مكاتب " المحاماة " تعيش حالة إغراق وسط غياب الظوابط الرقابية لمعاييرالجودة والخبرة -

محامون لـ "عمان":

• زيادة عدد خريجو القانون وعدم حصولهم على فرص وظيفية فاقم انتشار " مكاتب المحاماة " -

• نقترح وضع امتحان يخضع له متقدمين للحصول على ترخيص مزاولة المهنة -

• أكثر من خمس إلى ست مكاتب يتم ترخيصها خلال أسبوعين دون معرفة مدى استيفائها للضوابط -

• هناك هاجس ينتشر بين المحامين أن المحاماة ستصبح مهنة من لا مهنة له !

مهنة المحاماة كغيرها من المهن المتخصصة مثل الطب والهندسة تحتاج للخبرة التي لا تأتي في عامين بل لسنوات عديدة من العمل في المجال القانوني سواء في صياغة المذكرات وتحليل ملف النزاع وصياغة العقود وفن المرافعة وحضور التحقيقات.

وتنتشر مكاتب المحاماة في السلطنة بشكل كبير ومتسارع وملحوظ، الأمر الذي يطرح معه تساؤلا هل جميع تلك المكاتب حظيت باشتراطات الترخيص ؟! وهل يكفي الترخيص وحده لممارسة هذه المهنة الدقيقة التي تعتمد على الكفاءة والخبرة؟ وهل المعايير والاشتراطات المتوفرة كافية لفتح تلك المكاتب لمزاولتها؟ "عمان" تواصلت هاتفيا مع عدد من المحامين أصحاب مكاتب المحاماة للحصول على إجابة عدد من الاستفسارات المتعلقة بأسباب تزايد وانتشار مكاتب المحاماة !

خبرة كافية

يقول المحامي الدكتور أحمد علي العجمي صاحب مكتب أحمد العجمي للمحاماة والاستشارات القانونية : " المحاماة او ما تسمى بالقضاء الواقف، او معاونو العدالة، يتولى فيها المحامي قضية موكله ويقوم بمهام الترافع فيها امام المحاكم وتقديم المذكرات والمرافعات الشفوية، وهذه مهمة تعتمد على الخصوصية والسرية في التعامل، كما تعتمد على جودة الأداء بما يتمتع به المحامي من خبرات."

وأكمل قائلا " نلاحظ في الفترة الحالية كثرة عدد مكاتب المحاماة، فبعد اكمال الشخص لمدة التدريب او التقاعد من جهة العمل يقوم بفتح مكتب دون خبرة كافية، الأمر الذي يتسبب باضرار في مهنة المحاماة والمكاتب القائمة، وكثرة اعدادها تعرّض مصالح الموكلين للخطر لقلة خبرة القائمين عليها، ويجب على وزارة العدل والشؤون القانونية ممثلة بدائرة قبول المحامين عمل بحث تشريع تلزم من ترك وظيفة حكومية ورغب بالالتحاق بمهنة المحاماة ان يلتحق بمكتب بمدة لا تقل عن سنة يقدم خلالها المكتب الملتحق به تقريرا مفصلا عن الأداء، وبالنسبة للمحامي الذي أكمل التدريب يجب إلزامه قبل حصوله على الترخيص العمل سنتين بمكتب لأن الحضور امام المحاكم بجميع درجاتها تحتاج المعرفة القانونية والمهارة واكتساب الخبرة الكافية " .

خريجو قانون بلا وظيفة

من جهته قال حمد بن سالم الساحب من مكتب حمد الساحب للمحاماة والاستشارات القانونية :

" أن انتشار ثقافة مكاتب المحاماة في المنطقة تجعل الأفراد والشركات بمختلف أنواعها تسهل الدور الوقائي والاستباقي للعلاقات التعاملية في المجتمعات لاتخاذ التدابير القانونية لحماية الموارد من الاهدار والاستنزاف واتخاذ الاجراءات الوقائية اللازمة التي لا تتم الا بواسطة محامي مختص بهذه الجوانب، فالإستعانة بالخبرات اللازمة ضرورة ملحة في الوقت الحالي والمستقبلي، فازدياد المحامين ظاهرة طبيعية في السلطنة نتيجة ازدياد خريجين القانون والشريعة وعدم حصول بعضهم على الفرصة الوظيفية في القطاع الحكومي والمرافق القضائية والعدلية، بالإضافة إلى قلة استيعابهم في الشركات التجارية بالقطاع الخاص ، ناهيك على أن مهنة المحاماة هي ملجأ لبعض القانونيين الذين أحيلوا إلى التقاعد من الجهات التي ذكرناها، بالتالي ينتج عنه ازدياد مكاتب المحاماة بعد استيفاء الشروط المقررة وفق قانون المحاماة الأمر الذي يتيح خيارات للمستفيدين من الخدمات القانونية من اختيار المحامي المؤهل والمتمكن في تقديم الخدمة المطلوبة على الوجه المطلوب من خلال المكتب الذي ينتسب إليه ، موضحا " أن قانون المحاماة العماني نظم المهنة تنظيماَ دقيقا وهو من القوانين المرنة التي يمكن أن يطرأ عليها تحديث في أي وقت، ومن خلال التطور الذي تشهده المهنة في السلطنة نقترح أن يوضع امتحان معادلة يخضع له المتقدمين على الحصول على ترخيص مزاولة المهنة أن يكون من بين الاشتراطات دون استثناء للخبرات التي حصل عليها المتقدم " .

غياب الجودة

وقال المحامي حسين الصواعي هناك اغراق في مهنة المحاماة واقصد بالإغراق هو كثرة فتح مكاتب المحاماة لكل من أراد فتح مكتب دون وجود ضوابط ومعايير واضحة، بالرغم أن هذه المهنة تعتمد على سنوات الخبرة السابقة وقياس ما يتمتع به المحامي من وعي مجتمعي وقانوني قبل ان يقرر فتح المكتب، وهناك هاجس ينتشر بين المحامين أن هذه المهنة ستصبح مهنة من لا مهنة له كما يقال." مضيفا" الان نجد أن من لديه سنتين تدريب مع سنة بعد ترخيصه كمحام ابتدائي يستطيع فتح مكتب محاماة وهذا وضع خطير جدا، فمع غياب الخبرة الكافية قد ينتج عنه ضياع حقوق الموكلين واضطراب وارباك عمل المهنة، وبلا شك يسيء بسمعة المكاتب التي تملك باع طويل وخبرات متراكمة، وتنخفض الجودة مع غياب الضوابط الجادة التي يفترض أن يتم وضعها كشروط لفتح مكاتب المحاماة، وهذا الدور موكول الى وزارة العدل والشؤون القانونية للتدخل بشكل عاجل في وضع مجموعة من المعايير والشروط ، ونحن بانتظار صدور قانون المحاماة الجديد وما سيحمله من ضوابط تعتمد على الخبرة الطويلة والكفاءة وان لا يترك الامر كما هو حاصل الآن من منح التراخيص دونما ضابط او مراعاة لمكاتب المحاماة التي تمتلك خبرات طويلة في هذا المجال".

شروط ومعايير

ويعلّق المحامي صلاح البلوشي صاحب مكتب صلاح البلوشي للمحاماة والاستشارات القانونية قائلا" لن تصدقوا ان قلت لكم ان أكثر من خمس إلى ست مكاتب يتم ترخيصها خلال أسبوعين وربما أکثر، فهذه التراخيص لا تعرف ما هي ضوابطها واشتراطاتها، فلا يكفي ان يكمل المحامي مدة سنتين حتى يصرح له بترخيص مكتب محاماة، لان عامل الخبرة هنا يكون مفقودا تماما، وربما لو أصبح الترخيص لفتح مكتب يبدأ من تاريخ حصول المحامي على قيد القبول امام محاكم الاستئناف وما في مستواها، سيكون الأمر به نوعا من القبول، ليكون الترخيص حصاد وثمرة خبرة طويلة، اما فتح الباب على مصراعيه لا اعتقد انه سيؤدي إلى نتائج طيبة، فالموكل عندما يبحث عن مكتب ما يتولى دعواه او قضيته او اعماله التجارية يبحث عن الثقة والجودة وهما أمران لا يمكن ان تتوفر في المحامي الا إذا كانت ممارسته الفعلية للمهنة لا تقل عن سبع او تسع سنوات على الأقل، وهنا يجب التركيز على الممارسة الفعلية للمهنة، وأرى أن الحل يأتي من خلال تدخل جاد من قبل وزارة العدل والشؤون القانونية أولا لدراسة وضع ومستوى المكاتب الحالية ووضع مسودة شروط ومعايير تراعي جانب الخبرة في المحامي الذي يرغب بترخيص مكتب خاص له ، ومن الأهمية أيضا ان يشتمل مشروع قانون المحاماة الجديد الذي سيصدر قريبا بيان توضيحي لتلك الشروط والمعايير او ترفق به لائحة تنفيذية مفصلة ومفسرة لتلك الاشتراطات التي اعتقد أبرزها هو مراعاة جانب الخبرة في الممارسة العملية للمهنة."

إعلانات على برامج التواصل

يقول المحامي سمير بن خميس السعدي صاحب مكتب سمير السعدي للمحاماة والاستشارات القانونية" أن المشكلة تكمن الآن في سرعة ترخيص المكاتب دون التحقق من الخبرات في مجال المهنة، ونلاحظ أن هنالك كثرة في مكاتب المحاماة وكثرة التراخيص دون مراعاة للجودة التي تعتمد في المقام الأول والأخير على الخبرة، ويمكن اكتشاف ذلك النقص في الخبرة ببساطة من خلال حضور المحامي وترافعه امام المحاكم هل فعلا أنصف موكله بذلك الترافع الذي قدمه او بتلك

المذكرة القانونية التي قدمها للقضاء في الدعوى، وهنا قد يكتشف الموكل انه أخطأ العنوان كما يقولون، ذلك هو قيام بعض المكاتب بالترويج الدعائي غير المسموح من خلال برامج التواصل الاجتماعي وبالتالي يوقع الموكل في غلط، اذ لا يمكن قياس جودة وكفاءة أي مكتب محاماة من خلال إعلانات معينة ومن خلال برامج التواصل الاجتماعي بل يجب الاطلاع على الجانب المعرفي والقانوني والالمام بالقوانين والقدرة على التعامل مع القضايا عند اختيار المحامي وتقدير المهنة القانونية، لكن الوضع الحاصل عكس ذلك تماما."

وأضاف السعدي" يتم الترخيص لمكاتب محاماة تكون خبرتهم في المهنة اقل من المستوى المطلوب بل يمكن اقل من المحامون العاملون معه، فلا غرابة ان تجد محامي صاحب مكتب محاماة خبرته 3 سنوات في حين ان المحامي الذي يعمل في مكتبه خبرته تتعدى ال 10 سنوات! فالمسألة ليست مسألة انه أكمل التدريب سنتان ويملك المال لفتح وترخيص مكتب بل المسألة في الخبرة العملية لممارسة المهنة لصاحب ذلك المكتب وكم تصل، ومع غياب هذا الضابط المهم نجد كثرة غير معقولة في ترخيص مكاتب المحاماة"، موضحا أن أغلب أصحاب تلك المكاتب المستحدثة لا يعتمدون على أنفسهم ولو بشكل يسير في كتابة الدعاوى بل بوظفون من يتولى الكتابة لهم!

أمانة ومصداقية

وتكمل المحامية ايمان العمرية قائلة" أن مهنة المحاماة أساسها الضمير والأمانة والمصداقية، وتعتمد بلا شك على الخبرات التي يتمتع بها المحامي في مزاولة المهنة، ونلاحظ بشكل ملفت للغاية منح التراخيص للمكاتب المحاماة لأشخاص لا تتعدى خبرتهم بعد سنتين التدريب عام او عامين،

فلا ضابط او معيار يؤطر هذه المهنة، الامر الذي أدى الى ضعف المذكرات القانونية والمرافعات امام المحاكم دون المستوى المطلوب، وقد يصل الأمر إلى اهتزاز ثقة العميل بتلك المكاتب، موضحة خلال حديثها أن الجودة في أداء عمل المحامي تعتمد في الأول والأخير على خبرته في هذا المجال، فضعف الجودة لدى عمل المحامي دليل على قلة الخبرات ولا تتأتى هذه الجودة الا بعد نفس طويل من سنوات تعامله مع المذكرات القانونية والترافع اما مختلف المحاكم وحضور الجلسات.

خبرة لا تقل عن 5 سنوات

وأكد المحامي أحمد الرحبي من مكتب الدكتورة رحيمة الخروصي للمحاماة والاستشارات القانونية أن كثرة انتشار مكاتب المحاماة بشكل متسارع، وأصبح كل من يتخرج حاملا شهادة الحقوق يلتحق بمكتب محاماة للتدريب لمدة سنتين ثم يحق له فتح مكتب خاص له، أعتقد أن هنالك خلل ما والخلل يكمن في عدم وجود معايير وشروط دقيقة لفتح مكتب المحاماة، من أهمها أن يكون منح الترخيص لفتح مكتب مشروطا بخبرة معينة في المحامي لا تقل عن 5 سنوات كحد أدنى ، وهنا نجد غياب لعامل الخبرة في الاشتراطات ، ونعول على الجهة المعنية في وضع الشروط والمعايير أن تقتن بشكل أفضل أحقية المحامي في فتح مكتب المحاماة ، هذا لأن هذه المهنة تعتمد في الأول والأخير على التعامل مع الموكلين (العملاء) ومع المحكمة بالحضور والترافع وتتطلب من الشخص أن يكون لديه الخبرة الكافية التي تعزز قدراته ، وحسب علمي أنه تتم الآن دراسة مشروع قانون المحاماة الجديد ولا ندري ان كانت هناك نصوص تعالج هذا الجانب والتي نتمنى ان تأخذ بالحسبان موضوع مكاتب المحاماة واشتراطات معينة تختلف عن الماضي للسماح بفتح المكتب، وان لا يبقى الأمر على ما هو عليه حاليا من عدم وضوح للمعايير والاسس التي يجب ان يحظى بها المحامي الذي يسعى لترخيص مكتب محاماة."