العلاقات العُمانية السعودية قوية، رسّخها الجانب الإنساني والتقارب الاجتماعي قبل الاتفاقيات السياسية والاقتصادية. والمهم في علاقة البلدين أن كل بلد يعرف المكانة الحقيقية للبلد الثاني فيحترمها ويقدّرها.. لذلك فإن الزمن جعل العلاقة تذهب نحو العمق الإنساني والاجتماعي ونحو الشراكات السياسية والاقتصادية التي تلبي طموحات شعبي البلدين.

وفي عهد حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظهما الله- أخذت العلاقة مسارات تواكب طموحات البلدين في خططهما المستقبلية، فزادت الشراكات الاستثمارية الحقيقية والفاعلة على الأرض. ومنذ زيارة عاهل البلاد المفدى للمملكة العربية السعودية والوفود السياسية والاقتصادية تترا بين البلدين من أجل تفعيل القرار السياسي وتحويله إلى واقع على أرض التعاون الاقتصادي.

وأمس أثمر المنتدى الاستثماري العُماني السعودي توقيع عدد من الاتفاقيات الاقتصادية والاستثمارية في مختلف المجالات: النفطية والبتروكيماوية، والطاقة المتجددة، والهيدروجين الأخضر، والتعدين، والاستثمارات السياحية والاستزراع السمكي وعالم البورصات المالية.. إلخ. وهي المجالات التي ترتكز عليها خطط البلدين في المرحلة القادمة «رؤية عمان 2040» و«رؤية السعودية 2030».. وهي أيضا مسارات الاستثمار في المستقبل خاصة تلك المتعلقة بالطاقة النظيفة. على أن اللافت للنظر في هذه الاتفاقات أن البلدين أعطيا للقطاع الخاص مساحة كبيرة من المشروعات الاستثمارية ما يعني أن الدولتين أيضا، على قدر كبير من الاهتمام بتنشيط القطاع الخاص والدفع به نحو توقيع شراكات كبرى في مشروعات المرحلة المستقبلية.

وإذا كانت العلاقات العُمانية السعودية قائمة في الأساس على الركائز الإنسانية والاجتماعية القديمة والراسخة إلا أن ربط مصالح البلدين باستثمارات ضخمة مشتركة من شأنه أن يقوي العلاقات ويعطيها بُعدا مستقبليا طويل الأمد. ومن المهم في هذا السياق الإشارة إلى حرص البلدين على أن يستمعا إلى آراء القطاع الخاص، ومعرفة أفكاره.

ونستطيع فهم الرغبة الملحّة في البلدين على تعزيز الشراكات الاستثمارية والاقتصادية، وأن التبادل التجاري بين البلدين ارتفع العام الماضي بنسبة 219% مقارنة بعام 2021. ويستطيع الاقتصاد، خاصة في عالم اليوم، أن يعطيك صورة حقيقية عن عمق العلاقات بين أي بلدين خاصة إذا كانا متجاورين.