الأزهر العامري: تعويد الأعضاء على مراجعة أكبر كمية ممكنة من محفوظاتهم -

عبدالله الهشّامي: ٣٥ مشاركا ٨ منهم حفظوا القرآن الكريم كاملا -


يتعهدون القرآن بالحفظ والقراءة فصاحب القرآن في مداومته على حفظ القرآن، وتعهده كما وصفه الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأنه كصاحب الإبل المعقلة: إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت، هذا هو حال منتسبي رابطة القرآن الكريم بولاية سمائل، الذين أنشأوا هذه الرابطة، للعناية بالقرآن الكريم تلاوةً وحفظًا، فالتقينا بالمشرف العام للرابطة وهو الحافظ الأزهر العامري، وكذلك التقينا بأحد الحفظة الذين حفظوا من خلال هذه الرابطة، وأصبحوا من ضمن المشرفين عليها وهو الحافظ عبدالله الهشامي، للحديث معهم عن أهم البرامج التي يقدمونها، بالإضافة إلى التعرف على الأساليب والطرق المتبعة لحفظ كتاب الله.

ففي بداية اللقاء أوضح لنا الأزهر بن حمد العامري الإمام بجامع السلطان قابوس بسمائل المشرف العام لرابطة القرآن الكريم بسمائل أن هذه الرابطة هي رابطة قرآنية مؤسسية تعليمية تربوية تعتني وتهتم بتعليم كتاب الله تعالى (تلاوة وحفظا وتدبرا)، تأسست عام ١٤٢٩هـ – ۲۰۰۸م ، على يد الدكتور الراحل سالم بن مبارك بن راشد الرواحي -رحمه الله-.

وبين أن بداية انطلاقها كان تحت مظلة مدرسة بيت القرآن، وبعد افتتاح الجمعية العمانية للعناية بالقرآن الكريم فرع ولاية سمائل عام 1440هـ – ۲۰۱۹م، ارتأى الدكتور –رحمه الله- أن تنتقل الرابطة لهذه الجمعية لاهتمامها المباشر بالقرآن الكريم ثم أتبعت الرابطة مؤخرًا المدرسة القرآنية الوقفية بولاية سمائل.

وأضاف: تستهدف الرابطة في معظم أنشطتها شريحة الكبار من عمر 18 سنة فما فوق، ولها أنشطة خاصة للأطفال كبرنامج القارئ الماهر المقام في جامع السلطان قابوس بولاية سمائل.

أما عن مقر أنشطة الرابطة فقد أخبرنا العامري أن مقر أنشطتها الأول هو مدرسة بيت القرآن بمنطقة المعمور في ولاية سمائل، ثم تحولت واستقرت معظم الأنشطة في مسجد الرباط بمنطقة المدرة القريب من جامع السلطان قابوس.

وعندما سألناه عن البرامج والأنشطة التي يقدمونها للمنتسبين؟

أجابنا العامري بأن الرابطة مرت بمراحل متعددة وتطورت تطورًا سريعًا ومتقاربًا ولله الحمد والمنة، فعند انطلاق الرابطة كان عدد المشاركين اثنين، ثم زاد العدد إلى تسعة أشخاص، وقدم الدكتور سالم –رحمه الله– لهؤلاء التسعة دورات في التجويد (مبتدئة ومتوسطة ومتقدمة)، وكان المرجع في هذه الدورات كتاب المنير في أحكام التجويد، وبعد الانتهاء من هذه الدورات أقام -رحمه الله- للمشاركين حلقة قرآنية لقراءة القرآن الكريم كاملًا، وقد أصبح المتخرجون من تلك الدورات مشاعل نور في بيوتهم ومساجدهم ومجتمعاتهم.

وأضاف: «من البرامج التي استقرت في الرابطة قبل وفاة الدكتور سالم –رحمه الله– برنامج مائدة القرآن الكريم، وهو لقاء أسبوعي صباح كل جمعة لمدة ساعة. وكذلك المعسكر القرآني كل شهرين من الصباح إلى قبيل الظهر، وختمة رمضان في صلاة التراويح، والقارئ الماهر للناشئة.

ومن البرامج أيضًا متابعة وإعانة ودعم المشاركين في مسابقة السلطان قابوس السنوية من أهل سمائل، وكذلك الرحلات الإيمانية الترويحية لأعضاء الرابطة. وبرنامج الحافظ المتقن وهو يعنى بحفظ القرآن.

وسألناه عن الطرق والأساليب التي يتبعونها في ربط المقبلين على الحفظ بالقرآن الكريم؟

فأجاب المشرف العام أن الأساليب مختلفة ومتعددة، وهي منصبة في شغل وقت الحافظ من خلال برامج معدة ومدروسة ومتنوعة، بعضها أسبوعي وبعضها شهري، فمن تلك البرامج هو برنامج مائدة القرآن الكريم، وهو لقاء أسبوعي صباح كل جمعة بمسجد الرباط بالمدرة لمدة ساعة واحدة، وتشتمل هذه المائدة القرآنية على: عرض المحفوظ الجديد من القرآن الكريم المتفق على حفظه خلال الأسبوع الفائت في برنامج الحافظ المتقن الذي سيأتي ذكره لاحقًا، وكذلك يتم تصحيح التلاوة للمقدار المراد حفظه للأسبوع الآتي، بالإضافة إلى تفسير المفردات وتدبر بعض الآيات القرآنية بقراءة إحدى كتب التفسير، ويكون جماعيا لكل الحلقات.

ومن البرامج التي تربط المقبلين على الحفظ بالقرآن الكريم هو المعسكر القرآني أو نظام السرد الذاتي أو السلكة كما يطلق عليه الدكتور سالم -رحمه الله– يقام في الشهرين مرة واحدة، ومدته من بعد صلاة الفجر إلى قبيل صلاة الظهر، وفكرته تكمن في تعويد الأعضاء على سرد أكبر كمية ممكنة من محفوظاتهم، فبعضنا يحفظ سورة البقرة وآل عمران مثلا ولم يتيسر له سردها في يوم واحد، وبهذه الطريقة يكتسب العضو مهارة السرد الطويل عبر مراحل متدرجة، وستقوى لديه القدرة على المحافظة على رأس ماله من المحفوظات، ويحتوي المعسكر أيضًا على امتحان الاجتياز للمستويات القرآنية.

وأما عن البرامج الموسمية التي تهتم بها الرابطة فهو ختمة رمضان في صلاة التراويح، فهي من البرامج الإيمانية التي تحتضنها الرابطة ولاقت قبولًا عند الناس، ويتوافد الناس إليها من مناطق متعددة، ويتناوب فيها مجموعة من القراء على قراءة جزء كامل في صلاة التراويح؛ حتى يكملوا ختم القرآن كاملًا في آخر ليلة من رمضان. وقد انطلق هذا البرنامج عام ٢٠١٣م في مسجد الإسراء بمنطقة الصويريج، وبعد افتتاح جامع السلطان قابوس بسمائل عام ٢٠١٥م انتقلت ختمة رمضان في مسجد الرباط بمنطقة المدرة.

وأشار العامري إلى أن الرابطة لم تغفل عن البرامج التي تقدم للأطفال وصغار السن فقد أقامت برنامج القارئ الماهر للناشئة، وهو عبارة عن حلقة قرآنية تخص الناشئة، ويستهدف الأطفال من عمر (11-12) سنة، وحرص القائمون على البرنامج أن يعمموا فكرة هذا البرنامج على مساجد الولاية، فبدأوا بالبحث عن المعلمين الأكفاء الذين يقومون بهذه المهمة، فأقيمت بعض هذه الحلقات في المساجد منها حلقة جامع السلطان قابوس بولاية سمائل وما زالت مستمرة إلى الآن ولله الحمد والمنة، واجتهد القائمون في وضع التصور والتوصيف لهذا البرنامج.

مسار الحفظ

وكذلك التقينا بالحافظ عبدالله الهشّامي أحد المشرفين في الرابطة القرآنية، وسألناه عن عدد المنتسبين، فأجابنا أن عدد المشاركين في البرنامج ٣٥ مشاركًا ٨ منهم حفظوا القرآن الكريم كاملًا ولله الحمد.

وبين لنا الهشامي أن مستويات الحفظ في الرابطة تنقسم إلى ستة مستويات على حسب الأجزاء المحفوظة: فالمستوى الأول يحفظ من الجزء 1 إلى الجزء 5، والمستوى الثاني من الجزء 6 إلى الجزء 10، والمستوى الثالث: من الجزء 11 إلى الجزء 15، المستوى الرابع: من الجزء 16 إلى الجزء ۲۰، والمستوى الخامس: من الجزء ٢١ إلى الجزء ٢٥، المستوى السادس: من الجزء ٢٦ إلى الجزء ٣٠.

وأوضح لنا أن مسار الحفظ والفترة الزمنية المخصصة للحفظ تنقسم إلى باقتين: الباقة الأولى: حفظ القرآن الكريم كاملا في ثلاث سنوات (36 شهرا)، ويكون معدل الحفظ في هذه الباقة ربعين في الأسبوع الواحد، وجزءًا واحدًا في الشهر الواحد، وخمسة أجزاء في 6 أشهر، وثلاثين جزءًا في ثلاث سنوات (36 شهرًا)، ويتخلل هذا الجدول أيام التثبيت المحفوظ لا يكون فيها حفظ جديد وإنما مراجعة وتثبيت.

فعندما ينتهي المشارك من حفظ جزء واحد خلال شهر، يعطى أسبوعًا لتثبيت ذلك المحفوظ، وبعدها يجرى له اختبار مقاطع من ذلك الجزء لينتقل بعدها إلى الجزء الثاني، وتكون طريقة حفظه للجزء الثاني مثل طريقة الحفظ للجزء الأول، ويفعل ذلك في الأجزاء التي بعده، حتى ينتهي من المستوى الأول، وهو حفظ خمسة أجزاء، فيعطى أسبوعين لتثبيت المحفوظ، ثم يختبر في ذلك المستوى، فإن تجاوزه بنجاح تصدر له شهادة اجتياز حفظ المستوى الأول، ويسمح له بالانتقال إلى المستوى الثاني، ويفعل في المستوى الثاني مثل الفعل في المستوى الأول.

ما جهودكم في إبراز القراء العمانيين المجيدين؟

وأكد الهشامي إلى أن هناك عدة جهود تبذل لإخراج قرّاء وحفظة متقنين فاسم البرنامج (الحافظ المتقن) فإذا طبق المشاركون خطة البرنامج من استماع للقرّاء والاستفادة منهم وتواصلوا مع المشرفين بشكل مستمر، وطبقوا الخطة اليومية والأسبوعية على أكمل وجه فسيجدون ثمرة ذلك إن شاء الله.

ما الصعوبات والعقبات التي تواجهونها في مشروع تحفيظ كتاب الله؟

هناك عدة صعوبات تواجه أي مشروع أو مدرسة لحفظ القرآن الكريم على حسب كلام عبدالله الهشامي منها: عدم استمرار المشاركين وإكمالهم المستويات المختلفة

فالحفظ والمراجعة تحتاج لتوفيق من الله تعالى، وصبر وعزيمة من المشاركين فعدد المشاركين ينقص تدريجيًا مع مرور الوقت، ولكنه لا يزعزع عزيمة الفئة المتبقية. وكذلك الصعوبة في مراجعة المحفوظ السابق، وربطه بالحفظ الجديد، فبعض الحفظة يصاب بنوع من اليأس عندما ينسى ما حفظه قبل عدة أسابيع أو أشهر، ويشكك في قدرته على استرجاعه من جديد، وهذه المشكلة حلّها بالمداومة على المراجعة والاستمرار، وعدم ترك مسافة زمنية طويلة دون الرجوع لتلك الصفحات أو الأجزاء.

ومن الصعوبات أيضًا وجود الأخطاء في قراءة القرآن الكريم: فبعض المشاركين لم يتعلموا قواعد اللغة بشكل كافٍ، ويتسرعون في الحفظ مما يتسبب في وقوعهم في أخطاء ظاهرة في نطق وتشكيل الكلمات وضبطها، ناهيك عن الأخطاء في التجويد، أمّا حل هذه المشكلة فستزول تدريجيا إذا كان المشارك جادا في التغلب عليها ولديه الصبر على ذلك.

ما المشاريع المستقبلية التي تطمحون إلى تحقيقها والتي تخص كتاب الله؟

هناك عدة مشاريع مستقبلية نطمح إليها منها: نشر حلقات القرآن الكريم في مساجد الولاية، إعداد معلمي القرآن الكريم للتعليم في هذه المساجد، قادرين على إدارتها على أحسن وجه لتعليم الناشئة علوم القرآن المختلفة، وإعداد أئمة المساجد القادرين على الصلاة بشكل صحيح، لا سيما صلاة التراويح التي تعاني معظم المساجد من نقص بها في شهر رمضان المبارك.