(1)
إذا كان الوقوف على الأطلال من مهمات المُعلَّقات الجاهليَّة، فإن اللاهوت والكهنوت المتنوِّرين قد أخذا على عاتقهما مهمة ترميم الدروس.
(2)
لماذا يتحتم دومًا على المخطئين أن يثوبوا ويتوبوا، هذا بينما لا يطلب أحد من الخطيئة أن تعتذر؟
(3)
للسعداء كل الحق في السعادة، وليس عليهم أي واجبات، وهذه ليست قسمة ضيزى بالضرورة.
(4)
على الهاتف جاء صوتها العميق والحزين ناعمًا، ومتواضعاً، وخجولاً، وكريماً بصفاتها. قلت لها إنه لولاها لما عرفت إدغر ألن بو بوصفه قاصًّا إلى جانب كونه شاعراً (بترجمتها أولاً، ثم بِلُغَتِهِ ثانياً بعد سنوات بعد أن شحذتْ شفرتها الوجدان)، وهذا من حيث إن ذلك الأمريكي الملعون المُعَذَّب أكثر مما تحتمل أمريكا يسكنني وسيبقى دوماً في ما تبقى من حياتي.
شكراً لخالدة سعيد التي أتمنى أن يتذكرها ولو بعضنا، ممن قرأوا لها/ عليها/ عبرها، في هذا الزمن الذي ينحو إلى النسيان والتناسي؛ هي التي لا تنتظر الشكر من أحد.
(5)
هذا الشهيد أكبر من الشمس، والأرض، والقصائد، والبحيرات، والطيور التي تنتحر عند بوابة الشمس، وما حدث في الكارثة.
تعالوا ندفنه في الغيب.
(6)
فيما يخصني لم يحدث الحب من أول نظرة، بل من آخر العيون والرؤيا.
وهذه هي الكارثة بالضبط.
(7)
لحظة شجار واحدة فقط تُزهق أبديَّة كاملة من العناق. ومع ذلك لا خيار أمامنا سوى الحب، وفي وسع الشعراء محاولة ما يستطيعون.
(8)
يعبث بالقنديل كمن يسهو عن النور، والوردة، والظلام، والفَراشة، وعن آخر القُبلات.
(9) يبدأ الإهمال في تشكيل التضاريس الجديدة من نقاشات وحوارات الحانات التي هي أقرب ما تكون إلى حلبات المصارعة، وبتواطؤ جميع الأطراف على إراقة الوقت، وهدر النبيذ.
الحانات لا تصلح إلا لانتحاب الأرواح، أو تبادل النكت الفاجرة، أو تقديم آخر كأس لسكِّير عجوز وضرير.
(10)
مقولة سارتر "الآخرون هم الجحيم" تبدو مستهلَكة ومبتذَلة أكثر مما ينبغي. لعل من الأفضل اللجوء إلى مقولة رامبو: "أنا آخر".
لكن هذه أيضًا تبدو مستهلَكة ومبتذَلة أكثر مما ينبغي.
(11)
أنبحثُ عن الأوَّلين
أم نَكِدُّ في الآخرين
لأننا كنَّا على هامش القيامة؟
(12)
يحتاج إلى نعل جديد، لأنه سيرتكب مأثرة سرقة أعناق الناس من جديد.
(13)
أن تكون فلسطينيًّا يعني أن تخترع لغة يمكن إكمال هذه الجملة بها.
(14)
في الرمل وجدت كل شيء: المرآة، ووجوه الأنبياء، والشهداء، وسيماء الغادرين، وحليب أمي، والخارطة.
(15)
يا مجز الصغرى:
يا أمَّ الحليب، والحنان، والآثام
ستبقين هكذا دومًا
أكبر مقبرة في العالم.
(16)
أنت أيضًا ستكونين في الأغاني (أسميها "الأعالي" أحياناً).
(17)
الذين يتقوَّلون إنك "شرس" و"حاد" لا يدركون أنك في حالة دفاع دائم عن النفس.
ألا طوبى لهم، وألف مرحى، أولئك الذين يعيشون الحياة من دون التورُّط في أن يكون لهم خصوم وأعداء.
(18)
الثوب فضيحة الجسد، والجسد فضيحة الروح.
(19)
الحنين ليل حار جداً، وبارد جداً
الحنين غراء الضباب ومقلة السراب
الحنين تطرُّفٌ في الحالين: الماضي، والآتي
الحنين أكثر صُوَر الأرض مكابدة.
(20)
أيقِظ ذاكرتي الشخصيَّة، والجماليَّة، والمعرفيَّة. استفزها إن شئت، واستفز ذاكرة الوجود، والتاريخ، أو اخلق ذاكرة جديدة لهما ولي؛ تكون إذاً قد خلقت عملاً فنيَّاً أحبُّه. وفي وسعك دوماً ألا تأبه بي، وفي وسعي أبداً أن آبه لغيرك.
(21)
في التجربة الثوريَّة تجثم هموم كل الناس على قلبك، وفي التجربة الإبداعيَّة تنبثق هموم كل الناس من قلبك.
وفي كلا الحالين يحترق قلبك في عالم لا ينبض.
(22)
ينتهي الحب في غرفة النوم
بعد أن كان قد ترعرع على الأعشاب والبحار.
(23)
"انظر خلفك بغضب" (شعار سوريالي لم يعد كافياً).
"أنظر أمامك بغضب" قد يكون تحديثاً لا بأس به للشعار (وذلك حتى إشعار آخر).
(24)
الوطن حق لا يسقط بالتقادم، أو الهلاك، أو السلب والنهب، أو في قرارات المحاكم بسجن هذا المرتشي أو تقييد سفر ذلك المختلِس بعد أن أصبح له قصر في سويسرا أو إسبانيا. تأتي "عدالة" السُّلطة على طريقة الدعابة المُضجِرة، والتماس أكباش --إن لم يكن حمير -- فداء، وفقط حين يأتي ميقات ذر الرماد في وكالات الأنباء، وفقط حين تريد السلطة توبيخا اضطراريًّا لإنقاذ أحد رموزها كي تحاول إنقاذ نفسها، وفقط حين يكون لا مناص من الذي لا مناص منه لامتصاص النقمة والكيل الطافحين.
(25)
لا يأخذنا العمل الفني إليه، ولكن إلى ما يسبقه وما يليه، ولا يتخلى عن سرِّه في ما يقول، ولكنه يبوح به للجديرين بالثقة ("القلَّة السعيدة" حسب ستندال، و"الأقليَّة الهائلة" وفقاً لِخوان رامون خيمينِث) في ما لا يقول، ويُفشينا في ما لا يُقال؛ فهو لا يتجلى في مظهره، ولكنه يتحلى في ما لا يظهر ولا يُضاهى، هناك حيث كواكب الذاكرة، والروح، والمخيلة، والعشق، والموت، والجنون، والجَمال، والخوف، والبُحران، وحيث من يَخلق، وما يُخلق، والشاهد على الخلق ضوء وحيد ينكسر في عيني حوريَّة عمياء.
(26)
الذين راهنوا على ركوعه لا يزالون يتجشؤون.
"دَعِ الموتى يدفنون الموتى" (المسيح).
(27)
لا أستطيع أن أكتب أكثر من ست كلمات في اليوم (ولا أعرف كيف حدث كل شيء في سبعة أيام فقط).
(28)
ليس ذهنيَّاً، بل ذهوليٌّ.
(29)
اليقين: خير وسيلة للتبرؤ من كل شيء، والوصول إلى الموت (مبكِّراً أكثر مما ينبغي).
(30)
يوجد الماضي في الندى، والشمس، والقمر، وهسهسة الخطوات، وخلف كل باب، ووراء كل نافذة، وتحت كل عشبة، وفي ذكريات كل موجة "تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد" (طرفة بن العبد) .
يوجد الماضي في أخمص هذه الكلمة.
إذا كان الوقوف على الأطلال من مهمات المُعلَّقات الجاهليَّة، فإن اللاهوت والكهنوت المتنوِّرين قد أخذا على عاتقهما مهمة ترميم الدروس.
(2)
لماذا يتحتم دومًا على المخطئين أن يثوبوا ويتوبوا، هذا بينما لا يطلب أحد من الخطيئة أن تعتذر؟
(3)
للسعداء كل الحق في السعادة، وليس عليهم أي واجبات، وهذه ليست قسمة ضيزى بالضرورة.
(4)
على الهاتف جاء صوتها العميق والحزين ناعمًا، ومتواضعاً، وخجولاً، وكريماً بصفاتها. قلت لها إنه لولاها لما عرفت إدغر ألن بو بوصفه قاصًّا إلى جانب كونه شاعراً (بترجمتها أولاً، ثم بِلُغَتِهِ ثانياً بعد سنوات بعد أن شحذتْ شفرتها الوجدان)، وهذا من حيث إن ذلك الأمريكي الملعون المُعَذَّب أكثر مما تحتمل أمريكا يسكنني وسيبقى دوماً في ما تبقى من حياتي.
شكراً لخالدة سعيد التي أتمنى أن يتذكرها ولو بعضنا، ممن قرأوا لها/ عليها/ عبرها، في هذا الزمن الذي ينحو إلى النسيان والتناسي؛ هي التي لا تنتظر الشكر من أحد.
(5)
هذا الشهيد أكبر من الشمس، والأرض، والقصائد، والبحيرات، والطيور التي تنتحر عند بوابة الشمس، وما حدث في الكارثة.
تعالوا ندفنه في الغيب.
(6)
فيما يخصني لم يحدث الحب من أول نظرة، بل من آخر العيون والرؤيا.
وهذه هي الكارثة بالضبط.
(7)
لحظة شجار واحدة فقط تُزهق أبديَّة كاملة من العناق. ومع ذلك لا خيار أمامنا سوى الحب، وفي وسع الشعراء محاولة ما يستطيعون.
(8)
يعبث بالقنديل كمن يسهو عن النور، والوردة، والظلام، والفَراشة، وعن آخر القُبلات.
(9) يبدأ الإهمال في تشكيل التضاريس الجديدة من نقاشات وحوارات الحانات التي هي أقرب ما تكون إلى حلبات المصارعة، وبتواطؤ جميع الأطراف على إراقة الوقت، وهدر النبيذ.
الحانات لا تصلح إلا لانتحاب الأرواح، أو تبادل النكت الفاجرة، أو تقديم آخر كأس لسكِّير عجوز وضرير.
(10)
مقولة سارتر "الآخرون هم الجحيم" تبدو مستهلَكة ومبتذَلة أكثر مما ينبغي. لعل من الأفضل اللجوء إلى مقولة رامبو: "أنا آخر".
لكن هذه أيضًا تبدو مستهلَكة ومبتذَلة أكثر مما ينبغي.
(11)
أنبحثُ عن الأوَّلين
أم نَكِدُّ في الآخرين
لأننا كنَّا على هامش القيامة؟
(12)
يحتاج إلى نعل جديد، لأنه سيرتكب مأثرة سرقة أعناق الناس من جديد.
(13)
أن تكون فلسطينيًّا يعني أن تخترع لغة يمكن إكمال هذه الجملة بها.
(14)
في الرمل وجدت كل شيء: المرآة، ووجوه الأنبياء، والشهداء، وسيماء الغادرين، وحليب أمي، والخارطة.
(15)
يا مجز الصغرى:
يا أمَّ الحليب، والحنان، والآثام
ستبقين هكذا دومًا
أكبر مقبرة في العالم.
(16)
أنت أيضًا ستكونين في الأغاني (أسميها "الأعالي" أحياناً).
(17)
الذين يتقوَّلون إنك "شرس" و"حاد" لا يدركون أنك في حالة دفاع دائم عن النفس.
ألا طوبى لهم، وألف مرحى، أولئك الذين يعيشون الحياة من دون التورُّط في أن يكون لهم خصوم وأعداء.
(18)
الثوب فضيحة الجسد، والجسد فضيحة الروح.
(19)
الحنين ليل حار جداً، وبارد جداً
الحنين غراء الضباب ومقلة السراب
الحنين تطرُّفٌ في الحالين: الماضي، والآتي
الحنين أكثر صُوَر الأرض مكابدة.
(20)
أيقِظ ذاكرتي الشخصيَّة، والجماليَّة، والمعرفيَّة. استفزها إن شئت، واستفز ذاكرة الوجود، والتاريخ، أو اخلق ذاكرة جديدة لهما ولي؛ تكون إذاً قد خلقت عملاً فنيَّاً أحبُّه. وفي وسعك دوماً ألا تأبه بي، وفي وسعي أبداً أن آبه لغيرك.
(21)
في التجربة الثوريَّة تجثم هموم كل الناس على قلبك، وفي التجربة الإبداعيَّة تنبثق هموم كل الناس من قلبك.
وفي كلا الحالين يحترق قلبك في عالم لا ينبض.
(22)
ينتهي الحب في غرفة النوم
بعد أن كان قد ترعرع على الأعشاب والبحار.
(23)
"انظر خلفك بغضب" (شعار سوريالي لم يعد كافياً).
"أنظر أمامك بغضب" قد يكون تحديثاً لا بأس به للشعار (وذلك حتى إشعار آخر).
(24)
الوطن حق لا يسقط بالتقادم، أو الهلاك، أو السلب والنهب، أو في قرارات المحاكم بسجن هذا المرتشي أو تقييد سفر ذلك المختلِس بعد أن أصبح له قصر في سويسرا أو إسبانيا. تأتي "عدالة" السُّلطة على طريقة الدعابة المُضجِرة، والتماس أكباش --إن لم يكن حمير -- فداء، وفقط حين يأتي ميقات ذر الرماد في وكالات الأنباء، وفقط حين تريد السلطة توبيخا اضطراريًّا لإنقاذ أحد رموزها كي تحاول إنقاذ نفسها، وفقط حين يكون لا مناص من الذي لا مناص منه لامتصاص النقمة والكيل الطافحين.
(25)
لا يأخذنا العمل الفني إليه، ولكن إلى ما يسبقه وما يليه، ولا يتخلى عن سرِّه في ما يقول، ولكنه يبوح به للجديرين بالثقة ("القلَّة السعيدة" حسب ستندال، و"الأقليَّة الهائلة" وفقاً لِخوان رامون خيمينِث) في ما لا يقول، ويُفشينا في ما لا يُقال؛ فهو لا يتجلى في مظهره، ولكنه يتحلى في ما لا يظهر ولا يُضاهى، هناك حيث كواكب الذاكرة، والروح، والمخيلة، والعشق، والموت، والجنون، والجَمال، والخوف، والبُحران، وحيث من يَخلق، وما يُخلق، والشاهد على الخلق ضوء وحيد ينكسر في عيني حوريَّة عمياء.
(26)
الذين راهنوا على ركوعه لا يزالون يتجشؤون.
"دَعِ الموتى يدفنون الموتى" (المسيح).
(27)
لا أستطيع أن أكتب أكثر من ست كلمات في اليوم (ولا أعرف كيف حدث كل شيء في سبعة أيام فقط).
(28)
ليس ذهنيَّاً، بل ذهوليٌّ.
(29)
اليقين: خير وسيلة للتبرؤ من كل شيء، والوصول إلى الموت (مبكِّراً أكثر مما ينبغي).
(30)
يوجد الماضي في الندى، والشمس، والقمر، وهسهسة الخطوات، وخلف كل باب، ووراء كل نافذة، وتحت كل عشبة، وفي ذكريات كل موجة "تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد" (طرفة بن العبد) .
يوجد الماضي في أخمص هذه الكلمة.