سأل الأستاذ تلاميذه: من ضمن خمسة عصافير تقف على شجرة، قرر ثلاثة منها الطيران، فكم عصفور بقي على الشجرة؟ جميع الطلبة كانت إجابتهم (اثنان) لكن المدرس أخبرهم أن إجاباتهم خاطئة، أحد التلاميذ أجاب بأن ما تبقى (خمسة) عصافير، فسأله الأستاذ ولماذا خمسة، أجاب لأنك قلت (قررت) ولم تقل (طارت) وهناك فرق بين القرار والتنفيذ الفعلي.

تذكرت هذه القصة وأنا ألتقي ببعض الأخوات ممن خرجن للتقاعد المبكر، أذكر عندما استشارني البعض، طلبت منهن مشاركتي أسباب هذا القرار، وما الذي ينوين القيام به بعد ترك الوظيفة، كانت القائمة طويلة، جميعها لم تكن تتطلب تفرغ من العمل لتنفيذها، مثل حفظ القرآن الكريم، و ممارسة الرياضة، وقضاء وقت مع الأسرة، وممارسة الهوايات وهلم جر، فمن وجهة نظري أرى أن الأمور إذا كانت مهمة فلن ننتظر التقاعد للقيام بها، بل ستكون من الأهمية بحيث أننا نجد لها مكانا في قائمة أولوياتنا.

وقد أثبتت لي النساء وكثير من المتقاعدين الذين التقيت بهم الفترة الماضية صحة ذلك، فما زالت تلك القوائم في خانة المشاريع المؤجلة، بانتظار هذه المرة الحافز والدافع للقيام بها، وكأن الحافز يأتي أولا، والحقيقة أن الحافز يأتي بعد أن نجني ثمار العمل، طعم النجاح هو الحافز الأكبر، الذي يدفعك للحصول على المزيد منه، إذ كيف ستعمل على شيء لم تجربه.

أعتقد جميعا جرب مجاهدة النفس يوميا لممارسة الرياضة، إنها مهمة ثقيلة جدا ومتعبة خاصة في هذه الأشهر من العام، لكن لا أظن أن أحدا منا ندم على ذلك بعد أن أنجز المهمة.

تصلني شخصيا كثير من الرسائل يشاركني أصحابها خططهم المستقبلية، وأهدافهم المالية، التي ظلت خططا لسنوات، بانتظار الوقت المناسب، والظروف المناسبة، وإنني أخشى أن يمر العمر بهؤلاء دون أن يروا الفرصة المناسبة هذه، لأنها مرت منذ مدة طويلة، كما تمر غيرها يوميا ربما دون أن يلقوا لها بالا.

يمضي البعض منا أيضا حياته في التخطيط، وتعديل الخطط، وتأجيل التنفيذ، للدرجة التي يمضي فيها العمر قبل وصول فترة التنفيذ،

وإن كنتَ ذَا عزمٍ فانْفِذْه عاجلاً - فإنَّ فسادَ العزم أن يتقيَّدا (علي بن أبي طالب كرم الله وجهه)