ـ التغير الكبير في أنماط التغذية أدى إلى ظهور أشكال أخرى من الأمراض

ـ خطط مكافحة متوقعة بينها فرض ضرائب ذات تاثير فعال على المشروبات الغازية

ـ شهدت السنوات الماضية تنفيذ عدد من المبادرات المحلية مثل مبادرة المطاعم الصحية

كان لظهور التحديات الصحية الراهنة للإصابة بالأمراض غبر المعدية وارتفاع معدلات انتشارها سببا في ضرورة ايجاد سبل كفيلة لمجابهم التحديات والأمراض التي تستنزف الامكانيات من موارد مالية وبشرية لذا وضعت وزارة الصحة خططا استراتيجية للوقاية من الأمراض المزمنة ومكافحتها واستراتيجية للتغذية بتكاتف العديد من القطاعات ووضع تصورات ورؤى وتفعيل الاليات المناسبة للحد من الأمراض غير المعدية ، وتعد زيادة الضرائب على المنتجات الضارة بالصحة من الوسائل الداعمة لتميل تطبيق الاجراءات والتدابير الخاصة بالوقاية من الامراض غير المعدية

وشهدت سلطنة عمان في السنوات الأخيرة مثل بقية دول الأقاليم تغيرا كبيرا في أنماط التغذية أدى إلى ظهور أشكال أخرى لسوء التغذية ، حيث يعاني حوالي 66% من السكان البالغين من السمنة وزيادة الوزن و ارتفاع المصابين بأمراض السكري وارتفاع ضغط الدم وارتفاع معدل الكولسترول في الدم .

وتلعب التغذية دورا اساسيا في الصحة والتنمية ويساعد تحسين التغذية على تقوية مناعة الأفراد في جميع الأعمار ويقلل معدل اصابتهم بالأمراض وتحسين صحتهم وتبدا التغذية الصحية منذ الصغر حيث تلعب الرضاعة الطبيعية دورا محوريا في صحة الطفل والتي تؤثر مستقبلا في حمايته من الاصابة المبكرة بالأمراض المزمنة وهناك بعض الاجراءات التي يمكن القيام بها على مستوى المجتمع يكون لها مردور صحي كبير في تحسين التغذية وتحسين معدلات الاصابة بأمراض العصر لذا ركزت الجهات المعنية على المستوى الوطني في خطة الغذاء غير الصحي على الأنشطة التي تخفض استهلاك الدهون والملح والسكر وتستند هذه الأنشطة على توعية المجتمع وكذلك اجراء تدخلات مجتمعية وقوانين تحد من استهلاك الغذاء غير الصحي .

عوامل الخطر

ومن أهم عوامل الخطورة المسببة للأمراض المزمنة الغذاء غير الصحي تعتبر السمنة الان احدى أكبر المشاكل الصحية في العالم واعلنت منظمة الصحة العالمية انه وباء عالمي للقرن الواحد والعشرين وتعتبر من الأمراض المزمنة المتصدرة لجميع الأمراض الأخرى وهي بوابة لدخول بقية الأمراض على المصاب مثل السكري وأمراض القلب والسرطان والتهاب المفاصل وغيرها .

وتعد عوامل الخطر الغذائية على سبيل المثال لا الحصر من العوامل المؤدية إلى ارتفاع معدلات الاصابة بالأمراض غير المعدية مها الاستهلاك المرتفع للملح والسكر واستهلاك الدهون المتحولة وتناول كميات قليلة من الفاكهة والخضروات .

وتوصي منظمة الصحة العالمية بتقليل تناول السكر إلى ما لا يزيد عن 10 %من إجمالي مصادر الطاقة لكل من البلاغين والأطفال وتنصـح بتخفيضـه أكثـر إلـى 5.% وتشهد سلطنة عمان ارتفاعا في مستوى استهلاك السكر لاسيما بين الشباب فأكثر من نصف المراهقين في المدارس يشربون مشروبا غازيا "محلى بالسكر" واحدا على الأقل يوميا وتحتوي علبة واحـدة بحجـم 330 ملـم "الحجـم القياسـي" مـن المشـروبات المحلاة بالسكر غالبا على أكثر من 30 جراما من السكر.

وبناء على تقديرات منظمة الأغذية والزراعة بلغ استهلاك الفرد اليومي من السكر في سلطنة عمان حوالي 64 جراما للفرد في عام 2017 وهو ما يتجاوز المعيار الذي أوصت به منظمة الصحة العالمية. وفي هذا الجانب تم تطبيق الضريبة الانتقائية على المشروبات المحلاة والغازية بنسبة 50% وضريبة 100% على مشروبات الطاقة وتوصي منظمة الصحة العالمية بفرض ضريبة انتقائية على أساس نسبة السكر أو كميته لذا فإن تعديل الهيكل الضريبي ليربط ويتحدد بكمية السكر او حجم المشروبات قد يشجع المستهلكين على اختيار حكم أصغر تحتوي على كمية أقل من السكر وفي الوقت نفسه توفرا مصدرا للايرادات.

خطط استراتيجية

ومن الخطط الاستراتيجية المشتركة العمل على وقف معدل انتشار داء السكري والسمنة من خلال وضع بعض الاجراءات كفرض ضرائب ذات تاثير فعال على المشروبات الغازية وغير الغازية ومشروبات الطاقة وتنفيذ سياسة خفض السكر في المجتمع وتحويل الدعم الحكومي من السكر والدهون المشبعة والمهدرجة تدريجيا إلى الأغذية الصحية ، والسعي إلى تحقيق انخفاض نسبي بمقدار 25% من الوفيات الناتجة عن الأمراض غير المعدية كما تم تقليل استهلاك كميات السكر المضاف في المجتمع حيث قامت سلطنة بالتعاون مع دول الخليج العربي بإقرار فرض الضرائب على المشروبات الغازية بنسبة 50%، ومشروبات الطاقة بنسبة 100% في منتصف عام 2019م، كما صدرت الضرائب على بقية المشروبات المحلاة في أكتوبر 2020م.

استهلاك الملح

ويمثـل الافـراط فـي اسـتهلاك الملـح هـو الآخـر خطـر شديدا على الصحة لأنه يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم ويزيد من احتمالات الاصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية ولهذا توصي منظمة الصحة العالمية بعدم تناول أكثر من 5 جرامات من الملح يوميا، وجعلت الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية تخفيض تناول الملح لكل سكان العالم بنسبة 30% هدفا لها حتى عام 2025م.

كما أوضح مسح STEP الاستطلاعي في عام 2017م أن أكثر من 25% من سكان عمان يضيفون دوما أو غالبا الملح أو الصلصة المالحة إلى طعامهم قبل الأكل أو اثناءه ويتناول أكثر من 19% من السكان دائما أو في كثير من الاحيان الأطعمة المصنعة التي تحتوي على نسبة مرتفعة من الملح، ويقدر متوسط تناول الملح في عمان بنحو 10 جرامات لكل شخص يوميا وهو أعلى مرتين من المعيار الذي توصي به منظمة الصحة العالمية.

ولقد كان لسلطنة عمان الكثير من الإنجازات في مجال تقليل الملح لبعض المنتجات الغذائية كالخبز ومنتجاته من خلال وضع خطة استراتيجية وطنية لخفض نسبة الملح في الأغذية، كما اعتمدت الخطة الوطنية للوقاية من الأمراض غير المعدية على تعاون القطاعي الحكومي والخاص من أجل خلق بيئة صحية وايجاد خيارات تغذوية صحية للمجتمع وقد نجحت الجهات في تحديد نسبة الملح في الخبز على مستوى سلطنة عمان وجاء الخطة بتخفيض الملح في الأغذية عن طريق استهداف كمية الملح الموجودة في الخبز باعتباره من أكثر الأطعمة استهلاكا في المجتمع وتم تقليل استخدام الملح في عدد من المخابز في السلطنة بالتدريج منذ عام 2016م حيث بدأ بنسبة 10% ثم بنسبة 20% وبعضها وصل إلى 30%. وقد صدرت المواصفة العمانية الخاصة بالخبز والتي حددت نسبة الملح في الخبز بحيث لا تزيد عن 0.5% لأنواع الخبز العربي ونسبة 1% لبقية الانواع والتي تلزم جميع المخابز بتطبيق هذه النسبة للملح في الخبز، وعملت الجهات المختصة على الاستمرار في تشريعات الحد من الصوديوم للوصول إلى هدف مكافحة الامراض غير المعدية بتخفيض مقدار الصويوم بنسبة 30% والمساهمة في خفض ضغط الدم المرتفع بنسبة 25% .

المطاعم الصحية

كما شهدت السنوات الماضية تنفيذ عدد من المبادرات المحلية مثل مبادرة المطاعم الصحية لتجربة خيارات طعام صحية تحتوي على كميات منخفضة من الملح والدهون والسكر، فالزيوت المهدرجة زيوت كانت أصلا سائلة وغير مشبعة وخضعت لعملية تسمى الهدرجة لتحويلها إلى صلبة، عن طريق إضافة ذرات الهيدروجين إليها، وتعد أسوء أنواع الدهون حيث انها تتسبب في زيادة الدهون الضارة في الجسم وإلى أمراض القلب والسرطان والسكري، فالدهون المتحولة ضارة جدا بالصحة ويجب عدم استهلاكها او انتاجها بأي صورة من الاطلاق وتشير التقديرات إلى أن استهلاك الدهـون المتحولـة يؤدي إلى 500 ألف حالة وفاة سنوية على مسـتوى العالم بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية، وفي عام 2018 ،أصدرت منظمة الصحة العالمية خطة لإزالة الدهون المتحولة من إمدادات الغذاء. وقد بدأت سلطنة عمان خطة لإزالة الدهون المتحولة من المنتجات والسلع ضمن خطة لتحسين معايير جودة التغذية في جميع مراحل تصنيع الأغذية، فقد أصدر وزير الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه قرارًا وزاريًا بتعديل بعض أحكام لائحة سلامة الغذاء، حيث اقتضى القرار بحظر انتاج أو استيراد أو تسويق الزيوت المهدرجة جزئياً، والمنتجات الغذائية التي يتم استخدام هذه الزيوت فيها، حيث ورد في القرار عقوبة من يخالف ذلك غرامة مالية تصل إلى 1000ريال عُماني.

تدعيم الأغذية

كما أصدر معالي الدكتور سعود الحبسي ، وزير الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه ، قرار وزاري (185 / 2022) بإصدار:" لائحة تدعيم الأغذية " لتنفيذها شهر مارس 2023 م بهدف إيجاد منتجات غذائية مدعمة بالمغذيات التي يوجد بها نقص عند أفراد المجتمع العماني ، وأبرز مانصل عليه القرار في منتجات طحين القمح والحليب ومشتقاته وملح الطعام والزيوت والدهون حتى تكون المنتجات مدعمة متوفرة في الاسواق ورفع المستوى الصحي لافراد المجتمع . وأوضح القرار وجود عقوبة لمن يخالف القرار بغرامة مالية تصل 1000 ريال عماني وتضاعف في حالة التكرار.

ويعد توفير الطعام الصحي من الحلول المبتكرة لزيادة الاستفادة من الخدمات الحالية والتحفيز على اتباع السلوكيات الصحية ومن الاساليب المبتكرة تشجيع أسواق المواد الغذائية المحلية والحث على اسـتهلاك أطعمة معززة للصحة وتوجيه المزارعين على انتاج الاطعمة المعززة للصحة مثل الفاكهة والخضروات كما يجب االاستمرار في مبادرات الرضاعة الطبيعية ضمن مبادرات المستشفيات الصديقة للطفل وتوسيع نطاق تنفيذها .

ومن خطط السياسة المالية زيادة الضرائب على المنتجات الصارة بالصحة وتحويل الدعم إلى المنتجات المعززة للصحة وإعادة استثمار الايرادات الضريبية في قطاع الصحة.

ووضعت دراسة الاستثمار في الوقاية من الأمراض غير المعدية ومكافحتها مبادرات وحلول تحفيزية مبتكرة لتحسين النظم الصحية من خلال تعزيز العادات الغذائية الصحية في المدارس وإدراج سياسات التغذية في المطاعم المدرسية ووضع مناهج مبتكرة في المدارس الابتدائية التي تعد من الوسائل البسيطة لتشجيع الاطفال على تناول الأطعمة الصحية وتعديل مكونات الاغذية لتقليل الملح والسكر والدهون في الوجبات المدرسية، ووضع المعلومات الغذائية على وجه العبوة وتسليط الضوء على الأطعمة الصحية عبر وضعها في أماكن استراتيجية بارزة، وزيادة الأسواق المحلية لتشجيع المجتمع على استهلاك الفواكة والخضروات .