لا حديث اليوم يعلو على التظاهرة الرياضية الأهم عالميًا (كأس العالم لكرة القدم 2022) ليس فقط في شق التنافس الرياضي المحض وإنما في سياق الظاهرة الاجتماعية (العالمية) التي تخلقها والناشئة من طبيعة تفاعل المجتمعات العالمية على حد سواء مع طقوس ومنافسات وأحداث البطولة. وما ينشأ عن ذلك التفاعل من أنماط اجتماعية ورموز وتجاذبات غدت اليوم مادة للمجتمع العالمي المتواصل والمتفاعل والقادر على رصد ومراقبة وتفنيد الظاهرة ووضع معايير لها وفق نسقه الخاصة ومعطياته الثقافية الذاتية. وفي سياق العلوم الاجتماعية فإن "كرة القدم" تحديدًا والرياضة بشكل عام مثار بحث متجذر وقديم في أدبيات علم الاجتماع والنفس وغيرها من مقاربات العلوم الإنسانية، حتى غدت "كرة القدم" كاشفًا مجتمعيًا يعبر عن الحالة المزاجية للمجتمعات وللممارسين والمشجعين على حد سواء وأداة للتغيير الثقافي يمكن من خلالها استخدام حشد الرموز الموازية للظهور لتغيير أنساق التفكير والاهتمامات وإعادة ترتيب الأولويات ونظم القيم، وهي في الآن ذاته معبرًا عن المواقف الجمعية سواء في سياقها السياسي أو الاجتماعي عبر شعارات المجموعات البشرية التي تتابعها وتتفاعل معها وتمارسها وبالتالي فإن أي حدث رياضي هو في حقيقته كاشف اجتماعي ليس فقط في سياق المنطقة الجغرافية (المجتمع) الذي تقام فيه وإنما في سياقات المجتمعات التي تتفاعل معه وترصده وتتابعه.
يقول أستاذ علم الاجتماع مولدي الأحمر إن "الرهانات الجماعية والفردية التي تعلقت بالظاهرة الرياضية في الماضي وتتعلق بها اليوم، أصبحت مثيرة للاهتمام المعرفي أكثر من أي وقت مضى، ذلك أن البحث فيها أظهر، على جدته، أنها مجال تقاطعات وتمايزات على درجة عالية من الدلالة الاجتماعية، ليس أقلها أهمية تطور الظاهرة في حد ذاتها تحت تأثير تقدم التقسيم الاجتماعي للعمل والفكر الوضعي" ويشير في معرض مكتوبه عن ذلك أيضًا إلى العلاقة الوثيقة بين دراسة الظاهرة ومسائل مثل (التمظهرات الجمالية المتفردة – الثقافة الفردانية – إعادة تشكل الهويات الجماعية الضيقة – الاستثمار والاقتصاد – الاستغلال السياسي". والواقع أن حقل كرة القدم اليوم حافل بالرمزيات التي يمكن أن تكون مادة للدرس السوسيولوجي وفي الآن ذاته أداة للكشف الاجتماعي من تقليعات المشجعين إلى أهازيجهم، ومن مسوغات وأشكال ما يعكسه العنف الجماهيري إلى طريقة تنظيم الجماهير وشعاراتهم، من الإشارات التي يوحي بها اللاعبون في حالات الفوز والخسارة إلى قصات الشعر داخل المستطيل الأخضر، من القنوات التي يفضلها المتابعون لمتابعة تحليل المنافسات إلى شكل وطبيعة تكوين التجمعات التي تقيمها المجموعات الاجتماعية لمتابعة تلك المنافسات، من طقوس المتابعة إلى أنماط التدبير المالي والاقتصادي للمشجعين الراغبين في حضور المباريات، من تكوين ما يُعرف بمجموعات "الألتراس" إلى طبيعة تفضيلات الحضور في المدرجات "فردانيًا – ضمن رابطة مشجعين – ضمن مجموعة أصدقاء – ضمن العائلة"، مما تعكسه تصريحات اللاعبين خارج الميدان إلى البحث في جذور تنشئتهم وطريقهم الشاق نحو التمثيل الرياضي، كل تلك الرموز وأكثر تشكل ما يُعرف في علم الاجتماع بـ "social symbolism". هذا على المستوى الرمزي إلا أن هناك أبحاثًا وأطروحات مستفيضة تتناول علاقة كرة القدم بقضايا عديدة مثل تغير الهويات ومسائل العنصرية والتسويق الإيديولوجي وبروز قضايا المناصرة الاجتماعية وغيرها ومن أهم الكتب التي تسلط الضوء على ذلك :Critical Issues in Football:A Sociological Analysis of the Beautiful Game" والكتاب الموسوم لويليام بومان بعنوان: "The World Cup as World History".
على المستوى الاقتصادي تتوقع Mordor intelligence أن يسجل سوق كرة القدم معدل نمو سنوي مركب قدره 3.8٪ خلال فترة التوقعات (2022 - 2027) وتشير الأرقام إلى أن حجم سوق كرة القدم العالمي بلغ 3.02 مليار دولار في 2021، ويتوقع وصوله إلى 3.87 مليار دولار بحلول 2027. هذا النمو يوازيه ليس فقط تطور المنافسات وإيرادات الاتحادات الكروية وإنما نمو في سوق صناعة الرياضة بشكل عام في التجهيزات والاستضافات والتكنولوجيا والمعدات وسوق إعلانات اللاعبين وأسواق السماسرة والبث الرياضي وكافة الدورة الاقتصادية المرتبطة بصناعة كرة القدم. وهو ما يدفعنا إلى القول أن كرة القدم ليست مجرد ظاهرة رياضية وإنما هي في حقيقتها ظاهرة اجتماعية توازيها ظاهرة اقتصادية. لنتصور حجم الطلب على قميص منتخب أو فريق معين بعد فوزه أو وصوله إلى نهائي بطولة معينة. أو حجم الطلب على بث قناة معينة بسبب معلق بذاته، أو حجم الطلب على منتج معين تم بث إعلانه خلال فترة بطولة عالمية تحظى بمتابعة موسعة. وغيرها من سلسلة الاحتمالات التي تفرض في كل منها معطى اقتصادي يمكن استثماره، كما تكشف عن اتجاه مجتمعي جديد يتصل بنسق التفكير والثقافة والتدبير في المجتمع. وعليه يمكننا القول إن رفع الشعار الاقتصادي حول "صناعة كرة القدم" أحد أسس النجاح له في تقديرنا هو في معرفة حقيقة الظاهرة الاجتماعية الخاصة بمجتمع كرة القدم. في البحث عن تفضيلات المشجعين المحليين، في تصميم بطولات تتناسب مع طبيعة التماسك الاجتماعي في مقابل الفردانية، في توفير الخدمات والسوق الموازية للطلب المحلي، وربما يكون في استثمار مهارات وقدرات المورد البشري للدخول إلى سوق الصناعة في "جزئية محددة". على سبيل المثال قد تكون المكنة البشرية تسمح بالدخول في سوق التنظيم للبطولات، وقد تكون في سوق تكنولوجيا الرياضة، وقد تكون في سوق تجهيز التقعليات الرياضية مثلًا، أو في سوق الفعاليات المصاحبة للظاهرة الرياضية، أو غيرها من سلسلة الأنشطة المرتبطة بسوق صناعة الرياضة عمومًا ومن هنا فإن المُكنة التي تتيحها "الثقافة" هي الرافعة الاقتصادية الأساس للدخول لسوق صناعة كرة القدم.
حسب فورتشن العربية "من المتوقع أن يصل حجم سوق التكنولوجيا الرياضية (وحدها) العالمية إلى 40.2 مليار دولار في عام 2026". وهذا جانب جزئي فقط في هذه المنطومة وإذا ما سلطنا الضوء على جوانب تفصيلية أخرى فإنها تكشف حجمًا هائلًا من الفرص الموازية التي يمكن البناء عليها وتخليق سوق محلي وإقليمي وعالمي إزاءها. وعليه فإن ما تتيحه الظاهرة الرياضية بشكل عام و "كرة القدم" على وجه الخصوص من مساحة للبحث الاجتماعي والتحليل والفهم والكشف عن الاتجاهات وما يتيحه سوقها الاقتصادي المتنامي من فرص واستثمارات وإمكانات تجعل من هذا الحقل جديرًا بالدرس والنقاش والتحليل كأداة للمستقبل. أداة فهم وتنافس.
يقول أستاذ علم الاجتماع مولدي الأحمر إن "الرهانات الجماعية والفردية التي تعلقت بالظاهرة الرياضية في الماضي وتتعلق بها اليوم، أصبحت مثيرة للاهتمام المعرفي أكثر من أي وقت مضى، ذلك أن البحث فيها أظهر، على جدته، أنها مجال تقاطعات وتمايزات على درجة عالية من الدلالة الاجتماعية، ليس أقلها أهمية تطور الظاهرة في حد ذاتها تحت تأثير تقدم التقسيم الاجتماعي للعمل والفكر الوضعي" ويشير في معرض مكتوبه عن ذلك أيضًا إلى العلاقة الوثيقة بين دراسة الظاهرة ومسائل مثل (التمظهرات الجمالية المتفردة – الثقافة الفردانية – إعادة تشكل الهويات الجماعية الضيقة – الاستثمار والاقتصاد – الاستغلال السياسي". والواقع أن حقل كرة القدم اليوم حافل بالرمزيات التي يمكن أن تكون مادة للدرس السوسيولوجي وفي الآن ذاته أداة للكشف الاجتماعي من تقليعات المشجعين إلى أهازيجهم، ومن مسوغات وأشكال ما يعكسه العنف الجماهيري إلى طريقة تنظيم الجماهير وشعاراتهم، من الإشارات التي يوحي بها اللاعبون في حالات الفوز والخسارة إلى قصات الشعر داخل المستطيل الأخضر، من القنوات التي يفضلها المتابعون لمتابعة تحليل المنافسات إلى شكل وطبيعة تكوين التجمعات التي تقيمها المجموعات الاجتماعية لمتابعة تلك المنافسات، من طقوس المتابعة إلى أنماط التدبير المالي والاقتصادي للمشجعين الراغبين في حضور المباريات، من تكوين ما يُعرف بمجموعات "الألتراس" إلى طبيعة تفضيلات الحضور في المدرجات "فردانيًا – ضمن رابطة مشجعين – ضمن مجموعة أصدقاء – ضمن العائلة"، مما تعكسه تصريحات اللاعبين خارج الميدان إلى البحث في جذور تنشئتهم وطريقهم الشاق نحو التمثيل الرياضي، كل تلك الرموز وأكثر تشكل ما يُعرف في علم الاجتماع بـ "social symbolism". هذا على المستوى الرمزي إلا أن هناك أبحاثًا وأطروحات مستفيضة تتناول علاقة كرة القدم بقضايا عديدة مثل تغير الهويات ومسائل العنصرية والتسويق الإيديولوجي وبروز قضايا المناصرة الاجتماعية وغيرها ومن أهم الكتب التي تسلط الضوء على ذلك :Critical Issues in Football:A Sociological Analysis of the Beautiful Game" والكتاب الموسوم لويليام بومان بعنوان: "The World Cup as World History".
على المستوى الاقتصادي تتوقع Mordor intelligence أن يسجل سوق كرة القدم معدل نمو سنوي مركب قدره 3.8٪ خلال فترة التوقعات (2022 - 2027) وتشير الأرقام إلى أن حجم سوق كرة القدم العالمي بلغ 3.02 مليار دولار في 2021، ويتوقع وصوله إلى 3.87 مليار دولار بحلول 2027. هذا النمو يوازيه ليس فقط تطور المنافسات وإيرادات الاتحادات الكروية وإنما نمو في سوق صناعة الرياضة بشكل عام في التجهيزات والاستضافات والتكنولوجيا والمعدات وسوق إعلانات اللاعبين وأسواق السماسرة والبث الرياضي وكافة الدورة الاقتصادية المرتبطة بصناعة كرة القدم. وهو ما يدفعنا إلى القول أن كرة القدم ليست مجرد ظاهرة رياضية وإنما هي في حقيقتها ظاهرة اجتماعية توازيها ظاهرة اقتصادية. لنتصور حجم الطلب على قميص منتخب أو فريق معين بعد فوزه أو وصوله إلى نهائي بطولة معينة. أو حجم الطلب على بث قناة معينة بسبب معلق بذاته، أو حجم الطلب على منتج معين تم بث إعلانه خلال فترة بطولة عالمية تحظى بمتابعة موسعة. وغيرها من سلسلة الاحتمالات التي تفرض في كل منها معطى اقتصادي يمكن استثماره، كما تكشف عن اتجاه مجتمعي جديد يتصل بنسق التفكير والثقافة والتدبير في المجتمع. وعليه يمكننا القول إن رفع الشعار الاقتصادي حول "صناعة كرة القدم" أحد أسس النجاح له في تقديرنا هو في معرفة حقيقة الظاهرة الاجتماعية الخاصة بمجتمع كرة القدم. في البحث عن تفضيلات المشجعين المحليين، في تصميم بطولات تتناسب مع طبيعة التماسك الاجتماعي في مقابل الفردانية، في توفير الخدمات والسوق الموازية للطلب المحلي، وربما يكون في استثمار مهارات وقدرات المورد البشري للدخول إلى سوق الصناعة في "جزئية محددة". على سبيل المثال قد تكون المكنة البشرية تسمح بالدخول في سوق التنظيم للبطولات، وقد تكون في سوق تكنولوجيا الرياضة، وقد تكون في سوق تجهيز التقعليات الرياضية مثلًا، أو في سوق الفعاليات المصاحبة للظاهرة الرياضية، أو غيرها من سلسلة الأنشطة المرتبطة بسوق صناعة الرياضة عمومًا ومن هنا فإن المُكنة التي تتيحها "الثقافة" هي الرافعة الاقتصادية الأساس للدخول لسوق صناعة كرة القدم.
حسب فورتشن العربية "من المتوقع أن يصل حجم سوق التكنولوجيا الرياضية (وحدها) العالمية إلى 40.2 مليار دولار في عام 2026". وهذا جانب جزئي فقط في هذه المنطومة وإذا ما سلطنا الضوء على جوانب تفصيلية أخرى فإنها تكشف حجمًا هائلًا من الفرص الموازية التي يمكن البناء عليها وتخليق سوق محلي وإقليمي وعالمي إزاءها. وعليه فإن ما تتيحه الظاهرة الرياضية بشكل عام و "كرة القدم" على وجه الخصوص من مساحة للبحث الاجتماعي والتحليل والفهم والكشف عن الاتجاهات وما يتيحه سوقها الاقتصادي المتنامي من فرص واستثمارات وإمكانات تجعل من هذا الحقل جديرًا بالدرس والنقاش والتحليل كأداة للمستقبل. أداة فهم وتنافس.