تبدأ الكثير من الجامعات والكليات في العالم خلال هذه الفترة في استقبال الطلبة الجدد والقدامى المنتسبين لهذه المؤسسات التعليمية ساعين لتتخصصات متنوعة لتأهيلهم علميا في مختلف المجالات ومسارات العمل والحياة، أو عائدين لمواصلة ما بدأوه من مشوار العلم والتعلم بكل شوق بعد إجازة تشحذ الطاقات وراحة تملأ الأنفس أملا وبهجة. مع استعداد هذه المؤسسات لاستقبال طلبتها لا بد من تضمين برامجها محاضرات تحفيزية للطالب الجامعي تنشيطا لرغبته في التعليم وتفعيلا لمكامن طاقته الإيجابية سعيا لحياة جامعية متوازنة وتحصيل علمي ماتع نافع.
ونتابع نحن متلقين وأولياء أمور ومحاضرين واقعا مليئا بالتحديات يعايشه شباب اليوم وتنحسر معه رغبتهم الوقّادة في التعليم، وفي السعي لحياة جامعية يطلبونها وتطلبهم.
فما أسباب انحسار هذه الرغبة في التعليم لدى الشباب؟ وما مدى خطورة هذا الانحسار وما قد ينتج عنه؟ وما الحل أو الحلول الممكنة تفاديا لهذه المشكلة التي تقف عائقا يحول دون تحصيل العلم أو فلنقل: دون استمتاع الشباب بتحصيل العلم؟
أما الأسباب فكثيرة يمكن استقراؤها وحصرها من الحديث مع الشباب أنفسهم حولها في أسرهم، أو في قاعاتهم الدراسية مع زملائهم أو أساتذتهم، كما يمكن متابعتها عبر الأحاديث العامة مجتمعيا، ومن هذه الأسباب ما يتداوله الناس من صعوبة الحصول على وظيفة تحقق للفرد أمانه الاجتماعي وأحلامه المستقبلية، بل والترويج المضلل لفشل الشهادات في الشفاعة للباحث عن عمل لتمكينه من عمل ورزق يأمن فيه ومعه بمشاركته عائليا مما يغذي شعوره بالاستقلال ورغبته في المشاركة مجتمعيا وتنمويا؛ فيعنُّ في خاطره أن لا فائدة من التعليم والأجدى هو البحث عن عمل، لكن أيها الشاب النبيه تفكّر: إن صعب عليك الحصول على عمل بشهادة وتفوق فلا تنسَ -بارك الله فيك- أنه أشق وأصعب دونهما.
من الأسباب كذلك ما يعايشه شباب اليوم من مشتتات بصرية ومغريات مختلفة تغذيها وسائل التواصل الاجتماعي قد تحيدُ به وأحلامه عن مسار التعليم لمسارات أخرى متضمنة الوصول السريع غير المتعب عبر الشهرة على إحدى وسائل التواصل الاجتماعية الكثيرة والمتوالدة من بعضها البعض بسرعة تفوق التصور، ومكاسب تتجاوز الخيال، أو مسارات تحتفي بالهوايات ليظن معها الشاب بأنه ليس بحاجة لمشوار التعليم الطويل والمضني وأنه سيجد كل أحلامه على جسر من راحة لا جسر من التعب، وفي هذا قد نجد الغناء أو الألعاب الرياضية أو المهارات الأنثوية باختلافها كالتجميل أو الأزياء أو غيرها، ولا ينبغي أن يُظن أن التعليم قد يفسد كل ذلك، بل يعززه ويضيف لإبداعك إبداعا ولعقلك معرفة تمكنك من تطوير مهاراتك والوصول بهواياتك إلى غايتها مع ثقة بأنك حققت معادلة العلم – الموهبة وفزت بجنى يجمع بينهما.
ومن الأسباب كذلك ما قد يترسخ من أفكار تقليدية قد تغري الذكور من الشباب بالانضمام للسلك العسكري، والإناث بالزواج من غني ليقصر درب السعي ويصل كل منهما لآخر عتبات الجهد، يتمثل كل ذلك ظنا واهما عند كليهما، إذ ليس في العسكرية بأس إن جئتها متسلحا بشهادتك الجامعية في تخصصك الذي أبدعت فيه، وتشكلت شخصيتك معه عبر سنوات الدراسة والتحصيل، وليس في الزواج بأس إن سعيتِ إليه مطوّقة بشهادة تزيد من ثقتك بنفسك وبقدرتك على تحقيق ذاتك أولا، وخدمة وطنك ثانيا ثم مساعدة زوجك في تحديات الحياة وصعوباتها ثالثا.
ولا ننسى أسبابا أخرى تتعلق بتدخل الأهل في توجيه المسار العلمي لأبنائهم متأثرين بأفكار تقليدية عايشوها هم وظنوا واهمين بأنها ستحقق ما لم يحققوه لأبنائهم من استقرار مادي ورغد معيشي؛ كأن يُرغم االشاب( مثلا) على اختيار الطب أو الهندسة دون كبير عناية برغبته وميوله وأحلامه ومهاراته، ودون النظر بأن لا يمكن للنسخ المتشابهة صنع صورة متكاملة فريدة، وأنه لا بد من التنوع والاختلاف ليتحقق لكل منا ما حلم به وما سعى إليه، وأن وظيفة الأهل في تحبيب أطفالهم في العلم وتوجيههم لاكتشاف مواهبهم ومهاراتهم المختلفة والمتنوعة، بل والمتفردة في بعض الأحيان، وأن يكون ابنك أو ابنتك مختلفا-مختلفة لا يعني أبدا فشله، بل يعني تميزه وما ينقصه حقا هو تفهمك بأن من حقه اختيار ما يرغب في تعلمه دون إكراه وتعنت ودون مقارنته بغيره من أقرانه أو سابقيه.
نتابع في يوميات الحياة كثيرا من نماذج الإكراه في اختيار المسار التعليمي، أولئك الذين اختاروا الانسحاب من المؤسسة بعد تكرار الفشل أو السلبية في تلقي العلم اعتراضا صامتا وتمردا خفيا على رغبة الأهل المتسلطة، أو إلزامهم القاسي، نجح بعضهم بعدها في التعويض والعودة إلى اختياراته الفردية وما أحب من مسارات العلم والحياة، ولم يتمكن البعض الآخر من ذلك مع تكديس الطاقة السلبية وتغذية الحاجز بينه وعائلته لشعوره الدائم بأنهم من أوصله لما يلام عليه بعد أمد عائليا ومجتمعيا.
هل من سبيل لخلق حوافز للتعليم لدى شباب اليوم؟ هنالك سبل كثيرة -يقينا- ولا ينبغي الاستسلام واليأس، فمع كل المشتات العصرية صار شبابنا أحوج ما يمكن لاستقبال هذه المحفزات، ويمكن توظيف آلتهم العصرية في صنع الحافز كما كانت وسيلة في هدمه؛ يحصل ذلك حين نُفعّل وسائلَ التواصل الاجتماعي لتقدير السعي للتعليم وتقدير المتعلمين، وإكبار منجزات الشباب الساعين لأحلامهم، بل وإشراكهم في مجموعات أكبر جغرافيا دوليا وإقليميا صقلا لإبداعهم، وتقديرا لتحصيلهم العلمي وتميزهم التخصصي حيثما كان وكانوا، يمكن تعزيز التنافسية بينهم بأبسط الوسائل الممكنة موظفين التقنيات الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي والإعلام غير التقليدي.
يمكن كذلك تعزيز فكرة "العلم لأجل العلم"بعيدا عن ربط العلم بالوظيفة، فحياة الطالب الجامعية مرحلة بناء شخصية ثابته منفتحة على الذات وعلى الآخر مؤمنة باختلافها وتميزها وقدرتها على اكتساب مهارات مختلفة، وعلوم شتى، كما يمكن تشجيعهم لبناء شبكات تواصل علمية ومجتمعية، وأخرى وظيفية وهم على مقاعد الدراسة مشرعةً أمامهم فرصَ العمل بأشكاله المختلفة، وتصبح الوظيفة التقليدية مجرد تحصيل حاصل بعد أبواب رزق عديدة واقعية وافتراضية، كلا على حسب مخزونه المعرفي والمهاري.
ينبغي لنا جميعا التخفيف من نبرة التشاؤم وتعزيز النظر للمستقبل نظرة طامح مخلص لا مستسلم يائس، ولا يتوقف السعي إلا ببلوغ أحلامنا وأحلام بلادنا فينا، ولا ينبغي أن يحد أحلامنا سقف. وإن قيد طموحَنا واقعٌ ما سعينا لتغييره أو صنعناه صنعا بما لدينا من عزيمة وما نملك من إصرار، لا أجمل من تلقي العلم، ولا أمتع من مرحلة كنّا بها طلابا ساعين لذواتنا عبر العلم فلنخلص لهذا الطريق ولنجعله ماتعا نافعا ما أمكن.
ونتابع نحن متلقين وأولياء أمور ومحاضرين واقعا مليئا بالتحديات يعايشه شباب اليوم وتنحسر معه رغبتهم الوقّادة في التعليم، وفي السعي لحياة جامعية يطلبونها وتطلبهم.
فما أسباب انحسار هذه الرغبة في التعليم لدى الشباب؟ وما مدى خطورة هذا الانحسار وما قد ينتج عنه؟ وما الحل أو الحلول الممكنة تفاديا لهذه المشكلة التي تقف عائقا يحول دون تحصيل العلم أو فلنقل: دون استمتاع الشباب بتحصيل العلم؟
أما الأسباب فكثيرة يمكن استقراؤها وحصرها من الحديث مع الشباب أنفسهم حولها في أسرهم، أو في قاعاتهم الدراسية مع زملائهم أو أساتذتهم، كما يمكن متابعتها عبر الأحاديث العامة مجتمعيا، ومن هذه الأسباب ما يتداوله الناس من صعوبة الحصول على وظيفة تحقق للفرد أمانه الاجتماعي وأحلامه المستقبلية، بل والترويج المضلل لفشل الشهادات في الشفاعة للباحث عن عمل لتمكينه من عمل ورزق يأمن فيه ومعه بمشاركته عائليا مما يغذي شعوره بالاستقلال ورغبته في المشاركة مجتمعيا وتنمويا؛ فيعنُّ في خاطره أن لا فائدة من التعليم والأجدى هو البحث عن عمل، لكن أيها الشاب النبيه تفكّر: إن صعب عليك الحصول على عمل بشهادة وتفوق فلا تنسَ -بارك الله فيك- أنه أشق وأصعب دونهما.
من الأسباب كذلك ما يعايشه شباب اليوم من مشتتات بصرية ومغريات مختلفة تغذيها وسائل التواصل الاجتماعي قد تحيدُ به وأحلامه عن مسار التعليم لمسارات أخرى متضمنة الوصول السريع غير المتعب عبر الشهرة على إحدى وسائل التواصل الاجتماعية الكثيرة والمتوالدة من بعضها البعض بسرعة تفوق التصور، ومكاسب تتجاوز الخيال، أو مسارات تحتفي بالهوايات ليظن معها الشاب بأنه ليس بحاجة لمشوار التعليم الطويل والمضني وأنه سيجد كل أحلامه على جسر من راحة لا جسر من التعب، وفي هذا قد نجد الغناء أو الألعاب الرياضية أو المهارات الأنثوية باختلافها كالتجميل أو الأزياء أو غيرها، ولا ينبغي أن يُظن أن التعليم قد يفسد كل ذلك، بل يعززه ويضيف لإبداعك إبداعا ولعقلك معرفة تمكنك من تطوير مهاراتك والوصول بهواياتك إلى غايتها مع ثقة بأنك حققت معادلة العلم – الموهبة وفزت بجنى يجمع بينهما.
ومن الأسباب كذلك ما قد يترسخ من أفكار تقليدية قد تغري الذكور من الشباب بالانضمام للسلك العسكري، والإناث بالزواج من غني ليقصر درب السعي ويصل كل منهما لآخر عتبات الجهد، يتمثل كل ذلك ظنا واهما عند كليهما، إذ ليس في العسكرية بأس إن جئتها متسلحا بشهادتك الجامعية في تخصصك الذي أبدعت فيه، وتشكلت شخصيتك معه عبر سنوات الدراسة والتحصيل، وليس في الزواج بأس إن سعيتِ إليه مطوّقة بشهادة تزيد من ثقتك بنفسك وبقدرتك على تحقيق ذاتك أولا، وخدمة وطنك ثانيا ثم مساعدة زوجك في تحديات الحياة وصعوباتها ثالثا.
ولا ننسى أسبابا أخرى تتعلق بتدخل الأهل في توجيه المسار العلمي لأبنائهم متأثرين بأفكار تقليدية عايشوها هم وظنوا واهمين بأنها ستحقق ما لم يحققوه لأبنائهم من استقرار مادي ورغد معيشي؛ كأن يُرغم االشاب( مثلا) على اختيار الطب أو الهندسة دون كبير عناية برغبته وميوله وأحلامه ومهاراته، ودون النظر بأن لا يمكن للنسخ المتشابهة صنع صورة متكاملة فريدة، وأنه لا بد من التنوع والاختلاف ليتحقق لكل منا ما حلم به وما سعى إليه، وأن وظيفة الأهل في تحبيب أطفالهم في العلم وتوجيههم لاكتشاف مواهبهم ومهاراتهم المختلفة والمتنوعة، بل والمتفردة في بعض الأحيان، وأن يكون ابنك أو ابنتك مختلفا-مختلفة لا يعني أبدا فشله، بل يعني تميزه وما ينقصه حقا هو تفهمك بأن من حقه اختيار ما يرغب في تعلمه دون إكراه وتعنت ودون مقارنته بغيره من أقرانه أو سابقيه.
نتابع في يوميات الحياة كثيرا من نماذج الإكراه في اختيار المسار التعليمي، أولئك الذين اختاروا الانسحاب من المؤسسة بعد تكرار الفشل أو السلبية في تلقي العلم اعتراضا صامتا وتمردا خفيا على رغبة الأهل المتسلطة، أو إلزامهم القاسي، نجح بعضهم بعدها في التعويض والعودة إلى اختياراته الفردية وما أحب من مسارات العلم والحياة، ولم يتمكن البعض الآخر من ذلك مع تكديس الطاقة السلبية وتغذية الحاجز بينه وعائلته لشعوره الدائم بأنهم من أوصله لما يلام عليه بعد أمد عائليا ومجتمعيا.
هل من سبيل لخلق حوافز للتعليم لدى شباب اليوم؟ هنالك سبل كثيرة -يقينا- ولا ينبغي الاستسلام واليأس، فمع كل المشتات العصرية صار شبابنا أحوج ما يمكن لاستقبال هذه المحفزات، ويمكن توظيف آلتهم العصرية في صنع الحافز كما كانت وسيلة في هدمه؛ يحصل ذلك حين نُفعّل وسائلَ التواصل الاجتماعي لتقدير السعي للتعليم وتقدير المتعلمين، وإكبار منجزات الشباب الساعين لأحلامهم، بل وإشراكهم في مجموعات أكبر جغرافيا دوليا وإقليميا صقلا لإبداعهم، وتقديرا لتحصيلهم العلمي وتميزهم التخصصي حيثما كان وكانوا، يمكن تعزيز التنافسية بينهم بأبسط الوسائل الممكنة موظفين التقنيات الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي والإعلام غير التقليدي.
يمكن كذلك تعزيز فكرة "العلم لأجل العلم"بعيدا عن ربط العلم بالوظيفة، فحياة الطالب الجامعية مرحلة بناء شخصية ثابته منفتحة على الذات وعلى الآخر مؤمنة باختلافها وتميزها وقدرتها على اكتساب مهارات مختلفة، وعلوم شتى، كما يمكن تشجيعهم لبناء شبكات تواصل علمية ومجتمعية، وأخرى وظيفية وهم على مقاعد الدراسة مشرعةً أمامهم فرصَ العمل بأشكاله المختلفة، وتصبح الوظيفة التقليدية مجرد تحصيل حاصل بعد أبواب رزق عديدة واقعية وافتراضية، كلا على حسب مخزونه المعرفي والمهاري.
ينبغي لنا جميعا التخفيف من نبرة التشاؤم وتعزيز النظر للمستقبل نظرة طامح مخلص لا مستسلم يائس، ولا يتوقف السعي إلا ببلوغ أحلامنا وأحلام بلادنا فينا، ولا ينبغي أن يحد أحلامنا سقف. وإن قيد طموحَنا واقعٌ ما سعينا لتغييره أو صنعناه صنعا بما لدينا من عزيمة وما نملك من إصرار، لا أجمل من تلقي العلم، ولا أمتع من مرحلة كنّا بها طلابا ساعين لذواتنا عبر العلم فلنخلص لهذا الطريق ولنجعله ماتعا نافعا ما أمكن.