لم يكن الملايين في العالم يتصورون قبل أكثر من عقد من الآن أن دولة عربية خليجية يمكن، فعلا، أن تفكر، مجرد التفكير، في استضافة بطولة قارية بحجم بطولة كأس العالم هذا الحدث الرياضي العالمي المهيب! كان الأمر في ذلك الوقت أشبه بمزحة. لكن تلك المزحة تحولت إلى إرادة، والإرادة إلى قرار، وتقدمت قطر بملفها لاستضافة كأس العالم.. ونجحت. نجح ملفها وسط ذهول العالم ومن ثم تشكيكه وربما ممانعته في الكثير من المحطات. وها هي المزحة التي اعتقدها العالم تتحول اليوم إلى إبهار لم يسبقها إليه أحد.. حيث ينتظر العالم نسخة استثنائية من البطولة على كل المستويات وهذا مسار من مسارات ذلك النجاح، ولكنّ المسار الآخر أن قطر بوصفها دولة شهدت تغيرات كبيرة جدا خلال العقد الماضي في مسار استعداداها لاستضافة هذه النسخة من البطولة. ولم تشمل التغيرات فقط البنية الأساسية التي جعلتها في مصاف الدول المتقدمة التي بدأت تنميتها وتطويرها منذ سنوات طويلة ولكنها أيضا تغيرات سياسية يستطيع الجميع فهمها من خلال قدرة قطر على الصمود أمام سيل الضغوطات العالمية التي شككت في قدرتها على الاستضافة وكذلك في أحقيتها إلا أن قطر استطاعت أن تتجاوز كل ذلك وبكثير من القوة وهي في طريقها لأن تثبت للجميع أنها قادرة أيضا على أن تنجح في التنظيم وتسبق الكثير من الدول في ما ستقدمه للجماهير المتعطشة لإثارة الكرة المستديرة.

وإذا كانت كرة القدم هي أكثر الأحداث جماهيرية في العالم أجمع فإن مئات الملايين تتجه أنظارهم اليوم إلى دولة قطر الشقيقة حيث حفل الافتتاح الذي يعتبر العتبة الأولى من عتبات نجاح البطولة، ثم تتبعه المباراة الأولى.

إن قصة استضافة دولة قطر لكأس العالم ونجاحها في بناء بنية أساسية تمهد للحدث الفعلي الذي يستقطب الملايين من مشجعي كرة القدم تستحق أن تكون قصة ملهمة للجميع. وإن الإرادة قادرة على صناعة المعجزات وإن النجاحات الكبرى ليست حكرا على الدول المتقدمة.. وإنما يستطيع الجميع إن توفرت لديه الإرادة أن يكون ناجحا وقادرا على إبهار العالم بنجاحه.

وليكن نجاح قطر نجاح لجميع العرب، وفرصة لتغيير الصورة النمطية عنهم، وفرصة للعرب أنفسهم لتجديد إراداتهم للتغب على كل شيء بدءا بأنفسهم.