سلكت العديد من دول المنطقة منهج وضع الخطط الخمسية والعشرية والعشرينية لتنفيذ رؤاها خلال سنوات البناء التي تعتبرها مرحلة مهمة في إعداد البنى الأساسية، وهذا ما اتبعته سلطنة عمان منذ منتصف عقد السبعينات من القرن الماضي وبلغت خططها الخمسية العاشرة منذ 2021 في تراتبيتها، لكنها في منتصف العقد الماضي وتحديدا في العام 2015م رأت أن الخطط يجب أن تتوسع من خلال خطة عشرينية يعني مدتها 20عاماً، تتألف من 4 خطط خمسية ، تهدف إلى تنفيذ رؤية تواجه فيها تحديات المستقبل الذي تتسارع خطاه، وهي رؤية عمان 2040.

بدأت هذه الرؤية اعتباراً من 1 يناير 2021م، وهي تحمل مضامين وأهداف مهمة جداً للمواطن خلال فترة تنفيذها حتى نهايتها في عام 2040م، وترتكز على عناصر أساسية لعل الاقتصاد محورها وقد خضعت للعديد من المناقشات والجلسات والاجتماعات خلال مرحلة التحضير بين 2015م إلى 2020م وأشرك فيها المجتمع المحلي في استيعاب رؤيته التي ساهم بضخ أفكار مهمة جداً فيها إلى جانب رجال أعمال وقطاعات متنوعة من المستهدفين .

الرؤية هذه تحمل أمرين،النجاح والتراجع في نسب ما تحققه من أهداف ولسوء الطالع أنها انطلقت بعد 6 اشهر من بدء جائحة كورونا التي استمرت حتى النصف الثاني من عام 2022م، وقد أصابت العالم في مقتل وشلت حركته الاقتصادية بعد أن استمرت قرابة 18 شهراً، لنبدأ في التعافي الفعلي بدءا من سبتمبر 2022 بدفع الرؤية قدما وهو ما يعني فعليا انطلقت قبل عدة أشهر، وهذا التأخر يمثل تحديا آخر للقائمين على تنفيذ برامج وأهداف الرؤية التي تحتاج إلى جهود مضاعفة خلال الفترة المقبلة وتحتاج إلى المزيد من الصبر عليها، ناهيك عن الدين العام الذي بلغ 21 مليار ريال عماني ليربك بذلك كل التوقعات التي كانت تحتمل تنفيذاً سلسا لها .

هذا التحدي اليوم يقع علينا جميعاً، الجهة الحكومة المنفذة لها والمجتمع المتلقي لهذه النتائج المتوقعة، التي أعلن عنها سابقا وتهدف في الأساس إلى رفع المستوى المعيشي للفرد وتحسين قدراته تعليمياً واقتصادياً وصحياً عبر البرامج الوطنية الأساسية الخمسة وهي البرنامج الوطني للاستدامة المالية وتطوير القطاع المالي والذي يهدف إلى إصلاح منظومة السياسات المالية ورفع كفاءتها والوعي الثقافي المالي عبر تطوير القدرات البشرية، والثاني البرنامج الوطني للتشغيل الهادف إلى تطوير البرامج التدريبية وتأهيلها وتحديث البيانات والتشريعات المنظمة لسوق العمل وتفعيل المبادرات النوعية التي تسهم في توفير فرص العمل، والثالث البرنامج الوطني للتنويع الاقتصادي وهو مطلب قديم بعدم الاعتماد الكلي على إيرادات النفط، ويهدف إلى توسعة القاعدة الإنتاجية والتصدير والتركيز على قطاعات ذات قيمة مضافة ومعالجة التحديات الاقتصادية للتنوع المطلوب وتهيئة بيئة تنظيمية وتشريعية.

الرابع البرنامج الوطني للاستثمار وتنمية الصادرات يهدف إلى تطوير التوجهات والفرص الاستثمارية واستقطابها داخليا وخارجيا وتهيئة بيئة أستثمارية جاذبة ومتابعة المبادرات والمشاريع، والخامس برنامج التحول الرقمي الهادف إلى الوصول إلى الحكومة الإلكترونية عبر تكامل في الأنظمة والبيانات والخدمات الذكية والاستباقية وتبسيط الإجراءات والتنافسية ونمو الإيرادات.

كل هذه الأحلام التي نريدها أن تكون واقعاً لن تتحقق ،إن لم تكن هناك إرادة وقناعة تامة من الجميع مجتمعا وحكومة حتى وإن واجه هذا المشروع أعتى الظروف، وسنحتاج إلى المزيد من الصبر لنصل إلى الغايات المرجوة ، وإذا كانت لدينا القناعة بها وايماناً بنجاحها كما كان في الخطط التسع السابقة ،بالتأكيد سنلامس النجاح وأن تأخر لبضع سنوات.