انتخابات المجالس البلدية خلال الأيام القادمة يعوّل عليها الكثير بعد الانتقادات التي طالت دورها المحدود الذي اقتصر على التوصيات والاقتراحات خلال الدورات الماضية.

ولعل ما يعوّل على المجالس البلدية في هذه المرحلة هو جملة من المتغيرات المحلية منذ تولي جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- خاصة على صعيد نظام المحافظات والانتقال إلى استقلالية المحافظات على الصعيد الإداري والمالي وتفعيل دور المحافظين وأيضا إنهاء البيروقراطية وموضوع اتخاذ القرار من المركز وهو هنا العاصمة مسقط.

وعلى ضوء ذلك فإن تفعيل دور المجالس البلدية أصبح ضرورة وطنية، كما هو الحال مع مجلسي الدولة والشورى خاصة أن بلادنا سلطنة عمان تتجه إلى مرحلة وطنية مهمة على صعيد التنمية الشاملة المستدامة والتركيز على تنمية الاقتصاد الوطني وحل عدد من الملفات ذات الطابع الشعبي خاصة ملف الباحثين عن عمل، والذي في نظري هو من أهم الملفات الوطنية؛ لأنه يمس الشريحة الاجتماعية الأهم وهي الشباب، والذي ينظر إليه في المجتمعات بأنه القاطرة الحيوية التي تدفع الدول نحو الإنتاجية والإبداع ودفع عجلة المجتمع إلى فكر متجدد مختلف.

إن المجالس البلدية تعد مهمة وحيوية على صعيد تطوير العمل البلدي في المحافظات، وقد يأتي الوقت الذي يتم انتخاب أعضاء المجالس البلدية دون وجود أعضاء يمثلون الجهات الحكومية وهذا جزء أصيل من المشاركة المجتمعية والدور المحوري للمجتمع المدني الذي ينبغي أن يكون شريكا أصيلا مع الحكومة والقطاع الخاص، وهذا يعطي العمل الوطني المزيد من الجاذبية. إن دور المجالس البلدية في الدورات الماضية لم يكن مؤثرا بالقدر الكافي وهنا لا بد من التفكير بآليات مختلفة تعطي تلك المجالس دورا محوريا أكبر من خلال صلاحيات حقيقية ودور أكبر للمجتمع المحلي، وأن نرى تلك المجالس تلعب دورا فعالا لخدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المحافظات؛ لأن الهدف من المجالس البلدية هو إيجاد حالة من العمل المبدع والتخطيط لمستقبل المحافظات على كل الأصعدة وأن يشعر المواطن بأن هذه المجالس البلدية تعبّر عن طموحاته ومناقشة كل العقبات والمشكلات التي تعترضه وإيجاد الحلول التي من شأنها دفع العمل التنموي للأمام.

إن دور المجالس البلدية أصبح مهما خاصة مع تخصيص مبالغ مالية لكل محافظة علاوة على ضرورة استغلال القيمة التنافسية لكل محافظة، وأن تشهد المجالس البلدية عملا وحركة دؤوبين يحس ويشعر بهما المجتمع المحلي وأن تكون هناك برامج حقيقية تخدم كل المجتمع خاصة الشباب ومناقشة البرامج المختلفة التي من شأنها الارتقاء بالعمل الوطني وأن تكون هناك خطط واضحة تمثل نقلة نوعية للمحافظات.

إن دور المجالس البلدية أصبح ضرورة وطنية، وأن يكون دورها محوريا ومشاركة فعالة لا تقتصر على التوصيات والاقتراحات ولكن من خلال مشاركة حقيقية وفي مجال صناعة القرار وبدون ذلك لن تكون لهذه المجالس البلدية أي دور حقيقي وتفقد مع الوقت اهتمام المواطن، ومن هنا لا بد أن تدرك تلك المجالس البلدية وعلى رأسها المحافظون بأن ثمة نقلة نوعية في عمل المجالس البلدية وأن تكون حاضرة في الدورة القادمة وأن تشعر المجتمعات المحلية بأن عمل المجالس البلدية أصبح عملا منظما وفاعلا، ومن خلال برامج وخطط ذات بعد زمني ووفق موازنات واستغلال المبالغ المرصودة لكل محافظة في تطوير وتحديث المحافظات بما يخدم المواطن في تلك المحافظات، كما أن الدور الإعلامي لتلك المجالس مهم من خلال النشاط الإعلامي وعمل المؤتمرات الصحفية بين وقت وآخر بهدف الشفافية في العمل واطلاع المجتمع المحلي على ما يدور من عمل واستعراض الخطط والمشروعات التي سوف تنفذ في كل محافظة وهذا يجعل من عمل المجالس البلدية أكثر قربا من المشهد المحلي في كل محافظة خاصة أن الهدف الأساسي لإنشاء المجالس البلدية هو تنشيط العمل في المحافظات والمشاركة في صنع القرار بجانب الجهات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني.

ومن خلال هذه المنظومة المجتمعية يمكن الوصول إلى الأهداف الوطنية لقيام تلك المجالس في ظل نظام المحافظات، وفي ظل التخلص من البيروقراطية والمركزية وأن يكون للمحافظات دور تنموي على صعيد التنمية الشاملة لكل المحافظات.

إن المرحلة القادمة للمجالس البلدية مهمة في ظل المتغيرات التي تشهدها بلادنا سلطنة عمان وفي ظل النهضة المتجددة التي يقودها بحكمة واقتدار جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- ومن هنا تكتسب تلك المرحلة من العمل الوطني أهمية كبيرة، خاصة أن المجالس البلدية تمثل شريحة مهمة من أبناء المجتمع المحلي، ومن خلال خيارات المواطنين ومن خلال برامج انتخابية واضحة وطموحة وعلى ضوء ذلك لا بد أن تعبر تلك البرامج الانتخابية الطموحة عن دور محوري منتظر للمجالس البلدية وأن تكون فعالة وتعكس آمال وطموحات المواطنين في المحافظات نحو عمل جاد وفعال وفكر مختلف عما حدث في الدورات السابقة للمجالس البلدية؛ لأن نجاح عمل تلك المجالس البلدية سوف يعود بالخير على المحافظات في كل شؤون الحياة وأن تتصدى لكل الملفات التي تمثل أولوية مهمة للمواطن في تلك المحافظات وأيضا إيجاد الحلول التي من شأنها الارتقاء بالعمل وغرس الثقة بين دور المجالس البلدية والمجتمع في المحافظات.