خلال الأيام الماضية ناقشنا عبر هذه الزاوية عددًا من القضايا المهمة في قطاع سوق رأس المال والإفصاحات التي أدلت بها شركات المساهمة العامة على الموقع الإلكتروني لبورصة مسقط، ولعل أبرز القضايا التي تناولناها هي: الاندماج المتوقع بين بنك صحار وبنك نزوى، وبين بنك صحار وبنك اتش اس بي سي عمان، كما تطرقنا أيضا إلى التحديات التي تواجه شركات الطاقة المدرجة في بورصة مسقط والتي تأثرت بالتحول إلى السوق الفورية للكهرباء وهي بحسب عدد من الشركات لا تحقق لها العائد الذي يمكنها من الاستمرار.

وعلى الرغم مما تقدمه الشركات من إفصاحات نتساءل: هل نحن راضون عن مستوى الإفصاح؟، وهل الإفصاحات التي تقدمها الشركات كافية لرفع مستوى الثقة لدى المساهمين في الشركات والمستثمرين في البورصة؟ ثم: هل يمكن أن تقتصر الإفصاحات على الشركات المدرجة في البورصة فقط؟ أم أنه من الضروري أن يكون هناك إفصاح أكبر من الجهات الاقتصادية التي تدير القطاعات الاقتصادية أو تشرف عليها مثل البنك المركزي العماني في القضايا ذات العلاقة بالبنوك، وهيئة تنظيم الخدمات العامة في القضايا ذات العلاقة بقطاع الطاقة، ووزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار في قضايا الشركات الصناعية ونحوها من الجهات الحكومية الأخرى التي تشرف على إدارة وتنظيم القطاعات الاقتصادية المختلفة التي تعمل فيها شركات المساهمة العامة وغيرها من الشركات الأخرى، على اعتبار أن دور هذه الجهات يكمن في دعم ومساندة مختلف الشركات العاملة في سلطنة عمان وتمكينها من النجاح محليا أولاً؛ وفي المنافسة الخارجية ثانيا.

من المعروف أن أي قرار تتخذه مجالس الإدارة لا يأتي من فراغ إلا إذا كانت مجالس الإدارة تعمل وفق الأهواء وليس وفق خطة واضحة ومحددة المعالم، وإذا كان الأمر هكذا؛ أي أن مجلس الإدارة لا يتخذ قرارا إلا بعد دراسة مستفيضة له فهذا يعني أن الإدارة التنفيذية قدمت العديد من الرؤى بشأن ذلك القرار وأن هناك ملفات عديدة وأوراقا كثيرة اطلع عليها أعضاء مجلس الإدارة وبالتالي جعلتهم يساندون هذا القرار أو يقفون ضده، وهو ما يؤكد أن هناك العديد من المعلومات التي يمكن للشركات تقديمها للمستثمرين ليكونوا على اطلاع بحيثيات أي قرار اتخذه مجلس الإدارة وبالتالي يستطيعون اتخاذ قرارهم الاستثماري بشكل أفضل.

وقد لاحظنا خلال الأسابيع الماضية اهتماما كبيرا من إدارة بورصة مسقط باستضافة مسؤولي الشركات للحديث عن أداء شركاتهم ونتائجها المالية وأبرز التحديات التي تواجهها، وعلى الرغم من أهمية الحلقات النقاشية التي نظمتها بورصة مسقط خلال السنوات الماضية إلا أنه من الملاحظ في نفس الوقت أنه لا يتم استضافة أي مسؤول من الجهة الحكومية المختصة للتعليق على التحديات التي تتحدث عنها الشركات وهو ما يؤثر على ثقة المستثمرين في البورصة والمساهمين في الشركات، وكما هو معلوم فإن أسواق الأوراق المالية تعد أحد أهم مجالات استقطاب الاستثمارات إلى الدول، وكلما عززنا الإفصاح ودعمنا الشفافية ونظّمنا القطاع فإننا نهيئ بذلك البورصة لاستقطاب استثمارات جديدة سواء من المستثمرين المحليين أو المستثمرين الأجانب، غير أن تجاهل الإفصاح أو الإفصاح بأسطر معدودة وكلام مبهم لن يفيد سوق الأوراق المالية في شيء، بل يدفع الأسهم للصعود أو الهبوط بدون مبرر حقيقي، وكم نتمنى أن تبادر بورصة مسقط أو الهيئة العامة لسوق المال إلى مخاطبة الجهات الحكومية المختصة في أي شأن أو قضية لها علاقة مؤثرة على قطاع سوق رأس المال، وعلى سبيل المثال فإن قضية شركات الطاقة التي طرحناها خلال الأسبوع الماضي لا يوجد لها حل عند الشركات وإنما يكمن حلها عند الجهة المسؤولة عن الإشراف على القطاع وكلما تأخرت هذه الجهة في الإفصاح عن خططها لتطوير القطاع وتنظيمه ومستقبل القطاع في ظل إحجام الشركات عن المشاركة في السوق الفورية للكهرباء فإن أسهم شركات الطاقة سوف تستمر في التراجع وسوف تتكبد الشركات خسائر إضافية وهي خسائر لا تؤثر على الشركات وحدها بل على الاقتصاد الوطني باعتبار الشركات جزءا لا يتجزأ من هذا الاقتصاد.