في الوقت الذي تنشر فيه جريدة عُمان اليوم خبرا عن دراسة أعداها فريق بحثي من جامعة السلطان قابوس، ووزارة التنمية الاجتماعية وجمعية الاجتماعيين العُمانية تصل إلى نتيجة مفادها عدم وجود حوكمة وعدم وجود مؤشرات لقياس أداء مؤسسات المجتمع المدني، وتدعو إلى ضرورة بناء تشريع عصري مرن يتيح الفرصة لمؤسسات المجتمع الأهلي والجهود التطوعية إلى المساهمة في التنمية المستدامة وفق التوجهات الواضحة لرؤية عمان 2040 والخطط الوطنية المتعلقة بها، فإنها تنشر في العدد نفسه تفاصيل لائحة الرقابة على الجمعيات والهيئات غير الهادفة للربح في شأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وبنود هذه اللائحة وقائية تحمي الجمعيات من أي شبه حول القضايا المالية، وهي جزء من الحوكمة التي تريدها الدولة لجميع مؤسساتها. ورغم أن البعض يعتقد أن هذا القانون من شأنه أن يعقّد عمل جمعيات المجتمع المدني إلا أن الرؤية من زاوية أخرى قد توصل إلى نتيجة أخرى مفادها أن وجود مثل هذا التنظيم مهم للغاية في ظل التحولات التي يشهدها العالم وتداخل المعاملات المالية في مسارات ليست دائما آمنة، وهذا ما حدث في دول أخرى قبل عدة سنوات. لكن هذه اللائحة وحدها لا تكفي إذا أردنا لمؤسسات المجتمع المدني أن تعمل بشكل مهني خاضع للحوكمة. وتستحق الدراسة سالفة الذكر وقفة مطولة نقرأ من خلالها الكثير مما نحتاجه من أجل نتائج أكثر عملية في عمل الجمعيات.

فكما هناك الآن مؤشرات لقياس أداء المؤسسات الحكومية لا بد أن يكون هناك مؤشر لقياس أداء جمعيات المجتمع المدني.. وهذه المؤشرات يمكن أن تخضع للمؤسسات الرقابية في الدولة إذا لم تنجح فكرة خضوعها للجمعيات العمومية طوال السنوات الماضية.

لقد مرّت سنوات على ظهور جمعيات المجتمع المدني في سلطنة عُمان، وهو زمن كاف لتبلور مشاريع حقيقية تنطلق من أهدافها التي أنشئت من أجلها، إلا أن هذه المشاريع ما زالت تراوح مكانها لأسباب كثيرة، من بينها غياب الدعم المالي الذي يعينها على أداء مهامها، ولكن أيضا، لم يكن الدعم المالي العائق الحقيقي في عدم قدرة بعض الجمعيات على أداء مهامها، بل كان العائق داخليا يتمثل في فلسفة عمل تلك الجمعيات وآلياته.