- وكيل الشؤون الصحية: معدلات الإصابة بالإنفلونزا الموسمية لا تدعو للقلق.

تستضيف سلطنة عمان أعمال الاجتماع السادس لشبكة ترصد العدوى التنفسية الحادة لشرق المتوسط للعام الحالي 2023 والمؤتمر العلمي الثالث للعدوى التنفسية الحادة، اللذين انطلقا أمس بفندق كمبنسكي مسقط لمدة ثلاثة أيام، بتنظيم من منظمة الصحة العالمية بمشاركة خبراء من أكثر من 20 بلدًا.

يستعرض المؤتمر أبرز المشاريع والبحوث والممارسات في مجال العدوى التنفسية الحادة في إقليم شرق المتوسط.

وقدم سعادة الدكتور سعيد بن حارب اللمكي وكيل وزارة الصحة للشؤون الصحية كلمة قال فيها: على مدى السنوات الثلاث الماضية، أطلقت جائحة كوفيد-19 نطاقًا هائلا من الأبحاث والدراسات والمنشورات العلمية، مما سمح لنا بأن نكون في وضع أفضل مما كنا عليه قبل الوباء. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به لا سيما في منطقتنا ونأمل أن يتم تبادل العديد من قصص النجاح والممارسات الجيدة والخبرات في هذا المؤتمر.

وذكر سعادته أنّ سلطنة عُمان خرجت بعددٍ من النتائج الإيجابية خلال جائحة كورونا، منها ترقية مراقبة التهابات الجهاز التنفسي الحادة إلى قاعدة الويب للإخطار في الوقت المناسب والعمل كنظام إنذار مبكر، وإدخال المراقبة الجزيئية لدعم تتبع الفيروسات الناشئة. وأكّد سعادته أنّ سلطنة عُمان تسعى إلى تعزيز المراقبة، والتحرك نحو التكامل، والاستثمار في الفاعلية والتطعيم والبحث، واعتماد نهج صحي واحد هو الطريق إلى الأمام في المنافسة.

وقال الدكتور أحمد المنظري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط: شهدت السنوات الأخيرة زيادة في معدل حدوث فاشيات الأمراض وارتفاع خطرها على نحو ملحوظ. ففي عام 2022، أُبلغ عن أكثر من 55 فاشية في مقابل 31 فاشية في عام 2021 و14 فاشية في عام 2020، وكثير من تلك الفاشيات يُعزى إلى عدوى تنفسية. وأدت هذه الفاشيات، حسب التقارير، إلى أكثر من 7 ملايين حالة وما يقارب 1400 وفاة مرتبطة بها.

وأضاف: نسعى في اجتماعنا هذا العام إلى تعزيز الوقاية من الأمراض التنفسية والتأهُّب لها واكتشافها والتصدي لها، فإننا نحثُّ جميع البلدان على التركيز على الأولويات الآتية: تعزيز النظم والهياكل المتكاملة لترصُّدِّ أمراض الجهاز التنفسي في إطار برنامج عمل أو لدعم الترصد المتكامل للأمراض على المستوى المجتمعي، وبناء القدرات على اكتشاف الأمراض التنفسية، والوقاية منها، ومكافحتها، ومنها: الإنفلونزا الموسمية، والفيروس المخْلَوي التنفسي، ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، وغير ذلك من الأمراض التنفسية التي يمكن الوقاية منها باللقاحات، والتوسُّع في تقديم التطعيم ضد الإنفلونزا الموسمية والبدء في تنفيذه، وتيسير إجراء البحوث لسد الثغرات المعرفية وتوجيه السياسة الصحية العامة، وربط الجهود العالمية بأولويات البلدان، وتيسير تبادل المعارف، والتعاون بشأن الإنفلونزا وغيرها من الأمراض التنفسية، وتعزيز نهج الصحة الواحدة.

رؤية المنظمة

وأشاد الدكتور مايك رايان المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ الصحية بمنظمة الصحة العالمية، بجهود المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية والشركاء والعاملين في مجال المراقبة والكشف المبكر، وأكد أن المؤتمر العلمي الثالث والاجتماع السادس لشبكة ترصُّد العدوى التنفسيّة الحادة في إقليم شرق الـمتوسط هو انعكاس حقيقي لرؤية منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط لعام 2023، حيث يكون التأهب المبكر - لا سيما في سياق حالات الطوارئ المتطورة.

وقال الدكتور ديفيد إي وينتورث رئيس قسم ترصد الفيروسات وتشخيصها، بشعبة الإنفلونزا، في مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها، في كلمته: "إن الاستجابة العالمية لفيروس كورونا-سارس-2 كانت غير مسبوقة، فلقد وجدنا أنفسنا، كشبكة عالمية، أمام تحدٍ يستلزم التكيف بسرعة مع مرضٍ مستجدٍ، والقدرة على الاستفادة بمرونة من قدراتنا الموجودة بالفعل، وتوسيع ما أنفقنا سنوات عديدة في إنشائه وتعزيزه توسيعا كبيرا".

وأضاف الدكتور إي وينتورث إن منصات ترصد الإنفلونزا على مستوى العالم أدت دورا محوريا شديد الأهمية في التصدي لجائحة كوفيد-19.

وألقت آن موين المديرة المساعدة السابقة للتأهب للجوائح، شعبة الإنفلونزا بمركز مكافحة الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة الأمريكية نيابة عن اللجنة الاستشارية كلمة قالت فيها: إن إنشاء شبكة ترصُّد العدوى التنفسية الحادة لشرق المتوسط تتويج للجهود الجماعية الكبيرة التي بدأت في عام 2006 عندما قادت وحدة إدارة مخاطر العدوى بالمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، المبادرة الرامية إلى حشد جميع التدخلات الممكنة لتعزيز وتحسين جودة الترصُّد وإدارة البيانات والسياسات في مجال العدوى التنفسية الحادة في الإقليم، وخاصة الإنفلونزا.

تضمن برنامج الافتتاح في يومه الأول عروضا مرئية عن عرض مؤتمر شبكة ترصد العدوى التنفسية الحادة لشرق المتوسط لعام 2023، المراقبة الجينومية لسلالات وباء سارس المنتشرة في فرنسا خلال ست موجات من الجائحة، وتقدير معدلات الاستشفاء المرتبطة الإنفلونزا باستخدام بيانات الترصد الدقيقة، وتقدير التكلفة الطبية المباشرة لدخول مستشفيات الإنفلونزا في سلطنة عمان.

مؤتمر صحفي

وعلى هامش المؤتمر العلمي الثالث حول العدوى التنفسية الحادة في إقليم شرق المتوسط، عقدت منظمة الصحة العالمية يوم أمس مؤتمرًا صحفيا تحدث فيه سعادة الدكتور سعيد بن حارب اللمكي وكيل وزارة الصحة للشؤون الصحية والدكتور أحمد بن سالم المنظري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، والدكتور ريتشارد برينان مدير برنامج الطوارئ الإقليمي، والدكتور ديفيد وينتورث، مدير المركز المتعاون مع المنظمة بشأن ترصد الإنفلونزا، وعلم الأوبئة ومكافحتها، رئيس قسم ترصد الفيروسات وتشخيصها والإنفلونزا، في مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها، بالولايات المتحدة الأمريكية، وبحضور ممثلي وسائل الإعلام المحلية والدولية المختلفة ذلك للتعرف على الجهود الدولية في الترصد للعدوى التنفسية الحادة والجهود المبذولة لتحسين جودة الترصد وكفاءة الأنظمة الصحية.

وأكد وكيل وزارة الصحة للشؤون الصحية أن سلطنة عمان تعمل جنبا إلى جنب مع منظمة الصحة العالمية في مراقبة الأمراض التنفسية الحادة، حيث تعد سلطنة عمان من الدول السباقة في هذا الجانب وإدخالها اللقاحات المناسبة لمجابهة هذه الأوبئة. وأضاف إنّ منظمة الصحة العالمية أشادت بمنظومة التقصي الوبائي في سلطنة عُمان ودقتها وجودة إرسالها ومشاركتها للتقارير مع المنظمة.

وأشار سعادته إلى أن وجود الإنفلونزا الموسمية في سلطنة عُمان وارد كما هو متوقع حدوثها سنويا في كل دول العالم، مؤكدًا أنه لا يوجد ما يدعو للقلق في هذا الجانب وفرق التقصي الوبائي بالوزارة تقوم بدورها في هذا الإطار كما أن مؤسسات الرعاية ترصد التغييرات في أيّ نمط وبائي لدى مراجعي الخدمات الصحية.

وقال الدكتور أحمد بن سالم المنظري: قبل كوفيد-19 كانت الإنفلونزا الموسمية السبب الأكبر للمراضة والوفيات المرتبطة بالعدوى التنفسية الحادة في جميع بلدان الإقليم، لذا من المهم متابعة الفيروسات والتصدي لها، مؤكدا على التقدم المحرز في تعزيز النظم الصحية وتطويرها للوقاية من الأمراض التنفسية المستجدة في الإقليم والتأهب لها، واكتشافها، ومكافحتها كما أعدت المنظمة العام الماضي إطارا إقليميا وخطة تنفيذية لدمج أنظمة ترصد الإنفلونزا، وفيروس كورونا، والفيروسات التنفسية الأخرى التي قد تسبب أوبئة وجوائح، وتعكف الكثير من بلدان الإقليم حاليا على تنفيذ الترصد المتكامل للإنفلونزا، وأمراض الجهاز التنفسي الأخرى، وحاليا ينفذ 21 بلدا من بلدان الإقليم ترصدا للأمراض التنفسية الحادة الوخيمة، والأمراض الشبيهة بالإنفلونزا بطرق وسمات متطورة لجمع البيانات وتحليلها.

وأضافت: سلطنة عمان أسست نظام ترصد وبائي دقيق مبني على ركائز أساسية قائمة على الدليل والبرهان، بالاستناد على خبرات منظمة الصحة العالمية وجهات أخرى، وخلال السنوات الماضية أصبح النظام الصحي في سلطنة عمان لديه خبرات تراكمية من خلال التعامل مع مختلف الفاشيات والأوبئة والجوائح التي مرت بها المنطقة والشرق الأوسط، وتبنت النهج الذي توصي به منظمة الصحة العالمية "نهج الحكومة الواحد والمجتمع بأسره"، وللتكامل فيما بينهم، تم تفعيل أساسيات ومبادئ الصحة العامة من خلال تقوية منافذ الدخول لسلطنة عمان، وتحريك فرق على أرض الميدان؛ لتقوية الترصد والعمل على حماية العاملين الصحيين بمختلف الوسائل والطرق ووضع حزمة من الإجراءات التي لها دور أساسي مع الفرد والمجتمع برفع وعيه في التعامل مع الأوضاع الطارئة.

لقاح الإنفلونزا

وردا على سؤال جريدة "عمان" حول مدى الإقبال على استخدام لقاح الإنفلونزا بعد ما خلفته جائحة كوفيد من تخوف وقلق، أكد المنظري أنه على الرغم من المعلومات المغلوطة حول لقاحات كوفيد واستخداماتها وسلامتها وتأثيرها على الجوانب الصحية للفرد، إلا أن آخر الإحصائيات توضح إعطاء أكثر من 13 مليار جرعة لسكان العالم وخلاله تم حماية وإنقاذ الكثير من الأرواح، أما لقاح الإنفلونزا فهو ليس جديدا، ويستخدم في الكثير من دول العالم منذ سنوات، وكما هو معروف الآن أن فيروس الإنفلونزا فيروس متحور، وكل موسم يأتي بنمط وطفرة جديدة، لذا فالقائمون على صناعة اللقاحات والدراسات يكيفون ما ينتج مستقبلا من اللقاحات بناء على الطفرات المستجدة، وهناك تقبل لدى أفراد المجتمع بالعالم، وزيادة في التقبل بسبب نشر المعرفة السليمة باللقاح وطرق استخدامه، مشيرا إلى وجود نظام ترصد يمكن للفرد التبليغ عن أي أعراض جانبية في استخدام أي نوع من الأمصال واللقاحات والأدوية لجسم الإنسان.

وعن أسباب ظهور فاشيات جديدة وكثرتها، أوضح المنظري أن 50% من دول الإقليم تعاني من أزمات حروب وكوارث طبيعية أدت إلى ضعف وهشاشة الأنظمة الصحية في بعض الدول، مما ساهم في زيادة انتشار الفاشيات، وصعوبة التعامل مع الأمراض، كما أنه خلال الأزمات يزيد عدد النازحين والمهجرين مما ساعد أيضا على عدم القدرة على التحكم في انتشار الأمراض والأوبئة في هذه المناطق.

وعن تساؤل حول استخدام الفيروسات كوسائل حرب باردة بين الدول قال الدكتور ريتشارد برينان، مدير برنامج الطوارئ: لا أتفق مع هذا الطرح، فلا يمكن استخدام الفيروسات كوسائل حرب وأدوات، ولكن منظمة الصحة العالمية جهة رائدة عملت على التنسيق مع مؤسسات الرعاية الصحية على مستوى العالم ونلاحظ دورها في الاستجابة للجائحة ونحن نعمل بشكل فني في تعقب مستوى التقدم المحرز ضد الجائحة، وتبادل المعلومات مع الخبراء كما لعبت المنظمة دورا في تخصيص الموارد الضرورية للدول ذات الدخل المنخفض ولدينا مبادرات التحصين المشترك مع الدول الأخرى لضمان توزيع اللقاحات والعلاجات.

من جانبه أكد الدكتور دفيد وينت مدير مركز مكافحة الأمراض الأمريكي أن الجوائح وانتشارها لا يمكن التنبؤ بها فلا بد أن نكون مستعدين للاستجابة الطارئة بشكل متزن ومتواصل، والعمل على الاستثمار في النظام الصحي، والبنى التحتية، والرقابة المخبرية، وبناء القدرات، ومشاركة المعلومات.