كنا في نقاش قبل أيام حول الأسرة العمانية وبعض السلوكيات الدخيلة على مجتمعنا التي ترفضها الفطرة السوية، تعكسها شبكات التواصل الاجتماعي لنا بشكل يومي من التهافت على الشهرة بأي ثمن، حتى لو كلف إدخال المتابعين إلى غرف النوم، واستعراض كل تفاصيلها لهم، وزيادة جرعة التفاهة والصراخ الذي كان حتى عهد قريب عيب مستنكر، ليس فقط للبنت التي من شيم التربية الحقة أن لا ترفع صوتها، ولا تضحك بصوت عالي حتى في حضور أسرتها، ولكن حتى الرجال فالضحك المبالغ فيه بدون سبب يعد عيبا ترفضه الشيم العمانية الأصيلة.

اليوم انحسر العيب حتى كاد يختفي عند البعض، وهم شلة بسيطة جدا تكاد لا تذكر، لكن للأسف البيض الفاسد دائما هو ما يطفو على السطح، المخيف في هذا أن الصغار ممن يستعرض حياته على الملأ بهذا الشكل يصبح عرضة لاستغلال طفولته، وفي زمن التقنية المتسارعة جدا وبشكل مخيف، نعجز نحن الآباء عن اللحاق بصغارنا في معرفة خبايا هذا العالم الذي يسمح لهم الوقت والطاقة والفضول الذي لا نملكه أن يتوغلوا فيه.

صديقة تعمل في الاستشارات الأسرية والنفسية حدثتني بأنها تعالج فتيات من الاكتئاب؛ لعجزهن أن يصبحن (فاشنيستا)، وهو مصطلح معرب لبطلات شبكات التواصل الاجتماعي؛ لأن الطموح أصبح للأسف هو هذا؟ كيف نستعرض ذواتنا، وبيوتنا، وخصوصياتنا على الملأ بأكبر قدر من التفاهة، بأعلى صوت وضحكة ممكنة، وأصبح اختيار الزوج بناء على شكله القابل للاستعراض في هذه الشبكات من عدمه، بغض النظر عن الجوهر، فازدادت حالات الطلاق وتفككت أسر.

العدد بسيط كما ذكرت، وهو لا يمثل مجتمعنا بأي شكل من الأشكال، لكن أعتقد أنه يتوجب علينا كأسر ومجتمع أن نتصدى له، من خلال تربية أبنائنا التربية السليمة، وأن نقلل نحن الأمهات جلوسنا على شبكات التواصل التي تسرقنا من واجباتنا تجاه أسرنا، وركز على تربية النشء، و لعله حان الوقت أن يتفرغ الآباء لأخذ دور في تربية أبنائهم الذكور ومصاحبتهم، فالطفل يتعلم بالقدوة، وهو بحاجة إلى نموذج صالح يحتذى به.

حتى الغرب الذي صدر لنا هذه الثقافة انتبه إلى خطورتها على الكيان الأسري والاجتماعي، وبات يسن قوانينا صارمة لحماية الطفل بالذات، مما يتوجب علينا الوقوف أمام هذه التصرفات، وإعادة القيم الإسلامية والعلمانية في تربية النشء، حتى لا نتحول صورة مشوهة من مجتمعات أخرى.