تتميز محافظة مسندم بموقعها الجغرافي الفريد وتضاريس سواحلها المتنوعة التي تمتد على مسطحي بحر عمان والخليج العربي لتكون ممرا مائيا مهما يصل بين حضارات الشرق القديمة سابقا وبين مراكز التجارة والمال ومواقع إنتاج وتصدير البترول حديثا. وأطلقت على محافظة مسندم مسميات عديدة لأهمية موقعها وتنوع جغرافيتها وهي رؤوس الجبال أو رأس ماكا ورأس ماكيتا وفم السبع وفك الأسد، وتسميات عديدة. ولقد وهبت الطبيعة هذه المحافظة سمات خاصة ميزتها عن المناطق الأخرى، فموقعها فريد وجبالها وجزرها وخلجانها ذات شكل جغرافي متفرد يكاد ليس له شبيه بالعالم، فأصبحت محافظة مسندم بمضيقها وجزرها وموقعها الجغرافي المتفرد قبلة سياحية في الخارطة العالمية للسياحة، واعتبرت لؤلؤة العالم والواجهة السياحية المفضلة لدى الكثير من السياح من شتى دول العالم، وقديما قال البريطانيون في أوج ازدهار إمبراطوريتهم «لو كان العالم خاتما فإن هرمز لؤلؤته».

جزر محافظة مسندم

يقول عمر بن علي الشحي باحث تاريخي: أخذت محافظة مسندم اسمها نسبة إلى رأس مسندم وهو اسم لجزيرة تقع في بحر عمان بالقرب من قرية كمزار البحرية وجزيرة مسندم التي نسبت إليها التسمية عبارة عن رأس جبل وسط البحر ويحيط بها عدد من الجزر الصخرية من أهمها جزيرة سلامة وبناتها، ونظرا لأهمية هذه الجزر سواء من الناحية الجيولوجية أو من الناحية السياحية فقد ارتأينا تسليط الضوء عليها، وذلك للاهتمام البالغ بالحياة الفطرية والبرية والبحرية والذي توج مؤخرا بإعلان المرسوم السلطاني رقم 54 /2022 بإنشاء محمية المتنزه الوطني الطبيعي بمحافظة مسندم، حيث يبلغ عدد الجزر الموجودة في محافظة مسندم 23 جزيرة بحرية موزعة على مختلف المناطق بالمحافظة، منها 13 كبيرة الحجم وهي جزيرة التلغراف «جزيرة مقلب» بخورشم وجزيرة أم الغنم «جزيرة العبد القاي، غرم، الغنم» وجزيرة الخيل وجزيرة أبو راشد وجزيرة أبو سير وجزيرة سلامة وبناتها وجزيرة ليما في نيابة ليما وجزيرة مسندم وجزيرة صيبي بخورشم، وجزيرة شم بخورشم وجزيرة الفيارين «جزيرة أم الطير، البيض» والجزيرة الحمراء والجزيرة السوداء.

وحول أهم هذه الجزر وما يميزها قال الشحي: تعد جزيرة التلغراف «جزيرة مقلب» حاضنة لأول خط للاتصالات الحديثة في الخليج العربي حيث تم مد «كيبل» بحري من مدينة مومباي في القارة الهندية ومدينة البصرة في العراق لتكون جزيرة مقلب بخورشم في ولاية خصب هي محطة الإرسال، وتتمتع هذه الجزيرة بمقومات طبيعية وتاريخية، كما تتميز الجزيرة بموقعها بداخل خورشم التي تتصف مياهها عادة بالهدوء.

أما جزيرة سلامة وبناتها فهي عبارة عن ثلاث جزر، الكبرى منها هي سلامة وتسمى باللهجة الكمزارية «مومر» والوسطى تسمى «ديدمر» والصغرى تسمى «بانكو»، وموقعها يتوسط مضيق هرمز وتوجد بها آثار قديمة، وتمتاز الجزيرة أيضا بوجود بيئة بحرية خصبة متنوعة وشعاب مرجانية، كما تتميز أيضا بوجود المحار الكبير الذي عرف بجودته وتنوع عمق الماء فيها، وهذه العجائب المذهلة تحت الماء في جزيرة سلامة وبناتها تجذب الآلاف من الغواصين والسياح كل عام.

ويضيف عمر الشحي: إن جزيرة مسندم تعتبر من أكبر جزر محافظة مسندم بعد جزيرة أم الغنم، وتطل على مضيق هرمز ولذلك فهي من أجمل الأماكن الطبيعية في سلطنة عمان، كما أن لها معالم تاريخية مهمة مثل رأس الباب «فك الأسد» وتتمتع هذه الجزيرة بالعديد من المناظر الجميلة من شواطئ زمردية، وجبال عالية ساحرة، ومساحات سهلية، وتجذب إليها متسلقي الجبال ويمكن فيها ممارسة الصيد والمشي لمسافات طويلة.

فيما تقع جزيرة صيبي في ولاية خصب في خورشم وتعد واحدة من أجمل الجزر السياحية في محافظة مسندم، وتعتبر مكانا رائعا للتجديف بقوارب «الكاياك» ويوجد بها شاطئ جميل على شكل هلال رملي.

أما جزيرة أم الطير فهي جزيرة تقع في ولاية خصب بالقرب من خور الحبلين وتعد من أجمل الجزر التي تصلح لممارسة رياضة الغطس، وتتميز بتضاريسها الصخرية وهي محطة للطيور البحرية المهاجرة التي تتخذ الجزيرة ملاذا لها للتعشيش خلال رحلاتها الموسمية. فيما تمتاز جزيرة ليما في المنطقة الشمالية الشرقية لمحافظة مسندم والمطلة على بحر عمان بموقعها المتميز القريب من رأس الحد (وهو رأس جبلي قريب من نيابة ليما) وتوجد بهذه الجزيرة شعاب مرجانية فريدة من نوعها. وتقع جزيرة مقاقة في ولاية خصب بخور الحبلين عند منطقة مقاقة البحرية وهي قريبة من المدرج الجبلي الذي أنشئ حديثا من قبل مكتب محافظ مسندم.

ويضيف عمر الشحي: إلى جانب هذه الجزر الكبيرة توجد كذلك عشر جزر بحرية صغيرة الحجم وهي جزيرة شوكيت «جزيرة أبو سوفور» وجزيرة مخيليف وجزيرة خيسة وجزيرة نجوى وجزيرة مخبوق وجزيرة مشكان وجزيرة قبل «جزيرة الغلي» وجزيرة الحبلين بخور الحبلين وجزيرة مقاقا في ولاية خصب بخور الحبلين.

وتمثل هذه الجزر أهمية استراتيجية من حيث جذب الاستثمارات السياحية فهي تمتلك مقومات جذب سياحية خيالية باعتبارها متنوعة المساحات والتضاريس والبيئات ما بين جزر ذات أصول مرجانية وصخرية ووجود الشواطئ الرملية الناعمة والمرتفعات الجبلية إضافة إلى شعابها المرجانية المتنوعة ما يؤهلها لتكون مقصدا سياحيا للصيد والغوص والاستجمام في معظم فصول العام.

فرص سياحية استثمارية

إن تطوير الجزر السياحية في محافظة مسندم يوفر فرصا استثمارية وعوائد قياسية يمكن للقطاع الخاص استغلالها مع مسيرة النهضة المتجددة التي تشهدها البلاد على الصعيد السياحي والجهود المكثفة من قبل وزارة التراث والسياحة ومكتب محافظ مسندم لتطوير السياحة وتنمية المرافق المحلية وتنويع المنتجات الترفيهية بحيث تلبي احتياجات الزوار، إذ يعمل مكتب محافظ مسندم من خلال إطلاق حملته الترويجية للسياحة تحت شعار «الشتاء مسندم» على العمل على إيجاد قاعدة من الاستثمارات السياحية، موادها الخام الطبيعة النادرة والمقومات الحضارية من خلال مختلف الفعاليات والأنشطة والبرامج التي تتوالى على المحافظة والتي شهدت إقبالا منقطع النظير في الفترة الأخيرة لما صاحب هذه الحملة من فعاليات وأنشطة نوعية، فالجزر الطبيعية والنادرة في بيئتها التي تتميز بها محافظة مسندم التي تكونت بفعل عوامل طبيعية منذ آلاف السنين تعد ملاذا هادئا وموطنا خلابا للطبيعة الحية التي تأسر الأنظار كما أنها تتميز بالهندسة المعمارية النابضة بالحياة ومقومات طبيعية وترفيهية كفيلة بأن تجذب السياح من كل حدب وصوب. وتتيح الجزر لزوارها قضاء أمتع الأوقات على رمالها الذهبية وشواطئها الدافئة، وصخورها الجميلة، ناهيك عن استكشاف الطبيعة النادرة من نباتات وطيور، والأسماك المرجانية التي يكاد لا يوجد لها مثيل إلا في جزر محافظة مسندم، وأيضا الغوص في عمق البحر للتعرف على مكنوناته، أو حتى زيارة الأماكن الأثرية في هذه الجزر التي تسلط الضوء على ثقافاتها وتاريخها وتراثها العريق.

واجهة الخريطة السياحية

وبالتالي، فإن هذه الجزر تستحق أن تكون مناطق سياحية خاصة للاستجمام والاسترخاء وممارسة مختلف الأنشطة سواء في البر أو البحر أو الجو، وتعتبر الإضافات الجديدة للمشاريع السياحية نقطة تحول في مسار الترويج السياحي، حيث يسعى مكتب محافظ مسندم جاهدا إلى تنفيذ مشاريع جاذبة للعمل، على أن تكون محافظة مسندم في واجهة الخريطة السياحية الداخلية والخارجية من خلال ما تم إنجازه من مشاريع كمشروع الممر الجبلي بين خورشم وخور الحبلين والذي يربط بين بحر عمان والخليج العربي ليجمع بين السياحة الرياضية لمحبي التسلق والمشي أو التخييم والاستجمام، كما يأتي مشروع السلك الانزلاقي كقفزة نوعية كذلك في مشاريع الجذب السياحي والذي يمر على خور قدى ليبرز تفاصيل التكوين الجيولوجي بين البر والبحر إلى جانب ممشى خصب الصحي وكورنيش خصب ومشروع شاطئ بصة كواجهة بحرية يشهد العديد من الفعاليات والمهرجانات التي وضعت محافظة مسندم في خريطة السياحة وفي البرنامج السياحي للسائح الداخلي والخارجي.