تقرير مستوى فقر التعلم العالمي (The State Global learning Poverty) تقوم بإصداره وتمويله ما يقرب من ستة منظمات ومؤسسات دولية منها على سبيل المثال: منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو)، وصندوق الأمم المتحدة للطفولة، والبنك الدولي، ويصدر هذا التقرير كل أربع سنوات. كما أن غالبية البيانات والأرقام الواردة بهذا المقال مستوحاة من التقرير المحدث لعام 2022م. مفهوم فقر التعلم: هو قياس مستوى تمكن الطلاب الذين هم في عمر 10سنوات أو في الصف الرابع من قراءة وفهم نص بسيط. كما أن مستوى تمكن الطلاب من قراءة وفهم النص البسيط قد يزداد حدة نتيجة الآثار المدمرة التي خلفتها جائحة كوفيد-19، عقب الإغلاقات التي طالت المدارس على المستوى العالمي والتي أمتدت لفترات طويلة ومتكررة، وعدم جاهزية أغلب الدول خاصة ذات الدخول المنخفضة والمتوسطة من استخدام أو توفير بدائل التعليم الإلكتروني بكافة أنواعه.
يغلب القول بإن جائحة كوفيذ- 19 نتائجها وآثارها على مستوى التعليم سوف تمتد لسنوات طويلة، كما أن المؤشرات التي وردت بتقرير فقر التعلم، توضح بأن الطلاب الذين هم في سن العاشرة فأنه من بين 10 طلاب بينهم 6 طلاب لا يستطيعون قراءة وفهم نص بسيط. إضافة إلى ذلك فإن هناك ما يربو على 260 مليون طفل على مستوى العالم غير منتظمين بالمدارس الأساسية. هذا العدد الكبير من الأطفال فاقدي التعليم الأساسي، قد يعرقل الوصول إلى الهدف الرابع الذي تبنته الأمم المتحدة (SDG 4: Sustainable Development Goal) والذي تعهدت الوفاء به 139 دولة حول العالم، المتضمن توفير التعليم بصورة عادلة وشاملة مع تعزيز فرص التعليم الأساسي والثانوي مدى الحياة للجميع بحلول عام 2030م. كما يبقى تحقيق هذا الهدف الطموح على المحك، بسبب الوقت الضيق المتبقى (8 أعوام من الآن) و بين ما أفرزه التقرير من النسب المرتفعة في مؤشرات فقر التعلم خاصة في الدول ذات الدخول المتوسطة والمنخفضة.
ولتسهيل عملية حساب مستوى فقر التعلم، دشن البنك الدولي ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، معهدا للإحصاء يهتم بإعداد المقاييس لهذا النوع من الدراسات. عليه طبقا لذلك، يقاس معدل فقر التعلم ((Learning Poverty من خلال جمع نسبة الأطفال الذين هم في المرحلة الأساسية ويكونون خارج مقاعد الدراسة (Schooling Deprivation) أو المحرومين من التعليم، مع نسبة الملتحقين بالمدرسة ولكن لم يستطيعوا تحقيق الحد المطلوب من القراءة والفهم لنص بسيط بنهاية المرحلة الأساسية. بصفة عامة في عام 2019م وضمن الدول ذات الدخول المتوسطة والمنخفضة، وصل مستوى فقر التعلم نسبة (%86) في أجزاء من أفريقيا، و(%63) في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وبلغ (%52) في أمريكا اللاتينية والكاريبي. تلك النسب تعطي دلالة بأنه كلما ارتفعت النسبة أعطى ذلك مؤشرا بالمستوى المرتفع (السلبي) لفقر التعلم، وكلما انخفض المؤشر أو النسبة كلما دل ذلك على المستوى المنخفض (الإيجابي) لفقر التعلم. إضافة إلى ذلك فإن عملية التحديث التي أجرتها المنظمات والمؤسسات الدولية المعنية بقياس فقر التعلم من حيث إدخال معايير جديدة لقياسه بين الفترة (2015-2019) من الممكن أن يكون مؤثرا في ارتفاع تلك النسب إلى حد ما.
كما أن دراسة ((Simulation المحاكاة أو التقليد، التي تستخدم لاختبار نموذج معين بناء على معطيات محددة لدعم إتخاذ قرار ما، والتي أعدها مجموعة من الخبراء (Azevedo et al., 2022) ضمن ورقة العمل التي مولها البنك الدولي لمعرفة الفاقد في التعلم نتيجة الجائحة، وطبقا للبيانات التي تم تجميعها للفترة بين (2019 - 2015) تم تقسيم دول العالم المختلفة الواقعة ضمن الدخول المتوسطة والمنخفضة إلى تقسيمات جغرافية محددة. عليه فإن نتائج الوسيط الحسابي للمحاكاة لعام (2022) لقياس فقر التعلم، فإن دول أوروبا وأسيا الوسطى حصلت على أقل المستويات بنسبة (14.1)، وحلت منطقة أفريقيا (جنوب الصحراء الكبرى) على أعلى النسب (89.4)، كما جاءت دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على التريبب الثالث بنسبة (70.0). في المقابل فإن قياس فقر التعلم طبقا لتصنيف الدول حسب مستوى الدخل، فقد حصلت الدول الأعلى دخلا على مستويات أفضل بنسبة (13.6)، وجاءت الدول الأقل دخلا على الترتيب الأدنى بنسبة (91.7). مع العلم بأن نتائج دراسة المحاكاة لعام 2022م جاءت متسقة مع بيانات أعوام 2019م بنسبة (90.6)، وعام 2015م بنسبة (89.5). تلك النتائج قد تعطي دلالة إحصائية بوجود علاقة طردية بين مستويات فقر التعلم ودخل الدولة فكلما ارتفع الدخل كلما استطاعت الدولة التغلب على التحديات وتقليل مستوى فقر التعلم، إلا أن هذه العلاقة ليست قاعدة ثابتة يتم تعميمها على جميع دول العالم.
وعلى الصعيد الوطني فإنه طبقا لبيانات عام 2016م فقد حصلت سلطنة عمان على نسبة (41.8) في مستوى فقر التعلم، وعلى نسبة (40.9) في الحرمان من التعلم، وعلى نسبة (1.4) في الحرمان من الحصول على التعليم في المرحلة الأساسية. علما بأن سلطنة عمان تستخدام مقياس - PIRLS- ( Progress in International Reading literacy Study)، في حساب مستوى فقر التعلم. هذا المقياس طور من قبل الرابطة الدولية لتقييم التحصيل التعليمي، وتشارك سلطنة عمان ممثلة في وزارة التربية والتعليم في مثل هذه الدراسات لقياس فقر التعلم للمرة الثالثة التي بدأت في عام 2021م.
وللمقارنة فإن مستوى فقر التعلم، والحرمان من التعلم اللذان تمت الإشارة إليهما سلفا، فقد حلت سلطنة عمان في الترتيب الخامس (ترتيب متأخر) بين دول مجلس التعاون الخليجي، حيث جاءت مملكة البحرين في المرتبة الأولى خليجيا ودولة الكويت في المرتبة الأخيرة. أما في مؤشر الحرمان من الحصول على فرص الدراسة في المراحل الأساسية فقد حلت سلطنة عمان في المرتبة الثانية خليجيا (ترتيب متقدم) بمعدل (1.4)، كما جاءت دولة الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الأولى بمعدل (0.6)، و جاءت دولة الكويت في الترتيب الأخير بمعدل (3.4). مع العلم بإن جميع المؤشرات التي حصلت عليها جميع دول مجلس التعاون الخليجي كانت متقاربة، وأيضا الفترة الزمنية التي جمعت عنها البيانات وطريقة قياسها كانت موحدة. البيانات السابقة للمؤشرات الثلاثة تعكس أيضا عدم وجود علاقة بين مستوى دخل الدولة ومستوى التعلم، حيث أن أغلب دول المجلس (دولة قطر، دولة الإمارات العربية المتحدة، الكويت والمملكة العربية السعودية) تعتبر ضمن الدول الأعلى دخلا على مستوى العالم ولكنها جاءت ضمن المستويات المرتفعة والغير متناسقة مع الدول ذات الدخول الأعلى والنسب المتدنية في مستوى فقر التعلم، على سبيل المثال: سنغافورة حصلت على نسبة (2.8) والدنمارك حصلت على نسبة (3.6) والنرويج على نسبة (6.0).
مما سبق فإن نسب مستويات فقر التعلم ومؤشر الحرمان من التعلم (41.8) و (40.9) على التوالي، اللذان حصلت عليهما سلطنة عمان، يعكسان مدى الحاجة إلى إيلاء أهمية بالغة في إعادة النظر نحو تطوير مهارات التعلم وتحسينها للوصول بها لنسب أفضل من الوضع الحالي. كما أن هذا المستوى (الغير متناسق مع مستوى الإنفاق على التعليم والدخل) لفقر التعلم، قد يؤثر في تحقيق النسب المستهدفة ضمن رؤية عمان 2040 في مؤشر تنافسية المواهب العالمي، والذي تتطلع منه سلطنة عمان لتكون ضمن أفضل (10) دول على مستوى العالم. أيضا في ظل المراجعة التي تجريها وحدة متابعة تنفيذ رؤية عمان على بعض المؤشرات، فإنه قد يكون مناسبا التفكير جليا في إعطاء مؤشرات مستوى فقر التعلم والحرمان من التعلم، الأهمية القصوى وذلك بإدراجها ضمن مستهدفات الرؤية المراد تحقيقها بحلول عام 2040م.
• د. حميد بن محمد البوسعيدي خبير بجامعة السلطان قابوس
يغلب القول بإن جائحة كوفيذ- 19 نتائجها وآثارها على مستوى التعليم سوف تمتد لسنوات طويلة، كما أن المؤشرات التي وردت بتقرير فقر التعلم، توضح بأن الطلاب الذين هم في سن العاشرة فأنه من بين 10 طلاب بينهم 6 طلاب لا يستطيعون قراءة وفهم نص بسيط. إضافة إلى ذلك فإن هناك ما يربو على 260 مليون طفل على مستوى العالم غير منتظمين بالمدارس الأساسية. هذا العدد الكبير من الأطفال فاقدي التعليم الأساسي، قد يعرقل الوصول إلى الهدف الرابع الذي تبنته الأمم المتحدة (SDG 4: Sustainable Development Goal) والذي تعهدت الوفاء به 139 دولة حول العالم، المتضمن توفير التعليم بصورة عادلة وشاملة مع تعزيز فرص التعليم الأساسي والثانوي مدى الحياة للجميع بحلول عام 2030م. كما يبقى تحقيق هذا الهدف الطموح على المحك، بسبب الوقت الضيق المتبقى (8 أعوام من الآن) و بين ما أفرزه التقرير من النسب المرتفعة في مؤشرات فقر التعلم خاصة في الدول ذات الدخول المتوسطة والمنخفضة.
ولتسهيل عملية حساب مستوى فقر التعلم، دشن البنك الدولي ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، معهدا للإحصاء يهتم بإعداد المقاييس لهذا النوع من الدراسات. عليه طبقا لذلك، يقاس معدل فقر التعلم ((Learning Poverty من خلال جمع نسبة الأطفال الذين هم في المرحلة الأساسية ويكونون خارج مقاعد الدراسة (Schooling Deprivation) أو المحرومين من التعليم، مع نسبة الملتحقين بالمدرسة ولكن لم يستطيعوا تحقيق الحد المطلوب من القراءة والفهم لنص بسيط بنهاية المرحلة الأساسية. بصفة عامة في عام 2019م وضمن الدول ذات الدخول المتوسطة والمنخفضة، وصل مستوى فقر التعلم نسبة (%86) في أجزاء من أفريقيا، و(%63) في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وبلغ (%52) في أمريكا اللاتينية والكاريبي. تلك النسب تعطي دلالة بأنه كلما ارتفعت النسبة أعطى ذلك مؤشرا بالمستوى المرتفع (السلبي) لفقر التعلم، وكلما انخفض المؤشر أو النسبة كلما دل ذلك على المستوى المنخفض (الإيجابي) لفقر التعلم. إضافة إلى ذلك فإن عملية التحديث التي أجرتها المنظمات والمؤسسات الدولية المعنية بقياس فقر التعلم من حيث إدخال معايير جديدة لقياسه بين الفترة (2015-2019) من الممكن أن يكون مؤثرا في ارتفاع تلك النسب إلى حد ما.
كما أن دراسة ((Simulation المحاكاة أو التقليد، التي تستخدم لاختبار نموذج معين بناء على معطيات محددة لدعم إتخاذ قرار ما، والتي أعدها مجموعة من الخبراء (Azevedo et al., 2022) ضمن ورقة العمل التي مولها البنك الدولي لمعرفة الفاقد في التعلم نتيجة الجائحة، وطبقا للبيانات التي تم تجميعها للفترة بين (2019 - 2015) تم تقسيم دول العالم المختلفة الواقعة ضمن الدخول المتوسطة والمنخفضة إلى تقسيمات جغرافية محددة. عليه فإن نتائج الوسيط الحسابي للمحاكاة لعام (2022) لقياس فقر التعلم، فإن دول أوروبا وأسيا الوسطى حصلت على أقل المستويات بنسبة (14.1)، وحلت منطقة أفريقيا (جنوب الصحراء الكبرى) على أعلى النسب (89.4)، كما جاءت دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على التريبب الثالث بنسبة (70.0). في المقابل فإن قياس فقر التعلم طبقا لتصنيف الدول حسب مستوى الدخل، فقد حصلت الدول الأعلى دخلا على مستويات أفضل بنسبة (13.6)، وجاءت الدول الأقل دخلا على الترتيب الأدنى بنسبة (91.7). مع العلم بأن نتائج دراسة المحاكاة لعام 2022م جاءت متسقة مع بيانات أعوام 2019م بنسبة (90.6)، وعام 2015م بنسبة (89.5). تلك النتائج قد تعطي دلالة إحصائية بوجود علاقة طردية بين مستويات فقر التعلم ودخل الدولة فكلما ارتفع الدخل كلما استطاعت الدولة التغلب على التحديات وتقليل مستوى فقر التعلم، إلا أن هذه العلاقة ليست قاعدة ثابتة يتم تعميمها على جميع دول العالم.
وعلى الصعيد الوطني فإنه طبقا لبيانات عام 2016م فقد حصلت سلطنة عمان على نسبة (41.8) في مستوى فقر التعلم، وعلى نسبة (40.9) في الحرمان من التعلم، وعلى نسبة (1.4) في الحرمان من الحصول على التعليم في المرحلة الأساسية. علما بأن سلطنة عمان تستخدام مقياس - PIRLS- ( Progress in International Reading literacy Study)، في حساب مستوى فقر التعلم. هذا المقياس طور من قبل الرابطة الدولية لتقييم التحصيل التعليمي، وتشارك سلطنة عمان ممثلة في وزارة التربية والتعليم في مثل هذه الدراسات لقياس فقر التعلم للمرة الثالثة التي بدأت في عام 2021م.
وللمقارنة فإن مستوى فقر التعلم، والحرمان من التعلم اللذان تمت الإشارة إليهما سلفا، فقد حلت سلطنة عمان في الترتيب الخامس (ترتيب متأخر) بين دول مجلس التعاون الخليجي، حيث جاءت مملكة البحرين في المرتبة الأولى خليجيا ودولة الكويت في المرتبة الأخيرة. أما في مؤشر الحرمان من الحصول على فرص الدراسة في المراحل الأساسية فقد حلت سلطنة عمان في المرتبة الثانية خليجيا (ترتيب متقدم) بمعدل (1.4)، كما جاءت دولة الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الأولى بمعدل (0.6)، و جاءت دولة الكويت في الترتيب الأخير بمعدل (3.4). مع العلم بإن جميع المؤشرات التي حصلت عليها جميع دول مجلس التعاون الخليجي كانت متقاربة، وأيضا الفترة الزمنية التي جمعت عنها البيانات وطريقة قياسها كانت موحدة. البيانات السابقة للمؤشرات الثلاثة تعكس أيضا عدم وجود علاقة بين مستوى دخل الدولة ومستوى التعلم، حيث أن أغلب دول المجلس (دولة قطر، دولة الإمارات العربية المتحدة، الكويت والمملكة العربية السعودية) تعتبر ضمن الدول الأعلى دخلا على مستوى العالم ولكنها جاءت ضمن المستويات المرتفعة والغير متناسقة مع الدول ذات الدخول الأعلى والنسب المتدنية في مستوى فقر التعلم، على سبيل المثال: سنغافورة حصلت على نسبة (2.8) والدنمارك حصلت على نسبة (3.6) والنرويج على نسبة (6.0).
مما سبق فإن نسب مستويات فقر التعلم ومؤشر الحرمان من التعلم (41.8) و (40.9) على التوالي، اللذان حصلت عليهما سلطنة عمان، يعكسان مدى الحاجة إلى إيلاء أهمية بالغة في إعادة النظر نحو تطوير مهارات التعلم وتحسينها للوصول بها لنسب أفضل من الوضع الحالي. كما أن هذا المستوى (الغير متناسق مع مستوى الإنفاق على التعليم والدخل) لفقر التعلم، قد يؤثر في تحقيق النسب المستهدفة ضمن رؤية عمان 2040 في مؤشر تنافسية المواهب العالمي، والذي تتطلع منه سلطنة عمان لتكون ضمن أفضل (10) دول على مستوى العالم. أيضا في ظل المراجعة التي تجريها وحدة متابعة تنفيذ رؤية عمان على بعض المؤشرات، فإنه قد يكون مناسبا التفكير جليا في إعطاء مؤشرات مستوى فقر التعلم والحرمان من التعلم، الأهمية القصوى وذلك بإدراجها ضمن مستهدفات الرؤية المراد تحقيقها بحلول عام 2040م.
• د. حميد بن محمد البوسعيدي خبير بجامعة السلطان قابوس