تم إدراج الخنجر العماني بالمهارات الحرفية والممارسات الاجتماعية المرتبطة به، في ملف مفرد خاص بالقائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية باليونسكو الأسبوع الفائت، ولم يأت هذا الإنجاز من فراغ بل من خلال جهود كبيرة بذلتها السلطنة في الحفاظ على التراث الثقافي غير المادي للسلطنة من خلال العمل على توثيقه وصونه على الصعيد الوطني والدولي.

وأعدت سلطنة عمان ملفات ترشيح لتوثيق العديد من العناصر الثقافية بمنظمة اليونسكو، من بينها ملف الخنجر العماني، لكونه عنصرا من عناصر الهوية والأصالة العمانية، واشتمل الملف على العديد من الجوانب المتعلقة بالنطاقات الجغرافية لصناعته واستخداماته اليومية في اللباس، بالإضافة إلى اعتباره شعارا وطنيا للسلطنة وتضمن الملف كذلك كيفية انتقال العنصر عبر الأجيال من خلال نقل المهارات والمعارف والالتزامات المترتبة بالتنمية المستدامة في خطط الصون التي تحرص اليونسكو على الأخذ بها.

وانتقل الخنجر العماني عبر الأجيال، ويعد موروثا ورمزا للانتماء والاعتزاز والأصالة والهوية، ولا يكتمل الزي التقليدي إلا به، ويلبس في المناسبات الرسمية والاجتماعية، كل هذا جعله يمثل مع سيفين متقاطعين شعار الدولة في سلطنة عمان، ويظهر في علم الدولة وعلى المؤسسات الحكومية والعملات النقدية وعلى الوثائق الرسمية ويعود أصل هذا الشعار إلى منتصف القرن الثامن عشر عندما تم اعتماده باعتباره الشعار السلطاني لسلالة البوسعيد، وأصبح فيما بعد الشعار الوطني -السيفان والخنجر- يرمزان إلى الأسلحة التقليدية التي يعتز بها الشعب العماني.

تراث عبر القرون

وقد ورد ذكر الخنجر العماني في كتابات الرحالة الأوروبيين، مما يؤكد أنه جرى اتخاذه كهوية وطنية للباس العماني في مختلف المناسبات منذ مئات السنين حيث قال روبرت بادبروغ، ممثل شركة الهند الشرقية، واصفا لقاءه مع الإمام سلطان بن سيف اليعربي عام 1672 م: كان جلالته يرتدي حزاما حول وسطه وضع فيه خنجرا مغطى بخيوط حريرية بشكل تقاطعي، ووصف الألماني إنجلبيرت كامبفير، خلال زيارته إلى مسقط عام 1688م الرجال بأنهم يلبسون الخنجر، وقال القبطان البريطاني ألكساندر هاميلتون الذي مر بمسقط عام 1715م إن الرجال كانوا يلبسون خنجرا أو سيفا عريضا قصيرا ملصقا بأحزمتهم بشكل عمودي، وقال يلستد واصفا الرجال العمانيين عام 1835 بأنهم يلبسون خناجر يبلغ طولها عادة عشرة إنشات، وكان النصل مزخرفا بالذهب لدى من يستطيع تحمل تكلفته، وقال المؤرخ بالجريف واصفا السلطان ثويني عندما رآه في قصره في مسقط عام 1863: كان يلبس خنجرا ذهبيا فخما في حزام مرصع بالأحجار الكريمة، وفي أواخر القرن التاسع عشر الميلادي رسم ماكس بارون فون أوبينهيم الذي زار مسقط عام 1893م خنجرين عمانيين، يحتويان على مقبض وبه حلقات تقليدية لربط الخنجر بحزام من النسيج وتتخذ هذه الحلقات أشكالا هندسية.

صناعة الخناجر

وتعد صناعة الخناجر في عمان واحدة من أبرز الصناعات التقليدية التي يتناقلها الناس أبا عن جد، ويشترك في صناعتها الرجال والنساء، وتمثل فنا عظيما يجسد رقي الحرفي العماني وخبرته ومهارته منذ قرون طويلة.

ويصمم كل خنجر يدويا بشكل معقد يلبي مواصفات العميل، إذ يتكون من النصل والقرن والغمد، والنصل يصنع غالبا من الحديد، وقد كانت نصول الخناجر العمانية تستورد وتصنع محليا، ويصنع الغمد من قطعة خشبية مغطاة بجلد الماعز أو البقر أو بصفائح فضية وتزين الأغماد المغطاة بالجلد عادة بخيوط فضية أو ذهبية تطرز بأشكال هندسية وبزخرفة فضية أو مطلية بالذهب تغطي طرف الغمد فيما تزين الأغماد المغطاة بصفائح فضية نقوش وخروم وحبيبات، أما القرن، فيعد (مقبض النصل) المصنوع من قرون الحيوانات كقرن وحيد القرن أو الغزال وهو غالي الأثمان على الإطلاق، أو يصنع من الفضة أو الخشب أو العاج، إلا أنه بعد صدور قانون حماية الحيوانات المهددة بالانقراض استبدلت بمواد أخرى، ويزخرف القرن بالفضة أو بالذهب وتكون الزخارف مرصعة أو مكبوسة أو مكونة من خيوط أو صفائح فضية أو حبيبات فضية أو تغطي الزخارف القرن بأكمله أو جزءا منه، أما الحزام فيكون من الجلد أو منسوجا و يحتوي طرفه الأيسر على أبزيم فضي -عروة معدنية تحتوي علي لسان- ويحتوي طرفه الأيمن على قطعة جلدية طولية بها مجموعة من الثقوب أو سلسلة فضية صغيرة.

أشكال وأنواع الخناجر العمانية

الخنجر السعيدي

وترجع شهرة الخنجر بهذا الاسم إلى السيد سعيد بن سلطان الذي تولى قلادة الحكم عام 1804 م، وتجد ثلاثة أنواع للخنجر السعيدي، النوع الأول مقبضه مغطى بنقوش الفضة فيما عدا حوافه الجانبية، وصدره منقوش بمربعات متداخلة اتخذت من الزخارف العمانية الإسلامية رونقا مميزا لها، وبه سبع حلقات ترى ثلاثا منها على منطقة القطاعة والأربع الأخرى على منطقة الطمس وقطاعته مغطاة بخيوط، إما من الذهب أو من الفضة أو من النوعين معا، والنوع الثاني من الخنجر البوسعيدي مقبضه يشبه النوع الأول تماما فيما عدا رأس المقبض حيث نقشت بكرات من الفضة صغيرة الحجم، ومنتصف منطقة الصدر نجد كرة فضية بارزة، وحلقاته يربط بينها أسلاك من الفضة لها شكل الضفيرة، وقطاعته ليست منقوشة فهي مغطاة بقطعة واحدة من الفضة، والنوع الثالث من الخنجر البوسعيدي مقبضه يشبه خنجر النوع الأول، وصدره منقوش بتكسير الفضة ولكن على شكل خطوط مستقيمة، ولكن عدد الحلقات هنا أربع حلقات فقط، وقطاعته مغطاة تماما إما بخيوط ذهبية أو بخيوط فضية، وما يميزها عن غيرها تداخل الخيوط السوداء معها مما يزيد من جمالها.

الخنجر النزواني

اسم الخنجر يذكرنا بولاية نزوى العمانية أشهر ولايات عمان التاريخية وكان الخنجر معروف عند الحرفيين من أهل عمان بالخنجر العماني، ويعد الخنجر النزواني من الخناجر العمانية ذات الحجم الكبير وله شهرة كبيرة.

الخنجر البطاني

يعود اسم الخنجر لمحافظة الباطنة ويعرفه البعض بالخنجر الساحلي وذلك لأن أغلب ولايات محافظة الباطنة تطل على الساحل، وحجم الخنجر البطاني صغير مقارنة بحجم الخنجر النزواني.

الخنجر الصوري

يصنع في مدينة صور، ويتميز بصغر حجمه وخفة وزنه، وعادة ما يطلى مقبضه بالذهب، أما الغمد فمن الجلد، ويزين بأسلاك وخيوط فضية مطرزة بالذهب، وينتهي الغمد بقمع فضي تنقش عليه أشكال فنية.

الخنجر الجنوبي

يعود اسم هذا الخنجر إلى محافظة ظفار، ويمتاز هذا الخنجر بطوله ويعرفه أهل المحافظة بالخناجر القبلية أو الظفارية.

الخنجر الحنشي

الحنشي الذي غالبا ما يتمنطقه البدو وأهل الشرقية في عمومهم والوسطى وهو رمز لأهل الشرقية، فهي تشبه السكين في طولها وشكلها.