا هذا الارتباط؟
بل هناك العديد من التعاونات بيني وبين كتاب من السلطنة ومن الوطن العربي، وربما هناك أكثر من تعاون مع الكاتب نعيم فتح نور وهو من أبناء محافظة ظفار، الذي مسلسل «حينما تعزف الريح» من تأليفه، وكذلك قدمت العمل المسرحي «عشق في الصحراء» في مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي، تحكي قصة تراثية تناولها الكاتب العماني محمد الشحري -وهو من أبناء محافظة ظفار كذلك- في روايته «موشكا»، وقام بإعدادها للعرض المسرحي الكاتب نعيم فتح نور، ونعمل الآن على تقديم العرض في المسرح الكلاسيكي بإعداد نعيم فتح نور كذلك ولكن باسم «موشكا» وسنقدمه في المهرجانات الدولية القادمة التي ننوي المشاركة بها، كما أعده نعيم كنص لفيلم سينمائي، وتحويل الرواية إلى نص مسرحي مخصص للمسرح الصحراوي يختلف عن تحويله لنص مسرحي كلاسيكي وعن نص لعمل سينمائي، وهذه قدرة يمتلكها الكاتب نعيم نور، هو كاتب أحب الاشتغال معه لأنه كذلك يكتب أعمالا إنسانية، وتعاونت معه كثيرا، من ذلك مسلسل «سدرة»، وفيلم «قلوب ضريرة»، وأعمال أخرى تشترك جميعها بأنها أعمال إنسانية.
وارتباطي بصلالة تحديدا يعود إلى طفولتي، فأنا منذ ذلك الحين أحب أغنيات فنان من أبناء صلالة، وهو الفنان «مسلم علي عبدالكريم»، كما أنني أحب صلالة كبلد، بمناخها وجمالياتها وطبيعتها الآسرة، تلك العوامل التي أثرت على أبناء الولاية الجنوبية، فتجد هذا التأثر واضحا، فالكثير من أبناء صلالة إما شاعر، أو مطرب، أو ممثل.
وكذلك عملت مع الكاتب عماد الشنفري وقدمت أعمالا مسرحية من تأليفه.
ماذا تقول في ختام هذا الحوار؟
أنا سعيد حقيقة بهذه الفرصة، وسعيد بردود الأفعال التي أتلقاها من متابعي مسلسل «حينما تعزف الريح»، الكثير من مشاهدي المسلسل يبدون إعجابهم، خاصة من الجمهور البحريني والسعودي، وما تلمسته أن العمل مشاهد بالبحرين والسعودية بشكل أكبر من السلطنة، وهناك انتقاد بطبيعة الحال، فلا يوجد عمل كامل بشكل تام، وأنا أتلقى تلك الانتقادات بصدر رحب، وعطفا على نجاح العمل ما زلت أوجه الشكر لوزارة الثقافة والرياضة والشباب، وخصوصا السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي وكيل الوزارة للثقافة، فلولا هذا الرجل لما خرج العمل للنور، فقد وقفت معي الوزارة بشكل كبير لوجستيا وبالمخاطبات التي سهلت علي موضوع التصوير بالمواقع المتعددة.
وأتمنى حقيقة عودة إسناد الإنتاج لشركات الإنتاج الخاصة، التي تملك من المعدات الكثير والتي تكلف الآلاف، والتي لديها أسماء فنية كبيرة.
في الأخير أقدم كل الشكر لكل القائمين على الدراما العمانية.. إلى وزارة الإعلام.. إلى معالي الدكتور عبدالله الحراصي وزير الإعلام.. إلى سعادة وكيل الوزارة محمد البلوشي.. وإلى إدارة تلفزيون سلطنة عمان، وأنا كصاحب مؤسسة إنتاج على استعداد للوقوف مع الدراما العمانية.
وأنا أقول إن الدراما جزء أصيل في تنمية وحضارة أي دولة، أحد الأصوات انتقدت الإنفاق على الدراما، وهذا خطأ كبير، يجب الإنفاق على الدراما لأنها واجهة بلد، لأنها وسيلة ترفيه ومحتوى ذو رسائل ويجب الاهتمام به أكثر والإنفاق للارتقاء به، ومن خلال الدراما يتم تقديم صورة سياحية للترويج لسلطنة عمان، كما حدث في الكثير من التجارب، فمن خلال إنتاجاتها الدرامية سوقت للحركة السياحية لديها، إذن هناك مردود غير مباشر من وراء الإنفاق على الدراما، ولكن يجب الارتقاء بالإنتاج الدرامي، وأتمنى من وزارة السياحة دعم الحركة الفنية لما فيها من مردود وتعريف بعُمان أمام العالم.
أنت اليوم صاحب مؤسسة إنتاج، مؤسسة الكهف الأزرق، ولديك عمل ربما حدث تأخير في عرضه، وهذا ما تعانيه الكثير من مؤسسات الإنتاج في الخليج العربي، من ضعف إقبال القنوات على شراء الأعمال الدرامية، بوجهة نظرك كيف ترى سوق الإنتاج الدرامي؟
أولا، لا بد أن أعبر عن سعادتي بنجاح مسلسل «حينما تعزف الريح» الذي يعرض اليوم على قناة سلطنة عمان وقناة البحرين، فما أتلقاه من ردود أفعال إيجابية من الجمهور يعطيني مؤشرا على نجاح العمل، كان لدي طموح أن ينتشر العمل خليجيا على مستوى القنوات، وذلك لأن العمل خليجي مشترك من إنتاج مؤسسة الكهف الأزرق بشكل خاص بمشاركة نجوم خليجيين، اعتقدت بداية أن المشوار سيكون سهلا، خاصة مع أسماء النجوم الخليجيين، ولكن لمست حقيقة مدى صعوبة تسويق الأعمال الدرامية الخليجية، هي تجربتي الأولى بدخول السوق، وهو سوق شديد المنافسة خاصة على الخارطة الرمضانية، وهناك شركات كبيرة ولها مكانتها التاريخية والفنية جميعها تدخل المنافسة، وكأول تجربة لي أستطيع القول إنها تجربة شبه ناجحة بأن يعرض عملنا على قناتين خليجيتين. هذه التجربة أعطتني درسا تعلمت من خلاله الكثير، فعرفت أن هناك سماسرة لتسويق الأعمال، وعرفت وجهة نظر القنوات في شراء الأعمال، مثلا وجود بطل العمل الفنان القدير جاسم النبهان في العمل كان سببا في عزوف بعض القنوات عنه، ليست المسألة شخصية، ولكن القنوات تقول إن لديها عملا من بطولة الفنان جاسم النبهان، لذلك لا يمكن شراء عمل آخر من بطولة الفنان ذاته، وهذه كلها دروس تعلمتها من التجربة الأولى.
هي تجربتك الأولى، ولمست فيها من الصعوبة الكثير، هل ستخوض تجربة الإنتاج الدرامي مرة أخرى؟
هذا السؤال طرحته على نفسي، وبعد تفكير طويل وتأنٍ أطول، أقول بأنني لا أستبعد خوض التجربة مرة أخرى، الخسارة بالنسبة لي كبيرة في إنتاج هذا المسلسل، صحيح أن العمل تم شراؤه، ولكن وفق العرض المتاح الذي لا يفي حقا بأجور الممثلين المشاركين، التجربة القادمة ربما ستكون مشتركة مع شركة أخرى، سأدرس موضوع التسويق جيدا بالمرة القادمة.
يوسف البلوشي، هو مخرج مسرحي بالمقام الأول، هل تتفق معي بذلك؟
بدايتي بالفن التشكيلي، والفن التشكيلي هو صورة، والصورة هي السينما والدراما والمسرح، ربما أجد نفسي بالمسرح لسبب، وهو أن العمل الدرامي والسينمائي ليس متاحا كما هو الحال بالنسبة للمسرح، وذلك نظرا للتكلفة المالية المرتفعة، العدوة دائما للمسرح، والعشق دائما للمسرح، ولكن إن سنحت لي الفرصة ووجدت الدعم المادي فأعتقد أنني سأضع المسرح جانبا وأتجه إلى الإنتاج الدرامي والسينمائي ذي المردود الأكبر إذا عرفنا مفاتحه، اليوم أنا ألجأ إلى المسرح حتى لا أتوقف فنيا، أريد أن أكون موجودا إن لم أكن في الدراما والسينما فسأكون في المسرح، وفي فرقة مزون المسرحية نحن موجودون دائما محليا وخارجيا، بالتالي ليس صحيحا أنني مخرج مسرحي بالمقام الأول، بل أنا مخرج بشكل عام وأجد نفسي بالدراما والسينما أكثر، ولكني لم أجد الفرص السانحة، هناك زمن طويل بين إنتاج درامي وآخر.
أنا دائما أقول، إن لي هدفا، وهو أن أصل بالأعمال العمانية إلى آفاق أرحب، وصلت بالمسرح العماني إلى العالمية، وإن كان لي بالعمر بقية فسآخذ الدراما العمانية إلى الخليجية وإلى العربية، لدينا من الإمكانيات الكثير، لا ينقصنا إلا الدعم، لدينا بيئة عمانية متنوعة التضاريس وهي هبة من الله لا نجدها في أي دولة خليجية، نستطيع توظيف البيئة بالأعمال التاريخية، والأعمال الحديثة، والأعمال الصحراوية، والأعمال البحرية، كل ذلك بشكل طبيعي، وهذه ميزة مهمة يجب استثمارها بالدراما، هذا بالإضافة إلى الموروث الشفهي المليء بالقصص والحكايات من مسندم إلى ظفار، إلى جانب القضايا الاجتماعية التي يمكن توظيفها بأعمال ونصوص درامية.
أعمال يوسف البلوشي، سواء أكانت مسرحا أو دراما أو سينما، تحمل دائما بصمات خاصة، منها أنها تميل إلى التراجيديا المطلقة، لماذا هذا الخط التراجيدي في أعمالك؟
يُقال من الصعب أن تُضحك الناس، ويقال من السهولة أن تبكيهم بعمل حزين، الكوميديا ليست سهلة، وألفت انتباهك إلى شيء، أن أول عمل مسرحي من إخراجي «ريالي وعيالي» كان عملا كوميديا من الدرجة الأولى، وقدمت مسرحيات كوميدية جميلة جدا، ولكن وجدت أن العمل الجاد والحكاية الدرامية تبقى راسخة في أذهان الجمهور أكثر من الكوميديا، أنا أحب النوعين بالمناسبة، ولكني أخاف من الكوميديا لسبب، الجمهور عندما تقدم له كوميديا ماذا تقدم له كذلك، يجب أن يكون العمل ذا قيمة ورسالة وهدف، وهذا ما أخشاه، أن تغيب الرسالة في الأعمال الكوميدية، مع أننا نملك أسماء فنية رائعة في المجال الكوميدي، مثل عبدالحكيم الصالحي، والصلت السيابي، ونجم الجرادي، وهناك مجموعة كبيرة من الفنانين أستطيع أن أقدم من خلالهم عملا كوميديا رائعا، ولكن الواقع يقول لا يوجد نص كوميدي حقيقي يُكتب لهؤلاء.
وفي عملي المسرحي الأخير «مدق الحناء» أعتمد على كسر الحدة السوداوية بمشاهد كوميدية، أريد دائما أن أقدم الكوميديا مع التراجيديا في نفس الوقت، ولكني شخصيا صاحب خيال واسع أسرح في تكوين الصورة من خلال الطبيعة، أحاول ترجمة ما يجول في خيالي كصورة للمشاهد من خلال مشهد سينمائي أو درامي أو مسرحي.
ولدي عمل تراثي شعبي، وهو عمل درامي، وفيه خط كوميدي، أطمح للاشتغال عليه، وسأكشف عنه لاحقا إذا سنحت الفرصة .
تقول إنه إذا فتحت أمامك الفرص للإنتاج الدرامي فستتوقف عن الأعمال المسرحية، وفي رصيدك إنجازات مسرحية على المستوى الدولي، هذه الإنجازات المشهود لها ألا تدفعك لمواصلة الاشتغال بالمسرح؟
بالنسبة للمسرح هناك إنجازات حققتها بفضل المولى وتوفيقه، ثم بفضل فريق العمل في مسرح مزون، ولكل من تعاون معنا، هذه الإنجازات أتت بعد اشتغال طويل حتى صنعنا مسارا وطريقا للإنتاج المسرحي، عرفنا ماذا نريد، وصلت إلى مرحلة متقدمة، لا أقول إنني اكتفيت، بالتأكيد سأستمر بالمسرح، ولكن يجب أن أقلل وأتجه إلى الدراما، هذه خطتي الشخصية وطموحي وتوجهي، اليوم حققت الكثير من الإنجازات في المجال المسرحي، أرى أنني بحاجة إلى تحقيق الإنجازات في المجال الدرامي والسينمائي، أرى أنني قادر على حمل هذه الراية، ولدي من الأفكار ما يرقى بالدراما العمانية إلى الأفضل، بالحديث عن مسلسل «حينما تعزف الريح» فقد اشتغلت على إنتاجه بأقل الإمكانيات، باشتغال شباب عمانيين، البعض منهم يدخل لأول مرة في مجال العمل الدرامي، بالمقابل نرى أن الإنتاجات الدرامية الخليجية الأخرى يقف خلفها فريق محترف ومتمرس وقوي يُدفع له بالملايين، بينما نحن نحاول النحت على الصخر حتى نخرج بعمل درامي مميز وبإمكانيات بسيطة، وأنا أقول إن توفرت الإمكانيات والمادة فأنا أجزم أنني سأقدم عملا دراميا ضخما.
المسرح لا يفي بتحقيق طموحاتي، طموحي أكبر وهو أن أصل بالدراما العمانية إلى مصاف الدول الخليجية العربية، ولدينا القدرة، اليوم نشاهد أعمالا خليجية وصلت إلى مشاهدات عالية ونجاحات كبيرة، وإذا سألنا عن الأسباب فهي بالمقام الأول الدعم المادي السخي.
في السلطنة حققنا إنجازات في مجال المسرح بشكل عام، الإخراج، والنص، وإذا جئنا للنصوص فلدينا كتاب نصوص مسرحية حققوا العديد من الإنجازات، منهم الكاتب الشاب أسامة الشقصي، الذي فاز للمرة الثانية على التوالي بجائزة الشارقة للتأليف المسرحي، والعديد من الكتاب، ولكن ليس لدينا حراك درامي، لذلك لا بد من تركيز الجهود للارتقاء بالدراما العمانية.
في اعتقادي أن موضوع الارتقاء بالدراما ليس معقدا، يجب الجلوس في طاولة واحدة ووضع خطة واستراتيجية، يجب توفير الدعم السخي، وأتمنى من كافة الجهات المعنية بما فيها وزارة الإعلام ووزارة الثقافة والرياضة والشباب، وكذلك وزارة التراث والسياحة، وكذلك الشركات الخاصة الكبيرة، بأن يولوا اهتماما بالحركة الدرامية وأن يخصصوا مبلغا يؤسس لصندوق خاص بدعم الحركة الفنية، مسرحية كانت أو درامية.
نعود للمسرح مرة أخرى، ولنتحدث عن تجربة فرقة مزون المسرحية السباقة في إقامة أول مهرجان على مستوى الخليج مخصص لمسرح الطفل، باسم «مهرجان مزون الدولي لمسرح الطفل»، ما مصير هذا المهرجان؟
هذا المهرجان بدأ محليا في نسخته الأولى في عام 2007، وبعد سنوات منه انطلقت النسخة الثانية على مستوى الوطن العربي في عام 2011، وآخر نسخة من المهرجان كانت في عام 2016 أقمنا «مهرجان مزون الدولي لمسرح الطفل» بمشاركة العديد من الدول العربية والغربية، ومنذ ذلك الحين لم يشهد المهرجان النسخة الرابعة منه، رغم المطالبات من الأصدقاء والفنانين باستمرارية هذا المهرجان، ولكن تبقى القضية الأبرز والتحدي الأكبر في الجانب المادي، وفي كل نسخة تزيد التكلفة أكثر، إذ يتطلب المهرجان تطورا من كافة النواحي، ومنها جانب الضيافة، يجب أن يسكن الضيوف في أفضل الأماكن وأرقاها، ومن ناحية التجهيزات الفنية، موضوع النسخة الرابعة من المهرجان ما زال في البال ومحل اهتمام وتفكير، وبحسب الخطة أطمح إلى استقطاب عروض من القارتين الأمريكيتين، والصين، وكوريا، الموضوع المادي هو الحائل بيننا وبين إقامته.
عند إقامة مهرجان مسرحي محلي واستضافة مشاركات دولية فيه، أو عند مشاركة الفرق العمانية في المهرجانات الخارجية، فإننا بذلك نبعث برسالة إلى العالم بأن الحركة المسرحية في عمان ناضجة وقوية، ومن خلال مشاركتنا الأخيرة في مهرجان فجر الدولي في إيران تحققت هذه الغاية، فقد وقف الجمهور الدولي منبهرا بالعرض العماني «مدق الحناء» وتلقينا العديد من العروض للمشاركة في مهرجانات دولية منها في روسيا وكوريا.
وقبل ذلك تلقيت شخصيا العديد من الدعوات للمشاركة في المهرجانات، منها مهرجان بغداد الدولي للمسرح، ومهرجان «مسرح بلا إنتاج الدولي» بالإسكندرية.
مدير مهرجان «مسرح بلا إنتاج» اتصل بي قائلا إن كان لدي أي عمل فهو مدعو للمشاركة مباشرة بصرف النظر عن العنوان أو النص، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على ثقة وتقدير وإيمان بقدراتي الفنية، فقد فزنا بجائزة أفضل عرض متكامل في نسخته السابقة، وفي مهرجان قرطاج الذي يعد واحدا من أكبر مهرجانات المسرح على المستوى الدولي حققنا جائزة أفضل سينوغرافيا، لست الوحيد من أخذ على عاتقه حمل راية سلطنة عمان دوليا، وهذا هو المهم، بل هناك أسماك كثيرة حققت ذلك منهم محمد النبهاني، عماد الشنفري، جاسم البطاشي، وغيرهم من الأسماء، فالحركة المسرحية العمانية بخير، وبقي أن نأخذ على عاتقنا تطوير الدراما والسينما.
عُرِفتَ بلقب «ملك السينوغرافيا» وفي العديد من اللقاءات التي أقوم بها مع فناني الخليج يشيدون بتجربتك المسرحية، مؤكدين هذا اللقب، ما هي السينوغرافيا بمفهوم يوسف البلوشي، في ظل التعريفات المتعددة للمصطلح؟
أكاديميا وباختصار، السينوغرافيا هو تأثيث للمسرح، مثلا نحن في هذا المكان هناك تأثيث، طاولة بزاوية معينة، وكرسي مقابل الآخر، مزهرية، هذا أكاديميا، أما بالنسبة لي أرى أن السينوغرافيا هي روح أي عرض مسرحي، هي الصورة المشهدية، الصورة البصرية، ومثال ذلك عندما أقف في مكان ما أنظر إلى غروب الشمس بتأمل مليء بالتسبيح والإعجاب، أنظر إلى القمر وانعكاسه على الماء، وهذا ما أريد تحقيقه على المسرح، أن يشاهد المتفرج هذه الدهشة على المسرح، أن أكون مشهدا ممزوجا بالموسيقى أو الصوت والديكور والممثل والأزياء والإضاءة لتصنع مشهدا باهرا، السينوغرافيا هي خلطة حركية سمعية بصرية، أريد أن أشبع عين المتلقي بالصورة المقترنة بالحركة والصوت حتى يعيش هذا المشهد، هذه كله بخلاف النص والحوار.
السينوغرافيا متمكنة مني، حتى في الدراما، فأنا أحاول أن أكون صورة للمشاهد بما أسميه بـ «الزاوية المنشقة»، وقد يختلف معي الكثير لأنه من التعارف في تصوير الدراما أن هناك الزاوية العمودية، والزاوية المنخفضة، والزاوية المرتفعة،، أما ما أسميه بـ «الزاوية المنشقة» فهي الزاوية التي لا يتوقعها المشاهد، ربما من زاوية بين كوب قهوة وزهرية، أو زاوية من فتحة صغيرة، أم من بين سياج، أنا أستعمل هذا النوع من التصوير ولكن ليس في كل موقف أو لحظة.
نلاحظ تعاونات مع كتاب من ظفار بشكل كبير، لماذا هذا الارتباط؟
بل هناك العديد من التعاونات بيني وبين كتاب من السلطنة ومن الوطن العربي، وربما هناك أكثر من تعاون مع الكاتب نعيم فتح نور وهو من أبناء محافظة ظفار، الذي مسلسل «حينما تعزف الريح» من تأليفه، وكذلك قدمت العمل المسرحي «عشق في الصحراء» في مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي، تحكي قصة تراثية تناولها الكاتب العماني محمد الشحري -وهو من أبناء محافظة ظفار كذلك- في روايته «موشكا»، وقام بإعدادها للعرض المسرحي الكاتب نعيم فتح نور، ونعمل الآن على تقديم العرض في المسرح الكلاسيكي بإعداد نعيم فتح نور كذلك ولكن باسم «موشكا» وسنقدمه في المهرجانات الدولية القادمة التي ننوي المشاركة بها، كما أعده نعيم كنص لفيلم سينمائي، وتحويل الرواية إلى نص مسرحي مخصص للمسرح الصحراوي يختلف عن تحويله لنص مسرحي كلاسيكي وعن نص لعمل سينمائي، وهذه قدرة يمتلكها الكاتب نعيم نور، هو كاتب أحب الاشتغال معه لأنه كذلك يكتب أعمالا إنسانية، وتعاونت معه كثيرا، من ذلك مسلسل «سدرة»، وفيلم «قلوب ضريرة»، وأعمال أخرى تشترك جميعها بأنها أعمال إنسانية.
وارتباطي بصلالة تحديدا يعود إلى طفولتي، فأنا منذ ذلك الحين أحب أغنيات فنان من أبناء صلالة، وهو الفنان «مسلم علي عبدالكريم»، كما أنني أحب صلالة كبلد، بمناخها وجمالياتها وطبيعتها الآسرة، تلك العوامل التي أثرت على أبناء الولاية الجنوبية، فتجد هذا التأثر واضحا، فالكثير من أبناء صلالة إما شاعر، أو مطرب، أو ممثل.
وكذلك عملت مع الكاتب عماد الشنفري وقدمت أعمالا مسرحية من تأليفه.
ماذا تقول في ختام هذا الحوار؟
أنا سعيد حقيقة بهذه الفرصة، وسعيد بردود الأفعال التي أتلقاها من متابعي مسلسل «حينما تعزف الريح»، الكثير من مشاهدي المسلسل يبدون إعجابهم، خاصة من الجمهور البحريني والسعودي، وما تلمسته أن العمل مشاهد بالبحرين والسعودية بشكل أكبر من السلطنة، وهناك انتقاد بطبيعة الحال، فلا يوجد عمل كامل بشكل تام، وأنا أتلقى تلك الانتقادات بصدر رحب، وعطفا على نجاح العمل ما زلت أوجه الشكر لوزارة الثقافة والرياضة والشباب، وخصوصا السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي وكيل الوزارة للثقافة، فلولا هذا الرجل لما خرج العمل للنور، فقد وقفت معي الوزارة بشكل كبير لوجستيا وبالمخاطبات التي سهلت علي موضوع التصوير بالمواقع المتعددة.
وأتمنى حقيقة عودة إسناد الإنتاج لشركات الإنتاج الخاصة، التي تملك من المعدات الكثير والتي تكلف الآلاف، والتي لديها أسماء فنية كبيرة.
في الأخير أقدم كل الشكر لكل القائمين على الدراما العمانية.. إلى وزارة الإعلام.. إلى معالي الدكتور عبدالله الحراصي وزير الإعلام.. إلى سعادة وكيل الوزارة محمد البلوشي.. وإلى إدارة تلفزيون سلطنة عمان، وأنا كصاحب مؤسسة إنتاج على استعداد للوقوف مع الدراما العمانية.
وأنا أقول إن الدراما جزء أصيل في تنمية وحضارة أي دولة، أحد الأصوات انتقدت الإنفاق على الدراما، وهذا خطأ كبير، يجب الإنفاق على الدراما لأنها واجهة بلد، لأنها وسيلة ترفيه ومحتوى ذو رسائل ويجب الاهتمام به أكثر والإنفاق للارتقاء به، ومن خلال الدراما يتم تقديم صورة سياحية للترويج لسلطنة عمان، كما حدث في الكثير من التجارب، فمن خلال إنتاجاتها الدرامية سوقت للحركة السياحية لديها، إذن هناك مردود غير مباشر من وراء الإنفاق على الدراما، ولكن يجب الارتقاء بالإنتاج الدرامي، وأتمنى من وزارة السياحة دعم الحركة الفنية لما فيها من مردود وتعريف بعُمان أمام العالم.