Ashuily.com
الأخضر للزراعة؛ الأزرق للبلاستيك؛ البني لمخلفات الطعام والأبيض لباقي المخلفات والورق يحفظ بحاوية منفصلة؛ وإياك أن تخلط بين هذه الألوان فكل شيء يجب أن يذهب إلى مكانه الصحيح لأن أي خطأ قد يكلفنا الكثير.
لفترة ليست بالوجيزة بقيت صامتا غير مدرك تماما لما تقوله صاحبة المنزل الشقراء فكل هذه الخوارزميات هي فقط للتخلص الصحيح والسليم من مخلفات منزلية؛ وحسبتني لوهلة أنني بحاجة إلى من يساعدني في تحديد نوعية هذه المخلفات أولا كي أضعها ثانيا في ألوان الأكياس والحاويات المناسبة لها وقلت في نفسي إن كل هذه الثرثرة البيئية لا تصلح معي أنا القادم من بلاد لا تعترف إلا بلون واحد فقط يصلح لكل شيء ولكافة الأغراض.
لا أخفي سرا إن قلت إنني استمتع خلال رحلاتي لكثير من الدول خصوصا ما يسمى منها بالعالم المتقدم بالتعرف على تجاربها في مجال إدارة المخلفات واستخدام الطاقة النظيفة والطاقة الخضراء اقتناعا مني بأن قياس التقدم الحاصل العلمي والتقني في دول العالم يقاس بمدى إمكانيتها في إدارة مخلفاتها والانتقال من استخدام الطاقات الأحفورية إلى استخدام الطاقات النظيفة المتجددة التي تسهم في الحد من التلوث بكافة أشكاله وألوانه.
وقفت عن قرب على تجارب عدد من الدول لا سيما الأوروبية منها وتحديدا تجربة فنلندا والنرويج في مجال إدارة النفايات وتوليد الكهرباء من تلك المخلفات، حيث استطاعت هذه الدول قلب معادلة النفايات والتعامل معها من نظرة سلبية مكلفة تستهلك الطاقات والأموال كما هي معنا في دول العالم الثالث إلى نظرة إيجابية تسهم فيه النفايات في الاقتصاد والدخل القومي للبلدان التي أحسنت استغلال ذلك المورد المتجدد فأصبح لديها ما يسمى بالاقتصاد الدائري واقتصاد إعادة التدوير لكل أنواع المخلفات ابتداء من مخلفات المطبخ وانتهاء بالمخلفات الصلبة.
عندما نتحدث عن الاقتصاد الدائري فهو يعني «نظاما اقتصاديا يهدف إلى القضاء على الهدر وضمان استدامة وديمومة الاستخدام المستمر للموارد» كما ورد في تعريفه من قبل المختصين بذلك، وهو يعد نظاما أعلى من النظم القائمة على إعادة التدوير التي تهدف إلى إعادة تصنيع بعض الموارد أو الاستفادة منها في عمليات الإنتاج لموارد أخرى، ويسهم هذا النوع من الاقتصاد بما يوازي واحدا في المائة من الاقتصاد الأوروبي أي ما يوازي خمسة عشر مليار يورو ويوفر أكثر من ثلاثة ونصف مليون وظيفة وهذه الأرقام المذكورة هي في منطقة اليورو فقط وهي بالطبع مرشحة للارتفاع بشكل سنوي.
لتبسيط الموضوع أكثر فإن إعادة تدوير النفايات تعني أن يتم تحويل النفايات بكافة أشكالها وأنواعها ابتداء من النفايات المنزلية كمخلفات الأكل ومخلفات البلاستيك والورق والزجاج والمطاط والمخلفات الزراعية ومخلفات البناء والمخلفات الصلبة وكل ما يمكن أن يطلق عليه مخلفات من الطريقة التقليدية في جمعها والتخلص منها سواء بالطمر أو ردمها في المرادم الحديثة بأن يتم إعادة فرز وتصنيع هذه المواد ومعالجتها بشكل صحيح لإنتاج مواد جديدة قابلة للاستخدام مستخرجة من المواد التي كانت في الأصل نفايات تم التخلص منها.
في فنلندا وعلى سبيل المثال لديها مركز لإعادة استخدام المخلفات من خلال تبرع المجتمع بالمواد التي يرغبون في التخلص منها مثل الدراجات الهوائية والمفروشات والأقمشة والأجهزة الإلكترونية والخزف والزجاج وغيرها من المواد المتبرع بها من قبل المجتمع، ويقوم المركز بإعادة إصلاح تلك المواد وطلائها وتنظيفها، ثم إعادة بيعها للجمهور مرة أخرى كمواد معاد تصليحها. ويلعب هذا المركز دورا محوريا في التعليم والتدريب والتعريف بثقافة إعادة التدوير لكل فئات المجتمع من خلال مركز تعليمي للصغار والكبار.
الأرقام المنشورة عن إدارة النفايات في سلطنة عمان والتي حصلت عليها من خلال بحثي لكتابة هذا الموضوع تبين أننا ننتج ما مقداره 1.6 مليون طن من النفايات ( أرقام عام 2010) ويصل نصيب الفرد منا من هذه النفايات ما يعادل 1.5 كلغم يوميا من النفايات وهذا الرقم يعد من أعلى المعدلات في العالم (حسب الموقع الإلكتروني الذي ذكر هذه المعلومة) غير أن الجيد في هذه الموضوع هو الإشارة إلى أن نسبة عالية من هذه النفايات يمكن إعادة تدويرها لا سيما الورق والبلاستيك والمعادن والزجاج، وربما حتى هذه اللحظة لم يتم استغلال هذه النفايات التي زادت نسبتها في موضوع إعادة التدوير والاقتصاد الدائري.
قد نكون في بداية طريق التفكير في إعادة التدوير وإدارة المخلفات بالطرق الصحيحة، وكما يقال بداية الألف ميل تبدأ بخطوة ولعل الفرص الاستثمارية التي أعلنت عنها مؤخرا وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار بالتعاون مع شركة بيئة في قطاع الاقتصاد الدائري وإدارة النفايات من خلال إيجاد اثنتي عشرة فرصة باستثمارات تصل إلى أكثر من خمسمائة مليون ريال عماني هي المحرك الأساس في موضوع الاهتمام بإدارة المخلفات وإعادة التدوير والاقتصاد الدائري والاقتصاد الأخضر وهذا بدروه قد يشجع القطاع الخاص في الاستثمار في هذا المجال لأن العالم اليوم يتجه إلى استخدام الطاقة النظيفة وإعادة استخدام وتدوير الموارد.
عبدالله الشعيلي رئيس تحرير جريدة عمان أوبزيرفر
الأخضر للزراعة؛ الأزرق للبلاستيك؛ البني لمخلفات الطعام والأبيض لباقي المخلفات والورق يحفظ بحاوية منفصلة؛ وإياك أن تخلط بين هذه الألوان فكل شيء يجب أن يذهب إلى مكانه الصحيح لأن أي خطأ قد يكلفنا الكثير.
لفترة ليست بالوجيزة بقيت صامتا غير مدرك تماما لما تقوله صاحبة المنزل الشقراء فكل هذه الخوارزميات هي فقط للتخلص الصحيح والسليم من مخلفات منزلية؛ وحسبتني لوهلة أنني بحاجة إلى من يساعدني في تحديد نوعية هذه المخلفات أولا كي أضعها ثانيا في ألوان الأكياس والحاويات المناسبة لها وقلت في نفسي إن كل هذه الثرثرة البيئية لا تصلح معي أنا القادم من بلاد لا تعترف إلا بلون واحد فقط يصلح لكل شيء ولكافة الأغراض.
لا أخفي سرا إن قلت إنني استمتع خلال رحلاتي لكثير من الدول خصوصا ما يسمى منها بالعالم المتقدم بالتعرف على تجاربها في مجال إدارة المخلفات واستخدام الطاقة النظيفة والطاقة الخضراء اقتناعا مني بأن قياس التقدم الحاصل العلمي والتقني في دول العالم يقاس بمدى إمكانيتها في إدارة مخلفاتها والانتقال من استخدام الطاقات الأحفورية إلى استخدام الطاقات النظيفة المتجددة التي تسهم في الحد من التلوث بكافة أشكاله وألوانه.
وقفت عن قرب على تجارب عدد من الدول لا سيما الأوروبية منها وتحديدا تجربة فنلندا والنرويج في مجال إدارة النفايات وتوليد الكهرباء من تلك المخلفات، حيث استطاعت هذه الدول قلب معادلة النفايات والتعامل معها من نظرة سلبية مكلفة تستهلك الطاقات والأموال كما هي معنا في دول العالم الثالث إلى نظرة إيجابية تسهم فيه النفايات في الاقتصاد والدخل القومي للبلدان التي أحسنت استغلال ذلك المورد المتجدد فأصبح لديها ما يسمى بالاقتصاد الدائري واقتصاد إعادة التدوير لكل أنواع المخلفات ابتداء من مخلفات المطبخ وانتهاء بالمخلفات الصلبة.
عندما نتحدث عن الاقتصاد الدائري فهو يعني «نظاما اقتصاديا يهدف إلى القضاء على الهدر وضمان استدامة وديمومة الاستخدام المستمر للموارد» كما ورد في تعريفه من قبل المختصين بذلك، وهو يعد نظاما أعلى من النظم القائمة على إعادة التدوير التي تهدف إلى إعادة تصنيع بعض الموارد أو الاستفادة منها في عمليات الإنتاج لموارد أخرى، ويسهم هذا النوع من الاقتصاد بما يوازي واحدا في المائة من الاقتصاد الأوروبي أي ما يوازي خمسة عشر مليار يورو ويوفر أكثر من ثلاثة ونصف مليون وظيفة وهذه الأرقام المذكورة هي في منطقة اليورو فقط وهي بالطبع مرشحة للارتفاع بشكل سنوي.
لتبسيط الموضوع أكثر فإن إعادة تدوير النفايات تعني أن يتم تحويل النفايات بكافة أشكالها وأنواعها ابتداء من النفايات المنزلية كمخلفات الأكل ومخلفات البلاستيك والورق والزجاج والمطاط والمخلفات الزراعية ومخلفات البناء والمخلفات الصلبة وكل ما يمكن أن يطلق عليه مخلفات من الطريقة التقليدية في جمعها والتخلص منها سواء بالطمر أو ردمها في المرادم الحديثة بأن يتم إعادة فرز وتصنيع هذه المواد ومعالجتها بشكل صحيح لإنتاج مواد جديدة قابلة للاستخدام مستخرجة من المواد التي كانت في الأصل نفايات تم التخلص منها.
في فنلندا وعلى سبيل المثال لديها مركز لإعادة استخدام المخلفات من خلال تبرع المجتمع بالمواد التي يرغبون في التخلص منها مثل الدراجات الهوائية والمفروشات والأقمشة والأجهزة الإلكترونية والخزف والزجاج وغيرها من المواد المتبرع بها من قبل المجتمع، ويقوم المركز بإعادة إصلاح تلك المواد وطلائها وتنظيفها، ثم إعادة بيعها للجمهور مرة أخرى كمواد معاد تصليحها. ويلعب هذا المركز دورا محوريا في التعليم والتدريب والتعريف بثقافة إعادة التدوير لكل فئات المجتمع من خلال مركز تعليمي للصغار والكبار.
الأرقام المنشورة عن إدارة النفايات في سلطنة عمان والتي حصلت عليها من خلال بحثي لكتابة هذا الموضوع تبين أننا ننتج ما مقداره 1.6 مليون طن من النفايات ( أرقام عام 2010) ويصل نصيب الفرد منا من هذه النفايات ما يعادل 1.5 كلغم يوميا من النفايات وهذا الرقم يعد من أعلى المعدلات في العالم (حسب الموقع الإلكتروني الذي ذكر هذه المعلومة) غير أن الجيد في هذه الموضوع هو الإشارة إلى أن نسبة عالية من هذه النفايات يمكن إعادة تدويرها لا سيما الورق والبلاستيك والمعادن والزجاج، وربما حتى هذه اللحظة لم يتم استغلال هذه النفايات التي زادت نسبتها في موضوع إعادة التدوير والاقتصاد الدائري.
قد نكون في بداية طريق التفكير في إعادة التدوير وإدارة المخلفات بالطرق الصحيحة، وكما يقال بداية الألف ميل تبدأ بخطوة ولعل الفرص الاستثمارية التي أعلنت عنها مؤخرا وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار بالتعاون مع شركة بيئة في قطاع الاقتصاد الدائري وإدارة النفايات من خلال إيجاد اثنتي عشرة فرصة باستثمارات تصل إلى أكثر من خمسمائة مليون ريال عماني هي المحرك الأساس في موضوع الاهتمام بإدارة المخلفات وإعادة التدوير والاقتصاد الدائري والاقتصاد الأخضر وهذا بدروه قد يشجع القطاع الخاص في الاستثمار في هذا المجال لأن العالم اليوم يتجه إلى استخدام الطاقة النظيفة وإعادة استخدام وتدوير الموارد.
عبدالله الشعيلي رئيس تحرير جريدة عمان أوبزيرفر